"لقد تم تشخيصي ببعض الأمراض النفسية بالفعل و من أهمهم سرعة الغضب الشديدة لدي، إن الغضب بطبيعته شعور إنساني يوجد لدى جميع البشر و للبشر ردود أفعال متابينة عليه، لكن عندما تفلت من يديك زمام الأمور و يدفعك الغضب للشعور بالرغبة المُلحة لقتل أحدهم ثم تقتله بالفعل دون أن تعي متي أو كيف أنقضضت عليه حتى كما لو أنك منوم، فأنت في مرحلة الخطر"

الآن أتضحت لي الصورة بأكملها، كل ما فعله لم يكن عن عمد بل مرضه هو من تحكم به، كما لو أنه دمية ما.

" كان هناك أشياء أخرى إلى جانب الغضب كإضطرابات القلق تتداخل مشاعر القلق والذعر هذه مع الأنشطة اليومية، ويصعب التحكم بها. يمكن أن تستمر لفترة طويلة و لمنع هذه المشاعر يجب تجنب بعض الأماكن و المواقف، مما جعل الإنطوائية أمر مُحبب لي أكثر من البقاء مع الأصدقاء أو العائلة.
أخيرََا و ليس آخرََا إضطراب ثنائي القطب و إن كنتِ لا تعلمين ما هذا فهي مجموعة من التقلبات المزاجية المفرطة تتضمن شعورك بالأكتئاب و الهوس في آنٍ واحد، عندما تصابين بإكتئاب ستشعرين بالحزن، اليأس، فقدان الإستمتاع بالأشياء التي كنتِ تستمتعين بها من قبل. أما في حالة الهوس تشعرين بالإبتهاج و كأن بداخلك طاقة تُحرك جبل.
كأنني مزيج من المشاعر التي لم أفهمها يومًا." قال جملته الأخيرة مُبتسمََا بشرود

" ربما أساعدك علي فهمها" قلتها دون تفكير.

''لا إهانة بيل، لكن هل يمكنك شرح شيء أنت لا تفهمينه؟ '' صمتُ لفهمي ما يشير إليه فاستكمل
'' لا ،إذن كيف ستساعديني على فهم ما أنتِ بالفعل لا تفهمينه؟ ''
''كيف تعرف عني العديد من الأشياء، ما أفهم و ما لا أفهم؟ و لا تخبرني أنه السحر كي لا أُشعل تلك الشموع على وجهك''
أبتسم و هز رأسه بالسلب '' لا ،ليس السحر''
رفعت حاجباي علي ما قاله ثم تساءلت''إذن ماذا؟''
''لا شيء انا فقط أدرس الضحية من قبلها'' لم أتفاجأ فهو ليس أغرب شيء سيقوله لليوم.

''هل أفهم من ذلك أنه كان هناك أناس قبلي؟ ''
''لا أنتِ الوحيدة'' قالها لأقطب حاجباي ،لمَ يبدو كلامه متناقض و غير مفهوم بالمرة؟
" لقد بدوتي كشخص جاذب للإهتمام، فأحببت أن أعرفك أكثر."
''لم يكن ذلك خيارََا موفقََا'' قلتها ليزفر ضحكة و يراقبني بتمعن
'' بجدية؟ أنا صديقة إيما منذ خمس سنين و هي لا تعرف ما إن كنت حزينة أو سعيدة أو حتى أشعر بأي شئ، كيف ستعلم أنت؟ ''
''أعطيها خمس سنين أو خمس قرون هي أو غيرها و لكن لن يتفهمك أحد مثلما أفعل أنا''

ساد الصمت بيننا لبضع لحظات قبل أن يقطعه أيزاك قائلاََ بتردد'' هناك شيء آخر، أحيانََا أدخل في نوبات غضب و هي التي تدفعني للتصرف بعنف و قتل الناس ، عندما أستفيق من تلك النوبات لا أتذكر أيِِ مما حدث كما لو أنه لم يحدث قط،تلك النوبات تجعلني وحش بكل ما تعنيه الكلمة و أتذكر بعد فترة من إنتهاء النوبة.''

كان على وشك ربط عيناي بالقماشة مشيراََ إلى وحين وقت اللعبة لأَبعد يداه قبل أن يربطها

'' ماذا هل تراجعتي عن مساعدة مختل مثلي؟ '' قالها بسخرية و كأنه يعرف ما سيحدث
''لا، فقط أردت أخبارك بأنه ليس خطاؤك'' حدق بي بدون تصديق و الصدمة تكتسح جميع ملامح وجهه.

''إنا أعنيها، إنه ليس خطاؤك، أنت لم تكن تعرف أنك تعاني من مثل تلك النوبات و إن كنت تعلم كنت ستعالجها قبل أن تتسبب لجاستن و والدك أي ضرر، لقد حاولت جاهدََا كبت غضبك علي صاحب المخبز ووالدك اللذان لم ينفكا عن معاملتك بطريقة مقيتة لكن بالرغم من ذلك كنت تكبح رغبتك الشديدة في الصراخ عليهم و ضربهم، هذا لأنك لم تكن تريد إيذاءهم. عندما وقعت تلك الحادثة مع والدك و نعم إنها حادثة في نظري، كان ذلك بسبب قدرتك المُستنفذة من قبلهم على كبح ذلك الغضب المكبوت بداخلك. أنت لم تقصد أيا مما فعلته يا أيزاك ، لم يكن أيِِ من ذلك خطأك، لم يكن موتهم خطأك، و لم يكن تفكك أسرتك خطأك، والدتك لم تتدمر بسبب تلك النوبات بل بسبب خيانة والدك التي لم تكن بسبب النوبات كذلك ''

''و كيف تعلمين كل هذا؟ '' تساءل و هو مازال يحدق بي بصدمة كما لو أنه وجد ما كان يتمني أن يجده يوما، لكنه لم يحدث حتي يأس وأقلع عن التمني.

