Chapter Twenty One: أضواء خافتة و ظلال مألوفة
صباح ذلك اليوم، كان جسد دومينيك ما زال يرتعش بشكل خفيف، لا من البرد، بل من صدى آخر جلسة "تدريب" مع ديمون. لم تكن جنسية بالمعنى الصريح، لكنها كانت أعمق بكثير. تذكر كيف كان ديمون قد أغمض عينيه بربطة حريرية ناعمة، ثم قاده إلى غرفة مضاءة بالشموع فقط، الهواء ثقيل برائحة خشب الصندل والمسك التي تداعب حواسه. كان دومينيك واقفاً، مكشوف الصدر، عارياً من الأعلى، وديمون يمرر أصابعه على بشرته بحركة بطيئة، مدروسة. لم يكن لمسًا غريزياً، بل كان لمسًا يمتلك، لمساً يمسح حدود وجوده، يثير قشعريرة لم يعرفها من قبل.
"هكذا، صغيري،" همس ديمون بالقرب من أذنه، أنفاسه الدافئة تداعب شعيراته. "أنت هنا ملكي. كل إحساس، كل اهتزاز في جسدك، هو لي لأتحكم به. لا شيء يخصك الآن سوى ما أسمح لك به."
كانت أصابعه تمر ببطء على خط فكه، ثم إلى رقبته، ومنها إلى ترقوته، متوقفة عند كل عظمة، تستشعر كل نبضة خفيفة تحت الجلد. كان دومينيك بالكاد يتنفس، جسده متوتر، لكن روحه تستسلم لهذه السيطرة المطلقة. ثم جاء صوت ديمون وهو يقرأ مقطعاً من الشعر، بصوته العميق المليء بالوعد والوعيد، بينما كانت أنامله تواصل الرسم على بشرته العارية، تزيد من حواسه التي تتشابك في متاهة من الإحساس الخالص. كان هذا اللمس يُعيد تشكيل وعيه، يجبره على الاستسلام للسيطرة الكاملة لديمون، ليس فقط جسدياً، بل روحياً أيضاً. انتهت الجلسة بترك دومينيك واقفاً هناك، عارياً، تتجمع كل حواسه وتتفكك في آن واحد، تاركةً إياه مع شعور مكشوف بالضعف وشهوة غريبة لا يمكن فهمها تمامًا، وهي الشهوة التي تحدث عنها مع ليو.
بعد أن أنهى ديمون قراءة المقطع الشعري وأزاح يده عن جسد دومينيك، وظل دومينيك واقفاً في خضوعه الكامل، جاء صوت ديمون بهدوء مروع: "أثناء 'تدريبنا' هذا، ألا تكتشف أي جوانب من نفسك تجدها... مقلقة؟ أو أي مخاوف قد تكون لديك؟" سأل ديمون، نبرته هادئة، لكنها تحمل ثقلاً لاذعاً جعل دومينيك يشعر بأنه مكشوف تماماً، وكأن ديمون يقرأ أفكاره مباشرة في هذه اللحظة من الضعف المطلق.
تردد دومينيك للحظة. لقد شعر وكأن ديمون يطرح عليه السؤال الذي كان يدور في ذهنه بالضبط. هذه هي فرصته، في خضم ضعفه الحالي، ليعترف. "نعم، سيدي،" اعترف دومينيك، صوته خفيض، بالكاد مسموع. "هناك بعض الأمور. هذه الشهوة الجديدة التي أكتشفها للخضوع... إنها قوية ومخيفة في آن واحد. تجعلني أشعر بالضعف."
"ضعيف؟" كرر ديمون ببطء، وكأن الكلمة تحمل معنى مختلفًا تمامًا بالنسبة له، ثم اقترب أكثر.
"أكثر من ذلك، سيدي،" تابع دومينيك، وقد غلبه شعوره بالضعف الشديد بعد الجلسة. "لقد ذكرت... شخصاً آخر في إحدى محادثاتنا. شخص يشبهني في صدقه وفي جوعه. أنا قلق، سيدي. قلق من أن أكون مجرد بديل، مجرد ظل. أخشى أن أكون مجرد نسخة من شخص كان موجوداً قبلي. هل أنا مجرد تجربة، سيدي؟ هل أقارن بشخص لا أستطيع أن أكون مثله؟"
صمت ديمون لثوانٍ بدت أطول من اللازم، ثم لمست يده وجه دومينيك بلطف شديد، إيماءة غير متوقعة. ثم جاء صوته، بنبرة مختلفة، تحمل شيئاً من التسلية الخفية والرضا العميق. "مخاوفك مفهومة، دومينيك. ومرحباً بها. كل خاضع فريد. أنا لا أبحث عن نسخة. أنا أبحث عن أصالة. وتلك المقارنة كانت تهدف إلى إثارة هذا السؤال بالذات في ذهنك. أنا أبحث عن خاضع يملك الوعي الكافي ليطرح هذه الأسئلة."
ارتعش دومينيك قليلاً عند سماع هذا الإقرار. لقد كان ديمون يعلم. لقد كان يختبره.
"وإذا كان هناك أي شيء يقلقك يا صغيري، أريدك أن تخبرني به مباشرة. هل هذا مفهوم؟" قال ديمون، صوته ناعم كالحرير ولكنه يحمل ثقلاً لا يقبل الجدل، مستخدماً اسم الحيوان الأليف الذي اختاره لدومينيك لتوكيد سيطرته.
"مفهوم، سيدي،" أجاب دومينيك، وقد أحس بالكلمة الجديدة تستقر في روحه، مؤكدةً مكانته لديمون.
"الليلة،" تابع ديمون، وصوته أصبح أكثر إغراءً وإلزاماً، "أريدك أن ترافقني إلى مكان حيث يمكننا استكشاف جوانب جديدة من هذا الجوع الذي تشعر به. مكان حيث يمكنك أن ترى بنفسك مدى اتساع عالمنا. سأرسل لك التفاصيل. لا تتأخر."
قبل أن يتمكن دومينيك من الرد، انسحب ديمون بخفة، تاركاً دومينيك وحده في الغرفة التي ما زالت تعج بآثار الجلسة، وقلبه ينبض بقوة بالترقب لما سيأتي.
بعد مغادرة ديمون، لم يجد دومينيك نفسه قادراً على التركيز على أي شيء آخر. كانت كلماته الأخيرة، "يا صغيري"، تدوي في أذنيه، مختلطة بصدى الجلسة الحسية التي لم يكن ليتخيلها قط. كانت الساعة تشير إلى السابعة مساءً عندما وصلت رسالة ديمون النصية التي تحمل العنوان: " الليسيوم" (The Lyceum)، وعنواناً دقيقاً. كان الاسم يوحي بمكان للتجمع أو التعليم، لكن دومينيك كان متأكداً الآن أنه مكان من نوع مختلف تماماً.
