00 : I.N.T.R.O
01
02
03
04
05
06 -M-
07 -M-
08 -M-
09
10
11
12
02
ثانِي جزئِيَّة 🍀 إستمتعوُا~

تَعليقَات ؟~
فوتس؟~

[رجَاءًا 🙏]

[ بارت طوِيل..💕 ]



مُشوَّش



❞ تَائِه.. أنَا..
مشَوَّش و هَشٌّ.. أنَا..
مشَتَّت.. أنَا ، بِتُّ ضعِيفًا..
حرُوب العَالَم تقُوم بدَواخِلي..
لَم تَعُد لِي رغبَة بالإستِمرَار..
مُوجِع .. كَم كانَ ذلِك.. ❝













”اِن جاءَك بيُون فلَا تَأتِي به الَى الكَافيتِيريَا ، انّه هُنا ايضًا“ لُوهَان تحدَّث بصَوت خافِت بينمَا يضغَط اسنَانَه بَبعضِها و عينَاه مُعلَّقتَان على الثلَاثِي الوَاقِف امَامه بشُموخ ، عِندمَا اغلَق هَاتِفه و وَضعَه بجَيبِ سِروالِه الخَلفِي ، هوَ أشَار الَى الفتَى الطَويل الذَي يَتوَسّط .. طَويلَيْن آخَرين.







”لِم تَظهَر أينمَا ذَهبنا ؟ أتَفعَل ذلِك عمدًا ؟“ لوهَان صَاح بصَخب، ينتَفض بِكامِل جَسدِه تعبيرًا عن غَضبِه الحَالي ليُردف ”الجَميع يُحاوِل بكدٍ اخفائَك عَن انظَارِه ، و انَا افعَل ذَلك ايضًا ! ثمّ لمَ عُدت فَجأة ؟ الَا تعتقِد أنّه من الأنَاني عودتُك بعد كُل ذَلك الإنقِطاع ؟ لَم تَقم حتَّى بتَغييِر صَفِّك !!“ ، هُو قَهقَه بسُخريّة بينَما يمسِك بجَوانِب خِصرِه بَين يَديه .









فِي العَادة هُو سَيبدُو لَطيفًا ، لَكن لَا. هُو بِحقٍ لَم يكُن جادًا فِي حَياتِه اكثَر مِن الآن. ”أنتَ حتّى قُمت بإتّباعه لِمنزِله ، هل تَرغب بِرؤيَة رأسَك بَين يَديك ؟“ هُو أردَف قَبل أَن يَرفَع قَبضَته فِي وَجهه ، و أذنَاه قد اصطَبغَتا باللَّون الأحمَر .









زفَر بقلَّة صَبر عِندَما رَأى وَجه الآخَر الخَالِي مِن التَّعابِير ، ذَلك مَا زادَ مِن سَخطِه اذ كَان مُستعدًا لتَهشِيم وَجهه فِي أي لَحظَة .. حتَى يصنَع لهُ بَعضَ التعَابِير .. ”أنتَ حقًا شَيء مَا ، بَارك ..“









”لُوهَان ، توقَّف .. انتَ لا تَحلُّ الأمر هَكذا !“ سيهُون تَحدثَّ بَعد أن تنهَّد ، هُو فقَد الأمَل فِي أَن يَصمُت لُوهَان و يَتوقَّف عَن الصرَاخ بِصوتِه الحَاد .. طبَاعُه لَن تتغيّر وَ خاصَة إن تعلَّق الأمرُ بِبيكهُيون.









”كُن هادئًا“ ، سِيهون إبتلَع بِصمتٍ عِندمَا صَوت لوهَان أصبَح أكثَر حدّة ، يَرفَع سبَّابتَه أمَام وَجهِ الأطوَل .. و بلَحظَة هوَ ارَاد اقتِلَاع لسَانِه .









”انتَ حقًّا لَا تحتَاج للكلَام عَنه .. هُو حتى لَا يُمكنُه الحَديث بنَفسِه و قَد كلفَّك بالتَبرير عَنه ؟“ لُوهان أكمَل بِذاتِ نبرتِه السَاخرة المَمزوجَة بِغضبٍ عارِم قَد كتمَه لثلَاثِ سنوَات ، هُو أصرَّ علَى أنّه الوَقت المُناسِب لِإنهَاء الأمر.









