00 : I.N.T.R.O
01
02
03
04
05
06 -M-
07 -M-
08 -M-
09
10
11
12
03
ثَالِث جُزئِيَّة 🍀 إستَمتِعُوا~

تَعلِيقَات ؟~
فُوتس ؟~

[رَجاءًا 🙏]

[قَرأت؟ تَعلِيق عَن رَأيِك بصَراحَة 🌷]



❜ مسَافَة ❛



❞ رَأيتُك بالقُربِ منِّي عزِيزِي ، فلَم يَفصِل بَيننَا سوَى إنشَاتٍ ضَئِيلَة ، عِندَها فَقط أيقَنتُ مدَى بُعدَك الحَقيقِي عنِّي صَغِيرِي .. كُنتَ بَعيدٌ جدًا ❝





السيِّدة بيُون تطرُق البَاب بصَخب، حَدَقتَا عينَيها ارتَجفَت و هِي تَستَمع لأشيَاء تُكسَر و صوتُ صُراخٍ يَصدَح بالأرجَاء. لم يَكن سوَى صَوت بيكهيُون..









قَبلَ ثَوانٍ مَعدودةَ بيكهيُون و بزيِّه المَدرسيّ وقفَ اَمامَ مرآته التِي بطُولِه يحدِّق بعينَيه التِي اكتسبَ ابيضُها احمرَارًا واضحًا و انتِفاخٌ بسيطٌ تمَحورَ حولَ حدُودِها . تَنفسُّه غَير مُستقرًا ايضًا ، و بكلِّ مَرة يمعِن النَظر بمِعصمِه الذِي لقَى نصِيبَه من اللونِ الأحمَر ايضًا، تُراوِده رغبَة اكبَر بالبُكاء .










لأنّه و اللَّعنَة كُل شَيء مِن حولِه يذكِّره بِه ، لعنَ بصَوتٍ مَهزوزٍ كمَا ثقتِه التِي دنَت من الأرض و كَرامتُه ايضًا، قبلَ قليلًا فقَط .. كلُّ ضعفِه و اضطرَاباتِه كانَت وَاضحَة وضُوح الشَّمس للطرَف الآخر ، فمَن هَو حتَّى يَدعِي القوّة الآن و قد افسَد كُل شَيء بسبَب لمسَة؟..










يدَاه تحرَّكت بسُرعَة على الرَّغم من ارتِجافِه و انفَاسِه الحارَّة التِي تصدُر عن ثغرِه بخشُونَة، ليدَاخِل اصابِعه بِربطَة عنُقِه يفُكّها بسُرعَة ثمَّ ينتَقل لفكَّ ازرَار قمِيصِه فيلقَى مَصيرَ الرَّبطَة .. كلَاهمَا ملقَى علَى الأرضِيَّة بإهمَال..









تَنفَّسه لَم يهدَأ و اضطِرابُ نظُم قلبِه لَم ينضَبط بَعد، اثنَاء تحدِيقِه بشرُود لشحُوب بشرَتِه.. مازَال عازِمًا عَلى كرهِه لجسدِه و مقتَنعًا بكونِه السبَّب في كلِّ شَيء ، مُقتنعٌ بِكَون جَسدِه المُغرِي السَبب الوَحيد الذِي ولَّد علَاقتَه بتشَانيُول.










اكمَل تعرِيَة جسدِه السُّفلِي مِمّا يخفِيه، ليبقِي على لباسِه الدَّاخلِي الأسوَد فَحسب.. بينمَا يقِف امَام مرآتِه ليبتَسِم بأسًا ممرِّرًا يدَه على كلِّ جزءٍ مِن جسدِه ..










كلّ ذلِك قبلَ أنّ تسوَدّ ملَامِحه مُجدّدًا ، ليضَع اصَابعَه أعلَى المِرآة الغَير مُثبتَة ليَدفَعها بخفَّة الى الجَانب مُسبّبًا انكسَارها الَى قِطع بَينَما انفاسُه تتَحرّر بسرعَة و بغَيض، يُحاوِل اشفَاء غليلِه بأيّ طَريقَة .. غلِيلِه مِن نفسِه سرِيعة الإنكِسار و التَشتّت .










عندَما مشَى على الزجَاج بقدَميه العَاريَتين غيرَ آبه بالقِطع الحادَّة التِي اِخترَقت جلدَه .. بَل لَم يشعُر بأيِّ شَيء. تخطَّى الزّجاجَ المُتناثِر ليَقترِب مِن قطعَة حَادة يَحمِلها بَين أنامِله يغَير حذَر و يضَغط علَى حوافِها بإستِمتَاع .. فتَنغرِز تلكَ الحوَاف بغيرِ رحمَة بجلدِ اصابِعه و باطِن يدَيه مخلِّفة خدُوشًا و جروحًا عمِيقَة .










بِهدُوء ، حملَ تِلك القِطعَة الزجَاجيَّة و اتَّجه الى حمامِه الغيرِ موصَد بابُه و دخلَه ليقفَ امامَ مِرآتِه . رفعَها ببُطءٍ ليجعلَها اقرَب لجلدِ معصَمه.. بالضبط المعصَم الذي كانَ السببَ في كل هذَا. يضغَط على ظهرِ معصَمه بينمَا يقضِم شفّته السفلَى يُحاوِل تخفيف الألَم و منعَ نفسِه من الصرَاخ .










عندَما بعض الدِماء وجدَت سبيلِها بين أنَامِله الرَقيقَة حتى الأرضيّة ، هوَ توقَّف عن غرزِ القطعَة بمعصَمه ليرفَعها نحوَ جزئِيّة اخرَى من اطرَافِه .. فخذَاه .










بغيرِ رَحمَة لذاتِه هو غرزَ الجُزء الحَاد بجِلد فَخذِه ليُحرِّكه نحوَ الأسفَل ناثرًا جرُوحًا عمِيقَة تسِيل بدِماء غزِيرَة منتَقلًا لفخذِه الأخرَى يفعَل المِثل كَسابقِه ، مشوِّها بذلِك بشرَته الخَاليَة من الشوَائِب، فيمنَحهَا ندُوبًا ابدِيَّة...









عندَما شعرَ بجَسدِه يهوِي الى الأرضِ هو اغمَض عينَيه و اسنَد ظهرِه الى الحائِط فاقدًا لقُدرَته على الإحتمَال فيَصرُخ بألمٍ بَينمَا يضغَط عَلى ظَهرِ مِعصمِه الذِي يبصُق دمًا .









ترَك بَعد ذلكَ القِطعَة الزُّجاجيِّة لدَى سمَاعِه لطَرقٍ قويّ علَى بابِ غرفَته صَاحبَه صوتُ وَالدَته القلقَة التِي تَترجَاه لفَتح البَاب ، مُتغافلًا عَن صرَاخِها الذِي دامَ لعشرِين دقِيقَة تقرِيبًا و محاوَلاتِها العقِيمة لإقنَاعِه بالإستِجابَة لمنادَاتِها.










”ماخطبُ يدِك.. أ أنتَ بخَير؟“ والدَته سألَت بعدَ أن استَقامَ بيكهيُون لدَى اخفَائِه لجُزءِه السفلِي بمنشَفَة قَد تلَطخَت بإحمِرَار ناتِج عن دمَائِه السّائلَة بغزَارة ، و فتَح البَاب لتتَقط عينَاها الجُرحَ الواضِح على يدِ صغيرِها و الذِي كَان بالغًا ، و الجرُوح و الخدُوس المتنَاثرَة على بياضِ فخذَيه .. اذ حتَّى بإلتمَامها فستَترُك ندبَة واضِحَة أبديَّة مَكانَه.









تخطّته دَالفَة الى الغرفَة قبلَ ان تتفآجأ بكَميّة الفوضَى التِي عمّتها .. دُون أن تغفَل عن قَطرَات الدمِّ التي تَرسَّبت عَلى السجَاد الأبيَض .









لقَد كَسرتُها بالخَطأ“ بِيكهيُون اَوضَح قبلَ ان يعُود الى حَمّامه . ”لا علَيك عَزيزي.. سَنقتنِي لَك واحدَة غيرَها، لا تَقلـق“ السيدَة بيون طمأنَت صَغيرِها من خلفِ بَاب الحمَّام لتَخرج سَريعًا مِن الغرفَة بنيّة احضَار ادوَات لتَنظِيف تِلك الفوضَى.










🌿










علَى الرَّغمِ من اخفَائِه لمَا تسبّب بهِ فقدَانُه لصوابِه بتِلك المِنشفَة التِي كشفَت كلّ شيء ، هو لَم يقاوِم والِدتَه التِي انتَزعَت المنشفَة بعدَ ان اصرَّت علَى تنقِيَة جرُوحِه و علَاجهَا ، متَفاجِئَة بخضوعِ بيكهيُون و عدَم مقَاومَته .










لَم تستَطع سؤالَه، لَم تمتَلِك الجُرأة و القوَّة الكَافيَة للإستِفسَار عَن سببِ فعلَة ابنِها عندَما ابعَدت تِلك المنشَفَة الملفُوفَة حولَ خصرِه ، و التِي اخفَت الجرُوح و الخدُوش المتنَاثرَة على بياضِ فَخذَيه.











كلّ ما استَطاعَت فِعلَه هُو تضمِيد تِلك الجرُوح و مَنعِ شهقَاتِه المتَألمَة من الخرُوج في كلّ مرَّة تشعُر فيهَا بإنتِفاضَة خفِيفَة لجَسدِ ابنِها لدَى تمرِيرهَا للمُعقّم على جرُوحِه.