ديمون لم يحدد زياً، لكن شعوراً عميقاً بالحدس دفعه نحو خزانته. اختار سروالاً جلدياً ضيقاً باللون الأسود، يلتصق بساقيه وكأنه بشرة ثانية، وقميصاً حريرياً أسود اللون بياقة مفتوحة تكشف جزءاً من صدره وعظمة الترقوة التي لا تزال تحمل لمسة أصابع ديمون. ارتدى حذاءً لامعاً طويلاً يعانق الكاحل. لم تكن هذه ملابسه المعتادة، لكنها جعلته يشعر... بجرأة أكبر، مكشوفاً ومثيراً في آن واحد. نظر إلى نفسه في المرآة، لم يتعرف على انعكاسه تماماً. كان هناك بريق جديد في عينيه، مزيج من الخوف والفضول، ورغبة عميقة في استكشاف هذا الجانب المظلم من نفسه الذي كان ديمون يكشفه. جسده نفسه كان يتوق، شهوة لم تكن جسدية بحتة، بل شهوة للخضوع، للسيطرة، للغوص في المجهول.
عند وصول سيارة ديمون الفاخرة، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة مساءً. كان دومينيك ينتظره في الخارج، قلبه يخفق بعنف. دخل السيارة بصمت، وشعر بنظرة ديمون الفاحصة التي مرت على ملابسه قبل أن تستقر على عينيه. "جيد، صغيري،" قال ديمون، نبرته تحمل نبرة رضا خفية.
توقفت السيارة أمام مبنى حجري قديم، لا يوحي مظهره الخارجي بأي شيء مما قد يخبئه في الداخل. لا لافتات، لا أضواء ساطعة. مجرد باب خشبي ثقيل. عند الدخول، كان الأمر أشبه بالانتقال إلى عالم آخر.
ضربه الهواء الثقيل الممزوج بروائح الجلد والعرق والبخور والمسك. كان الصوت يطغى على كل شيء آخر: موسيقى إلكترونية ذات إيقاعات عميقة، يتردد صداها في أضلاعه، مختلطة بقرع سلاسل خافت، وصوت غير مميز لصفعات قوية وحادة، وهمسات، وضحكات مكتومة تُكشف عن لذة غير مصقولة. الإضاءة كانت خافتة، تغلب عليها ألوان الأحمر والبنفسجي والأزرق العميق، تلقي بظلال طويلة وغريبة على الأشكال المتحركة، مما يضفي على كل زاوية طابعًا من السرية والإغراء.
كان المكان عبارة عن متاهة من الزوايا المظلمة والمساحات المفتوحة. رأى دومينيك رجالاً ونساءً يرتدون ملابس تتراوح بين الأنيقة والمكشوفة بشكل مثير، يرتدون الأطواق والأربطة والأحزمة الجلدية. كانت هناك أجساد متشابكة، وبعضها يرتعش في خضوع على ألواح خشبية، وآخرون يتم توجيههم بلطف أو بقوة. كانت هذه ليست فقط مجرد أنشطة، بل كانت طقوساً حميمية صريحة من السيطرة والتسليم، تُعرض في العراء ولكن ضمن حدود الاحترام الصارم. الأجواء كانت مشحونة بالطاقة الخام، بالشهوة التي لم تكن بالضرورة جنسية، بل شهوة للسلطة والخضوع، للارتباط بطرق عميقة ومثيرة.
وبينما كان ديمون ودومينيك يخطوان خطواتهما الأولى داخل النادي، كانت عينا ديمون الحادتان قد مسحتا الحشد على الفور. وفي زاوية بعيدة، بالقرب من عامود حجري، لمح ديمون ليو. كان ليو يتحدث إلى رجل آخر، ويبدو مسترخياً، والابتسامة تعلو وجهه بطريقة استفزت ديمون على الفور. لم يُظهر ديمون أي رد فعل ظاهري لدومينيك، لكن قبضة يده على أسفل ظهر دومينيك اشتدت للحظة قبل أن تعود لطبيعتها، إشارة خفية لم يشعر بها دومينيك. نظرة واحدة حادة من ديمون كانت كافية، قبل أن تعود عيناه إلى دومينيك وكأن شيئاً لم يحدث، لكن الشرارة الباردة التي أشعلها مشهد ليو كانت قد انقدحت بالفعل في أعماق ديمون، توقد شهوته للتملك والسيطرة.
شعر دومينيك بذهول تام. جسده توتر، وتشنج كل عضلة فيه، لكن في أعماقه، كان هناك صوت خافت يهمس بـ "نعم". كان يرى المشهد من خلال عيون واسعة، يشعر بالخوف والتشويق يتسابقان في عروقه. لكن ديمون كان هناك، يده الكبيرة تستقر بثبات على أسفل ظهر دومينيك، دافعةً إياه إلى الأمام بلطف لكن بحزم. كان لمسة ديمون بمثابة مرساة لدومينيك في هذا البحر من الحواس.
"ابق قريباً، صغيري،" همس ديمون، أنفاسه الساخنة تداعب أذن دومينيك، مؤكداً سيطرته في هذا العالم الجديد والمكشوف. "انظر، لكن لا تلمس. لا تنظر إلا لي. لا تشعر إلا بي. هل هذا مفهوم؟"
"مفهوم، سيدي،" تمتم دومينيك، عيناه مثبتتين على ديمون، محاولاً الاستجابة لطلبه في هذا الضجيج الحسي.
قاد ديمون دومينيك عبر المساحات المزدحمة، متجنبًا المجموعات الصغيرة التي كانت منغمسة في ألعابها الخاصة. كان يوجه دومينيك نحو زوايا محددة، حيث يمكنه أن يشهد بعينيه الطقوس الجارية. في أحد الأركان، رأى زوجين ينخرطان في لعب الإيقاع؛ صوت صفعات جلدية رقيقة يتردد، وشاهد البشرة التي تكتسي بلون أحمر قاني، لكن تعابير كلا الوجهين كانت مزيجاً من الألم والرضا العميق، شهادة على ثقة لا متناهية. همس ديمون في أذن دومينيك، أنفاسه تداعب شعره: "انظر إلى هذا، صغيري. انظر إلى هذا التوازن الدقيق بين الألم واللذة. إنها ليست مجرد ضربات، بل هي لغة. لغة الجسد والروح. هل تشعر بهذا الجوع الذي يسيطر على الجسد؟" ثم قاده ديمون إلى منطقة أخرى، حيث كانت أجساداً تُربط بمهارة بحبال معقدة، تبدو وكأنها منحوتات حية من الخضوع، مشدودة بانتظار لمسة أو كلمة. لم تكن مجرد قيود، بل كانت شكلاً من أشكال الفن يكشف عن استسلام كامل. همس ديمون: "القيود، صغيري، ليست سجناً، بل هي تحرير. إنها تسليم السيطرة، إقرار بالضعف، لكنها في نفس الوقت، قوة لا تضاهى. إنها دعوة للتلاشي في الآخر." شعر دومينيك بالحرارة تتصاعد في جسده، إحساس غريب بالانحراف واللذة يغزوه مع كل كلمة لديمون.
