Chapter Twenty Five: علامات خفية و بداية الشك
بعد أن أغلق ديمون باب جناح القصر بهدوء خلفه، تبدلت ملامحه فوراً. اختفى الرضا الخفي من عينيه، وحل محله تركيز حاد وبرودة قاسية، لكنها كانت باردةً من نوع مختلف؛ باردةً تعكس سلطة مطلقة ومسؤولية تجاه أدوار معينة. تحرك بخطوات سريعة وواثقة عبر الممرات الفخمة، تاركاً وراءه عبير عطره الذي ما زال عالقاً في هواء الغرفة التي ينام فيها دومينيك. كان عقله قد تحول بالفعل، بعيداً عن الاستكشاف الجديد، إلى التزام قديم، التزام بالسيطرة الكاملة.
في غضون دقائق، كان ديمون في سيارته السوداء الفاخرة، التي انطلقت بصمت مخيف عبر شوارع المدينة الساكنة. لم يتجه نحو أي مكان عام، بل قاد السيارة بنفسه إلى ملكية خاصة بعيدة عن الأنظار، تحتوي على مبنى صغير منفصل، مصمم بخصوصية تامة. توقفت السيارة أمام باب فولاذي غير معلم، انزلق بصمت ليكشف عن ممر مظلم يؤدي إلى غرفة واسعة، معزولة تماماً عن العالم الخارجي. كانت هذه هي مساحته المخصصة للـ "لعب".
كانت الغرفة مضاءة بشكل خافت، بجدران داكنة وأرضية نظيفة. كانت تحتوي على أدوات وأجهزة مصممة لغرض واحد فقط. في مركز الغرفة، كان يقف شاب ذو شعر أشعث، عارياً من الأعلى، ومقيداً بإحكام إلى عمود مركزي بواسطة أصفاد جلدية سميكة عند رسغيه. كانت عيناه، تحت نظارة سميكة، تحدقان في ديمون بنظرة تجمع بين الترقب والأمل الشديد.
كان ليو.
"سيدي،" همس ليو، صوته كان ضعيفاً، بالكاد مسموعاً، مع أنفاس متقطعة. كانت آثار الكدمات الخفيفة وعلامات الاحمرار تظهر على جسده من جلسة سابقة أو استعداد قاسٍ.
"لقد اتصلتَ بي في وقت غير مناسب، ليو،" قال ديمون، صوته عميق وبارد، يحمل نبرة تأنيب واضحة. لم تكن هناك أي لمسة حنان، فقط السلطة النقية. "ألم نحدد وقتنا؟"
"أنا... أنا آسف يا سيدي،" قال ليو، وقد انحنى رأسه. "لم أستطع الانتظار. لقد كنتُ بحاجة إلى... التصحيح. لقد تجاوزت حدودي. كنتُ ضعيفاً."
تقدم ديمون بخطوات بطيئة ومتعمدة، يمرر أصابعه على الأدوات المعلقة على الجدران قبل أن يتوقف أمام ليو. نظر إليه من أعلى، ونظرته فاحصة، مقيّمة، لا تحمل أي عاطفة سوى السلطة.
"أنتَ تعلم قواعدنا، ليو،" قال ديمون، واقترب أكثر، حتى أصبح قريباً جداً من جسد ليو المقيد. "لا تتصل بي إلا في حالة طارئة حقيقية. وعدم قدرتك على التحكم في رغباتك ليس طارئاً. إنه ضعف."
"أعرف يا سيدي،" قال ليو بصوت متقطع، وقد ارتجف جسده قليلاً. "لكنني لم أكن أستطيع... كبح نفسي. لقد حاولتُ، لكنني فشلتُ. أحتاج لعقابك. أحتاج لسيطرتك."
مد ديمون يده، ولم يلمس ليو بل لمس الأصفاد التي تقيده، اختباراً لشدتها. "هل أنتَ مستعد لقبول عواقب تجاوز حدودك؟ هل أنتَ مستعد لأدائك؟"
"أنا مستعد، سيدي،" قال ليو، ورفع رأسه ببطء، وعيناه ثابتتان على ديمون، متوهجتان برغبة عميقة في الخضوع. "افعل بي ما تشاء. أنا ملكك بالكامل. ليس لديّ أي رغبة سوى إرضائك."
"جيد،" همس ديمون، وابتسامة خافتة، باردة، ارتسمت على شفتيه. "لنتأكد من أنك ستتذكر هذه الليلة جيداً، ليو. هذا ليس مجرد لعب، إنه طقس. وأنتَ كسرتَ القاعدة."
لم يقل ديمون شيئاً آخر. تحرك نحو لوحة جانبية، واختار سوطاً رفيعاً من الجلد الأسود، ذا مقبض مصقول. كان وزنه متوازناً في يده. عاد ليقف أمام ليو، الذي كان جسده ينتفض قليلاً، لكن عينيه ظلتا ثابتتين على ديمون، ملؤهما مزيج من الخوف والرغبة الشديدة في التطهير عبر الألم والخضوع.
"ستتعلم الانضباط، ليو،" قال ديمون بصوت منخفض، كل كلمة كانت أمراً. "ستتعلم متى تطلب، وكيف تطلب. وهذا الدرس سيبقى محفوراً في جسدك وفي روحك."
رفع ديمون السوط ببطء، ثم أنزله بحركة رشيقة، لم تكن بالقوة الكاملة، بل كانت محسوبة بدقة، تلامس ظهر ليو العاري. صدر أنين خافت من ليو، لكنه لم يتحرك. تبعتها ضربة أخرى، ثم ثالثة، كل منها كانت تحمل توقيع ديمون في التحكم المطلق، لا تهدف إلى التدمير، بل إلى التذكير، إلى إعادة ليو إلى مكانه الصحيح في هذه الديناميكية. مع كل ضربة، كانت أنفاس ليو تتسارع، وكانت عضلات ظهره تنقبض وتسترخي.
"هل تتذكر لماذا أنتَ هنا، ليو؟" سأل ديمون، وصوته لا يزال هادئاً، لكنه كان ثابتاً لا يتزعزع.
"لأنني... كسرتُ... قواعدك... يا سيدي،" تمتم ليو، كلماته تخرج بصعوبة بين الأنين.
"ومالذي كسرته؟"
"لقد اتصلتُ بك... عندما... لا يجب... أن أفعل،" أجاب ليو، وظهرت دموع خفيفة في عينيه من الألم الذي كان يتداخل مع نوع من الرضا.
"هذا صحيح،" قال ديمون، ومرر السوط بلطف على العلامات الحمراء التي بدأت تتشكل على ظهر ليو. "عدم الانضباط له ثمن. وأنتَ تدفع هذا الثمن الآن. هل تفهم ذلك؟"
"أفهم يا سيدي. أفهم. أرجوك... المزيد،" توسل ليو، وكانت عيناه تتوهجان رغبةً.
ابتسم ديمون ببرود مرة أخرى. "لم أنتهِ منك بعد، صغيري. لم تبدأ حتى بتعلم درسك الحقيقي." استمر ديمون في إيقاعه، كل ضربة كانت تعزز من سيطرته، وتعمق من خضوع ليو. كانت الغرفة تملأ بوشوشات ليو المتوسلة، وأنينه، وأنظاره الثابتة على ديمون، وكأن حياته كلها معلقة على كل حركة من حركات سيده. وعندما قرر ديمون أن الرسالة قد وصلت، وأن ليو قد خضع بالكامل، توقف عن الضرب.
"هل تتذكر الآن حدودك، ليو؟" سأل ديمون بصوت آمر.
"أجل... سيدي،" همس ليو، وكان جسده بالكاد يستطيع الوقوف، لكن عينيه كانتا تشعان بالرضا والخضوع التام. "أنا... أنا ملكك. أنا... خاضع."