''أنا فقط أؤمن بتلك الحقيقة يا أيزاك ، إن كنت تسرد لي كل ذلك لتُريني كم أنك شخص مريض و خطر و قاتل فأنا أعمي عن رؤية ذلك، أنا لا أستطيع رؤية شيء في عينيك سوى الندم على أخطاء الماضي و الإختباء في ذلك المكان المريب بغرض حماية أي شخص برئ من نوبة قد تحدث في وقت غضب.

أنا أرى شخص ضائع يريد أن يمسك أحد بيده ليعيده لمنزله، تلك هي مشكلتك يا أيزاك، مع الأسف أنا أرى بك كل ما أراه بنفسي.'' كان جوابي صادم بعض الشيء و هذا ما بدا عليه ثم أستكمل بنبرة حزينة

''المصحة قدمت لي كل شيء عدا المساعدة التي تتحدثين عنها بيل، ربما كان ذلك علاجي و أملي الوحيد لكنهم أمتنعوا عن تقديمه لي '' زفر نفسََا عميقََا ثم أسترسل ''هل يمكننا أن نبدأ اللعبة الآن؟''

''أجل يمكننا'' لا أعلم ما إن كنت جاهزة لفعل ذلك أم لا، لا أعلم ما الذي سأراه و أنا نوعََا ما قلقة من الذي سيحدث و كونها المرة الأخيرة التي سنلعب بها تلك اللعبة، لكن يجب أن أكون قوية كي أقدم له المساعدة اللازمة.
ربما أشعر بشيء إن قدمت له تلك المساعدة من يدري.
وضعت الرباط علي عيناي و أمسكت بيديه كعادة كل لعبة ليتغير المكان من حولنا إلى مكان مختلف و هو بالفعل يشبه المصحة لكنها لا تبدو آدمية بالمرة

.

.

.

بدأ أيزاك و بيل بصعود الدرجات توجهََا إلى الطابق الثاني حيث توجد غرفة أيزاك .

بعد مسافة ليست بطويلة لاحظت بيل تردد واضح علي محياه لتهدأه بقولها اللطيف و إبتسامتها الخفيفة '' لا تقلق،لقد أنتهي ذلك الأمر إنها فقط مجرد ذكريات''

أومأ أيزاك ثم أستكملا سيرهم ليخطوا خطاهم في الطابق الثاني.
لم يكن المكان أشبه بمصحة بل كان أشبه بالسجن فقد كانت جميع الغرف مُغلقة يوجد بها زجاج يبدو قوي يصعب كسره و تستطيع رؤية كل مريض من خلاله و كأنه مسجون بمفرده. لم ترى بيل طبيبََا واحدََا فقط عند المرضى.

لقد تركوهم دون عناية يجلسون بمفردهم من يحدق بالجدار و هو يتمتم و من يرسم علي الجدار، من هو نائم. كانت غرفة أيزاك في آخر الرواق و يمكنك أن تراها بوضوح. جلس و رأسه مُثبتة على ذلك الزجاج شارد بالأرض فهذا كان حاله منذ أن دخل المصحة. يفكر بما حدث و بوالديه اللذان تركاه لما يدعونهم  بالأطباء يأخذانه بعيدََا عنهما إلى مكان يجهل ما سيقابله به. ليس هذا فحسب بل أيضََا أمر مرضه و أليكس. أليكس و الجروح التي خلفتها له.

كيف قالت أنه قاتل و مجنون و أن هذا ليس مكانه  و بأنها تكرهه. لقد كان أيزاك على إستعداد بأن يتحمل كل هذا الكلام لكن ليس منها، ليس من الشخص الذي أحبه أكثر من أي شيء. يبدو الخذلان على ملامح وجهه المهمومة، يشعر و كأنه أعطي سلاحََا لأليكس و وجهه نحو قلبه مؤمنََا بأنها لن تطلق عليه لكنها فعلت.
الخذلان
الألم
الحزن
الندم
كلها مشاعر صعبة علي نفس البشر و لكن هذا ما كان يشعر به كل يوم منذ إستيقاظه حتى نومه إن كانت تركته أفكاره لينام، و الأسوأ من ذلك كله أن لا أحد هناك ليهون عليه، فالكل يكرهه و يظنه مسخََا.

أخيراََ ظهر طبيب ما و اتجه نحو غرفه أيزاك.
فتح الباب بالمفتاح الذي بحوزته و أيزاك لايزال علي نفس وضعيته ينظر له بمقت شديد.

''حان وقت الجرعة أيها المشاغب'' قالها بإبتسامة جانبيه تستطيع رؤية الحقد يتطاير منها.
'' أقترح أن لا تعاند معي فأنا لست بمزاج جيد لك'' أقترب منه و غرس بوريده إبره تحمل سائلا ما. عاند أيزاك في البداية لكنه كان مُنهك بسبب الشجار الذي أفتعله صباحََا مع أحد الأطباء و جاء رجال الأمن ليوسعوه ضربََا.
أنتهى الطبيب ثم توجه نحو الباب لتبدأ الأرض بالإهتزاز تحت قدما أيزاك كأنها تلتف به، كل شيء أصبح غير ثابت. تمامََا ككل جرعة.

''أحلام سعيدة أيزاك'' قالها الطبيب و أبتسامته لم تفارق وجهه ثم ترجل من الغرفة.
لتبدأ الليلة.

_______________________

هليوو كيوتيز💕
رأيكم في الشباتر؟
من هنا بقي نبدأ الشغل💃
أسفة ع التأخير جامد