بعد جولة قصيرة، قاد ديمون دومينيك نحو منطقة أكثر هدوءاً، حيث كانت هناك أرائك جلدية وطاولات منخفضة. جلس ديمون على أريكة واسعة، مشيراً لدومينيك ليجلس بجانبه. من هذا المكان، كان بإمكانهما مراقبة الحشد بزاوية مختلفة. هنا، لم تكن الأنشطة مكشوفة بنفس القدر، بل كانت التفاعلات أكثر دقة، وهمسات تُتبادل، ونظرات طويلة تحمل معاني عميقة. كانت هناك امرأة تضع طوقاً فضياً حول عنق شريكها، وتهمس له بكلمات جعلته يبتسم في خضوع مطلق. زوجان آخران كانا يتبادلان لمسات خفيفة، لكن كل لمسة كانت مشحونة بقوة هائلة، وكأنما كل إيماءة كانت أمراً. كانت الوجوه هنا تحمل علامات أكثر وضوحاً على الخبرة، عيوناً أعمق، وابتسامات تحمل أسراراً.
ثم قاد ديمون دومينيك إلى غرفة أخرى، أكثر عزلة وحميمية. كانت الإضاءة هنا خافتة للغاية، بالكاد تكفي لرؤية ما بداخلها. كان هناك سرير كبير في المنتصف، مغطى بملاءات سوداء لامعة، محاطاً بستائر حريرية شفافة تضفي عليه هالة من السرية. في زاوية الغرفة، كانت هناك مجموعة من الأدوات: سياط خفيفة من الريش، ومجاذيف جلدية مصقولة، وأصفاد من الفضة اللامعة، وشموع تذوب ببطء لتطلق روائح مثيرة. لم يكن هناك أحد في الغرفة حالياً، لكن الجو كان مشحوناً بالإثارة التي لا يمكن إنكارها، بآثار لمسات سابقة وهمسات باقية.
همس ديمون في أذن دومينيك، صوته خفيضاً ورخواً، يكاد يكون مسموعاً: "هنا، صغيري، تحدث الأشياء الحقيقية. هنا، تتلاشى الحدود بين الألم واللذة، بين السيطرة والخضوع. هنا، نكشف عن ذواتنا الحقيقية، عن شهواتنا الأكثر عمقاً وانحرافاً." بينما كان يتحدث، مرر ديمون أطراف أصابعه على طول حافة فك دومينيك، ثم على رقبته، مما أثار قشعريرة قوية.
ثم، وبحركة مفاجئة، دفع ديمون دومينيك بلطف ولكن بحزم نحو السرير. لم يكن عنيفاً، لكنه كان حازماً ومسيطرًا. سقط دومينيك على السرير، ناظراً إلى ديمون بعينين واسعتين، تلمعان بمزيج من الخوف والإثارة الشديدة. لقد شعر وكأنه على وشك عبور خط، خط لم يكن يعرف بوجوده من قبل، خط لا رجعة فيه. كان عقله يصرخ بالتحذيرات، لكن جسده كان يتوق، كان قلبه ينبض بعنف، رغبة جامحة في الاستسلام لكل ما قد يأتي.
اقترب ديمون، وجلس على حافة السرير بجانبه. لم يلمس دومينيك جسدياً بشكل كامل بعد، لكن قربه كان طاغياً، لدرجة أن دومينيك كان يشعر بأنفاسه الساخنة على وجهه، ورائحة ديمون القوية تملأ رئتيه. بدأ ديمون يتحدث، بصوت منخفض، لكنه كان واضحاً وحازماً، كل كلمة منه كأنها أمر لا يُمكن نقضه. "أنت هنا ملكي، صغيري. جسدك، روحك، كل شيء فيك. أنت تفعل ما أقوله، عندما أقوله، بالطريقة التي أقولها. هل تفهم؟"
"نعم... سيدي،" تمتم دومينيك، صوته بالكاد مسموعاً، إحساس بالخضوع يغمره بالكامل.
"جيد،" قال ديمون، ثم توقف للحظة، عيناه مثبتتان على دومينيك، تدرسان كل انفعال فيه. "الليلة، سأريك ما يعنيه أن تكون ملكي حقاً. سأريك ما يعنيه الألم، وما يعنيه الخضوع المطلق، وما يعنيه النشوة التي تتجاوز حدود الجنس، النشوة التي تأتي من تسليم كل ذرة من كيانك. سأريك كيف يمكن أن يكون الخضوع في حد ذاته هو ذروة النشوة."
ثم، وبحركة سريعة، أمسك ديمون بحزام جلدي منضد على السرير. كان الحزام أسود، ولامعاً، وبدا خطيراً بشكل لا يصدق، لكنه كان يحمل في طياته وعداً باللذة. رفع ديمون الحزام ببطء، ولوحه في الهواء، صوت الجلد الذي يصفع الهواء ملأ الغرفة، صوتاً مدوياً، يوحي بالقوة والسيطرة. ارتجف دومينيك، لكنه لم يحاول التحرك. لقد كان خاضعاً تماماً، مستسلماً لإرادة ديمون، يشعر بأن حواسه كلها قد تركزت على هذه اللحظة، يتوقع كل لمسة، كل كلمة، وكل إحساس. كان هذا الإحساس، إحساس أن تكون مكشوفاً تماماً، ضعيفاً تماماً، ومع ذلك تشعر بقوة لا تضاهى، هو ما أدرك دومينيك أنه يسعى إليه. بدأ يشعر بالدوار، ليس من الخوف، بل من الشهوة المحضة للخضوع. أصبح جسده يقف منتصباً، متوتراً، جاهزاً لكل ما سيأتي، وكل عضلة تتوق للمزيد، مع نبض خفي في أعماقه، إحساس بأنه على وشك أن يُقذف، ليس بلمسة، بل بقوة إرادة ديمون المطلقة، شهوة طاغية لا يمكن السيطرة عليها، تدفعه إلى حافة الانهيار اللذيذ.
وبينما كان ديمون ودومينيك في وسط هذه اللحظة الحميمة، حيث كان ديمون على وشك البدء في نوع جديد من "التعليم"، توقف ديمون فجأة. لم يقل شيئاً، لكن جسده بجانب دومينيك توتر فجأة، يده على فخذ دومينيك ضغطت بقوة مؤلمة، جذبت جسده إليه بشدة، كأنما يثبته في مكانه. شعر دومينيك بالتحول الفوري في جسد ديمون، بالتوتر العنيف الذي سرى فيه. كان هناك بريق قاسٍ، وموجة من الطاقة المتملكة التي شعر دومينيك بانبعاثها من سيده.
لم ينظر دومينيك إلى ما نظر إليه ديمون. لقد كان مشتتاً بلمسة ديمون المفاجئة وقوة قبضته، والإثارة التي كانت تسيطر عليه بالفعل. لقد كان تركيزه كله على سيده.