تراجع ديمون خطوة للوراء، ووضع السوط على لوح خشبي مخصص. لم يترك ليو مقيداً طويلاً. اقترب منه، وفك الأصفاد عن رسغيه بلمسة سريعة وهادئة. سقط ليو على ركبتيه فوراً، وهو يلهث، لكنه لم يرفع عينيه عن ديمون.
"انهض، ليو،" أمر ديمون.
نهض ليو ببطء، وكان جسده يهتز قليلاً من الإرهاق والألم. مد ديمون يده إلى منضدة قريبة، وسحب منها منشفة رطبة وباردة. بدأ يمسح بها بلطف العلامات الحمراء على ظهر ليو، حركة كانت دقيقة ومحسوبة، لا تحمل حناناً بقدر ما تحمل مسؤولية المسيطر عن الخاضع. كان ليو يتنفس بصعوبة، لكنه ارتخى قليلاً تحت لمسات ديمون، عيناه مغمضتان في استسلام.
"تذكر هذا الشعور، ليو،" قال ديمون بصوت خفيض، "هذا هو ثمن عدم الانضباط. ولكن هذا أيضاً هو طريقك إلى السيطرة المطلقة التي تسعى إليها. فهمت؟"
"أفهم يا سيدي،" تمتم ليو، وعيناه لا تزالان مغلقتين. "لن أكرر الخطأ."
ابتعد ديمون، وأشار إلى مقعد مريح في زاوية الغرفة. "اذهب واجلس. ارتدِ ملابسك. وادرس جدولنا القادم. لن يكون هناك المزيد من التجاوزات."
أومأ ليو، وتوجه نحو المقعد، ثم بدأ يرتدي ملابسه التي كانت مطوية بعناية. كان هادئاً الآن، ومستسلماً، وقد وصل إلى حالة "الراحة" التي كان يسعى إليها عبر الخضوع.
عاد ديمون من حيث أتى، تاركاً ليو في مساحته المخصصة. وفي مكان آخر، في قصر ديمون الشاسع، بدأ دومينيك يستيقظ.
استيقظ دومينيك ببطء، يشعر وكأن جسده ما زال يتأرجح على قمة موجة من اللذة. كانت رائحة ديمون، مزيج المسك وخشب الصندل، تملأ أنفه، مريحة ومُطمئنة، حتى فتح عينيه. الغرفة كانت غارقة في ضوء الصباح الذهبي الخافت، لكن السرير الشاسع بدا أكبر وأكثر برودة.
مد يده لا إرادياً إلى جانبه، لكنه لم يجد سوى المساحة الباردة التي كانت تشغلها جسد ديمون القوي. لم يكن ديمون هناك. شعر بوخزة مفاجئة من الوحدة. نهض ببطء، وهو يفرك عينيه، ولا يزال طوق الجلد الأسود حول عنقه يلامس بشرته، تذكيرًا ماديًا بأحداث الليلة الماضية التي تمازجت فيها اللذة مع الخضوع.
نظر حوله، كانت الغرفة هادئة جداً، صمت عميق لا يكسره سوى نبضات قلبه. لفت انتباهه وجود شيء على الوسادة بجانبه. كانت ورقة بيضاء صغيرة مطوية بعناية. شعر بقبضة خفيفة في معدته، بينما سحبها. كان خط ديمون الأنيق يملأ الورقة بكلمات مقتضبة:
"صغيري،
اضطررت للمغادرة بشكل غير متوقع لأمر عاجل. ابقَ في القصر. لا تغادره. سأعود.
- ديمون"
شدّ دومينيك الورقة في يده. كلمة "اضطررت" كانت الوحيدة التي رنت في ذهنه، إلى جانب الأمر "لا تغادره". لم يكن مجرد غياب، بل كان غياباً فرض عليه البقاء. بدأ يتجول في الغرفة، يشعر بضيق غريب. كان القصر الفخم، الذي بدا بالأمس ملاذاً وفردوساً، يبدو الآن كقفص ذهبي. كل قطعة فنية، كل قطعة أثاث باهظة الثمن، كانت تصرخ باسم ديمون، وتذكّره بقوته المطلقة وغيابه المفاجئ.
لم يكن يعرف ماذا يفعل. هل يأكل؟ هل يستحم؟ هل ينتظر؟ كان يشعر وكأنه طفل ضائع، ينتظر تعليمات من والده الغائب. انكمش على نفسه قليلاً، يده تلامس الطوق حول عنقه. كان هذا الطوق بالأمس رمزاً للذة والملكية، أما الآن فقد أصبح رمزاً للاحتجاز، لتذكير بأن حريته لم تعد ملكه بالكامل. بدأ يتساءل بعمق أكبر حول هذا "الأمر العاجل" الذي أجبر ديمون على المغادرة بتلك السرعة.
لطالما كان ليو صديقه المقرب، زميله في الجامعة وشريكه في جلسات الدراسة المتأخرة، وحتى في أحلامهما الجامعية البسيطة. لم يكن ليو مهتماً بالأعمال التجارية أو بالمشكلات المعقدة التي قد تتطلب تدخل شخص مثل ديمون. كان ليو مجرد طالب مثله، يركز على دراسته وحياته البسيطة. تساءل دومينيك عما إذا كان ليو سيتفهم وضعه الحالي، أو إذا كان سيحكم عليه.
مرت الساعات ثقيلة. حاول دومينيك أن يكسر عزلة القصر بالتحرك. استحم بماء دافئ، وارتدى بعضاً من الملابس التي تركها ديمون له في الخزانة بالأمس. شعر بلمسة الحرير الفاخر على بشرته، لكنها لم تمنحه الراحة. نزل إلى غرف المعيشة الواسعة، حيث كانت أشعة الشمس الذهبية تتسرب عبر النوافذ، تضيء الغبار المتراقص في الهواء. كان المكان جميلاً، لكنه كان صامتاً. لا خدم، لا حراس مرئيين، فقط صدى خطواته على الأرضيات الرخامية.
فكر في مغادرة القصر. مجرد المشي نحو البوابة. لكن صورته لديمون، كلماته الحادة، ونبرته الآمرة، كلها ارتسمت في ذهنه بوضوح. عرف أنه لو غادر، فإن العواقب ستكون أسوأ من أي شعور بالضيق يواجهه الآن. كان الأمر غريباً، كيف أن مجرد بضع ساعات قد حولت شعوره بالحرية إلى شعور بالالتزام، بالملكية التي كانت تزداد ثقلاً.
دخل المطبخ الكبير، ليجد ثلاجة ممتلئة وبعض الأطباق المغطاة. تناول بعض الفاكهة الطازجة والجبن، يشعر وكأن كل شيء متاح، لكنه لا ينتمي إليه حقاً. كان يرتشف عصير البرتقال، بينما كانت عيناه تتجولان في المساحة الضخمة حوله. كان المنزل يعج بالثروة، لكنه يفتقر إلى الحياة.
عاد إلى جناح ديمون، إلى حيث كانت رائحته لا تزال عالقة بقوة أكبر. جلس على حافة السرير، وتمدد ليلمس الوسادة التي كانت تحمل رأس ديمون. تذكر لمسات ديمون القوية، كلماته الهامسة، وكيف وصل إلى ذروته بين يديه. كان الألم في غياب ديمون شديداً، مزيجاً من الفراغ والرغبة الملحة في عودته.
عندما بدأت الشمس تميل نحو الغروب، وتصبغ السماء بظلال برتقالية وحمراء فوق المدينة، عادت سيارة ديمون السوداء لتشُق طريقها بصمت نحو القصر. أوقفها في نفس المكان الذي غادر منه. نزل من السيارة، وقد استعاد رباطة جأشه الكاملة، وبدت عليه هالة السيطرة المطلقة التي يعرفها دومينيك جيداً. كان مظهره هادئاً، خالياً من أي أثر للحدة التي أظهرها مع ليو.