”تَعال معِي“ سِيهُون قطَع حَديثَه عِندمَا بَدأ بجرِّه بَعيدًا من يَاقة سُترة زيِّه المَدرسِي. ”اترُكني ، لَم انتهِي مِنك ! ايّها السّافل لِم عُدت ؟“ لُوهَان صاحَ يلكُم الهوَاء بقَبضتَيه فِي حِين لَم يَتوقَّف سِيهُون عَن جرَّه حتَى ابتَعدَا الَى أقصَى بُقعَة تَخلو مِن المَارة عَادة .









”لا اُصدِّق انِّي لوَهلَة إنجَذبتُ الَيك ! صَديقُك سَافِل و تَجعلُه ضَحيَّة ؟“ لُوهَان زمجَر قائلًا، متسببًا في ارتِعَاب الأطوَل الشَّاحِب، و الذِي ابتَعد خطُواتٍ معدُودَة للخَلف حيَاتِه عندَما اشَار الَيه الأقصَر فَجأَة دونَ أن ينسَى شتمَه بكَرم.









”سَأقتُلك و صَديقَيك..“ أصرَّ علَى اسنَانِه عندَما تِلك الأحرُف تحرَّرت بنبرَة مختَنقَة ، ليبتَعد بعدَ أن تأكَّد مِن ضربِ كتِفهِ بكتِف الوَاقِف امَامَه بجُمود، مُستَشعرًا الرِضَا بعدَ تأكُّدِه مِن عدَم اعتِراضِ سيهُون لَه او محاوَلتِه ذلِك حتَّى.









🌿









بِهروَلة هُو دخَل الصَف و يَداهُ مَشغُولتَان بِتدلِيك الإحمِرَار الذِي طغَى علَى اذنَاه . تَوقُّف عِند البَاب عِندمَا أحسَّ بِالخطَر مُنذ أنّ جَو الصَّف قَد بَدى مَشحُونًا بِهمسَات كثِيرَة عَلى غَير العَادَة ،و قَد قرَّر تجاهُل فُضولِه و عَدم الخَوض في ذَلك ، لَم يَكن علَى استِعدَاد للغَضب مِن جَديد لأنّه بالفِعل قامَ بإِستِنزَاف طَاقَته قَبل قَليل .









هُو نَظر فِي الأرجَاء ثمَّ تَقدَّم عِندَما الهَيئَة الضَئيلَة دخَلت مجَال رُؤيتِه ، يَجلِس فِي مَكانِه الإعتِيادِي و عَينَاه بتَركيزٍ لا تُفارقَان كِتابًا قد دفَن رَأسَه بَين صَفحاتِه . سحَب كُرسيًّا بِعَشوائيَّة ثمَّ جَلس بإِستِعراضٍ محَاولًا جَذبَ انتبَاه الذِي لَم يلقِي بالًا لوُجودِه و استمرَّ بتقلِيب الصّفحَات بِملل.









”كيُونغ ، أ أخبِركَ بمَا فَعلتُه قَبل قلِيل ؟ أنَا ذهَبـ-..“ تَوقَّف عن الحَديث ليُبعِد أنظَاره مُوجِّها ايَّاها نحوَ فتَاتَين قَد وقفتَا حَاجبتَان لرُؤيَته ، مرفرِفًا بِأهدَابه بتَساؤُل عِندَما اِحداهُما نادَت بإِسمٍ ما.









”بِيكهيُون..“ احدَاهُما قالَت ليَرفَع كيُونغسُو أنظَاره عَن الكتَاب مُوليًا ايَّاهمَا كلَّ اِهتمَامه. ”بالحَديثِ عَنه ، ألَم يصِل بَعد ؟“ سَأل لُوهَان قَبل أن يلَفت بَاحثًا عن صَاحب الجُرم الصَّغير ليُدرِك أن كافَة الأنظَار تُراقبُهم بتَوتَّر .









عِندمَا أغلَق كيُونغسُو كِتابَه و دفعَه بخفَة الى الجَانِب .. هو هزَّ رَأسَه يَحثُّهما عَلى الحَدِيث لتُردِف الأخرَى ”أعتقُد أنَّه يَعلَم ..“ ..