ثم، وبحركة مفاجئة، انسحب ديمون بعيداً عن دومينيك. لم يبتعد كثيراً، ربما بضع خطوات، لكنه كان كافياً ليترك دومينيك وحيداً فجأة في بحر من الحواس المتضاربة. كان النادي، الذي بدا قبل لحظات وكأنه ملاذ حميم تحت سيطرة ديمون، أصبح الآن عالماً فوضوياً، صاخباً، ومخيفاً بشكل مرعب. كانت الأضواء الخافتة، والموسيقى الصاخبة، وهمسات الضحك، والروائح القوية، كلها تهاجم حواسه. شعر بالبرد يجتاحه، ليس من حرارة المكان، بل من غياب ديمون المفاجئ، من فقدان مرساته. كانت حلمته لا تزال تؤلمه وتنبض، تذكره بكل ما حدث، وكل ما كان على وشك أن يحدث. كان هذا الانفصال، حتى لو كان لدقائق معدودة، بمثابة اختبار قاسٍ. لقد أدرك دومينيك في تلك اللحظات كم أصبح يعتمد على ديمون ليرسيه في هذا العالم الجديد، وكم كان مرعوباً من فكرة أن يُترك وحيداً، مكشوفاً، ومشتهياً. لم يحاول دومينيك أن يتبعه، فقد كان في حالة من الذهول، فقط يرتعش ويختبر ثقل غياب سيده. كان يتوق لعودة لمسة ديمون، لجذبه مرة أخرى إلى هذا العالم المظلم حيث كان ديمون هو مرشده الوحيد وسيده المطلق.
بينما كان دومينيك غارقاً في هذه المشاعر المتضاربة، كانت عينا ديمون تراقبان ليو، الذي كان يتجه نحو الحمامات. سار ديمون بسرعة، لكن بهدوء، ولحق بليو إلى داخل الحمام. كان الحمام شبه فارغ، فقط عدد قليل من الرجال يغسلون أيديهم. كانت الأضواء فيه أكثر سطوعًا، مما كشف عن تفاصيل حادة في تعابير وجه ليو عندما لمح ديمون. تجمدت ابتسامة ليو على الفور، وحل محلها تعبير متوتر.
"ماذا تفعل هنا يا ليو؟" قال ديمون بنبرة خفيضة، حادة كحد السيف، وكأنما كل كلمة كانت تهدف إلى اختراق دفاعات ليو. "هل أتيت بقصد إثارة المشاكل بيني وبين دومينيك؟ لتعكر الأجواء، أليس كذلك؟"
ارتعش ليو قليلاً، وسحب يده من صنبور الماء، وعيناه تتجنبان نظرة ديمون الحادة. "ديمون... أنا فقط..."
قاطعه ديمون بحدة، مقترباً خطوة أخرى، وصوته أصبح أقل من الهمس، يملأ الفراغ الصغير بينهما. "اسمعني جيداً يا ليو. إياك أن تنطق بكلمة واحدة عما يفعله هنا. لا تتجرأ أن تخبره عن هذا المكان أو ما يدور فيه. ولا تفكر حتى في أن تُخيفه بما تراه أو تعرفه." ثم انخفض صوته أكثر، ليصبح حفيفاً ثقيلاً، يهمس بكلمات تلسع كالنار. "أنت لا تزال لعبتي، ليو. وهذا يعني أنك تطيعني. هل هذا مفهوم؟"
تصلب وجه ليو، لكن عيناه كانتا تحملان لمحة من الخوف واليأس، وشيء من الذل. "مفهوم، ديمون."
"جيد،" قال ديمون، مع ابتسامة باردة لم تصل إلى عينيه. "ولأنك تعلم ما يحدث عندما لا يفهم الناس قواعدي." ثم أدار ديمون ظهره لليو ببطء، تاركاً ليو شاحباً ومذهولاً في مكانه، يرتجف قليلاً من برودة تهديد ديمون، والرطوبة الباردة للحمام التي بدت وكأنها تلتصق بجلده.
عاد ديمون بخطوات هادئة وحاسمة نحو دومينيك. كانت كل دقيقة مرت وكأنها أبدية بالنسبة لدومينيك، الذي كان يرتعش، يراقب الحشد بعينين واسعتين، يشعر بالخوف والرغبة التي تتصارعان في داخله، يخشى أن يتلاشى ديمون، وفي نفس الوقت يتوق لعودته ليأخذه أعمق.
ثم، شعر بضغط قوي على فكه. كان ديمون قد عاد. كانت عيناه مثبتتين على دومينيك، تحملان نظرة باردة، قاسية، وملكية بشكل لا يصدق. لم يكن هناك أي أثر للغيرة في تعابير وجهه، فقط السيطرة المطلقة، وكأنما لم يكن هناك شيء آخر غير دومينيك في عالمه.
"هل اشتقت لي يا صغيري؟" همس ديمون، صوته عميق، مثير، وبلا أي شك. "هل شعرت بالضياع بدوني؟"
لم يستطع دومينيك النطق بكلمة، اكتفى بالإيماء برأسه، عيناه مليئتان بالدموع بسبب الإثارة والخوف.
"جيد،" قال ديمون، ثم ضغط فكه على دومينيك بقوة أكبر، وكأنما يغرس كلماته في روحه. "تذكر هذا الشعور. تذكر أنك لا شيء بدوني. أنت ملكي. كل نبض، كل إحساس، كل أنفاسك. أنت ملكي تماماً في هذا المكان. لا تنظر إلا لي. لا تشعر إلا بي. كن لي تماماً، الآن!"
ضغط ديمون فكه على دومينيك بقوة أكبر، وكأنما يغرس كلماته في روحه. شعر دومينيك بوميض حار من الألم ممزوج بالشهوة الجامحة. لم يفهم سبب هذا التحول المفاجئ في ديمون، لكنه أدرك أن عليه أن يذعن. أغمض عينيه، وركز على صوت ديمون، ورائحته، ولمسته الوحشية، مستسلماً تماماً للسيطرة التي فرضها عليه سيده. كان الخضوع في هذا المكان الغريب، تحت هذا الاندفاع العنيف من ديمون، مثيراً لدرجة الألم واللذة في آن واحد، ووصل به إلى درجة من الانحراف الذي لم يكن يعلم أنه قادر عليه. لقد كان ذلك بمثابة ذروة حسية لا جنسية، حيث تحولت السيطرة المطلقة إلى نشوة لم يختبرها من قبل. تشنج جسده بالكامل، ارتجف كل عصب، واندفعت حمى خفية في عروقه، كل ذرة من كيانه تتوق لتلك اللحظة من الانفجار، تماماً كما لو كان على وشك القذف، ليس بسبب لمسة، بل بسبب قوة السيطرة المطلقة التي يمتلكها ديمون، شهوة طاغية لا يمكن السيطرة عليها، تدفعه إلى حافة الانهيار اللذيذ.