دخل القصر، وعبر البهو الفخم، وهو يزيل سترته الجلدية السوداء. لم تكن هناك حاجة للبحث عن دومينيك. كانت رائحة دومينيك الخفيفة، ممزوجة برائحة الفاكهة الطازجة التي تناولها، تملأ الهواء. سمع ديمون صوتاً خافتاً قادماً من الطابق العلوي، من جهة جناحه الخاص.
صعد ديمون السلالم بخطوات هادئة، يراقب كل شيء من حوله. عندما وصل إلى جناح نومه، وجد دومينيك جالساً على حافة السرير، يحدق في الفراغ، يده تلمس الطوق حول عنقه، وبدت عليه آثار الساعات الطويلة من الانتظار والوحدة. كان دومينيك يرتدي القميص الأسود والسروال القماشي اللذين اختارهما ديمون له.
رفع دومينيك رأسه عندما شعر بوجود ديمون. اتسعت عيناه، وظهرت فيهما مزيج من الارتياح والترقب والخضوع. كان ديمون واقفاً في المدخل، يراقبه بنظرة هادئة، لكنها كانت عميقة، وكأنما يقرأ كل أفكار دومينيك.
"أهلاً بك في عالمي، صغيري،" همس ديمون، وصوته يملأ الفراغ. لم يكن صوته يحمل أي أثر للتوتر الذي لازمه منذ الصباح. كان هادئاً، واثقاً، تماماً كما كان عندما استيقظ دومينيك بجانبه في الصباح.
نهض دومينيك ببطء، وتقدم خطوة إلى الأمام، ثم توقف، وكأنما ينتظر الإذن. "سيدي... لقد عدتَ." كانت كلماته تحمل سؤالاً أكثر من كونها مجرد ملاحظة. "أين كنتَ؟"
خطا ديمون خطوة نحو دومينيك، ورفع يده ليمررها بلطف على شعر دومينيك، ثم على الطوق حول عنقه. كانت لمسته خفيفة، لكنها كانت محملة بالسيطرة. "الأسئلة يا صغيري، يجب أن تُطرح في وقتها المناسب، وبعد إذن. لكنني سأعلمك درساً مهماً الآن."
أومأ دومينيك، وعيناه مثبتتان على ديمون، مستعداً لتلقي أي تعليمات.
"اسمعني جيداً، دومينيك،" قال ديمون، صوته أصبح أكثر حدة، لكنه كان ما زال هادئاً. "في عالمي هذا، وفي علاقتنا هذه، هناك عواقب ومكافآت. هذا نظام. الطاعة الكاملة لي، الخضوع لرغباتي، إرضائي بكل طريقة أطلبها، هذه كلها ستُكافأ بسخاء."
توقف ديمون للحظة، ونظر إلى عيني دومينيك مباشرة. "المكافآت يمكن أن تكون لذة جسدية لا توصف، تفوق كل ما خبرته بالأمس، أنواع جديدة من المتعة التي لم تتخيلها قط، أو امتيازات خاصة؛ كالسماح لك بالنوم بجانبي كل ليلة، أو الوصول إلى أي جانب من جوانب قصري تريده، أو حتى هدايا فاخرة تعكس قيمتك بالنسبة لي. ولكن أثمنها على الإطلاق، هو موافقتي ورضائي الكاملين، كلمتي 'أحسنت' أو 'أنتَ جيد'، ستكون مكافأتك الأغلى."
ارتعش جسد دومينيك بوضوح مع كل كلمة، عيناه تلمعان رغبةً. صدر منه تنهيدة خافتة، وأصبحت أنفاسه سريعة وهو يتخيل هذه المكافآت.
"أما عدم الانضباط،" تابع ديمون، ونبرته أصبحت أعمق، أكثر تهديداً، "التساؤل المبالغ فيه عن سلطتي، محاولة اختراق حدودي، عصيان أوامري، أو إظهار أي شكل من أشكال التردد في خضوعك، فهذه كلها ستُعاقب بصرامة. العقوبات يمكن أن تكون حرماناً من اللذة أو الراحة، كأن تُجبر على قضاء ساعات طويلة على ركبتيك حتى تتألم عضلاتك، أو عزلة مطولة في جزء بعيد من القصر حيث لا يصلك صوتي أو اهتمامي. ويمكن أن تتضمن أيضاً تمارين تصحيحية جسدية، كاستخدام سوط خفيف لتعليمك الانضباط، أو وضع المشابك الحسية لتذكيرك بمكانك. والأكثر قسوة، هو سحب اهتمامي ورضائي عنك، تجاهلك تماماً وكأنك غير موجود، وهذا أسوأ عقاب على الإطلاق."
مع كل نوع من العقوبات التي ذكرها ديمون، كان دومينيك يرتشف نفساً حادة، وتنقبض عضلات بطنه، وتتسع عيناه بلمعة من الخوف الممزوج بفضول غريب. عند ذكر السوط والمشابك، تصلب جسده قليلاً، وظهر على شفتيه ارتعاش خفيف، وكأنما يتذوق الطعم المر للألم المتوقع. صدر منه أنين مكتوم بالكاد مسموع، مزيجاً من الرهبة والإثارة.
"لستَ بحاجة إلى معرفة أين أذهب أو لماذا. أنتَ بحاجة إلى معرفة أنني أعود. أنتَ بحاجة إلى معرفة أنني المسيطر. هذا درسك الأول بعد استيقاظك بمفردك."
لم ينتهِ ديمون عند هذا الحد. بعد أن انتهى من شرحه، خطا خطوة أخرى نحو دومينيك. كانت عيناه تحملان تركيزاً شديداً، وقبضته على طوق دومينيك أصبحت أكثر إحكاماً. "لقد سألتَ سؤالاً كان يجب أن تنتظر إذني لطرحه، دومينيك. وهذا يتطلب تذكيراً."
اتسعت عينا دومينيك، وفهم ما كان سيحدث. ابتلع ريقه بصعوبة، وشعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري. لم يكن هناك وقت للتردد.
"انحنِ،" أمر ديمون، صوته منخفض وحازم.
ارتعش دومينيك لحظة، ثم انحنى فوراً، ووضع يديه على ركبتيه، وظهره مقوساً قليلاً، معطياً ديمون وصولاً سهلاً إلى مؤخرته المغطاة بالسروال القماشي. كان ينتظر، قلبه يدق بعنف، مزيج من الخوف والترقب.
لم يضيع ديمون أي وقت. مد يده اليمنى، وسحب مؤخرة دومينيك قليلاً، ثم صفعها ثلاث صفعات قوية ومحسوبة بكفه المفتوح. كانت الضربات حادة، لكنها لم تكن قاسية بشكل مؤذٍ، بل كانت مصممة لإحداث صدمة حسية وتذكير بالحدود. مع كل صفعة، كان هناك صوت جلدي مميز يملأ الغرفة الهادئة.
مع الصفعة الأولى، صدر من دومينيك شهقة مفاجئة، وتصلب جسده بالكامل. مع الثانية، أطلق أنيناً خافتاً، بينما اندفعت الحرارة إلى مؤخرته. ومع الثالثة، همس بكلمة "سيدي!" بصوت لاهث، وكأنما استسلم لتلك السيطرة غير المتوقعة. رفع ديمون يده، وبدت على وجهه ملامح الرضا الهادئ.
"هذه تذكرة بسيطة،" قال ديمون، وصوته عاد ليكون ناعماً كالحرير، لكنه كان يحمل الآن ثقلاً جديداً. "عندما أقول 'لا تسأل'، فإنك لا تسأل. فهمتَ؟"
شعر دومينيك بوجع خفيف في مؤخرته، لكنه كان مخلوطاً بحرارة غريبة، ونشوة خفيفة من الاستسلام التام. كان يتنفس بصعوبة، جسده ما زال يرتعش قليلاً. "أفهم... سيدي،" قال، بصوت أجش بالكاد مسموع، كان يتدلى رأسه، غير قادر على النظر إلى ديمون، لكنه يشعر بوجوده فوقه، ويشعر بالامتثال العميق يغمره.