”نَحنُ تَحدَّثنا عَن الأمرِ فِي مَجمُوعَة مُحادثَة الصَّف و هُو قَام بِقـ-...“ و قبلَ أن تكمِل ، كيُونغسُو أنزل رأسَه مِما اربَك الفتاتَين.. عندمَا لوهان قهقه بتوتّر ، ”حسنًا يَا رِفاق ، لَا أرغَب بِجرحِ مَشاعِركم لكِن بِيكهيُون لَا يتفحّص مُحادثَة الصفّ ، هو حتَّى يُغلِق الاشعَارات..“ قَال لُوهَان ملَوِّحا بيَدَيه عِندمَا احدَى الفَتاتَين دَفعَت هاتفَها أمَام نظَره .









عندَما التَقطَ الهاتِف يتَفحَّصه ، حيثُ طُبعَت عَلى شَاشَتِه محادَثَة الصفّ ، هوَ لَمحَ فِي نهايَة المُحادثَة شَيئًا ، ”اعتَقدنَا أنَّه لَن يرَى المُحادثَة على ايّ حَال لأننَا علَى علمٍ بأنَّه يُغلِق الإشعَارات ، لَكنَّه و فِي مُنتَصف حَديثنَا عَلامَة القِراءَة الخَاصة بِبيكهيُون ظهَرت من العَدم ، ثمَّ هُو قامَ بتَرك المَجموعَة“.









بَرَّرت بتَردّد لتُنهِي حَديثَها بِنقرِها عَلى أسفَل الشَاشَة حَيث تظهُر علامَة تَركِ بيكهيُون للمَجمُوعَة و التِي تُعدّ اخِر عَلامَة فِي المُحادثَة اذ لَم يَتجرَّأ اَحد على قَول المَزيد بَعد ذلك.









”و لكِن لمَ تحدَّ-...“ شهَقَة صدَرت عَن ثغرِ لُوهان ممسكًا بيسَار صدرِه بِصدمَة ، عِندمَا كيُونغسُو اَبعَد كُرسيَّه بقوَّة ليُسقطَه و يَحمِل كِتابَه مُحتضنًا ايّاه بَين ذِراعَيه. ”كان سَيعرفُ على كلّ حال“ تحدَّث بِصوتٍ خَافتٍ عَمِيق ليغَادر الصَف تَاركًا كل مَن خلفَه في حَيرَة مِن أمرِه ..









”ألَم يأتِي بِسبَب ذلك ؟“ لُوهَان تسَآءل يَتكّإ بِرأسِه عَلى الحَائِط يبوِّز شَفتَيه بِقلَق ، تنهَّد بثِقلٍ قَبل أن يقِيم جسَده عنِ الجلُوس ليَهمّ باللحَاق برَفيقِه ..









🌿









تَنهَّد بِثقلٍ بَينمَا يَتوسَّط أرضِيَّة المَنزل و يُحدِّق مُطوَّلا في السّاعَة . السَّاعة اِهتزَّت مَع رنِينٍ مُدوٍ مُشيرَة الَى تمَام السَّاعَة الوَاحدَة بعدَ الظَهيرَة و الأصغَر زَفرَ بقلَّة صَبر ، يلعَنَ بسَخطٍ اللَّحظَة التِي قرَّر فِيها عدمَ الذَّهابِ الَى المَدرسَة ، اِذ لَم يَتوقَّع ان يَرفُض هَذا اليَومُ الانتهَاء حَتّى بَعدَ أن قضَى نِصفَه في النَّوم.









حمَل جَسدَه الوَاهنَ و رَأسَه المُثقَل بالأَفكَار متجِّهًا بِه الَى الحمَام حَيثُ ظنَّ أنّه بَعدَ النَّوم لِأطوَل فَترَة مُمكنَة ، لربَّما أفضَل حَلٍ للتَخلُّص مِن تخَاصُم الأفكَار دَاخِل رأسِه هُو انعَاش جَسدِه بِحمَّام بَارد.









الصبيُّ خَرجَ بعدَ دَقائِق مَعدودَة يُجفِّف خُصلَاته الذَّهبيَّة ، يشتِم بَينَ أنفَاسَه اذ أنَّ الحمَّام الباردَ الذي أرَاد مِنه تَخليصَه مِن انزعَاجه لَم يَمنَحه سِوَى وَقتًا اضَافيًّا لإِثقالِه بِأفكَار اكثَر. الأقصَر اِقتَرب مِن الأرِيكَة و رمَى بِجسدِه عَليهَا ليَحمِل هَاتفَه ، و بإِهمَال يَضغَط على الشَاشَة دونَ أن يَنظُر الَيها .