لم يمكثا طويلاً بعد ذلك. بعد أن تأكد ديمون من أن دومينيك استوعب أمره بالكامل، قاد ديمون دومينيك للخارج، إلى هواء الليل البارد، تاركين وراءهما عالم "ذا ليسيوم" المشتعل. كانت رحلة العودة هادئة. لم يتبادلا الكثير من الكلمات. كان دومينيك لا يزال غارقاً في صدى التجربة، يحلل كل لمسة، كل كلمة، كل إحساس. كان متعباً، لكنه كان نشطاً بطريقة لم يشعر بها من قبل.
يتبع......
إذا أعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
"هكذا، صغيري،" همس ديمون بالقرب من أذنه، أنفاسه الدافئة تداعب شعيراته. "أنت هنا ملكي. كل إحساس، كل اهتزاز في جسدك، هو لي لأتحكم به. لا شيء يخصك الآن سوى ما أسمح لك به."
كانت أصابعه تمر ببطء على خط فكه، ثم إلى رقبته، ومنها إلى ترقوته، متوقفة عند كل عظمة، تستشعر كل نبضة خفيفة تحت الجلد. كان دومينيك بالكاد يتنفس، جسده متوتر، لكن روحه تستسلم لهذه السيطرة المطلقة. ثم جاء صوت ديمون وهو يقرأ مقطعاً من الشعر، بصوته العميق المليء بالوعد والوعيد، بينما كانت أنامله تواصل الرسم على بشرته العارية، تزيد من حواسه التي تتشابك في متاهة من الإحساس الخالص. كان هذا اللمس يُعيد تشكيل وعيه، يجبره على الاستسلام للسيطرة الكاملة لديمون، ليس فقط جسدياً، بل روحياً أيضاً. انتهت الجلسة بترك دومينيك واقفاً هناك، عارياً، تتجمع كل حواسه وتتفكك في آن واحد، تاركةً إياه مع شعور مكشوف بالضعف وشهوة غريبة لا يمكن فهمها تمامًا، وهي الشهوة التي تحدث عنها مع ليو.
بعد أن أنهى ديمون قراءة المقطع الشعري وأزاح يده عن جسد دومينيك، وظل دومينيك واقفاً في خضوعه الكامل، جاء صوت ديمون بهدوء مروع: "أثناء 'تدريبنا' هذا، ألا تكتشف أي جوانب من نفسك تجدها... مقلقة؟ أو أي مخاوف قد تكون لديك؟" سأل ديمون، نبرته هادئة، لكنها تحمل ثقلاً لاذعاً جعل دومينيك يشعر بأنه مكشوف تماماً، وكأن ديمون يقرأ أفكاره مباشرة في هذه اللحظة من الضعف المطلق.
تردد دومينيك للحظة. لقد شعر وكأن ديمون يطرح عليه السؤال الذي كان يدور في ذهنه بالضبط. هذه هي فرصته، في خضم ضعفه الحالي، ليعترف. "نعم، سيدي،" اعترف دومينيك، صوته خفيض، بالكاد مسموع. "هناك بعض الأمور. هذه الشهوة الجديدة التي أكتشفها للخضوع... إنها قوية ومخيفة في آن واحد. تجعلني أشعر بالضعف."
"ضعيف؟" كرر ديمون ببطء، وكأن الكلمة تحمل معنى مختلفًا تمامًا بالنسبة له، ثم اقترب أكثر.
"أكثر من ذلك، سيدي،" تابع دومينيك، وقد غلبه شعوره بالضعف الشديد بعد الجلسة. "لقد ذكرت... شخصاً آخر في إحدى محادثاتنا. شخص يشبهني في صدقه وفي جوعه. أنا قلق، سيدي. قلق من أن أكون مجرد بديل، مجرد ظل. أخشى أن أكون مجرد نسخة من شخص كان موجوداً قبلي. هل أنا مجرد تجربة، سيدي؟ هل أقارن بشخص لا أستطيع أن أكون مثله؟"
صمت ديمون لثوانٍ بدت أطول من اللازم، ثم لمست يده وجه دومينيك بلطف شديد، إيماءة غير متوقعة. ثم جاء صوته، بنبرة مختلفة، تحمل شيئاً من التسلية الخفية والرضا العميق. "مخاوفك مفهومة، دومينيك. ومرحباً بها. كل خاضع فريد. أنا لا أبحث عن نسخة. أنا أبحث عن أصالة. وتلك المقارنة كانت تهدف إلى إثارة هذا السؤال بالذات في ذهنك. أنا أبحث عن خاضع يملك الوعي الكافي ليطرح هذه الأسئلة."
ارتعش دومينيك قليلاً عند سماع هذا الإقرار. لقد كان ديمون يعلم. لقد كان يختبره.
"وإذا كان هناك أي شيء يقلقك يا صغيري، أريدك أن تخبرني به مباشرة. هل هذا مفهوم؟" قال ديمون، صوته ناعم كالحرير ولكنه يحمل ثقلاً لا يقبل الجدل، مستخدماً اسم الحيوان الأليف الذي اختاره لدومينيك لتوكيد سيطرته.
"مفهوم، سيدي،" أجاب دومينيك، وقد أحس بالكلمة الجديدة تستقر في روحه، مؤكدةً مكانته لديمون.
"الليلة،" تابع ديمون، وصوته أصبح أكثر إغراءً وإلزاماً، "أريدك أن ترافقني إلى مكان حيث يمكننا استكشاف جوانب جديدة من هذا الجوع الذي تشعر به. مكان حيث يمكنك أن ترى بنفسك مدى اتساع عالمنا. سأرسل لك التفاصيل. لا تتأخر."
قبل أن يتمكن دومينيك من الرد، انسحب ديمون بخفة، تاركاً دومينيك وحده في الغرفة التي ما زالت تعج بآثار الجلسة، وقلبه ينبض بقوة بالترقب لما سيأتي.
بعد مغادرة ديمون، لم يجد دومينيك نفسه قادراً على التركيز على أي شيء آخر. كانت كلماته الأخيرة، "يا صغيري"، تدوي في أذنيه، مختلطة بصدى الجلسة الحسية التي لم يكن ليتخيلها قط. كانت الساعة تشير إلى السابعة مساءً عندما وصلت رسالة ديمون النصية التي تحمل العنوان: " الليسيوم" (The Lyceum)، وعنواناً دقيقاً. كان الاسم يوحي بمكان للتجمع أو التعليم، لكن دومينيك كان متأكداً الآن أنه مكان من نوع مختلف تماماً.
ديمون لم يحدد زياً، لكن شعوراً عميقاً بالحدس دفعه نحو خزانته. اختار سروالاً جلدياً ضيقاً باللون الأسود، يلتصق بساقيه وكأنه بشرة ثانية، وقميصاً حريرياً أسود اللون بياقة مفتوحة تكشف جزءاً من صدره وعظمة الترقوة التي لا تزال تحمل لمسة أصابع ديمون. ارتدى حذاءً لامعاً طويلاً يعانق الكاحل. لم تكن هذه ملابسه المعتادة، لكنها جعلته يشعر... بجرأة أكبر، مكشوفاً ومثيراً في آن واحد. نظر إلى نفسه في المرآة، لم يتعرف على انعكاسه تماماً. كان هناك بريق جديد في عينيه، مزيج من الخوف والفضول، ورغبة عميقة في استكشاف هذا الجانب المظلم من نفسه الذي كان ديمون يكشفه. جسده نفسه كان يتوق، شهوة لم تكن جسدية بحتة، بل شهوة للخضوع، للسيطرة، للغوص في المجهول.