فلتَنم قليلًا.. سأوقِضك في موعِد العشَاء“ والدَته قالَت بعدَ أن اغلقَت علبَة الاسعافَات ، ”لَن اخبِر والِدك .. دعنَا نتحَدَّث عن الأمرِ بمُفردِنا !!“ هي اردَفت اثنَاء تحدِيقهَا بِبيكهيُون الذِي يشيحُ بنظرِه للجَانِب ، و بقلَّة حيلَة هي تنهَّدت لتَخرُج سَريعا .










استَقام بيكهيُون مِن استِلقَائه بعدَ تَأكدِّه من رَحيلِها ليَتفَقّد قَدمَاه المَلفوفتَان بشَاشٍ أبيضَ ثمَّ ينتَقل الَى جرُوح فَخذَيه .. التِي أخفِيَت بضِمادَات طبِيَّة بإحتِرافيَّة .









بَصرَه اخيرًا تمَركزَ على مِعصَمه المُتأذِّي و المَلفوفِ أيضًا ، و ببِطء هو اَبعَد الشَاش عَنه ليُمررَ أصَابِعه عَلى الجُرح الذِي سَيترُك ندبَة بشعَة بِسببِ تَفكيرُه المُتهوّر ، يتمنَّى لَو أن بإمكَانه التَخلُّص من مِعصَمه ذاك فقَط . بِحركَة دائِرية بَطيئَة اعادَ ترتِيبه كمَا فَعلَت والدَته بالضَّبط .









فَهي قَد اعتَنت بكُل شَيء بعدَ كلِّ مَا فعلَه. مازَالت تَفعَل كمَا معَ كلِّ تصرُّفاتِه المُتهوِّرة الممَاثلَة طيلَة السنَواتِ الثَلاثَة المَاضيَة.










🍃










هدُوء مع القلِيل مِن الضَوضَاء الخَفيفَة ، جوٌ كالِحٌ مُحاطٌ بغشَاوَة رمَاديَّة ، غيُومٌ و قلِيل مِن رذَاذ المَطر الذِي يُلقِي بقطَراتِه ضدَّ زجَاج النَافذَة المُوصدَة امَامَه .. كانَ صبَاحًا شَتويًا كَئيبًا عادِي ، و ربَّما اكثَر من عَاديٍ بالنسبَة لشَخص كبِيكهيُون.










فَقط يُحدَّق في الفرَاغ أمامَه بينمَا يسنِد وَجنتَه لقبضَتِه ، يملَأ وَجنَتيه بِالهوَاء تارَة ليزفَر بِه خارِجًا تَارة أخرَى، يتنهّد بِكل مَا اتيحَت له مِن فُرص . يُراقِب الصفَّ حولَه و قد كَان هَادئ قليلًا على الرَّغم مِن امتِلائه.










يحزِر اَن الأمورَ لربَّما قد عَادَت لطَبيعَتها بَعد ان كانَت الأجوَاء مَشحونَة في السَّابِق، او فَقط .. الطلَّاب لَم يَعودُوا يهتمُون و هَذا قَد أشعَره بالرَاحَة نَوعًا ما، لذَا هُو بغيرِ إِهتمَام زفَر عَلى غرَّته الذهبِيَّة بضجَرٍ ليُبعدهَا عَن عينَيه، يفعَل ايَّ شيء لتَضيِيع بعضِ الوَقت.









”لَم يصلَا بَعد ؟“ بِيكهيُون تسَآءل ينظُر في الأرجَاء بـحثًا عَن رفِيقَيه اللذَين لَم يظهَرا بَعد عَلى غيرِ عَادتِهما، التَفت يُكمِل تِجوَال عينَيه عِندمَا نظرَة خَاطفَة تفقَّدت مكَان مَا في آخِر الصفّ، قَد كَان شاغرًا، و لكِن ليسَ لوَقتٍ طَويل، عِندَما علَت اصوَات قَهقهَات مُنذرَة الجَميع بِوصُول الثُلاثيِّ المَعرُوف.










بيكهيُون أعَاد بصَره أمَامَه بسُرعَة ليتَنهَّد بعدَ ان احتَضنَ وجهَه بكفَّيه ، يَأمل أَن لَا أحدَ قَد رَآه فَبالتَّأكيد لَن يَرغَب بأَن يتِم امسَاكِه مُتلبسًا بالإِهتِمَام.










كالعادَة صَوتُ سيهُون كَانَ اعلَاهم، يَعبَث و يُقهقِه فِي الأرجَاء كما اعتَاد غيرِ آبه بأيٍّ كَان ، ذلِك الذِي لَم يتغيَّر بِه عَلى مدَى السَنوَات التِي عَرفَه بِها بيكهيُون ، عَفويَّته.










سحَب كُرسيَّه نحوَ مَكانِ تشانيُول ليتَخطَّاه كَاي بِهدُوء فيَسحَب كُرسيَّه و يجرَّه نحوَ مكانِ الأطوَل ايضًا، مهيِّأين المَكانَ الأوسَط لَه . تشَانيُول و بِغيرِ اهتمَام هُو دَفعهُما ليَجلِس، يمنَح رفِيقَيه نظرَة لَعينَة يحثُّهما علَى حَملِ أجسَادهِما و الإبتِعاد.









ذلِك لَم يُجدِي على ايِّ حَال، سِيهُون لَم يَصمُت للَحظَة، جمِيع احَاديثِه دارَت حولَ الفتيَات اللَّواتِي يقُوم بمقَابلَتهِن بَل يَستَمتِع بملَاحقَتهِن لَه ، كَاي بالجَانبِ الآخَر تنهَّد اثنَاء استِماعِه لأحَاديثِه اللعُوبَ و فقَط حرَّك سبَابَته على الطَّاولَة بمَلل.









كتَف تشَانيُول ذرَاعَيه عندَ صَدرِه، عابسًا بإنزِعاجٍ للضَوضَاء حولَه و التِي تُخرِجه عَن الهدُوء الذِي يُريدُه. يَجلِس بينَ رفِيقَيه و بقَدر الإمكَان يُحاوِل تجَاهُلهمَا، ذلِك كانَ صعبًا مُنذ انَّهما تقرِيبًا يتحَدَّثان داخِل اذنَيه، كمَا لَو ان كلًّا مِنهُما يُرسِل حدِيثَه للآخَر مِن خلَال أذنَي تشَانيُول.









”مثِير للشَفقَة..!“ ..









على الرَّغم مِن الفَوضَى الحَادثَة امَامَه و حَولَه، بسُهولَة ارتَعشَت أذنَاه كرَادَار ملتَقطَة مَا صدَر مِن حدِيث. تشَانيُول يُقسِم انَّ ذلِك الكلَام قَد وُجه لَه، و أن لَم يَكن لَه فقَد أرِيدَ مِنه سمَاعَه ، و ببُطء اشَاح بنَظرِه عن صدِيقَيه، يتَخطَّى ببصَره كَاي ليُركِّز على مكَان مَا قَد يَكُون مَصدَر الصَّوت.









لَم يَكن صَعبًا و لَم يَستَغرِق ذلِك وقتًا طوِيلًا، حينَ اطلَق الفتَى قَهقَهة خافتَة سَاخرَة مصَاحبَة لحَديثِه الجَارِح ”لُعبَة بَارك..!“ ، تشانيُول تعرَّف علَى الشَّخصِ سرِيعًا و الذِي كانَ طالبًا عاديًا بصَفِّه لَكن مَجهولًا بالنسبَة و لَم تكُن له نيَّة بِمعرفَة هويَتِه اصلًا، لَكِن كلَامه لم يوجَّه لَه شَخصيًا، فنَظرَته المزدَريَة قَد التَهمَت شَخصًا آخَر.

شَخصٌ قَد إِنكَمش علَى نَفسِه و إنخَفضَت أكتَافُه الصغِيرَة بَينمَا سحَب رَأسَه لِأسفَل . بضُعفٍ يُخفِي نَفسَه بينَ احضَانِها يتَمنَّى تتوَقَّف حوَاسُه ، و أن يَنطَفئ تمَامَا، حتَّى يتوَقَّف عَن الشُّعور بكلِّ شَي.



حدَّق بَارك لمُدة بإِنتِظارِ الطَّالِب ، و قَد كانَ مُستَعدًا لتَحطِيم وَجهِه في ايِّ لَحظَة، لَكنَّه احتَاج كلمَة أخرَى أو علَى الأكثَر حرفًا، فلَن يَسمَح لَه بإنهَاء كلَامِه عَلى أي حَال.



يُمكِن لبَارك الشُّعور بشِفاهِ الطَّالِب التِي انهَت تلَامُسها ببَعضهَا ، مُستعدَة للإفرَاج عَمَّا بجُعبة صَاحِبها من كلَامٍ جارِح آخَر. فلَم يترَدد، و بلَحظَة قَد ارَاد اخرَاسه عَن الكلَام للأبَد فلَا يتسَنَّى لَه ذكرُ بيكهيُون بسُوء مجددًا مدَى الحيَاة.