راقب ديمون دومينيك بعناية، يرى الارتعاش الخفيف في جسده، ويرى الانكسار في عينيه الذي حل محل التساؤل السابق. أومأ برضا، ثم مد يده ليقبض على ذقن دومينيك، ويرفعه بلطف حتى تتقابل عيناهما. كانت عينا ديمون ثابتتين، لا تحملان غضباً، بل سلطة مطلقة ورضا عن طاعة دومينيك.
"جيد، صغيري،" همس ديمون، وكانت تلك الكلمة وحدها مكافأة. "أنتَ تتعلم بسرعة." لم يكن هناك أي شك في صوته؛ دومينيك قد اجتاز الاختبار الأول بنجاح، وارتفع مستوى الخضوع بينهما.
في تلك اللحظة، ومع اقتراب ديمون أكثر، تسللت رائحة خفيفة ومختلفة إلى أنف دومينيك. لم تكن رائحة ديمون المألوفة، مزيج المسك وخشب الصندل، بل كانت هناك لمسة أخرى، غريبة بعض الشيء، حادة، تشبه رائحة الجلد النظيف ممزوجة برائحة معدنية خفيفة، كأنها رائحة توتر أو جهد جسدي لم يكن له علاقة بهم. لم تكن قوية، لكنها كانت موجودة، كافية لكي يلاحظها دومينيك الذي كان يتوق لكل تفصيل من ديمون.
تقلص قلب دومينيك فجأة. انكمش حاجباه، ولمع في عينيه وميض من عدم اليقين. لم يكن يعرف ما هي هذه الرائحة، لكنها كانت غريبة، ومختلفة. بدأت بذرة صغيرة من الريبة تنمو في أعماقه، سؤال صامت يتسلل إلى وعيه: هل هناك آخرون في حياة ديمون؟
سحب ديمون يده من ذقن دومينيك، ثم تحرك نحو الخزانة، يسحب منها روب حمام فاخراً من الحرير. "الآن، صغيري، استحم وتخلص من توتر اليوم. سأطلب العشاء في غرفتي. عندما تنتهي، انتظرني هنا. لديك الكثير لتتعلمه، وهذا مجرد البداية."
أومأ دومينيك بصمت، لا يزال قلبه ينبض بقوة من العقاب الأخير، وعقله يتصارع مع الرائحة الغريبة. نظر إلى ديمون وهو يتجه نحو باب الجناح، يدرك أن كل كلمة وكل فعل من ديمون كان أمراً، وأن عالمه الجديد قد بدأ للتو، حافلاً باللذة والألم، والأسئلة غير المريحة.
مرت بقية ذلك اليوم في هدوء غريب. بعد أن غادر ديمون الجناح، أطاع دومينيك أمره، واستحم، ثم ارتدى ملابس نوم مريحة كانت قد وضعت له. العشاء وصل في غضون ساعة، كان فاخراً ومعداً بعناية، لكنه تناوله بمفرده في صمت الغرفة الواسعة. لم يظهر ديمون مرة أخرى تلك الليلة. قضى دومينيك الساعات المتبقية في التجول بين غرفة النوم والصالة الملحقة بها، يشعر بثقل الطوق حول عنقه، تارة كذكرى للذة، وتارة أخرى كتذكير بالسيطرة المحكمة. كان ينتظر، يراقب عقارب الساعة، ويفكر في الكلمات التي قالها ديمون، محاولاً فهم القواعد الجديدة لعلاقتهما. نام أخيراً، منهكاً من التفكير، وفي أحلامه تداخلت صور ديمون القوية مع شعور بالريبة تجاه الرائحة الغريبة التي استشعرها.
في صباح اليوم التالي، استيقظ دومينيك على صوت رنين هاتفه الخافت. كانت الشمس قد بدأت ترسل خيوطها الذهبية عبر النوافذ، لكن ثقل أحداث الأمس ما زال يلفه. مد يده نحو هاتفه على الطاولة الجانبية، فوجد رسالة نصية من ليو.
ليو: "دومينيك! هل أنت بخير؟ لم أرك منذ أيام. هل يمكن أن نلتقي اليوم؟ نحتاج إلى مراجعة لمادة الاقتصاد، وأنا ضائع تماماً بدونك. ربما نتناول قهوة في المقهى المعتاد؟"
ارتعش جسد دومينيك للحظة. ليو. صديقه الوحيد في الجامعة. هذه الرسالة كانت بمثابة طوق نجاة من عزلة القصر، وفرصة لنسيان الأمس قليلاً. كتب رداً مقتضباً: "أنا بخير. سأقابلك هناك في غضون ساعة."
بعد استحمام سريع وارتداء ملابس عادية من تلك التي تركها ديمون له، نزل دومينيك من القصر، وهو يراقب حوله بتوتر خفيف. لم يلاحظ أي حراس أو عوائق. كان ديمون قد أمره بالبقاء في القصر، لكنه لم يمنعه صراحة من المغادرة. كان يتساءل عما إذا كان هذا اختباراً آخر.
وصل إلى المقهى المعتاد. كان ليو جالساً بالفعل على طاولتهم المفضلة في الزاوية، يحدق في كتاب الاقتصاد الخاص به بنظرة يائسة. رفع ليو رأسه عندما رأى دومينيك، وابتسامة واسعة أشرقت على وجهه.
"دومينيك! يا إلهي، أين كنتَ؟ لقد قلقتُ عليك!" قال ليو، ونهض ليعانق دومينيك عناقاً خفيفاً. كان عناقاً ودياً، يملأه ارتياح رؤية صديق مألوف.
"أنا بخير،" أجاب دومينيك، محاولاً إخفاء أي أثر للتوتر. "لقد كنتُ مشغولاً قليلاً."
بينما جلسا، لاحظ دومينيك. عندما رفع ليو يده ليدفع نظارته على أنفه، لمح دومينيك بقعة حمراء باهتة على معصم ليو، كأنها أثر لاحتكاك أو ضغط عنيف. ثم، عندما مال ليو ليأخذ رشفة من قهوته، انكشف جزء من رقبته، حيث رأى دومينيك بسرعة خاطفة ما يشبه علامة بنفسجية خفيفة، تكاد تكون كدمة صغيرة أو أثر احتكاك قاسٍ جدًا.
اتسعت عينا دومينيك. علامات كهذه لم تكن عادية بالنسبة لليو. "ليو، ما هذا؟" سأل دومينيك، صوته يحمل قلقاً حقيقياً، ومد يده نحو معصم ليو دون وعي. "ما هذه العلامات على معصمك ورقبتك؟ هل تعرضت لحادث؟"
تصلب جسد ليو للحظة، ثم سحب يده بسرعة، ومررها على رقبته، وكأنه يحاول تغطية العلامات. ابتسم ابتسامة باهتة. "أوه، لا شيء يا دومينيك. مجرد... مجرد ليلة صعبة. لا تقلق بشأنها." بدا عليه التهرب. "هيا، فلنراجع الاقتصاد. أنا حقاً أحتاج لمساعدتك."
لم يقتنع دومينيك بإجابة ليو. "ليلة صعبة؟" كرر، وعيناه لا تزالان ثابتتين على ليو، محاولاً قراءة ما وراء تلك الابتسامة المتوترة. "هل أنت متأكد أنك بخير؟ تبدو... متعباً. وهذه العلامات..."
"أنا بخير، حقاً!" قاطعه ليو، بنبرة أكثر حزماً هذه المرة، محاولاً أن يبدو طبيعياً. "لا تقلق. إنها مجرد خدوش طفيفة. ربما كنتُ... غير منتبه. هيا، الاقتصاد ينتظر." دفع ليو كتاب الاقتصاد نحو دومينيك، محاولاً يائساً تغيير مسار المحادثة.