عند وصول سيارة ديمون الفاخرة، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة مساءً. كان دومينيك ينتظره في الخارج، قلبه يخفق بعنف. دخل السيارة بصمت، وشعر بنظرة ديمون الفاحصة التي مرت على ملابسه قبل أن تستقر على عينيه. "جيد، صغيري،" قال ديمون، نبرته تحمل نبرة رضا خفية.
توقفت السيارة أمام مبنى حجري قديم، لا يوحي مظهره الخارجي بأي شيء مما قد يخبئه في الداخل. لا لافتات، لا أضواء ساطعة. مجرد باب خشبي ثقيل. عند الدخول، كان الأمر أشبه بالانتقال إلى عالم آخر.
ضربه الهواء الثقيل الممزوج بروائح الجلد والعرق والبخور والمسك. كان الصوت يطغى على كل شيء آخر: موسيقى إلكترونية ذات إيقاعات عميقة، يتردد صداها في أضلاعه، مختلطة بقرع سلاسل خافت، وصوت غير مميز لصفعات قوية وحادة، وهمسات، وضحكات مكتومة تُكشف عن لذة غير مصقولة. الإضاءة كانت خافتة، تغلب عليها ألوان الأحمر والبنفسجي والأزرق العميق، تلقي بظلال طويلة وغريبة على الأشكال المتحركة، مما يضفي على كل زاوية طابعًا من السرية والإغراء.
كان المكان عبارة عن متاهة من الزوايا المظلمة والمساحات المفتوحة. رأى دومينيك رجالاً ونساءً يرتدون ملابس تتراوح بين الأنيقة والمكشوفة بشكل مثير، يرتدون الأطواق والأربطة والأحزمة الجلدية. كانت هناك أجساد متشابكة، وبعضها يرتعش في خضوع على ألواح خشبية، وآخرون يتم توجيههم بلطف أو بقوة. كانت هذه ليست فقط مجرد أنشطة، بل كانت طقوساً حميمية صريحة من السيطرة والتسليم، تُعرض في العراء ولكن ضمن حدود الاحترام الصارم. الأجواء كانت مشحونة بالطاقة الخام، بالشهوة التي لم تكن بالضرورة جنسية، بل شهوة للسلطة والخضوع، للارتباط بطرق عميقة ومثيرة.
وبينما كان ديمون ودومينيك يخطوان خطواتهما الأولى داخل النادي، كانت عينا ديمون الحادتان قد مسحتا الحشد على الفور. وفي زاوية بعيدة، بالقرب من عامود حجري، لمح ديمون ليو. كان ليو يتحدث إلى رجل آخر، ويبدو مسترخياً، والابتسامة تعلو وجهه بطريقة استفزت ديمون على الفور. لم يُظهر ديمون أي رد فعل ظاهري لدومينيك، لكن قبضة يده على أسفل ظهر دومينيك اشتدت للحظة قبل أن تعود لطبيعتها، إشارة خفية لم يشعر بها دومينيك. نظرة واحدة حادة من ديمون كانت كافية، قبل أن تعود عيناه إلى دومينيك وكأن شيئاً لم يحدث، لكن الشرارة الباردة التي أشعلها مشهد ليو كانت قد انقدحت بالفعل في أعماق ديمون، توقد شهوته للتملك والسيطرة.
شعر دومينيك بذهول تام. جسده توتر، وتشنج كل عضلة فيه، لكن في أعماقه، كان هناك صوت خافت يهمس بـ "نعم". كان يرى المشهد من خلال عيون واسعة، يشعر بالخوف والتشويق يتسابقان في عروقه. لكن ديمون كان هناك، يده الكبيرة تستقر بثبات على أسفل ظهر دومينيك، دافعةً إياه إلى الأمام بلطف لكن بحزم. كان لمسة ديمون بمثابة مرساة لدومينيك في هذا البحر من الحواس.
"ابق قريباً، صغيري،" همس ديمون، أنفاسه الساخنة تداعب أذن دومينيك، مؤكداً سيطرته في هذا العالم الجديد والمكشوف. "انظر، لكن لا تلمس. لا تنظر إلا لي. لا تشعر إلا بي. هل هذا مفهوم؟"
"مفهوم، سيدي،" تمتم دومينيك، عيناه مثبتتين على ديمون، محاولاً الاستجابة لطلبه في هذا الضجيج الحسي.
قاد ديمون دومينيك عبر المساحات المزدحمة، متجنبًا المجموعات الصغيرة التي كانت منغمسة في ألعابها الخاصة. كان يوجه دومينيك نحو زوايا محددة، حيث يمكنه أن يشهد بعينيه الطقوس الجارية. في أحد الأركان، رأى زوجين ينخرطان في لعب الإيقاع؛ صوت صفعات جلدية رقيقة يتردد، وشاهد البشرة التي تكتسي بلون أحمر قاني، لكن تعابير كلا الوجهين كانت مزيجاً من الألم والرضا العميق، شهادة على ثقة لا متناهية. همس ديمون في أذن دومينيك، أنفاسه تداعب شعره: "انظر إلى هذا، صغيري. انظر إلى هذا التوازن الدقيق بين الألم واللذة. إنها ليست مجرد ضربات، بل هي لغة. لغة الجسد والروح. هل تشعر بهذا الجوع الذي يسيطر على الجسد؟" ثم قاده ديمون إلى منطقة أخرى، حيث كانت أجساداً تُربط بمهارة بحبال معقدة، تبدو وكأنها منحوتات حية من الخضوع، مشدودة بانتظار لمسة أو كلمة. لم تكن مجرد قيود، بل كانت شكلاً من أشكال الفن يكشف عن استسلام كامل. همس ديمون: "القيود، صغيري، ليست سجناً، بل هي تحرير. إنها تسليم السيطرة، إقرار بالضعف، لكنها في نفس الوقت، قوة لا تضاهى. إنها دعوة للتلاشي في الآخر." شعر دومينيك بالحرارة تتصاعد في جسده، إحساس غريب بالانحراف واللذة يغزوه مع كل كلمة لديمون.