”مُرحبًا ، هنَا مَطعَم 'بوك' للدَّجاج المَقلي“ ، الصَّوت انتَشر في الأرجَاء ليُهمهِم بِيكهيُون بَينمَا يُغمِض عينَيه و يخلِّل انامِله بينَ خُصلَات شَعرِه يُدلِّك فَروَة رَأسِه ، هُو طلَبَ الطَّعام للغَدَاء مُنذ أنَّه الأسوَء اِن تَعلَّق الأمرُ بالطَّبخ ..









الطَّعام وَصلَ بِشكلٍ اَسرعَ ممَا تصوَّر بِيكهيُون ، ليَتنَاوله بعُجالَة نَظرًا لجُوعِه بَينَما يَقلبَ انظَارَه الَى السَّاعَة بَينَ الفَينَة و الأخرَى ليُدرِك انَّه مَع الحمَّام ، طَلبُ الطَّعامِ و تنَاوُله ، هُو لَم يستَغرِق يستَغرق أكثَر مِن سَاعَتَين و السَّاعَة للتوِّ أشَارَت الَى الثَّالثَة مسَاءا.









”اللَّعنَة“ ، ترَك الطَّعامَ ليَجلِس أمَام التِلفَاز يُقلِّب جِهازَ التَّحكّم بينَ أصَابِعه بضَجر ، هُو لَم يَظنّ أنَّ التِلفَاز سَيكُون مُملًا لهذَا الحَد ، لذَا قَامَ بإغلَاقِه و اِستَقام.









وَضعَ سمَّاعَات الأذنِ خاصَتَه و فِي عُجالَة خرجَ يَمشِي بِهروَلة نحوَ المَجهُول ، همُّه الوحِيد أن يمرَّ اليَومَ و حَسب لأنَّه و اللعنَة الوَقتُ فِي هذَا اليومِ بالذَّاتِ اصيبَ بالشَّلل و دِماغُ بِيكهيُون كَذلِك.









لكِنّ الأمرَ استَغرَق اقلَّ مِن نِصفِ سَاعة عِندمَا أصبَح بِيكهيُون أمَام بابِ مَنزلِه. هُو فَقط أرادَ العَودَة لأنَّه بالفِعل استَنفَذ كلَّ افكَاره لقَضاءِ اليَوم..









”أشعُر بالمَمل ...“ ، تَنهَّد بَينمَا يَضغَط بإهمَال علَى الأرقَام لإِدخَال الرَّمز السِريِّ ليَفتَح البَاب ليُسمَع بعدَ ذلِك رنِينَ قبُولِ الإدخَال . زحَف الى الدَّاخِل ليَرمِي بِجَسدِه علَى الأرِيكَة ثمَّ يُبعثِر شعرَه بملل ، يقلِّب انظَارَه بَين الفرَاغ.. و الفرَاغ الآخَر..









”هَل عليَّ الاتِّصال بسُو و لُوهَان ؟“ كلَّم نَفسَه بَينمَا يَحمِل هَاتِفه بينَ كِلتَا يَديهِ ليَنفيَ برَأسِه سَريعًا بعدَ أن قرّر عدمَ تطبيقِ ذلِك و تناسِي الأمر فحَسب.









بيكهيُون يجزِم ان الإتصَال بِكلَيهِما هو اسخَف قرَارٍ قد يقُوم بإتِّخاذِه، منذُ انَّهما احدُ اسبَاب عزُوفِه عن المَدرسَة لليَوم .. على الأقلِّ يشكِّلَان جزءًا صغيرًا مِنه.









”عَلى الأغلَب سيُزعجَاننِي بإستِفسَاراتِهما“ و بِتفكِير مُشوَّش هَو رمَى هاتِفه ليَستَقيم ، فقَط سَيعُود ليُنهِي مَا تبقّى من اليَوم فِي النَّوم ، وليسَ بوُسعِه التَّفكِير فِي اي حلٍّ بدِيل .