لَكِنه فقَط ترَاجَع ، لَن يرغَب بجَذبِ الإهتمَام لمَحبُوبِه الغَيرِ مُحبٍّ لذَلك و الذِي لَن يُعجَب بذلِك ايضًا . لذَا و بِهدُوء زفَر مُخرِجًا رفِيقَيه عَن تَركيزِهمَا ، يَجذِب إنتِباهَهمَا بعدَ أن دفَع كُرسيَّه للخَلف بخفَّة، يجرُّ حقِيبَتَه خَلفَه و أمامَ أنظَار الجَمِيع المُترقِّبة هوَ إبتعَد مَتجهًّا الَى مَقاعِد في المُقدمَة قليلًا مُقارنَة بخَاصتِه.

يَسحَب الكُرسيَّ و يَجلِس أمَام أنظَار الأقصَر الذِي حدَّق بعُرضِ ظَهرِه ، قبلَ ان يُدرِك انَّ الأطوَل يَجلِس فِي المَكانِ الذِي يَسبِقه بالضَّبط جَاعلًا من هَيئة بِيكهيُون الضَئيلة غَيرَ مَرئيَّة لكلِّ مَن يَجلِس في المُقدمَة.



مُتجاهلًا منادَاة سِيهُون لَه و الأنظَار و الهَمسَات التِي اشتَعلت فَجأة ، هُو فقَط جلَس بهُدوءٍ ليُخرِج هَاتفَه و يَضغَط بعَشوائيَّة على شَاشتِه الَى حَينِ وصُولِ الأستَاذ.. و الذِي سَيكُون أملَه الوَحِيد فِي اخمَاد تِلك الضجَّة قليلًا ... و تِلك كانَت رغبَة بِيكهيُون ايضًا..

🌿

”مَاهذا الهُراء؟“ لُوهَان تذمَّر أثنَاء ركلِه لِكرسيِّ بِيكهيُون بِقدمِه؛ ”أجبنِي، مالذِي يَحدُث ؟“ همَس مُجددًا دُون أن تتَحلَّل نَبرَته الحَادة الدَّالة على إنزِعاجِه .. يرغَب بتَفسيرٍ مِن بِيكهيُون متَجاهلًا كونَهما في وسَط الحِصَّة.



لُوهان و كيُونغسُو وصَلَا متَأخرَين، و قَد كانَت عشرُون دقِيقَة مُنذ بدَأ الدَّرس و الأستَاذ إنغَمس فِي شَرحِ دَرسِه بكُلّ جِديَّة. لَكِن على خلَاف جِديَّة بيكهيُون فِي اتِّباع شرحِ أستَاذِه و تركِيز نظَره على كتابِه في محَاولَة بإبعَاد انتِباهِه عَن صَاحِب الظَهرِ العرِيض الذِي يغطِي العَالَم عَنه، لُوهَان كانَ مُصرًا إخرَاج الآخَر عَن الشُّرود و الحصُول على كَافَة انتبَاهه .



لَم يخفَى علَيه وجُود تشَانيُول في المكَان الذِي يسبِق بيكهيُون بالضَّبط ، فقَد لَمح وُجودِه بمُجرَّد دخُولِه فلَا يفصِله بَينه و بينَ الأطوَل سوَى بيكهيُون الذِي يجلِس مُطئطِئًا رَأسَه و ذلِك لَم يُرِحه، و بطبِيعَته الفضُوليَة المُنفعلَة ، لَم يسمَح بتَمرِير ذلِك.

”أصمُت ..!“ صَاح بِيكهيُون عالِيًا عِندَما طَفح كَيلُه مِن إصرَار لوهَان ، غيرَ مُدرِك أنَّ صَوتَه كانَ مَسموعًا و انه قَد جلَب لنَفسِه التَّحديقَات مُجددًا . ”أهنَاك خَطبٌ مَا ، بيُون ؟“ سَألَ الأستَاذ بعُقدَة محكَمة بَينَ حاجِبَيه ، بعدَ أن صَدمَته صَرخَة الأصغَر التِي صَدرَت فَجأة.



بالفِعل كَانَت تِلك صدمَة بالنِّسبَة لَه ، فلَم يعتَد على بيُون المُنفعِل ذاك . وقَف بيكهيُون بِهدُوء ليَنحنِي بخفَّة ثمَّ جلَس بإِحرَاج مَع احمرَار كسَى وجنَتَيه ، ليَستَرسِل الأستَاذ دَرسَه.



”علَى كلٍّ .. سيكُون لَديكُم مَشروعٌ جَديد“ الأستَاذ صرَّح قبلَ ان تُوقفَه تذَمرَات الطلَّاب ليَبتَسم بأسَف، ”لا تكرَهوني.. لَست السَبب ، المُقرَّر الدرَاسي و لَيسَ انـا“ هُو قالَ مَازحًا ليُردِف.. ”طَريقَة تشكِيل المَجموعَات سهلَة ، ارفَع يدَك ان كُنتَ تَرغبُ بأن تكُون ضِمن المَجموعَة“.

بِيكهيُون لم يَكن بوَعيِه التَّام و محَاولَاتُه للشُرود  جمِيعهَا حَالت دُون جَدوَى ، كيفَ و كلَّما حاوَلت عَينَاه الهَرب عادَت و حطَّت عَلى ظهرَ عَشيقِه السَّابق . كَم كانَ ذَلك مؤذٍ .. أنَّ نظرَة خَاطفَة لظَهرِه حَتى قادرَة على اثارَة زوبعَة مَشاعِر غرِيبَة فِي دَواخِله ، تَجعلُ أمرَ تخطِّيه لمشَاعرِه اللَّعينَة مُجرَّد مُبتغًا صعبَ المنَال.



”دُو كيُونغسُو..!“ الأستَاذ ذكَر بعدَ ان حمَل اورَاقَه و وقَف..



بتَحديقِه فِي الفرَاغ مُشيحًا بِنظرِه عن كَامل الصفِّ ، متَغافلًا عن همسَات لوهَان و عَن ركلَاته التِي عادَت لتتَهجَّم عَلى كُرسيِّه بخشُونَة اكبَر كَمَن يمُوتُ للَفت انتِباهِه ، يدعُوه ليَخرُج عَن شرُودِه الأحمَق للَحظَة ، و بِيكهيُون يستَمر بتَجاهُل ذلِك ، متَغافلًا عمَّا يَحدُث حَولَه الآن .. الكَثيرُ مِما يَحدُث.



”لَم ترفعُوا اصَابعَكم لأيِّ مِن المَجموعَات لذَا تِلقائيًا.. تصبِحون مَجموعَة وَاحدَة . كِيم كَاي، بَارك تشانيُول و بيُون بيكهيُون“.

جفلَ بِيكهيُون لدَى سَماعِه لإِسمِه، دُون اَن يعلَم عَن سَبب ذَلك ، ”لقَد انتهَى الصفّ ..“ الأستَاذ انهَى حِصتَه ليُغرِق نفسَه بَين الاورَاق بعدَ ان جلَس بمَكتبِه . و الأصغَر التَفت يُراقبُ خُروج الجَميع، و اللَّذينَ يَمنحُونه نَظرَات غَريبَة كمَا لو انَّهم يَتأسفُون لِحالِه، هُو لَم يعلَم ايَّ ردَّة فِعلٍ علَيه ان يُصدِر سوَى رفرَفة أهدَابِه مع نظرَته الفَارغَة.



ذلِك ما لَم يفهَمه بِيكهيُون الَى حِين شُعورِه بلَكمَة قويَّة استَهدفَت كَتفِه، ليُدلِّك مَكانَ الضَّربَة و يلتَفت لِخلفِه ببُطء ، غيرُ مُضطَر ليَحزرَ الفاعِل لأنَّه مُتأكدٌ مِن انهَا تعُود للوهَان ، و تأكَّد أكثَر عِندمَا صَرخَة قَويَّة اخترَقت اذنَه ، ”هل جُننت ؟“.



”لمَ اختَرت مَجموعَة كيونغسوُو.. ايهَا الخَائن؟“ كاي تَذمَّر غَيرِ مُهتمٍّ بتَعابِير سِيهُون المُتأسِّفة و الذِي يُحاوِل التَبرِير بجديَّة ، ”صَدقنِي لقَد كانَ خطَأ ، كم مرّة عليَّ اخبارُك.. لقَد كُنتُ ارفَع يدِي لتَعدِيل شَعرِي فحَسب، ثمَّ منذ مَتى اهتمُّ بمَشاريعِ المَجموعَات تِلك !“ شرَح مَع أصابِعه التي تَتخلَّل شَعرَه موضَّحة المَوقِف بَينمَا يتبِّع كاي الذِي خَرجَ سريعًا ليَلحَق بتشانيُول الذِي خرَج اولًا.



بتَرنَّـح ، سحَب جسَده ليَدلَف خَارِج الصَف . عَقلُه اصبَح فَارغًا ملِيئًا بالسَواد، و كثِيرٌ مِن الأفكَار تزَاحمَت برَأسِه . يُمكِنه الشعُور بتَجمع الدِماء بوَجنتَيه و إرتِفاع درَجة حرارَتهَا، و قدمَاه مازَالتَا تتَحرَّكان بعَفويَّة تقودَانِه نحوَ وِجهة مَجهُولة.



إسمُ الفتَى تَردَّد بعَقلِه الفَارغ يرفَع مِن مستَوى تَشويشِه ، فهُو لَم يتَخطَّى الصَّدمَة و لَا يعتَقد ان بِإمكَانه ذلِك . لَا يسعُه التَّصدِيق بأنَّه سيَعمَل الَى جانِب بِيكهيُون ، سيَبقَى قَريبًا مِنه و يُمكِنهما الحصُول على توَاصُل بصرِي .. تقرِيبًا هو علَى وشَك فُقدَان صوَابِه.