أومأ دومينيك ببطء، رغم أن عقله كان يتساءل. كانت العلامات واضحة، ولم تكن تبدو مجرد "خدوش طفيفة" كما قال ليو. لم تكن إجابة ليو مقنعة تماماً، وشعر دومينيك ببعض القلق على صديقه. لكن ليو كان بالفعل يقلّب صفحات كتاب الاقتصاد، فقرر دومينيك أن يترك الأمر جانباً في الوقت الحالي، ويعود لتركيزه على الدراسة.
يتبع ......
اذا اعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
في غضون دقائق، كان ديمون في سيارته السوداء الفاخرة، التي انطلقت بصمت مخيف عبر شوارع المدينة الساكنة. لم يتجه نحو أي مكان عام، بل قاد السيارة بنفسه إلى ملكية خاصة بعيدة عن الأنظار، تحتوي على مبنى صغير منفصل، مصمم بخصوصية تامة. توقفت السيارة أمام باب فولاذي غير معلم، انزلق بصمت ليكشف عن ممر مظلم يؤدي إلى غرفة واسعة، معزولة تماماً عن العالم الخارجي. كانت هذه هي مساحته المخصصة للـ "لعب".
كانت الغرفة مضاءة بشكل خافت، بجدران داكنة وأرضية نظيفة. كانت تحتوي على أدوات وأجهزة مصممة لغرض واحد فقط. في مركز الغرفة، كان يقف شاب ذو شعر أشعث، عارياً من الأعلى، ومقيداً بإحكام إلى عمود مركزي بواسطة أصفاد جلدية سميكة عند رسغيه. كانت عيناه، تحت نظارة سميكة، تحدقان في ديمون بنظرة تجمع بين الترقب والأمل الشديد.
كان ليو.
"سيدي،" همس ليو، صوته كان ضعيفاً، بالكاد مسموعاً، مع أنفاس متقطعة. كانت آثار الكدمات الخفيفة وعلامات الاحمرار تظهر على جسده من جلسة سابقة أو استعداد قاسٍ.
"لقد اتصلتَ بي في وقت غير مناسب، ليو،" قال ديمون، صوته عميق وبارد، يحمل نبرة تأنيب واضحة. لم تكن هناك أي لمسة حنان، فقط السلطة النقية. "ألم نحدد وقتنا؟"
"أنا... أنا آسف يا سيدي،" قال ليو، وقد انحنى رأسه. "لم أستطع الانتظار. لقد كنتُ بحاجة إلى... التصحيح. لقد تجاوزت حدودي. كنتُ ضعيفاً."
تقدم ديمون بخطوات بطيئة ومتعمدة، يمرر أصابعه على الأدوات المعلقة على الجدران قبل أن يتوقف أمام ليو. نظر إليه من أعلى، ونظرته فاحصة، مقيّمة، لا تحمل أي عاطفة سوى السلطة.
"أنتَ تعلم قواعدنا، ليو،" قال ديمون، واقترب أكثر، حتى أصبح قريباً جداً من جسد ليو المقيد. "لا تتصل بي إلا في حالة طارئة حقيقية. وعدم قدرتك على التحكم في رغباتك ليس طارئاً. إنه ضعف."
"أعرف يا سيدي،" قال ليو بصوت متقطع، وقد ارتجف جسده قليلاً. "لكنني لم أكن أستطيع... كبح نفسي. لقد حاولتُ، لكنني فشلتُ. أحتاج لعقابك. أحتاج لسيطرتك."
مد ديمون يده، ولم يلمس ليو بل لمس الأصفاد التي تقيده، اختباراً لشدتها. "هل أنتَ مستعد لقبول عواقب تجاوز حدودك؟ هل أنتَ مستعد لأدائك؟"
"أنا مستعد، سيدي،" قال ليو، ورفع رأسه ببطء، وعيناه ثابتتان على ديمون، متوهجتان برغبة عميقة في الخضوع. "افعل بي ما تشاء. أنا ملكك بالكامل. ليس لديّ أي رغبة سوى إرضائك."
"جيد،" همس ديمون، وابتسامة خافتة، باردة، ارتسمت على شفتيه. "لنتأكد من أنك ستتذكر هذه الليلة جيداً، ليو. هذا ليس مجرد لعب، إنه طقس. وأنتَ كسرتَ القاعدة."
لم يقل ديمون شيئاً آخر. تحرك نحو لوحة جانبية، واختار سوطاً رفيعاً من الجلد الأسود، ذا مقبض مصقول. كان وزنه متوازناً في يده. عاد ليقف أمام ليو، الذي كان جسده ينتفض قليلاً، لكن عينيه ظلتا ثابتتين على ديمون، ملؤهما مزيج من الخوف والرغبة الشديدة في التطهير عبر الألم والخضوع.
"ستتعلم الانضباط، ليو،" قال ديمون بصوت منخفض، كل كلمة كانت أمراً. "ستتعلم متى تطلب، وكيف تطلب. وهذا الدرس سيبقى محفوراً في جسدك وفي روحك."
رفع ديمون السوط ببطء، ثم أنزله بحركة رشيقة، لم تكن بالقوة الكاملة، بل كانت محسوبة بدقة، تلامس ظهر ليو العاري. صدر أنين خافت من ليو، لكنه لم يتحرك. تبعتها ضربة أخرى، ثم ثالثة، كل منها كانت تحمل توقيع ديمون في التحكم المطلق، لا تهدف إلى التدمير، بل إلى التذكير، إلى إعادة ليو إلى مكانه الصحيح في هذه الديناميكية. مع كل ضربة، كانت أنفاس ليو تتسارع، وكانت عضلات ظهره تنقبض وتسترخي.
"هل تتذكر لماذا أنتَ هنا، ليو؟" سأل ديمون، وصوته لا يزال هادئاً، لكنه كان ثابتاً لا يتزعزع.
"لأنني... كسرتُ... قواعدك... يا سيدي،" تمتم ليو، كلماته تخرج بصعوبة بين الأنين.
"ومالذي كسرته؟"
"لقد اتصلتُ بك... عندما... لا يجب... أن أفعل،" أجاب ليو، وظهرت دموع خفيفة في عينيه من الألم الذي كان يتداخل مع نوع من الرضا.
"هذا صحيح،" قال ديمون، ومرر السوط بلطف على العلامات الحمراء التي بدأت تتشكل على ظهر ليو. "عدم الانضباط له ثمن. وأنتَ تدفع هذا الثمن الآن. هل تفهم ذلك؟"
"أفهم يا سيدي. أفهم. أرجوك... المزيد،" توسل ليو، وكانت عيناه تتوهجان رغبةً.
ابتسم ديمون ببرود مرة أخرى. "لم أنتهِ منك بعد، صغيري. لم تبدأ حتى بتعلم درسك الحقيقي." استمر ديمون في إيقاعه، كل ضربة كانت تعزز من سيطرته، وتعمق من خضوع ليو. كانت الغرفة تملأ بوشوشات ليو المتوسلة، وأنينه، وأنظاره الثابتة على ديمون، وكأن حياته كلها معلقة على كل حركة من حركات سيده. وعندما قرر ديمون أن الرسالة قد وصلت، وأن ليو قد خضع بالكامل، توقف عن الضرب.
"هل تتذكر الآن حدودك، ليو؟" سأل ديمون بصوت آمر.
"أجل... سيدي،" همس ليو، وكان جسده بالكاد يستطيع الوقوف، لكن عينيه كانتا تشعان بالرضا والخضوع التام. "أنا... أنا ملكك. أنا... خاضع."
تراجع ديمون خطوة للوراء، ووضع السوط على لوح خشبي مخصص. لم يترك ليو مقيداً طويلاً. اقترب منه، وفك الأصفاد عن رسغيه بلمسة سريعة وهادئة. سقط ليو على ركبتيه فوراً، وهو يلهث، لكنه لم يرفع عينيه عن ديمون.
"انهض، ليو،" أمر ديمون.