كَانَت تِلك أقَّل مِن خُطوَة عِندمَا تَسمَّر مَكانَه لسمَاعِه صَوتَ رنِين جَرسِ البَاب و فقَط أمرٌ وَاحِد طرَأ علَى فِكرِه . هزّ رأسَه بالنَّفي يَشعُر بتَتالِي الرنِين يصدَح بإِزعَاج دَاخِل رأسِه . بَينمَا يداهُ تربتَان بخفَّة عَلى أذنَيه هُو اقتَرب سَريعًا مِن البَاب يقفُ علَى أطرَاف اصابِع قدمَيه يُكافِح ليَستَرق النّظر عَبر فُتحَته بِحذَر..









”افتَح البَاب ، نَعلَم أنَّك هُنا“ بيكهُيون شَهقَ بِصدمَة يعُود الَى الخَلف تَزامنًا مَع ارتِداد البَاب أمَام وَجهِه ، لَم يَكن سوَى لُوهَان الذِي يَطرُقه بِعنفٍ بِكلتَا يدَيه.









”بِيكهيُون ، ايّها القَزم القَبِيح ..“ لُوهَان صَاحَ بينمَا يَستمِر بِطرقِ البَاب لفَترَة مِن الوَقت ، عِندمَا ربَّت كيُونغ سُو علَى كتِفه ليُوقفَه ، اَبعَده عَن البَاب لِيقِف أمامَه و يرفَع جَسدَه مُناسبًا طولَه حتَّى يَصلَ الَى فُتحَته.









”بِيكهيُون أعلَم أنَّك هُنا . ان كُنت تغيَّبت بِسبَب مَرضٍ مَا فَأعلِمنَا فَقط حتَّى لَا نَقلَق ، و اِن كَان سببًا آخَر فَـ..“ تَوقَّف كيُونغسُو عَن الكلَام عِندمَا شَعر بِإرتِدَاد جسَده الَى الخَلف ، لُوهَان جرَّه للخَلف ليَندَفع أمامَ البَاب ، جَسدُه ملتَصق بِه بَينمَا احدَى عَينَاه مُغلقَة و الأخرَى تُوشِك علَى اِخترَاق الفُتحَة التِي تَوسَّطت البَاب.









”بِيك .. ان كَان بِسببِه ، سأقطَع أصَابِعك ان أتَيت غدًا“ صرَخ لُوهَان بحَنق ، و لَولَا يدُ كيُونغسُو التِي استَهدفَت مؤَخّرَة رأسِه بِضربَة قوِيَّة ، لرَكلَ البَاب مُصرًا عَلى اقتِلاعِه. ”أهَاته طَريقَتك للإقنَاع ؟“ سخِر كيُونغسُو بتعَابيرٍ جامدَة قبلَ أن يبعِده عَن البَاب.









”بِيكهيُون-آاه ، فلتَعلَم فَقط .. انتَ لَا تحتَاج للإِختبَاء لأنَّ الجمِيعَ علَى عِلمٍ بأنَّك لستَ الشَّخصَ السَيِّء هنَا“ كيُونغسُو ابتَلَع بصُعوبَة ليُطبطِب على البَاب بخفَّة آملًا سمَاعٍ ردٍّ مِن الجانِب الآخَر.









”أنتَ لَم تُخطِئ لذَا لَا ترِي الآخرِين جَانبَك الضَعِيف.. فقَط نَم جَيدًا و سَننتظِرك غدًا أمَام بابِ المَدرسَة“ ، انهَى كيُونغسُو كَلامَه ليترَاجَع ، هُو هزّ رأسَه ليُلوِّح مع ابتِسامَة ، ثمَّ يدفَع لُوهَان مُشيرًا له للمُغادَرة، بينمَا حَملَق الآخَر بالبَاب بصَمتٍ ليُغادِر مبتعدًا بعدَ ذلِك.









بالجَانِب الآخَر مِن البَاب، يقبَع الجسدُ الضئِيل جالسًا على الأرضيَّة بعدَ ان تَزحزَح مِن وقوفِه، متَّكأً بظَهرِه على البَاب ضامًا لِساقَيه بينَ ذراعَيه نحوَ صدرِه، حيثُ يترَددّ صدَى ذلِك الكلَام داخِل رأسِه، مُشتتًا ايَّاه اكثَر..