هوَ لَم يَعلَم أنَّ الحَائط أمَامَه بِسبَب شرُودِه و قَد كانَ علَى مَقربَة مِن الإِصطِدَام بِه، لولَا يدُ كَاي التِي سحَبته للخَلف مِن كتِفه توقِفه عن التَقدُّم و تنقِذه مِن المَوقِف المُحرِج.

”تشانيُول..!“ ، نبرَته كانَت هادِئة و تشَانيُول حدَّق بِه بشُرود، لَم يستَرجع وعيَه التَام بَعد. ”سنُضطرُّ للإلتِقاء اليَوم لذا انتَظرنِي هنَا ، سَأخبِره بأن نلتَقي فِي المكتَبَة بعدَ ..“ لَم يستَطع كَاي انهَاء حدِيثِه بسبِب دفعِ تشانيُول لَه، يثبِّت يدَاه على كتِفَيه و يضغَط علَيهمَا بخُشونَة.



”لَا تفعَل..“ نَبرَة الأطوَل كانَت حادَّة و أعيُنه باتَت جادَّة بشَكلٍ كبِير، ”انتَ لَن تُحادِثه ..!“ بذاتِ النَّبرة ، يمنَحه نظرَة لَم يعهَدهَا تَحمِل الكَثِير مِن المشَاعِر المُختلِطة خَلفهَا . ”اِذن.. ترِيد أن تَفعَل ! أنت !؟“ كاي بذُهولٍ تَحدَّث بحَاجِب مَرفُوع ، يَمنَح الأطوَل الحُريَّة التَّامة فِي تَحقِيق مَا يدُور بخُلدِه مِن رَغبَات ، منذُ انَّه لَم يعلَم هدَف الأطوَل مِن فِعلَته هذِه .

استَطاعَ كاي رؤيَة اهتِزَاز حدَقتَي تشَانيُول، يُمكِنه ان يحزِر انَّه لَا يَمتلِك جُرأَة كافيَة لفِعل ذلِك، لَكنَّه ترَك لَه الخيَار على ايِّ حَال ، يَمنحَه المجَال للتَّفكير و سرِيعًا هو تلَقى الإِجابَة ، عندَما هزَّ رأسَه نافيًا ليُبعِد يدَيه عن كتِفي كَاي ، يعُود للتَقدُّم نحوَ المجهُول.

🌿



أستاذ، ألا يُوجَد حلّ ؟“ لوهَان تَرجَّى بعيُون الجِرَاء خَاصَته، يَتمنَّى لَو فقَط تُفلِح فِي رَدعِ الأستَاذ عَن قَرارِه، ”لستُ من اختَار ..انّه انتُم“ الأستَاذ قَال يبدُو مصرًا على عدَم التَّبدِيل .



”لكِن ..“ لُوهَان ارادَ المُحاولَة مِن جَدِيد مُصرًا على عدَم تركِ الصفِّ الَّا بعدَ تغيِير للأستَاذ لرَأيه ، لَكِن الأستَاذ أوقَفه و و بحزمٍ تحدَّث ، ”بعدَ التَّفكِير.. اعتَقِد ان هذَا أفضَل، أنتمَا مَع الطَّالِب الأوّل في صفنَا.. دو كيُونغسُو ، و دَرجَات بِيكهيون جيدّة جدا ، و درجَاتك.. جيدَة فقَط“ الأستَاذ اوضَح بإبتِسامَة واثِقَة، ”لذا يَجب فَصلُكم.. أَ و ليسَ اِجحافًا وَضعُكم معًا دائمًا ؟“ هو أكمَل ليَهزَّ رأسَه عندَ انتِهَائه.

”و لكِن استَاذ علامَات كاي جَيدَة ايضًا. و بإِمكانِه مُساعَدتهمَا“ لوهَان تَوسُّل مُجددًا عِندمَا شَعر بأنَّ قَرار التَغييرِ ينفَذ من بينِ ايديهِم. بيكهيُون اخفَض بَصرَه و شَابَك انَامِه بذُعر، لَم يَكن بكَامِل وَعيِه ايضًا فقَد رمَى بنَفسِه امَام أقدَامِ تشَانيُول، بَينَما امتَلك الخِيَار و الفُرصَة للإبتِعَاد عَنه، لكِنَّه وَجدَ نَفسَه أقرَب لتشَانيُول ،و سَيتشَاركَان ذاتَ البُقعَة لمدَّة مِن الزَّمن .

”لهذا وَضعُ بِيكهيُون هنَاك يجعَل الوَضع اكثَر عَدلًا“ الأستَاذ انهَى كلامَه تَمامًا ليُلملِم الاورَاق بَينَ يدَيه و يلتَفتَ للمُغادرَة. ”فلتَعملُوا بِجدّ“ رَفعَ قبضَته في الهَواء لتَشجيعِهم قبلَ ان يُغادِر الصَفّ .

رَاقَب لُوهَان إِختِفاء الأستَاذ خلفَ البَاب ليُغلِقه بعدَ خرُوجِه، تنَهدَ بيَأسٍ ليَلتَفتَ الى بِيكهيُون الذِي ترَاجَع للخَلف و اشَاحَ بوَجهِه نحوَ النَّافذَة مُحاوِلًا اخفَاء تَعابِير الإضطِرابِ على وَجهِه، و اضطِرابِ دوَاخلِه ايضًا.



كيُونغسُو ايضًا رَاقبَه بصَمت، تَاركًا مَسافَة بَينَهما فلَم يَمتلِك الجُرأَة للإقتِراب و مُحاولَة التَخفِيف على رَفيقِه . تنَهَّد بغَير حِيلَة ليُبعثِر غرَّة شَعرِه، فلَا يُمكِنه لَوم بيكهيُون على مَا حدَث، يعلَم انَّ ذلِك خَارجٌ عن يَد بيكهيُون ، فلَم يَكُن الأصغَر فَاقدًا لعَقلِه ليَسمَح بحدُوثِ ذلِك، كلُّ مَا حدَث هوَ ان الأصغَر احِيط بِشرُودَه الذِي أحدَث المُصيبَة.



”لِم واللعنَة، التَّغييرُ شمَل مَجمُوعتينَا فقَط؟“

🌿



”لَا ادري لِم انتهَى بهِ الأمرُ مَعنا، أعنِي الأمرُ مُضحِك“ لوهَان سخِر بينمَا يُضيقُ عينَيه اثنَاء تَحدِيقِه الجَانِبيّ بسيهُون . ”لَيس و كأنَّك اذكَى مِنه“ قالَ كيُونغسوُو بعَفويَّة تزَامنًا مَع غلقِه للكتَاب ليَدفَعه بِخفَّة الى الجَانِب غيرِ آبِه بِنظرَات لوهَان التِي ترمِي بشَراراتِها غَضبِها ناحِيتِه و بالجَانب الآخر إبتسَامة سِيهُون المُبتذلَة و التِي كانَت مُستفزَّة كالجَحيمِ بالنِّسبَة للُوهَان.



شبَك صاحِب العيُون الوَاسعَة انَامِله اسفَل ذِقنِه ليُردِف مع نَبرَة صوتِه العمِيقَة ، ”هَل سَنختَار موضوُعًا أم نَستمرّ بالجُلوس هَكذَا؟“ سَأل بِجديَّة يَنتظرُ اجَابَة من ايٍّ مِمن يَجلِس أمامَه مَع جوِّهِما المَشحُون بالنَظرَات الحَانِقة.

”نَجلِس فحَسب“ سيهُون تمتَم بينمَا يُشيحُ بنَظرِه الى الجَانِب محدِّقا بالنَافذَة . بعدَ الهدُوء الذِي حلَّ بمَجمُوعتِهم هو التَفت ببُطء لشعُورِه بأنظَار تختَرِقه ، متَفآجأً بكيُونغسُو الذِي يَرمُقه بنَظرَات فَارغَة لدَقائِق، فيُعدِّل من اجابَته سَريعًا تزامنًا مع تَعديلِه لجَلسَته الفَوضويَّة .



”أقصِد، أنا مُوافقٌ على ايٍّ ممَا تختَارُونه“ هُو تحدَّث بغَيرِ اهتمَام ليَبسِط لُوهَان شَفتَيه قَبلَ أن يبدَأ تَذمُّره بصيَاحٍ هائِج ، ”تقولُ هَذا لأنَّك لَن تُساعِد بأيِّ شَيء“ ، هُو هَدأ في الثانيَة التاليَّة عِندَما ادرَك اَن صوتَه ارتَفع بغيرِ عِلمٍ مِنه ، اضَافَة لتغَافلِه عن وجُودِه بالمكتَبَة..

كيونغسو تنهَّد بتَعبٍ ليَحمِل حَقيبَته و يَقف مُتأهبًا للمُغادَرة بعدَ أن يئِس مِن التعامُل مع كِليهِما ، هُم لَم يبدَأوا عمَلهُم بالفِعل و بإمكَانِه رؤيَة ما سيَحدُث بهَاتِه الفَترَة بالفِعل . ”سأختَارُ مَوضوعًا و أرسلُه لكمَا لتَبدآ بالبَحث“ هُو رمَى بِكلَامِه قَبل ان يُغادِر سَريعًا.