بعد جولة قصيرة، قاد ديمون دومينيك نحو منطقة أكثر هدوءاً، حيث كانت هناك أرائك جلدية وطاولات منخفضة. جلس ديمون على أريكة واسعة، مشيراً لدومينيك ليجلس بجانبه. من هذا المكان، كان بإمكانهما مراقبة الحشد بزاوية مختلفة. هنا، لم تكن الأنشطة مكشوفة بنفس القدر، بل كانت التفاعلات أكثر دقة، وهمسات تُتبادل، ونظرات طويلة تحمل معاني عميقة. كانت هناك امرأة تضع طوقاً فضياً حول عنق شريكها، وتهمس له بكلمات جعلته يبتسم في خضوع مطلق. زوجان آخران كانا يتبادلان لمسات خفيفة، لكن كل لمسة كانت مشحونة بقوة هائلة، وكأنما كل إيماءة كانت أمراً. كانت الوجوه هنا تحمل علامات أكثر وضوحاً على الخبرة، عيوناً أعمق، وابتسامات تحمل أسراراً.
ثم قاد ديمون دومينيك إلى غرفة أخرى، أكثر عزلة وحميمية. كانت الإضاءة هنا خافتة للغاية، بالكاد تكفي لرؤية ما بداخلها. كان هناك سرير كبير في المنتصف، مغطى بملاءات سوداء لامعة، محاطاً بستائر حريرية شفافة تضفي عليه هالة من السرية. في زاوية الغرفة، كانت هناك مجموعة من الأدوات: سياط خفيفة من الريش، ومجاذيف جلدية مصقولة، وأصفاد من الفضة اللامعة، وشموع تذوب ببطء لتطلق روائح مثيرة. لم يكن هناك أحد في الغرفة حالياً، لكن الجو كان مشحوناً بالإثارة التي لا يمكن إنكارها، بآثار لمسات سابقة وهمسات باقية.
همس ديمون في أذن دومينيك، صوته خفيضاً ورخواً، يكاد يكون مسموعاً: "هنا، صغيري، تحدث الأشياء الحقيقية. هنا، تتلاشى الحدود بين الألم واللذة، بين السيطرة والخضوع. هنا، نكشف عن ذواتنا الحقيقية، عن شهواتنا الأكثر عمقاً وانحرافاً." بينما كان يتحدث، مرر ديمون أطراف أصابعه على طول حافة فك دومينيك، ثم على رقبته، مما أثار قشعريرة قوية.
ثم، وبحركة مفاجئة، دفع ديمون دومينيك بلطف ولكن بحزم نحو السرير. لم يكن عنيفاً، لكنه كان حازماً ومسيطرًا. سقط دومينيك على السرير، ناظراً إلى ديمون بعينين واسعتين، تلمعان بمزيج من الخوف والإثارة الشديدة. لقد شعر وكأنه على وشك عبور خط، خط لم يكن يعرف بوجوده من قبل، خط لا رجعة فيه. كان عقله يصرخ بالتحذيرات، لكن جسده كان يتوق، كان قلبه ينبض بعنف، رغبة جامحة في الاستسلام لكل ما قد يأتي.
اقترب ديمون، وجلس على حافة السرير بجانبه. لم يلمس دومينيك جسدياً بشكل كامل بعد، لكن قربه كان طاغياً، لدرجة أن دومينيك كان يشعر بأنفاسه الساخنة على وجهه، ورائحة ديمون القوية تملأ رئتيه. بدأ ديمون يتحدث، بصوت منخفض، لكنه كان واضحاً وحازماً، كل كلمة منه كأنها أمر لا يُمكن نقضه. "أنت هنا ملكي، صغيري. جسدك، روحك، كل شيء فيك. أنت تفعل ما أقوله، عندما أقوله، بالطريقة التي أقولها. هل تفهم؟"
"نعم... سيدي،" تمتم دومينيك، صوته بالكاد مسموعاً، إحساس بالخضوع يغمره بالكامل.
"جيد،" قال ديمون، ثم توقف للحظة، عيناه مثبتتان على دومينيك، تدرسان كل انفعال فيه. "الليلة، سأريك ما يعنيه أن تكون ملكي حقاً. سأريك ما يعنيه الألم، وما يعنيه الخضوع المطلق، وما يعنيه النشوة التي تتجاوز حدود الجنس، النشوة التي تأتي من تسليم كل ذرة من كيانك. سأريك كيف يمكن أن يكون الخضوع في حد ذاته هو ذروة النشوة."
ثم، وبحركة سريعة، أمسك ديمون بحزام جلدي منضد على السرير. كان الحزام أسود، ولامعاً، وبدا خطيراً بشكل لا يصدق، لكنه كان يحمل في طياته وعداً باللذة. رفع ديمون الحزام ببطء، ولوحه في الهواء، صوت الجلد الذي يصفع الهواء ملأ الغرفة، صوتاً مدوياً، يوحي بالقوة والسيطرة. ارتجف دومينيك، لكنه لم يحاول التحرك. لقد كان خاضعاً تماماً، مستسلماً لإرادة ديمون، يشعر بأن حواسه كلها قد تركزت على هذه اللحظة، يتوقع كل لمسة، كل كلمة، وكل إحساس. كان هذا الإحساس، إحساس أن تكون مكشوفاً تماماً، ضعيفاً تماماً، ومع ذلك تشعر بقوة لا تضاهى، هو ما أدرك دومينيك أنه يسعى إليه. بدأ يشعر بالدوار، ليس من الخوف، بل من الشهوة المحضة للخضوع. أصبح جسده يقف منتصباً، متوتراً، جاهزاً لكل ما سيأتي، وكل عضلة تتوق للمزيد، مع نبض خفي في أعماقه، إحساس بأنه على وشك أن يُقذف، ليس بلمسة، بل بقوة إرادة ديمون المطلقة، شهوة طاغية لا يمكن السيطرة عليها، تدفعه إلى حافة الانهيار اللذيذ.
وبينما كان ديمون ودومينيك في وسط هذه اللحظة الحميمة، حيث كان ديمون على وشك البدء في نوع جديد من "التعليم"، توقف ديمون فجأة. لم يقل شيئاً، لكن جسده بجانب دومينيك توتر فجأة، يده على فخذ دومينيك ضغطت بقوة مؤلمة، جذبت جسده إليه بشدة، كأنما يثبته في مكانه. شعر دومينيك بالتحول الفوري في جسد ديمون، بالتوتر العنيف الذي سرى فيه. كان هناك بريق قاسٍ، وموجة من الطاقة المتملكة التي شعر دومينيك بانبعاثها من سيده.
لم ينظر دومينيك إلى ما نظر إليه ديمون. لقد كان مشتتاً بلمسة ديمون المفاجئة وقوة قبضته، والإثارة التي كانت تسيطر عليه بالفعل. لقد كان تركيزه كله على سيده.