استَقَام سريعًا لدَى تدارُكه لرحِيل رَفيقَيه، بِخطوَات متَسارعَة صعَد الدَرج متَّجهًا صوبَ غرفتِه ليُبعِد الستَار قَليلًا حتَّى تَتسنَّى لَه مُراقبَة صَديقَيه اثنَاء مغَادرَتِهما .









يبتَسِم بِبلَاهَة اثنَاء مراقبَتِه لهَرولَة لُوهَان المُثيرَة للسُخريَّة و هُو يُحاوِل اللَّحاقَ بخُطواتِ كيُونغسُو السَريعَة ، بينمَا يحَاوِل جذبَه للحَديثِ و الآخر لا يَمنحَه اهتمَامه كَما يَفعَل غالبًا.









أخِيرا ، بعدَ ان ارتَمى علَى سرِيرِه ، بعدَ الجلُوسِ معَ ذاتِه لفَترَة مِن الوَقت، و بعدَ أن سكنَت دوَاخلُه و عمَّها الهدُوء ، اصبَح الإِقتِنَاع بكلَامِ كيُونغسُو سبِيلَه الوَحِيد لِإستِرجَاع ثِقتِه التِّي هُزَّت بسَبب شخصٍ ما .. شَخصٍ لَا يستَحِق.









كيُونغسُو ، لطالَما كانَ كلَامه منطِقيًا. أجَل.. بِيكهيُون لَم يكُن يومًا المُخطِئ فِي كلِّ مَا حدَث.









”و لَكن كيُونغسُو ، هَل كنَّا نُحادِث بابَ منزِل بِيكهيُون للتوّ ؟ ماذَا لَو لَم يَكن هُناك حقًّا ؟“ تحدّث لوهَان بعدَ أن تَنهَّد ، دَارسًا مَا اقدَم على فِعلِه قبلَ قلِيل ، ليُدرِك لفقدَانَه لِصوابِه لثَوانٍ ، الذِي جعلَه يحادِث بابًا..









نَظرُه مرتكزٌ علَى الطِريق الخَالِي مِن البمَساءًا و قَبضَته مَشدُودَة حَول نِهايَة سِير حقيبَة ظهرِه، خاطَب كيُونغسُو مردِفًا ، ”لرُبَّما كُل ما قُلنَاه لَم..“ .









”بيكهيُون لَن يَذهَب لأيّ مَكانٍ بِدوننَا ، الهِي هَل أنتَ صَديقُه مُنذ خمسِ سنوَات حتّى ؟“ كيُونغسو رمَى بكَلامِه ليَستنشِق الهَواء دَاخلَ رِئتَيه عِندمَا رفعَ رأسَه محدِّقًا بالسمَاء ، ثُم يتقدَّم بِخُطواتٍ سريعَة من جَديد.









سَارَع لوهَان فِي مشيَتِه مُحاوِلًا مُواكَبة خطوَات كيُونغسُو بينمَا يقلّب كلامَه فِي رأسِه ليهزّه بعدَ ذلِك ، بعدَ اقتِناعِه ببَساطَة بِكلامِ كيُونغسُو.









في النِّهايَة كيُونغسُو يمتلِك هالَة غرِيبَة و اسَاليبَه الخَاصَة بجعلِ كلامِه منطِقيًا و قابلًا للتّصدِيق، لطَالمَا نجحَ ذلِك مع صدِيقَيه..









”لم ترَه يُراقبُنا نُغادِر مِن شُرفَة غرفَته ؟ ذلكَ كَان وَاضحًا..“ كيونغسُو قهقَه علَى سَذاجَة الأصغَر و لوهَان ابتَسم عِندمَا اصبَح بجانِبه ليُحيط ذراعَه حَول كَتفي كيُونغسُو ، ليحاوِل تنسِيق خطواتِه بذَات سُرعَة الآخر بمرَح.









🍃









النَّافذَة كانَت مفتُوحَة على مصرَعيهَا، و على الرَّغمِ من برُودَة الجوِّ و رذَاذ المَطر الخَفِيف المنذِر بقدُوم فصلِ الشتَاء، فقَد احبَّ انتِشاءَه بذلِك النَسيم السقِيم الذِي ينفُخ على وجهِه.