رَاقَب كلَاهُما رحِيل الآخَر حتَّى اختِفائِه خارِج المَكتبَة، ليلَتفتُ لُوهَان لسِيهُون المُنغمِس في التَّحدِيق في الفَراغ. ”بالمُناسبَة..“ همَس لوهَان جَاذبًا الأطوَل الشَّاحِب للحَديثِ بعدَ ان انتَقل للجلُوس بجَانبِه، يَختصِر المَسافَة بينهُما و يُشيرُ للآخر بالإِقترَاب أكثَر، الأطوَل لبَّى سَريعًا في انتِظارِ الأقصَر للحَديث.

”صَديقُك اللَّعين.. هَل جنَّ أخيرًا؟“ تحدَّث لُوهَان بجدِيَّة تامَّة تخلَّلتها لمحَة سَاخرَة ليَصرُّ عَلى أسنَانِه بنِهايَة حدِيثِه . ”مـ.. ما خَطبُك؟“ سألَ الشَّاحِب بِتردُّد يُعيد جَسدَه للخَلف عِندمَا شعرَ بيدِ لوهَان تضغَط علَى مؤَخِّرة عُنقِه تزَامنًا مَع دَفعِه لوَجهِه ضدَّ وجه الشَّاحِب ، يُوسِّع عينَيه امَام خَاصتِه بتَهدِيد ، بينَما يَنفُث انفَاسَه الحَارَّة على ذِقنِه .



”فلتُعد الملعُون ذَاك الَى مكَانه .. تُخبِره أو تُجبِره أنَا لَا اَهتَم ، المُهمّ الَّا يجلِس أمَام بِيكهيُون أو حتَّى بالقُربِ مِنه“ ، ابتَعد ذُو العيُون الغزالِيَّة معدِّلًا خُصلَات شَعرِه جَوزيَّة اللَّون بَعدَ ان أكمَل تهدِيدَاته مغادرًا بقعَته ، تَاركًا الآخر مَع حَيرَته، أيحرِّرُ أنفاسَه المُختنقَة .. أم يَكبِتها دَاخلًا لوَقتٍ أطولَ قليلًا بَعد .



لُوهَان قَد أصبَح كالألَم في المُؤخرَة بِحق بالنِّسبَة لسِيهُون ، ”آش ، ذلكَ القزَم كالكَابُوس“.



🌿

كانَ الجوُّ مشحُونًا علَى الرَّغمِ مِن هدُوئِهما، يزِيد الأمرَ ارهَابًا. بدُونِ ابدَاء ايِّ ردِّ فِعل ، همَا جلسَا متقَابلَين ، تَفصِل بينَهمَا مَسافَة مُعتبَرة و لَو كَان بإِمكانِهما لجَلسَا بطَاولَات مُنفصِلَة. كَاي فِي الجَانِب الآخر يَجلِس بحَيرَة، توتُّره لَم يقِل عَن توتُّر الثنَائِي امَامَه ، يخفِض بصرَه مسَايرًا للإِثنَين و بألَم يمسِّد اسفَل ظَهرِه ، فجُلوسُه بإِستَقَامة لمُدَّة أرهَقه كَاللعنَة.



تحَمحَم بتَردُّد لَا يعلَم اِن كانَ الوقتُ الأنسَب للحَدِيث، مُرتَعب مِن ردَّة فِعل الإثنَين و لَا يعلَم كَيفَ سَيتمكَّنون مِن انهَاء المَشروع ، فلَا يُمكِنه رؤيَة نقطَة نهايَة لَه . هُو ايضًا يَرغَب بِالحصُول على نتِيجَة جَيِّدة ، لذَا قد كَان مُستعدًا للعمَل بِجد ... علَى عكسِ مَا يَبدُو عَليه البَاقيَان.



”أولًا ...“ هو بَدأ حَديثَه جَاذبًا اهتمَامَها تَزامنًا مع دَفعِه لبَعضِ الأورَاق البَيضَاء امامَهُما لدَى انتبَاههما ، ”سَنكتُب بَعضَ الأفكَار عَن مَوضوعِ مَشروعِنا ..“ كاي إقترَح عِندمَا شَبكَ أنامِله يُراقبُ أيدِي بِيكهيُون التِي تَعبَث بِالأورَاق بَينمَا تشَانيُول لَم يَمسُّها حتَّى ، يَتمنَّى لَو يَلقِي ايِّ مِنهُما ردَّة فِعلِ عَلى الأقَل .

”لنَقم بالتَّفكِير بِهذَا المَوضوعِ في المَنزِل ، سَنجتمِع غدًا لنُنقاشَ مَا توصَّلنا الَيه“ بيكهيُون اقتَرح بَينَما يُحدِّق بكَاي بِتوتُّر واضِح ليَبدأ بتَجمِيع اورَاقَه ، هُو توقَّع وجُودَ ذلك الشُعورِ بَينهمَا ، اذ لَم يَحضَى بمُحادثَة معَ الأسمَر و لَو لثَوانٍ مُنذ اختِفاء تشانيُول ، قَد كَانَت ثلَاث سنَواتٍ لَعينَة .



”حَسنًا ، فِكرَة جيِّدة“ كَاي وافَق فورًا ليَهزَّ رأسَه و بِيكهيُون كانَ قَد انتَهى مِن جَمعَ حَاجِياتَه بالفِعل مُستعدًا للمغادَرة عِندمَا وَردَه اتصَال ، ”أنا أتٍ“ هُو قالَ بعدَ أن أجَاب علَى المُكالمَة التِي وردَته صانِعًا طَريقَه خارجَ الكافِيتيريَا ، عِندَما صَوتُ كَاي الذِي ينادِيه أوقفَه ، التَفت سَريعًا ليَتلقَّى استِفسارَ الآخر بعدَ ان ابعَد هاتِفه عَن اذنِه ، ”هل نلتَقي هُنا بالغَد ؟“.

”دَعنَا نلتَقي بِمنزلِي !“..



🌿

”الهِي، أستَدعُه يَدخُل مَنزِلك حتَّى ؟“ فرَك لُوهَان صَدغَيه بغَيرِ تَصدِيق لِم سمِعه للتَو، نَبرَته كانَت متَأَسفَة علَى حَال صَديقِه.. و ذلِك لَم يُساعِد عَلى الإطلَاق فِي تعدِيل مِزاجِه. بِيكهيُون يَجلِس مَكانَه بينمَا يُسنِد جانِب رأسَه عَلى الحَائِط، يُطبطِب عليهِ بِرأسِه بنَدم.. أمَام انظَار رَفيقَيه الجالسَان أمَامه.

”لابدّ انِّي جُننت! لَا اعلَم لمَ قلتُ ذلِك“ بِيكهيُون قَال تَزامنًا مَع طَبطَبة خَفيفَة عَلى الحَائط ، يَتنهَّد فِي كلِّ مرَّة ينظُر الَى المكَان الذي يَسبِق مَكانه ، فترَاوِده رغبَة عارمَة بصَفعِ نفسِه على كَلامِه الذِي انزَلق بلَا تَفكِير ، لدَى انشِغالِه بالفِرار و التهرُّب مِن ذلِك الإجتِمَاع الخَانِق .

”توقّف عَن ذَلك“ كيُونغسُو عاتَبه و هوَ يسحَب غرَّة شَعرِه يمنَعه من ضَربِ رَأسِه ، و بِيكهيُون عبَس بألَم ليَصفَع يدَ كيُونغسوُ يُبعدُها عَن شَعرِه ، ”أنتَ تَفعَل ذلِك لأَجلِ المَشروع لذَا لَن يَحدُث شَيء“ .



”كيُونغسوُ، أنَا لَا أُريدُ رؤيتَه هُنا .. فَما بَالك مَنزلِي“ تحدَّث بِيكهيُون بِعبُوس ، يتَحسَّر علَى حَالِه و قَد كانَ يائسًا لدَرجَة البُكاء فِي ايِّ لَحظَة ، تنهَّد ليُبعثِر شَعرَه و يُسنِد جَبينَه عَلى الطَّاولَة.



”انَّه حبِيبُه السَّابق..!“ همَس لُوهَان لكيُونغسُو و قَد بدَى ذلِك كإِعتِراض مِن صَاحِب العيُون الغزَاليَّة ، ”حبيبُه الذِي تخلَّى عَنه .. حتَّى مِن أجلِ المَشرُوع، ذلِك غيرُ ممكِن!“ هو اكمَل عندَما بدَأته نَبرَته تشتَد و بدَأ انفِعالُه الإعتِياديُّ بالظُّهُور.



”أصمُت..“ هَسهَس كيُونغسُو أمَام وجهِ لُوهَان ليَلوِي جلدَ يدِ بقوَّة، متَسببًا بتأوَّه الآخَر بألَم مُمسكًا يدَه الضَّحيَّة . عينَا كيُونغسُو حَملَقتَا بلُوهَان بحِدَّة بينمَا يدَه امتَدَّت لتُربِّت عَلى مُؤخرَة رَأسِ بِيكهيُون الذِي يلقِي رَأسِه بإِهمَال عَلى الطَّاولَة متَجاهلًا حدِيث رفِيقَيه الذِي سَمِعه بِوضُوح ، عَلى الرَّغم مِن محَاولَاتِهما لإخفَائه.



🍃

بعدَ يومٍ مدرَسيٍّ أقرَب لِكونِه عادِيًّا، عودَة بِيكهيُون للمَنزِل كانَت امرًا مُحتمًا بالرَّغمِ مِن عدَم رغبَتِه بذلِك ، فعلَى اليَوم أن يَنتهِي عندَ هذَا الحَد.