نهض ليو ببطء، وكان جسده يهتز قليلاً من الإرهاق والألم. مد ديمون يده إلى منضدة قريبة، وسحب منها منشفة رطبة وباردة. بدأ يمسح بها بلطف العلامات الحمراء على ظهر ليو، حركة كانت دقيقة ومحسوبة، لا تحمل حناناً بقدر ما تحمل مسؤولية المسيطر عن الخاضع. كان ليو يتنفس بصعوبة، لكنه ارتخى قليلاً تحت لمسات ديمون، عيناه مغمضتان في استسلام.
"تذكر هذا الشعور، ليو،" قال ديمون بصوت خفيض، "هذا هو ثمن عدم الانضباط. ولكن هذا أيضاً هو طريقك إلى السيطرة المطلقة التي تسعى إليها. فهمت؟"
"أفهم يا سيدي،" تمتم ليو، وعيناه لا تزالان مغلقتين. "لن أكرر الخطأ."
ابتعد ديمون، وأشار إلى مقعد مريح في زاوية الغرفة. "اذهب واجلس. ارتدِ ملابسك. وادرس جدولنا القادم. لن يكون هناك المزيد من التجاوزات."
أومأ ليو، وتوجه نحو المقعد، ثم بدأ يرتدي ملابسه التي كانت مطوية بعناية. كان هادئاً الآن، ومستسلماً، وقد وصل إلى حالة "الراحة" التي كان يسعى إليها عبر الخضوع.
عاد ديمون من حيث أتى، تاركاً ليو في مساحته المخصصة. وفي مكان آخر، في قصر ديمون الشاسع، بدأ دومينيك يستيقظ.
استيقظ دومينيك ببطء، يشعر وكأن جسده ما زال يتأرجح على قمة موجة من اللذة. كانت رائحة ديمون، مزيج المسك وخشب الصندل، تملأ أنفه، مريحة ومُطمئنة، حتى فتح عينيه. الغرفة كانت غارقة في ضوء الصباح الذهبي الخافت، لكن السرير الشاسع بدا أكبر وأكثر برودة.
مد يده لا إرادياً إلى جانبه، لكنه لم يجد سوى المساحة الباردة التي كانت تشغلها جسد ديمون القوي. لم يكن ديمون هناك. شعر بوخزة مفاجئة من الوحدة. نهض ببطء، وهو يفرك عينيه، ولا يزال طوق الجلد الأسود حول عنقه يلامس بشرته، تذكيرًا ماديًا بأحداث الليلة الماضية التي تمازجت فيها اللذة مع الخضوع.
نظر حوله، كانت الغرفة هادئة جداً، صمت عميق لا يكسره سوى نبضات قلبه. لفت انتباهه وجود شيء على الوسادة بجانبه. كانت ورقة بيضاء صغيرة مطوية بعناية. شعر بقبضة خفيفة في معدته، بينما سحبها. كان خط ديمون الأنيق يملأ الورقة بكلمات مقتضبة:
"صغيري،
اضطررت للمغادرة بشكل غير متوقع لأمر عاجل. ابقَ في القصر. لا تغادره. سأعود.
- ديمون"
شدّ دومينيك الورقة في يده. كلمة "اضطررت" كانت الوحيدة التي رنت في ذهنه، إلى جانب الأمر "لا تغادره". لم يكن مجرد غياب، بل كان غياباً فرض عليه البقاء. بدأ يتجول في الغرفة، يشعر بضيق غريب. كان القصر الفخم، الذي بدا بالأمس ملاذاً وفردوساً، يبدو الآن كقفص ذهبي. كل قطعة فنية، كل قطعة أثاث باهظة الثمن، كانت تصرخ باسم ديمون، وتذكّره بقوته المطلقة وغيابه المفاجئ.
لم يكن يعرف ماذا يفعل. هل يأكل؟ هل يستحم؟ هل ينتظر؟ كان يشعر وكأنه طفل ضائع، ينتظر تعليمات من والده الغائب. انكمش على نفسه قليلاً، يده تلامس الطوق حول عنقه. كان هذا الطوق بالأمس رمزاً للذة والملكية، أما الآن فقد أصبح رمزاً للاحتجاز، لتذكير بأن حريته لم تعد ملكه بالكامل. بدأ يتساءل بعمق أكبر حول هذا "الأمر العاجل" الذي أجبر ديمون على المغادرة بتلك السرعة.
لطالما كان ليو صديقه المقرب، زميله في الجامعة وشريكه في جلسات الدراسة المتأخرة، وحتى في أحلامهما الجامعية البسيطة. لم يكن ليو مهتماً بالأعمال التجارية أو بالمشكلات المعقدة التي قد تتطلب تدخل شخص مثل ديمون. كان ليو مجرد طالب مثله، يركز على دراسته وحياته البسيطة. تساءل دومينيك عما إذا كان ليو سيتفهم وضعه الحالي، أو إذا كان سيحكم عليه.
مرت الساعات ثقيلة. حاول دومينيك أن يكسر عزلة القصر بالتحرك. استحم بماء دافئ، وارتدى بعضاً من الملابس التي تركها ديمون له في الخزانة بالأمس. شعر بلمسة الحرير الفاخر على بشرته، لكنها لم تمنحه الراحة. نزل إلى غرف المعيشة الواسعة، حيث كانت أشعة الشمس الذهبية تتسرب عبر النوافذ، تضيء الغبار المتراقص في الهواء. كان المكان جميلاً، لكنه كان صامتاً. لا خدم، لا حراس مرئيين، فقط صدى خطواته على الأرضيات الرخامية.
فكر في مغادرة القصر. مجرد المشي نحو البوابة. لكن صورته لديمون، كلماته الحادة، ونبرته الآمرة، كلها ارتسمت في ذهنه بوضوح. عرف أنه لو غادر، فإن العواقب ستكون أسوأ من أي شعور بالضيق يواجهه الآن. كان الأمر غريباً، كيف أن مجرد بضع ساعات قد حولت شعوره بالحرية إلى شعور بالالتزام، بالملكية التي كانت تزداد ثقلاً.
دخل المطبخ الكبير، ليجد ثلاجة ممتلئة وبعض الأطباق المغطاة. تناول بعض الفاكهة الطازجة والجبن، يشعر وكأن كل شيء متاح، لكنه لا ينتمي إليه حقاً. كان يرتشف عصير البرتقال، بينما كانت عيناه تتجولان في المساحة الضخمة حوله. كان المنزل يعج بالثروة، لكنه يفتقر إلى الحياة.
عاد إلى جناح ديمون، إلى حيث كانت رائحته لا تزال عالقة بقوة أكبر. جلس على حافة السرير، وتمدد ليلمس الوسادة التي كانت تحمل رأس ديمون. تذكر لمسات ديمون القوية، كلماته الهامسة، وكيف وصل إلى ذروته بين يديه. كان الألم في غياب ديمون شديداً، مزيجاً من الفراغ والرغبة الملحة في عودته.
عندما بدأت الشمس تميل نحو الغروب، وتصبغ السماء بظلال برتقالية وحمراء فوق المدينة، عادت سيارة ديمون السوداء لتشُق طريقها بصمت نحو القصر. أوقفها في نفس المكان الذي غادر منه. نزل من السيارة، وقد استعاد رباطة جأشه الكاملة، وبدت عليه هالة السيطرة المطلقة التي يعرفها دومينيك جيداً. كان مظهره هادئاً، خالياً من أي أثر للحدة التي أظهرها مع ليو.
دخل القصر، وعبر البهو الفخم، وهو يزيل سترته الجلدية السوداء. لم تكن هناك حاجة للبحث عن دومينيك. كانت رائحة دومينيك الخفيفة، ممزوجة برائحة الفاكهة الطازجة التي تناولها، تملأ الهواء. سمع ديمون صوتاً خافتاً قادماً من الطابق العلوي، من جهة جناحه الخاص.