ثم، وبحركة مفاجئة، انسحب ديمون بعيداً عن دومينيك. لم يبتعد كثيراً، ربما بضع خطوات، لكنه كان كافياً ليترك دومينيك وحيداً فجأة في بحر من الحواس المتضاربة. كان النادي، الذي بدا قبل لحظات وكأنه ملاذ حميم تحت سيطرة ديمون، أصبح الآن عالماً فوضوياً، صاخباً، ومخيفاً بشكل مرعب. كانت الأضواء الخافتة، والموسيقى الصاخبة، وهمسات الضحك، والروائح القوية، كلها تهاجم حواسه. شعر بالبرد يجتاحه، ليس من حرارة المكان، بل من غياب ديمون المفاجئ، من فقدان مرساته. كانت حلمته لا تزال تؤلمه وتنبض، تذكره بكل ما حدث، وكل ما كان على وشك أن يحدث. كان هذا الانفصال، حتى لو كان لدقائق معدودة، بمثابة اختبار قاسٍ. لقد أدرك دومينيك في تلك اللحظات كم أصبح يعتمد على ديمون ليرسيه في هذا العالم الجديد، وكم كان مرعوباً من فكرة أن يُترك وحيداً، مكشوفاً، ومشتهياً. لم يحاول دومينيك أن يتبعه، فقد كان في حالة من الذهول، فقط يرتعش ويختبر ثقل غياب سيده. كان يتوق لعودة لمسة ديمون، لجذبه مرة أخرى إلى هذا العالم المظلم حيث كان ديمون هو مرشده الوحيد وسيده المطلق.
بينما كان دومينيك غارقاً في هذه المشاعر المتضاربة، كانت عينا ديمون تراقبان ليو، الذي كان يتجه نحو الحمامات. سار ديمون بسرعة، لكن بهدوء، ولحق بليو إلى داخل الحمام. كان الحمام شبه فارغ، فقط عدد قليل من الرجال يغسلون أيديهم. كانت الأضواء فيه أكثر سطوعًا، مما كشف عن تفاصيل حادة في تعابير وجه ليو عندما لمح ديمون. تجمدت ابتسامة ليو على الفور، وحل محلها تعبير متوتر.
"ماذا تفعل هنا يا ليو؟" قال ديمون بنبرة خفيضة، حادة كحد السيف، وكأنما كل كلمة كانت تهدف إلى اختراق دفاعات ليو. "هل أتيت بقصد إثارة المشاكل بيني وبين دومينيك؟ لتعكر الأجواء، أليس كذلك؟"
ارتعش ليو قليلاً، وسحب يده من صنبور الماء، وعيناه تتجنبان نظرة ديمون الحادة. "ديمون... أنا فقط..."
قاطعه ديمون بحدة، مقترباً خطوة أخرى، وصوته أصبح أقل من الهمس، يملأ الفراغ الصغير بينهما. "اسمعني جيداً يا ليو. إياك أن تنطق بكلمة واحدة عما يفعله هنا. لا تتجرأ أن تخبره عن هذا المكان أو ما يدور فيه. ولا تفكر حتى في أن تُخيفه بما تراه أو تعرفه." ثم انخفض صوته أكثر، ليصبح حفيفاً ثقيلاً، يهمس بكلمات تلسع كالنار. "أنت لا تزال لعبتي، ليو. وهذا يعني أنك تطيعني. هل هذا مفهوم؟"
تصلب وجه ليو، لكن عيناه كانتا تحملان لمحة من الخوف واليأس، وشيء من الذل. "مفهوم، ديمون."
"جيد،" قال ديمون، مع ابتسامة باردة لم تصل إلى عينيه. "ولأنك تعلم ما يحدث عندما لا يفهم الناس قواعدي." ثم أدار ديمون ظهره لليو ببطء، تاركاً ليو شاحباً ومذهولاً في مكانه، يرتجف قليلاً من برودة تهديد ديمون، والرطوبة الباردة للحمام التي بدت وكأنها تلتصق بجلده.
عاد ديمون بخطوات هادئة وحاسمة نحو دومينيك. كانت كل دقيقة مرت وكأنها أبدية بالنسبة لدومينيك، الذي كان يرتعش، يراقب الحشد بعينين واسعتين، يشعر بالخوف والرغبة التي تتصارعان في داخله، يخشى أن يتلاشى ديمون، وفي نفس الوقت يتوق لعودته ليأخذه أعمق.
ثم، شعر بضغط قوي على فكه. كان ديمون قد عاد. كانت عيناه مثبتتين على دومينيك، تحملان نظرة باردة، قاسية، وملكية بشكل لا يصدق. لم يكن هناك أي أثر للغيرة في تعابير وجهه، فقط السيطرة المطلقة، وكأنما لم يكن هناك شيء آخر غير دومينيك في عالمه.
"هل اشتقت لي يا صغيري؟" همس ديمون، صوته عميق، مثير، وبلا أي شك. "هل شعرت بالضياع بدوني؟"
لم يستطع دومينيك النطق بكلمة، اكتفى بالإيماء برأسه، عيناه مليئتان بالدموع بسبب الإثارة والخوف.
"جيد،" قال ديمون، ثم ضغط فكه على دومينيك بقوة أكبر، وكأنما يغرس كلماته في روحه. "تذكر هذا الشعور. تذكر أنك لا شيء بدوني. أنت ملكي. كل نبض، كل إحساس، كل أنفاسك. أنت ملكي تماماً في هذا المكان. لا تنظر إلا لي. لا تشعر إلا بي. كن لي تماماً، الآن!"
ضغط ديمون فكه على دومينيك بقوة أكبر، وكأنما يغرس كلماته في روحه. شعر دومينيك بوميض حار من الألم ممزوج بالشهوة الجامحة. لم يفهم سبب هذا التحول المفاجئ في ديمون، لكنه أدرك أن عليه أن يذعن. أغمض عينيه، وركز على صوت ديمون، ورائحته، ولمسته الوحشية، مستسلماً تماماً للسيطرة التي فرضها عليه سيده. كان الخضوع في هذا المكان الغريب، تحت هذا الاندفاع العنيف من ديمون، مثيراً لدرجة الألم واللذة في آن واحد، ووصل به إلى درجة من الانحراف الذي لم يكن يعلم أنه قادر عليه. لقد كان ذلك بمثابة ذروة حسية لا جنسية، حيث تحولت السيطرة المطلقة إلى نشوة لم يختبرها من قبل. تشنج جسده بالكامل، ارتجف كل عصب، واندفعت حمى خفية في عروقه، كل ذرة من كيانه تتوق لتلك اللحظة من الانفجار، تماماً كما لو كان على وشك القذف، ليس بسبب لمسة، بل بسبب قوة السيطرة المطلقة التي يمتلكها ديمون، شهوة طاغية لا يمكن السيطرة عليها، تدفعه إلى حافة الانهيار اللذيذ.
لم يمكثا طويلاً بعد ذلك. بعد أن تأكد ديمون من أن دومينيك استوعب أمره بالكامل، قاد ديمون دومينيك للخارج، إلى هواء الليل البارد، تاركين وراءهما عالم "ذا ليسيوم" المشتعل. كانت رحلة العودة هادئة. لم يتبادلا الكثير من الكلمات. كان دومينيك لا يزال غارقاً في صدى التجربة، يحلل كل لمسة، كل كلمة، كل إحساس. كان متعباً، لكنه كان نشطاً بطريقة لم يشعر بها من قبل.
يتبع......
إذا أعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
Коментарі