هوَ لَم يَعلَم كيفَ مرَّ يَومُه الدرَاسِي بِشَكل هَادئ حتَّى فعَقلُه مايزَال مَشغولًا بالمُصيبَة التِي ستَحدُث في نهايَة اليَوم بِسبَب زلَّة لسَانِه اللَّعينَة ، اضَافَة للشعُور الغرِيب الذِي مايزَال قَائمًا بسَببِ بَارك الذِي يقبَع بالقُربِ مِنه اذ يتَشارَكان ذَات الهوَاء تقرِيبًا، يجعَله انفَاسَه المُختَنقَة تُبتَلع داخِل حلقِه اكثَر.



بِيكهيُون أنهَى حَمامَه ليَتفقَّد الساعَة التي تَوسَّطت حائِط غُرفَته، يُحدِّق بهُدوء بعَقارِبها التِي أشارَت الى مَا يُقاربِ السَاعَة الخَامسَة مسَاءا ، تنهَّد لإِدرَاكه انَّه مجبَر على مُواجهَة الوَاقع الآن، اذ لَم يَتبقَّى سوَى بِضعَة دَقائِق على بَدء الكَارثَة.



صَوتُ جَرس المَنزِل قطَع تَسلسُل أفكَاره المُرهِق ، و قَد حَزرَ أنهمَا بالفِعلِ هنَا. إرتدَى سَريعًا مَلابِس مَنزليَّة بَسيطَة ليَنزِل الدرَج بتَثاقُل..



”اوه مَرحبًا“ هُو قالَ ليَبتَسم بتَوتُّر عِندما قابلَه وَجه كَاي المُبتسِم بذَاتِ توتُّرِه أيضًا، و بَعد فَترَة قصِيرَة تدَارك الوَضع ليَفتحَ البَاب أكثَر يَحثُّه على الدُخول و الآخر سَريعًا فعَل.

”تشَانيُول.. سَيأتِي بَعد قَليلًا، لَديهِ بَعض الأُمورِ لِفعلِها“ كَاي وضَّح بأَعيُن مُهتزَّة ، يشَابك يدَيه خلفَ ظَهرِه بَينمَا يَخطُو بثَباتٍ دَاخِل غُرفَة بِيكهيُون بعدَ صُعودِها للدَرج ، يتَفقَّد أرجَاءَها بتَمعُّن ليلتَفت لبِيكهيُون ، ”غرفَة لطيفَة !“ امتَدحَ كاي بَينمَا يَقتَرب ليَجلِس بجَانبِ بِيكهيُون عَلى سَريرِه.



”أنعمَل هُنا أم بالطَابِق السُفليِّ ؟ بمَا أن والدَي غيرُ مَوجودَان“ بِيكهيُون اقتَرح و كَاي سريعًا اجَاب ، ”فَلنبقَى هُنا فقَط“.

🌿

تَفقَّد كاي سَاعة مِعصَمه ليُدرِك أن ساعَة مِن الزَّمن قَد مرَّت مُنذ مَجيئِه بالفِعل و تشَانيُول لَم يظهَر بَعد ، منذُ انَّه كانَ مُنشغلًا بالمَشرُوع دونَ ان يُلقِي بالًا لمُرور الوَقت ..



”سأرَى مَن عَلى البَاب“ بِيكهيُون قَال بتَردُّد تَزامنًا مَع وُقوفِه عندَما صَوت جَرسُ البَاب صدَح فِي الأرجَاء و كَاي هزَّ رأسَه بالإيجَاب، فقَد كانَ مُتأكدًا من أنَّ الطَّارق هُو تشَانيول.

جرَّ جَسدَه بِبطءٍ شَديد، يمَاطِل للوُصول الى الطَّابِق السُفليِّ حيثُ البَاب الرَئِيسيّ ، مُرتَعب مِن فكرَة انّه سيَحصُل عَلى اتِّصال أعينٍ طَويل مَع الطَرف الآخر ، بل همَا سَيجلسَان مَعا و سيَضطرَّان للحَديثِ معًا ، متَمنيًا لو فقَط يستَطيع تَجاهلَه و الصُعود الى اعلَى مُجددًا.

بِهُدوءٍ رَفع سِتارَ النافذَة التِي بِجانِب البَاب يَتفقَّد مَن خَلفَه، لِيؤكِّد كافَة شُكوكِه التِي أشارَت الَى انَّ بَارك تشانيُول قَد كانَ الطَّارِق، و قد حضَر اخيرًا لتَخريبِ مزَاج بِيكهيُون.



بِتَجوَال عينَيه عَلى الوَاقفِ خَلف البَاب، بيكهيُون ادرَك ان تشانيُول قَد ازدَاد طولًا، وَ وَسامَة ايضًا فلَا يُمكنُه الانكَار ، تشانيُول بَدى كَعارضِ ازيَاء بشُموخِ هَيئتِه تِلك، و مَا كانَ لثيابِه الأنِيقَة سوَى ان تزِيد مِن جَمالِه اكثَر.



لطالَما تَناسَب تشَانيُول مَع كافَة الازيَاء، لكِن للأَسوَد سِحرُه الخَاص اِن تَصادَف اَن إرتدَاه . بِبنطَال اسوَد ضيِّق بتشَققَات معتَبرَة التوَسُّع ، قَميصٌ صُوفيّ أسوَد بعُنقٍ مرتَفع، أخيرًا مِعطَف بِلونٍ بنِي غامِق يُضفِي لمسَته الخاصَة بإنسدَاله مِن عَلى عُرض مَنكبَي الأطوَل ، مُتممًا مَظهَره الكَامل و المِثالِي. بيكهيُون ابتَلع بصُعوبَة اثنَاء تمعُّنِه للنظَر بالأطوَل ، فلطَالمَا ابهَرتهُ أناقَته و حسُّه الجيِّد في تَنسِيق ازيَاءه.

بِيكهيُون تنهَّد بعُمق بينمَا يَخفضُ رَأسَه، يمسَح علَى يسَار صَدرِه الذِي بدَأ ببَثّ نَبضَات مُؤلمَة ، يشعُر انَّه و لِلأسَف مَايزَال وَاقعًا للآخَر ، لَكنَّه سرِيعًا هَز رَأسَه علَى غبَاء افكَاره، لَا .. هُو لا يَجبُ أن يَبقَى علَى هذِه الحالَة ، يَجدُر بِه التَّحرُك بعِيدا عن نُقطَة البِدايَة اللَعينَة تِلك.



شَهقَة خَفيفَة تَسربَت مِن ثَغر الأصغَر تَلتها حَركة يَدِه السَريعَة التي اغلَقت السِتار، و ذَلك عِندمَا عَينَاه التَقت اَعين مَعشوقِه السَّابق ، ليُدرِك أن الآخَر قَد رآه بالفِعل، هُو لم يَكن سَريعًا كِفايَة.

تشَانيُول ابتَعد عَن البَاب بمَسافَة يُحاوِل اعدَاد نفسِه لتِلكَ اللحظَة الصَّعبَة، تِلك التِي سَتلتَقي عينَاه بِمَحبوبَتيها اللتَان قَد طَال اشتِياقها لهمَا، هزَّ كَتفيه ليَتنهَّد مُمسكًا بجَانِب صَدره الأيسَر . البَاب سَيفتَح فِي أيِّ لَحظَة و قَد كَان مُرتَبك كاللَّعنَة.. مُتحيرًا مُضطربًا ، مُدرِكا انَّه غَيرُ جَاهز تَمامًا كالآخر.



مِن خلفِ البَاب و دُونَ ان يعلَم تشَانيُول ، مَا يَملأ ذَلك المكَان .. كَان لَا شيء. لأنَّ كَاي راقَب بِحيرَة دُخول بِيكهيون الَى الغُرفَة و بِمفردِه . ”ليسَ تشانيُول؟“ استَفسَر لدَى جُلوس بِيكهيُون فِي مَكانِه بِجانبِه ليتلقَى اجابَته، بعدَ هزَّ رأسَه مُشيرًا بالنَّفي . ”مُتأكِّد ؟“ كَاي سَأله مُجددًا عِندمَا لَاحظَ اهتزَاز مُقلتَي بِيكهيُون المُستَمر ، كَما لَو انَّه يَدرُسها.

”أجل لَيسَ هُو، ربَّما اطفَال الحَيّ .. غالبًا مَا يفعلُون ذَلك“ بيكهيُون شرَح عَلى الرَّغم مِن ارتبَاكه .. محَاولًا تجنُّب النظَر بعَيني الأسمَر ، و كاي تفقَّد سَاعتَه التِي أشارَت الَى مَا يُقاربُ السَّادسَة و النِّصف، ليَقلقَ اكثَر، هل تشَانيُول حقًا قرَّر الإِنسحَاب !؟



”ألَيس الوَقتُ متأخّرًا لخُروجِ الأطفَال ؟“ استَفسَر كَاي مركِّزًا نظَره علَى اهتِزَاز حدَقتَي الأقصَر الذِي لَم يخُفّ للحظَة ، واضِح توتُّره . ”أ- أجَل .. أطفَال سَيئِين .. الَيس كذَلِك ؟“ هو اجَاب بصوتٍ مهتَز يصطَنِع ابتِسامَة بلهَاء .. آملًا ان يكُون ذلِك مقنِعًا كفايَة.