صعد ديمون السلالم بخطوات هادئة، يراقب كل شيء من حوله. عندما وصل إلى جناح نومه، وجد دومينيك جالساً على حافة السرير، يحدق في الفراغ، يده تلمس الطوق حول عنقه، وبدت عليه آثار الساعات الطويلة من الانتظار والوحدة. كان دومينيك يرتدي القميص الأسود والسروال القماشي اللذين اختارهما ديمون له.
رفع دومينيك رأسه عندما شعر بوجود ديمون. اتسعت عيناه، وظهرت فيهما مزيج من الارتياح والترقب والخضوع. كان ديمون واقفاً في المدخل، يراقبه بنظرة هادئة، لكنها كانت عميقة، وكأنما يقرأ كل أفكار دومينيك.
"أهلاً بك في عالمي، صغيري،" همس ديمون، وصوته يملأ الفراغ. لم يكن صوته يحمل أي أثر للتوتر الذي لازمه منذ الصباح. كان هادئاً، واثقاً، تماماً كما كان عندما استيقظ دومينيك بجانبه في الصباح.
نهض دومينيك ببطء، وتقدم خطوة إلى الأمام، ثم توقف، وكأنما ينتظر الإذن. "سيدي... لقد عدتَ." كانت كلماته تحمل سؤالاً أكثر من كونها مجرد ملاحظة. "أين كنتَ؟"
خطا ديمون خطوة نحو دومينيك، ورفع يده ليمررها بلطف على شعر دومينيك، ثم على الطوق حول عنقه. كانت لمسته خفيفة، لكنها كانت محملة بالسيطرة. "الأسئلة يا صغيري، يجب أن تُطرح في وقتها المناسب، وبعد إذن. لكنني سأعلمك درساً مهماً الآن."
أومأ دومينيك، وعيناه مثبتتان على ديمون، مستعداً لتلقي أي تعليمات.
"اسمعني جيداً، دومينيك،" قال ديمون، صوته أصبح أكثر حدة، لكنه كان ما زال هادئاً. "في عالمي هذا، وفي علاقتنا هذه، هناك عواقب ومكافآت. هذا نظام. الطاعة الكاملة لي، الخضوع لرغباتي، إرضائي بكل طريقة أطلبها، هذه كلها ستُكافأ بسخاء."
توقف ديمون للحظة، ونظر إلى عيني دومينيك مباشرة. "المكافآت يمكن أن تكون لذة جسدية لا توصف، تفوق كل ما خبرته بالأمس، أنواع جديدة من المتعة التي لم تتخيلها قط، أو امتيازات خاصة؛ كالسماح لك بالنوم بجانبي كل ليلة، أو الوصول إلى أي جانب من جوانب قصري تريده، أو حتى هدايا فاخرة تعكس قيمتك بالنسبة لي. ولكن أثمنها على الإطلاق، هو موافقتي ورضائي الكاملين، كلمتي 'أحسنت' أو 'أنتَ جيد'، ستكون مكافأتك الأغلى."
ارتعش جسد دومينيك بوضوح مع كل كلمة، عيناه تلمعان رغبةً. صدر منه تنهيدة خافتة، وأصبحت أنفاسه سريعة وهو يتخيل هذه المكافآت.
"أما عدم الانضباط،" تابع ديمون، ونبرته أصبحت أعمق، أكثر تهديداً، "التساؤل المبالغ فيه عن سلطتي، محاولة اختراق حدودي، عصيان أوامري، أو إظهار أي شكل من أشكال التردد في خضوعك، فهذه كلها ستُعاقب بصرامة. العقوبات يمكن أن تكون حرماناً من اللذة أو الراحة، كأن تُجبر على قضاء ساعات طويلة على ركبتيك حتى تتألم عضلاتك، أو عزلة مطولة في جزء بعيد من القصر حيث لا يصلك صوتي أو اهتمامي. ويمكن أن تتضمن أيضاً تمارين تصحيحية جسدية، كاستخدام سوط خفيف لتعليمك الانضباط، أو وضع المشابك الحسية لتذكيرك بمكانك. والأكثر قسوة، هو سحب اهتمامي ورضائي عنك، تجاهلك تماماً وكأنك غير موجود، وهذا أسوأ عقاب على الإطلاق."
مع كل نوع من العقوبات التي ذكرها ديمون، كان دومينيك يرتشف نفساً حادة، وتنقبض عضلات بطنه، وتتسع عيناه بلمعة من الخوف الممزوج بفضول غريب. عند ذكر السوط والمشابك، تصلب جسده قليلاً، وظهر على شفتيه ارتعاش خفيف، وكأنما يتذوق الطعم المر للألم المتوقع. صدر منه أنين مكتوم بالكاد مسموع، مزيجاً من الرهبة والإثارة.
"لستَ بحاجة إلى معرفة أين أذهب أو لماذا. أنتَ بحاجة إلى معرفة أنني أعود. أنتَ بحاجة إلى معرفة أنني المسيطر. هذا درسك الأول بعد استيقاظك بمفردك."
لم ينتهِ ديمون عند هذا الحد. بعد أن انتهى من شرحه، خطا خطوة أخرى نحو دومينيك. كانت عيناه تحملان تركيزاً شديداً، وقبضته على طوق دومينيك أصبحت أكثر إحكاماً. "لقد سألتَ سؤالاً كان يجب أن تنتظر إذني لطرحه، دومينيك. وهذا يتطلب تذكيراً."
اتسعت عينا دومينيك، وفهم ما كان سيحدث. ابتلع ريقه بصعوبة، وشعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري. لم يكن هناك وقت للتردد.
"انحنِ،" أمر ديمون، صوته منخفض وحازم.
ارتعش دومينيك لحظة، ثم انحنى فوراً، ووضع يديه على ركبتيه، وظهره مقوساً قليلاً، معطياً ديمون وصولاً سهلاً إلى مؤخرته المغطاة بالسروال القماشي. كان ينتظر، قلبه يدق بعنف، مزيج من الخوف والترقب.
لم يضيع ديمون أي وقت. مد يده اليمنى، وسحب مؤخرة دومينيك قليلاً، ثم صفعها ثلاث صفعات قوية ومحسوبة بكفه المفتوح. كانت الضربات حادة، لكنها لم تكن قاسية بشكل مؤذٍ، بل كانت مصممة لإحداث صدمة حسية وتذكير بالحدود. مع كل صفعة، كان هناك صوت جلدي مميز يملأ الغرفة الهادئة.
مع الصفعة الأولى، صدر من دومينيك شهقة مفاجئة، وتصلب جسده بالكامل. مع الثانية، أطلق أنيناً خافتاً، بينما اندفعت الحرارة إلى مؤخرته. ومع الثالثة، همس بكلمة "سيدي!" بصوت لاهث، وكأنما استسلم لتلك السيطرة غير المتوقعة. رفع ديمون يده، وبدت على وجهه ملامح الرضا الهادئ.
"هذه تذكرة بسيطة،" قال ديمون، وصوته عاد ليكون ناعماً كالحرير، لكنه كان يحمل الآن ثقلاً جديداً. "عندما أقول 'لا تسأل'، فإنك لا تسأل. فهمتَ؟"
شعر دومينيك بوجع خفيف في مؤخرته، لكنه كان مخلوطاً بحرارة غريبة، ونشوة خفيفة من الاستسلام التام. كان يتنفس بصعوبة، جسده ما زال يرتعش قليلاً. "أفهم... سيدي،" قال، بصوت أجش بالكاد مسموع، كان يتدلى رأسه، غير قادر على النظر إلى ديمون، لكنه يشعر بوجوده فوقه، ويشعر بالامتثال العميق يغمره.
راقب ديمون دومينيك بعناية، يرى الارتعاش الخفيف في جسده، ويرى الانكسار في عينيه الذي حل محل التساؤل السابق. أومأ برضا، ثم مد يده ليقبض على ذقن دومينيك، ويرفعه بلطف حتى تتقابل عيناهما. كانت عينا ديمون ثابتتين، لا تحملان غضباً، بل سلطة مطلقة ورضا عن طاعة دومينيك.