رنينُ جَرس البَاب عادَ مُجددًا و بِيكهيُون تجمَّد مَكانَه ، لَا يُريدُ الذَّهاب للتَفقُّد مُجددًا ، غَيرُ متأكِّد مِن إن كانَت قَدمَاه قادرَتان عَلى حَمل جَسدِه حَتى البَاب الرَئيسِي . ”الجرَس...“ كَاي اشَار بِسبابَته الى بَاب الغُرفَة الغَير مُوصَد عِندمَا الرنِين صَدَح مُجددًا و مُجددًا.

”الهِي.. اولَئك الأطفَال، سَأجنّ“ بِيكهيُون قاطَع حَديث الآخَر.. ليَرفَع الأورَاق و يَضعهَا امامَه، ”لقد طَرأت لِي فكرَة عن المَوضُوع.. تفَقَّدها“ ، هُو قَال تَزامنًا مع نَقرِه بأصابِع مُرتجفَة عَلى كَومَة الأورَاق امامَهما.

بِيكهيُون رفَع اكمَام مِعصمِه لشُعورِه بالحرِّ من الجوّ المَشحُون هُنا ، يُروِّح أمامَ وَجهِه ثمَّ يجمَع قبضَتيه اسفَل ذِقنِه بِجانِب كَاي في إنتظَاره لإكمَال تفحُّصِه للأورَاق ، و كَاي بِغيرِ ادرَاك يُرسِل بَعضَ النَظرات الَى الجَالِس بِجانبِه ، التِي تفحَّصته بالكَامل مُتوقفَة امَام وَجهِه و شكلِه اللَّطيفِ اسفلَ قَبضتَيه الصَّغيرَتين .

”بيكهيُون ما هذَا ؟؟“ كَاي صَاح تزَامنًا مَع سَحبِه لمِعصَم بِيكهيُون بينَ يدَيه فيُعيق تَوازَنه ، يُمعِن النَظَر فِي الجرحِ الذِي اتخَذ مكانًا بِشحُوب معصَمه مُشوهًا نقَاء بَشرَته. بقَلقٍ واضِح ، هُو مسَح بإبهَامِه عَلى الجُرح الذِي لم يَلتَمم بَعد ، ليُحوِّل نظرَه الى بيكهيُون و الذِي اشَاح بوجهِه بعيدًا متهَّربًا مِن الإجابَة ، بعدَ سحبِه ليدِه من قبضَة الآخَر بألَم .



”لقَد كَسرتُ مرآتِي بالخَطأ ، و جُرحتِ اثنَاء تَجمِيعي للزُجاج“ بيكهيُون اجَاب و يدُه بِسرعَة تُخفِض الأكمَام . ”بيكهيُون ..!!“ همَس كَاي وَاضعًا يَده علَى كتِف بِيكهيُون بقَلق بادٍ على ملَامِحه، فلَم يَكن غبيًا ليُصدِّق عذرًا كهذَا ، و بيكهيُون ابتَسم بتَوتُّر واضِح ثمّ ابَد يدَ كاي عَنه ، ”أنَا بخير .. لَم يحدُث شَيء“.



🌿

”كاي، مَاهذَا الهُراء ؟“ كاي تلقَّى حَديثَ الآخر مِن خِلال سَماعَة الهاتِف ، نبرَته كانَت هادئَة بشَكلٍ رهِيب. ”أنا أقفُ أمَام البَاب مُنذ سَاعتَين ..“ تشانيُول أكمَل بذَاتِ النَبرَة، ليَتنهَّد كَاي و يبدَأ بجَمعِ حَاجياتِه ”حسنًا.. انتَظرني“ ، أغلق الخَط سَريعًا ليقلِب عينَيه على تصرُّف بيكهيُون الطفُولي .. هُو ترَك تشانيُول واقفًا أمام بابِه لساعَتين و استَمرَّ بتَجاهلِه، و الأطوَل أبَى الرَّحيل ، مُتصنِّمًا امَام بَاب بيُون .



انتهَى مِن حزمِ اشيَائِه دَاخل الحَقيبَة ليَضعهَا جانبًا و بتِلكَ اللحظَة دخَل بيكهيُون بيدَيه مَشغولتَين.. يَحمِل صِينيَّة بهَا شَطيرتَين و كوبَي عَصيرٍ ينظُر بِفخرٍ لهمَا ، ”الى أين ؟ لقد حَضرتُهما من اجلِ كلينَا..“ بيكهيُون تحدَّث بعبُوس على وجهِه بينمَا يُرفرِف بأهدَابِه ، عِندمَا لاحَظ عدَم وُجودِ ايٍّ مِن الأورَاق الخَاصَة بمَشروعِهم.

”سَنكمِل مَع فِكرتِك ، لقَد أعجبتنِي كَثيرًا . وَضعتُ أورَاقَك عَلى المَكتَب، و أخَذتُ خَاصتِي، لنَتقابَل غدًا فِي الكَافيتِيريَا لإِكمَال تَقسِيم المهَام بمَا انَّه لا يمكنُنا فعلُ شَيء من دُونِ حُضورِ كافَّة الأعضَاء“ وضَّح كاي بتَشدِيد على كلَامِه ، ليُلاحِظ إرتبَاك بِيكهيُون لدَى انتهَائه ،  و يَدلَف سَريعًا خَارج الغُرفَة .



”كَاي.. خذهَا“ بيكهيُون رَكض خَلفَ كَاي الذِي يَقفُ امام المَخرَج بعدَ ان نزَل الدَرج ، يحمِل بَينَ يَديه الشَّطيرَة التِي تعبَ بتَحضيرِها و التِي قَام بتَغليفِها بشَكلٍ فَوضَوي ، يمدُّها بكِلتَا يَديه نَاحيَته ليَتلقَّى ابتِسَامة كاي المُمتنَّة ، ”سأتناوَلها جَيدًا“.



كَاي سَريعًا سحبَ نفسَه خارِج المنزِل ليَدلَف الى دَاخلِ السيَّارة فيُصبِح بِجانبِ تشانيُول. الأطوَل لَم يبدُو بمزَاج جَيد ، لَم يبدُو هادئًا على الرَّغمِ مِن صمتِه ، و بقَسوَة سَحبَ حزَام الأمَان يشدُّ القَبض علَيه ، يلقِي نَظرَة أخيرَة عَلى بَاب المَنزلِ و قَد كانَ مُوصدًا.



هوَ ادرَك انَّ بِيكهيُون ودَّع الأسمَر فِي الدَاخلِ فحَسب ، و لَم يخطُو خُطوَة خارِج حُدود المَنزِل و لَم يُلقِي بالًا لتَفقُّده حتَّى بعدَ فِعلَته الطُّفوليَّة تِلك .

نَظرُه انتَقل الى نَافذَة غرفَة بِيكهيُون و قَد كَان سِتارُها مُنسدل ، هو حتَّى لَم يُراقِب تشَانيُول اثنَاء رَحيلِه كمَا اعتَاد ان يَفعَل . تنهَّد بقلَّة حيلَة ليَجذبَ حِزام الأمَان يَربِطه بِمكانِه و يُعدِّل جَلسَته ، مستَعدًا للقيَادَة بتَهوُّر للتَّنفِيس عَن غَضبِه العَارم الحَالي .

”مَاهذا؟“ تشانيُول سَأل يَتفحَّص بِعينَيه مَا يحملُه كَاي بينَ يَديه، و الأسمَر ابتَسم يبدَأ بفتحِ وَرق التَّغلِيف مُفرجًا عَن الشطِيرَة بسعَادة . ”هذا؟ شَطيرَة قام بِيكهـ-..“ و قبلَ ان يُنهِي حَديثَه شعرَ بفرَاغٍ ملأ يدَاه. تشانيُول سَريعًا اخَذ الشَطيرَة مِن يدَي الآخر تَحتَ انظَارِه المُتفاجئَة.



”لكنَّها من اَجلِي..“ كاي تذمَّر بطُفوليَّة قَبلَ ان يجفَل بإرتِعاب لإِرتفَاع صَوت مُحرُّك سيَّارة تشانيُول و الذِي لم يعتَد بَعدُ عَليه ، لِيعقِد ذراعَيه عِند صَدرِه، ”الهِي، لو انَّك فقَط طلبتِها..“.

”لَم تُعلِمه بمَجيئِي ، صَحيح ؟“ تشَانيُول سَأل بَينمَا يقُودُ سيَّارتَه بسُرعَة جنُونيّة ليهزَّ كَاي رَأسَه نافيًا، ”بَلى فَعلت، و هوَ ..“ صَوتُ كاي اختَفى تَدرِيجيًا عِندمَا استَذكرَ ما حدَث، ”بِيكهيُون قَال أنَّ مَن طرَق البَاب كَان اَطفَال الحَيّ ، كَان أنت صحِيح ؟“ ..

”لَقد رَآنِي، علَى الرَّغمِ من ذَلِك لَم يَفتَح!!“ هَسهَس تشَانيُول بعُمق صَوتِه بإنزِعَاج واضِح قَبل أن يشُدَّ على مِقوَد السيَّارَة ثمّ يحرِّكه بتَهوُّر ، و كَاي فقَط أخفَض بَصرَه بينَما يُمسِك بأطرَاف مقعَده بذُعر.



”هَل بالصُّدفَة حدَث شَيء؟“ سَأل الأطوَل بصَوتٍ خافِت الجَالِس بجَانبِه و الذّي يسنِد رَأسَه الى الخَلف بأعيُنٍ مُغمَضة ناعِسة. ”مِثلُ ماذَا؟“ كاي تحدَّث بنبرَة هادئَة دونَ ان يبدِي ايّ ردَّة فِعل ، يبقِي جسدَه بذاتِ الوضعيَّة.



”كَاي، هلَّا تكُون صرِيحًا ؟“ هُو ردَّد لتتَشكَّل عقدَة بَين حَواجِب كاي ، محدِّقا بغَيرِ فَهم ، ”حَول مَاذا؟ أنَا لَا افهَم!!“ أجَاب الأسمَر بتَعابِيره الفَارغَة ، غيرَ عالِم بعدَف الأطوَل مِن السُّؤال ، ليهزَّ تشانيُول رأسَه نافيًا ، ”لَا علَيك!!“.

🍃

”الهِي.. مَالذِي..!!“ بِيكهيُون جفَل بذعرٍ ليَرتدَّ الى الخَلف، يُوشِك على التَعثُّر بدَراجَتِه عِندَما اوَّل مِن قابَل انظَارَه لدَى خُروجَه صباحًا مِن بَاب المَنزل ، كَان لُوهَان الذِي يضغَط لطُفوليَّة عَلى جَرسِ دِراجَته ، كمَصدَر ازعَاجٍ صبَاحي جدِيد .. و قد كانَ ذلِك اخِر ما يرغَب بهِ بيكهيُون.

”اَنت لَا تأتِي مُطلقًا الَى مَنزلي صَباحًا“ .. بيكهيُون سَأل بتَعجُّب يُحاوِل دراسَة مَلامِح الآخر و التِي بسُهولَة حزرَ تَصنُّعها فِي اللحظَة التِي تحدَّث فيهَا مُجيبًا إستِفسَاره ، ”أتيتُ حتَّى نَذهَب معًا الَى المَدرسَة“.

”بَل أتيتَ حتَّى تَعرِف مَا حدَث بالأَمس“ بِيكهيُون قَال ليَتخطَّى الآخر يُعدِل دَراجَته الهَوائيَّة . ”الهِي، كَيف عـ..؛ فَقط اَخبرنِي!!“ لوهَان ترجَّى بإستِسلَام يَتبّع بيكهيُون الذي يَشقُّ طَريقَه خارِج أسوَار مَنزلِه.

صَاح لوهَان بصَخبٍ اِثرَ تجاهُل بِيكهيُون لَه، مُصرًا عَلى الحُصول علَى اجابَات ، ”هَل حصَل شَيء مَا ؟ عنَاق ؟ قُبلَة ؟ أيعقَل انَّك سمَحتَ لَه بمُضـ-..!“ تَوقَّف عندَما ارتَطمت دراجَته بِساقِه مُعرقِلَة سيرِه و بإنزِعاج هو تركَها لتَسقُط.

تنهَّد مغمضًا عَينَيه ليُبعثِر شَعره بغَضب ، ثُم يدنُو من الدرَّاجَة يرفَعها بيَأس و ينظُر بِالأرجَاء باحثًا عَن الأشقَر الصغِير. لَم يَتمكَّن حَتى مِن لمحِ الآخر يَبتَعد عَنه سوَى عندَما ادرَك انَّه اختَفى بالفِعل عندَ الالِفافَة الأولَى للشَارع.



🌿

”لَم تَعرِج ؟“ سألَ كيُونغسوُ عندَما لَاحظَ سَيرَ بِيكهيُون الغَيرِ مُتنَاسِق و ارتِكازِه علَى ساقِه اليسرَى اكثَر ، ليقتَرب مِنه يُساعِده علَى المَشي و لوهَان عَلى الجَانِب الآخر بتَعابِير مُتجهِّمة عَلى وَجهَه.









”هُو مَن بدَأ . كنّا قادمَين معًا ، و مِن العدَم بَدأ بِقيادَة دراجَته بسُرعَة جُنونيَّة للإِبتعَاد عنِّي ، و انتَهى بِه الأمرُ بالإرتِطَام بسُورِ احَد المُنازلِ التِّي فِي التَقاطُع القَريبَة من المَدرسَة“ لوهَان وضَّح سَريعًا مع يدَيه التِي تَتحرَّك في الهوَاء ايضًا، يرَكِّز سبَابَته اخيرًا بينَ عينَي بِيكهيُون.









”و منذُ متَى أصبَحت تَذهَب الى مَنزِله حتَّى تأتيَا معًا؟، حتَّى و طُرقُكما مُتقاطِعة انتَ لَا تفعَل ذلِك عَادة“ كيُونغسوُو سَأل أثنَاء حَملَقته بلوهَان الذِي بسَط شفتَيه بإِنزعَاج. ”أرأيت؟ غَريب .. صَحيح؟“ بيكهيُون وافَق سَريعًا ليَحطّ بِنظرِه علَى لوهَان الذي قلبَ عَينَيه.










”لَم يحدُث شيء .. بالتَّأكِيد ، ان كانَ هذا مَا ترغبَان بالحَديث عَنه“ بيكهيُون سرَد على رَفيقَيه ما حدَث بَعد ان شكلُوا حلقَة ، و لُوهَان عَقد حاجَبيه بشَك ، ”لم يَأتي ام مَاذا ؟ هَل انسَحب ؟“ هُو سَأل و بِيكهيُون هزَّ رأسَه تَزامنًا مَع خفضِه لَه. ”أتَى.. و مَنعتُه مِن الدُّخول .. لَم افتَح البَاب“ .









”الهي، هَل تركتَه بالخَارج الَى أن رحَل؟“ كيُونغسُوو سألَ بعدَم استِيعَاب ليَتلقَى اجابَة الآخر .. و التِّي كانَت عبَارة عَن همهَمة كَردٍ بسِيط .









بِحركَة مُتبَاطئَة يَده امتَدَّت لتُمسِك يدَ بِيكهيُون فتَسحبَها اقرَب بِهدُوء ، و امَام انظَار بِيكهيُون و لُوهَان المُستغربَة ابعَد كيُونغسوُو كمَّ قَميصِ الزيّ المَدرسيِّ الخَاص بِبيكهيُون مُفرجًا عَن مِعصَمه النَّحيل فيَحصُل علَى نظرَة خَاطفَة ؛ و كمَا توقَّع .. النَدبَة التِي خلفَها الجرحُ الذِي لَم يشفَى بَعد كَانَت بذَات المكَان.









بِيكهيُون ابعَد مِعصَمه ليُخفِيه لافًّا اصَابِه يدَه الأخرَى حَولَه ، و كيُونغسوُو حدَّق بنَظرَة جادَّة و عقدَة مُحكمَة علَى حواجِبه، مُتكتِّفا دونَ أن يَتحدَّث ، ليَلتَفت الَى لُوهَان بعدَها فيَرمُقه هُو الآخَر بِنظرَات فَارغَة لأنَّه علَى ادرَاك تَامٍّ بإنفِعالِه السرِيع .. و الذِي لَن يُساعِد على الإطلاقِ في مَوقِف كهذَا.










”أنَا لا اصدِّق.. لذَا لَن اتفوَّه بأيّ لعنَة“ لُوهَان تحدَّث بِحنقٍ ليَخفِض بَصرَه مُتجنبًا ايَّ تواصُل اعينٍ مَع بِيكهيُون، ”لَن نُرغِمك علَى الحَديث .. فقَط اِن ارَدت“.









”أنَا لم أحَاوِل الإنتحَار لذَا لا تقلقَا..“ بيكهيُون هَسهَس بغَضبٍ واضحٍ يُعيدُ تَرتِيب اكمَام قَميصِه ، عندَما صَوتٌ رجوليّ عَمِيق قطَع صَمتَ الثُلاثيّ.









”بيُون.. ؟“ .









بِيكهيُون رفَع نظرَه لِمصدَر الصَّوت ، هُو لا يَتذكَّر متَى كانَت آخِر مرَّة سَمع فِيها هذَا الصَّوت ، لكنُّه بطَريقَة مَا .. لا يَستطِيع نِسيَانه.









”مَرحبًا..“ الصوتُ عادَ مُجددًا معَ تَحيَّة لطيفَة ، و بِيكهيُون بالفِعل اكَّد شُكوكَه حَول هويَّة الشَّخص ليَقفَ ببُطء مبتَسمًا بخفَّة .. ”هانيُول؟؟“.









”جَيدٌ أنّك لَم تنسَى..“












هيلُوز. 👋

كيفكُم؟ 😊

كيف البَارت؟ 😶

الأحدَاث؟ 😶

فِعلة بيكهيون؟ 😶

وش فيه تشانيُول على كاي ؟ كل شوي يعصب منه ؟ 😶

الي ما فهمو وش العلاقة الي بين تشانيول و بيكهيون! فهمتو،؟ 🐸

على العمُوم… 🍃

شكرًا لتَعليقَات الجمِيع مع انهَا قليلَة و شكرا لكل شخص شاف الرواية و خلا المشاهدات توصل للـ 100 🌼

أتمنَى الاقِي تفاعُل اكبَر يحفِّزنِي على الكتابَة. 🌺

البَارت الجَاي حضَّرته و الي بعدَه بَعد.. فأتمنَّى الاقي تفاعُل اكبَر شوي :)

شكرًا .. و كُونوا بِخير~ ✨

© فَـ'ـاسِيلِيسَا ツ,
книга «LACUNA <CB>».
Коментарі