"جيد، صغيري،" همس ديمون، وكانت تلك الكلمة وحدها مكافأة. "أنتَ تتعلم بسرعة." لم يكن هناك أي شك في صوته؛ دومينيك قد اجتاز الاختبار الأول بنجاح، وارتفع مستوى الخضوع بينهما.
في تلك اللحظة، ومع اقتراب ديمون أكثر، تسللت رائحة خفيفة ومختلفة إلى أنف دومينيك. لم تكن رائحة ديمون المألوفة، مزيج المسك وخشب الصندل، بل كانت هناك لمسة أخرى، غريبة بعض الشيء، حادة، تشبه رائحة الجلد النظيف ممزوجة برائحة معدنية خفيفة، كأنها رائحة توتر أو جهد جسدي لم يكن له علاقة بهم. لم تكن قوية، لكنها كانت موجودة، كافية لكي يلاحظها دومينيك الذي كان يتوق لكل تفصيل من ديمون.
تقلص قلب دومينيك فجأة. انكمش حاجباه، ولمع في عينيه وميض من عدم اليقين. لم يكن يعرف ما هي هذه الرائحة، لكنها كانت غريبة، ومختلفة. بدأت بذرة صغيرة من الريبة تنمو في أعماقه، سؤال صامت يتسلل إلى وعيه: هل هناك آخرون في حياة ديمون؟
سحب ديمون يده من ذقن دومينيك، ثم تحرك نحو الخزانة، يسحب منها روب حمام فاخراً من الحرير. "الآن، صغيري، استحم وتخلص من توتر اليوم. سأطلب العشاء في غرفتي. عندما تنتهي، انتظرني هنا. لديك الكثير لتتعلمه، وهذا مجرد البداية."
أومأ دومينيك بصمت، لا يزال قلبه ينبض بقوة من العقاب الأخير، وعقله يتصارع مع الرائحة الغريبة. نظر إلى ديمون وهو يتجه نحو باب الجناح، يدرك أن كل كلمة وكل فعل من ديمون كان أمراً، وأن عالمه الجديد قد بدأ للتو، حافلاً باللذة والألم، والأسئلة غير المريحة.
مرت بقية ذلك اليوم في هدوء غريب. بعد أن غادر ديمون الجناح، أطاع دومينيك أمره، واستحم، ثم ارتدى ملابس نوم مريحة كانت قد وضعت له. العشاء وصل في غضون ساعة، كان فاخراً ومعداً بعناية، لكنه تناوله بمفرده في صمت الغرفة الواسعة. لم يظهر ديمون مرة أخرى تلك الليلة. قضى دومينيك الساعات المتبقية في التجول بين غرفة النوم والصالة الملحقة بها، يشعر بثقل الطوق حول عنقه، تارة كذكرى للذة، وتارة أخرى كتذكير بالسيطرة المحكمة. كان ينتظر، يراقب عقارب الساعة، ويفكر في الكلمات التي قالها ديمون، محاولاً فهم القواعد الجديدة لعلاقتهما. نام أخيراً، منهكاً من التفكير، وفي أحلامه تداخلت صور ديمون القوية مع شعور بالريبة تجاه الرائحة الغريبة التي استشعرها.
في صباح اليوم التالي، استيقظ دومينيك على صوت رنين هاتفه الخافت. كانت الشمس قد بدأت ترسل خيوطها الذهبية عبر النوافذ، لكن ثقل أحداث الأمس ما زال يلفه. مد يده نحو هاتفه على الطاولة الجانبية، فوجد رسالة نصية من ليو.
ليو: "دومينيك! هل أنت بخير؟ لم أرك منذ أيام. هل يمكن أن نلتقي اليوم؟ نحتاج إلى مراجعة لمادة الاقتصاد، وأنا ضائع تماماً بدونك. ربما نتناول قهوة في المقهى المعتاد؟"
ارتعش جسد دومينيك للحظة. ليو. صديقه الوحيد في الجامعة. هذه الرسالة كانت بمثابة طوق نجاة من عزلة القصر، وفرصة لنسيان الأمس قليلاً. كتب رداً مقتضباً: "أنا بخير. سأقابلك هناك في غضون ساعة."
بعد استحمام سريع وارتداء ملابس عادية من تلك التي تركها ديمون له، نزل دومينيك من القصر، وهو يراقب حوله بتوتر خفيف. لم يلاحظ أي حراس أو عوائق. كان ديمون قد أمره بالبقاء في القصر، لكنه لم يمنعه صراحة من المغادرة. كان يتساءل عما إذا كان هذا اختباراً آخر.
وصل إلى المقهى المعتاد. كان ليو جالساً بالفعل على طاولتهم المفضلة في الزاوية، يحدق في كتاب الاقتصاد الخاص به بنظرة يائسة. رفع ليو رأسه عندما رأى دومينيك، وابتسامة واسعة أشرقت على وجهه.
"دومينيك! يا إلهي، أين كنتَ؟ لقد قلقتُ عليك!" قال ليو، ونهض ليعانق دومينيك عناقاً خفيفاً. كان عناقاً ودياً، يملأه ارتياح رؤية صديق مألوف.
"أنا بخير،" أجاب دومينيك، محاولاً إخفاء أي أثر للتوتر. "لقد كنتُ مشغولاً قليلاً."
بينما جلسا، لاحظ دومينيك. عندما رفع ليو يده ليدفع نظارته على أنفه، لمح دومينيك بقعة حمراء باهتة على معصم ليو، كأنها أثر لاحتكاك أو ضغط عنيف. ثم، عندما مال ليو ليأخذ رشفة من قهوته، انكشف جزء من رقبته، حيث رأى دومينيك بسرعة خاطفة ما يشبه علامة بنفسجية خفيفة، تكاد تكون كدمة صغيرة أو أثر احتكاك قاسٍ جدًا.
اتسعت عينا دومينيك. علامات كهذه لم تكن عادية بالنسبة لليو. "ليو، ما هذا؟" سأل دومينيك، صوته يحمل قلقاً حقيقياً، ومد يده نحو معصم ليو دون وعي. "ما هذه العلامات على معصمك ورقبتك؟ هل تعرضت لحادث؟"
تصلب جسد ليو للحظة، ثم سحب يده بسرعة، ومررها على رقبته، وكأنه يحاول تغطية العلامات. ابتسم ابتسامة باهتة. "أوه، لا شيء يا دومينيك. مجرد... مجرد ليلة صعبة. لا تقلق بشأنها." بدا عليه التهرب. "هيا، فلنراجع الاقتصاد. أنا حقاً أحتاج لمساعدتك."
لم يقتنع دومينيك بإجابة ليو. "ليلة صعبة؟" كرر، وعيناه لا تزالان ثابتتين على ليو، محاولاً قراءة ما وراء تلك الابتسامة المتوترة. "هل أنت متأكد أنك بخير؟ تبدو... متعباً. وهذه العلامات..."
"أنا بخير، حقاً!" قاطعه ليو، بنبرة أكثر حزماً هذه المرة، محاولاً أن يبدو طبيعياً. "لا تقلق. إنها مجرد خدوش طفيفة. ربما كنتُ... غير منتبه. هيا، الاقتصاد ينتظر." دفع ليو كتاب الاقتصاد نحو دومينيك، محاولاً يائساً تغيير مسار المحادثة.
أومأ دومينيك ببطء، رغم أن عقله كان يتساءل. كانت العلامات واضحة، ولم تكن تبدو مجرد "خدوش طفيفة" كما قال ليو. لم تكن إجابة ليو مقنعة تماماً، وشعر دومينيك ببعض القلق على صديقه. لكن ليو كان بالفعل يقلّب صفحات كتاب الاقتصاد، فقرر دومينيك أن يترك الأمر جانباً في الوقت الحالي، ويعود لتركيزه على الدراسة.
يتبع ......
اذا اعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
Коментарі