وضعَ كفَّاه امَام ثغرِه ينفُخ بخفَّة عليهِما يمنحُهما قسطًا من الدِّفئ ، بينَما نظرُه مرتَكِزٌ على المنظَرِ التّي تطِل علَيه نافِذتُه، السَّاحة المدرَسيَّة الواسعَة التِي بدَأت تكتَظّ بالطّلَاب و ذلِك بعدَ فترَة مِن جلوسِه.









”بِيكهيُون..“ لوهَان صَاح بِصوتٍ عَالٍ قاطعًا تَسلسُل أفكَار بِيكهيُون الجَالسَ في مَكانِه بينمَا يحدِّق بفرَاغ عبر النَّافِذة. الأصغَر التَفت بِإبتسَامة يَنتظِر اقترابَ رفِيقَيه مِنه.









”أتَيت!!“ كيُونغسُو قَال يَتخطَّى لوهَان سَريعًا مُتجهًا نَحوَ بِيكهيُون الذِي همهَم ليَقفَ أمَامه بينمَا يفتَح ذِراعَيه ليَأخذَ كيُونغسُو بَينهمَا.









”اشتَقت لَك“ بِيكهيُون قال عِندمَا التَقط العبُوس الذِي علَى وَجهِ لوهَان و الذِي لوهلَة كَان قَد حضَّر نَفسَه لمُشارَكتهمَا العِناق.









”أتيتُ بالرَّغم مِن أني كنتُ خَائفًا علَى اصَابعِي“ بِيكهيون تحدَّث مازحًا عندمَا ابتعَد عن كيُونغسُو ليُحملِق بالآخر بجِديَّة مُصطنعَة بَينما يرفَع يدَه امَام نظرِه .









لوهَان ابتسَم بِتكلُّف قَبلَ أن يُمسِك بأصَابع بِيكهيُون بينَ يَديه و يجِيب ”اصَابعُك جَميلَة ، كَسرهَا مَضيعَة“ و قَد قهقَه عندمَا بيكهيُون أمسَك قلبَه بِتمثِيليَّة ثُم ابتَسمَ ليربّت لوهَان على كتفه.









”فعلتَ الصّواب“ كيُونغسُو قالَ لافتًا انتِباهَه ليتَّجه الَى مَكانِه ، بينَما لُوهَان تقدَّم ليَجلِس مكانَه.. و الذِي يقبَع خلفَ بيكهيُون بالضَّبط .









بعدَ صمتٍ دامَ ثوانٍ معدُودَة ، لوهَان ربَّت عَلى كَتفِ الأقصَر جَاذبًا انتبَاهَه ، ”متَى وصَلت ؟ لَقد انتظرنَاك أمَام بابِ المدرسَة و لم تظهَر !“ سَألَ بِجديَّة عَاقدًا حاجِبَيه مُنتظرًا اجَابَة الأصغَر ، و الذِي بلَا تردُّد أجَاب، ”أتَيت قَبلكُما ؟“ .









بِيكهيُون اجَاب ليَلتَفت تَاركًا لوهَان المُستَغرِق في تقلِيب قَول الآخر دَاخلًا رأسِه مُحاولًا ايجَاد سَببٍ وجِيه لِذلِك. ”منذُ متَى تأتِي باكرًا ؟“ هوَ سَأل مجددًا و بإصرَار اكبَر عَلى الحصُول عَلى ردٍّ مقنِع ، دُون أن يَتلقّى ردًا لذَا اخرَج هَاتفَه يعبَث بِه لتَمرِير الوَقت حتَّى ابتِدَاء الصَّف.









🌿









الصّف تَقريبًا اِمتلَأ. الطلَاب هُناك.. بعضُهم يَجلِس بِمكَانِه و الآخر وَاقفٌ كجَماعَات كالعَادة ، و لوهَان تنفّس بثِقلٍ بَينمَا يقلِب نظرَه بينَ بِيكهيُون الذِي بَدى غَارقًا في التفكِير و بينَ الطلّاب اللذينَ لم تتَوقَّف شِفاهُهم عَن الهَمس ، لُوهَان بإمكانُه سَماعُهم بوُضوحٍ فَمالذِي قَد يَمنَع بيكهيُون مِن سماعِ ذلك ؟ ..









تَسلسُل افكَاره قُطع عِندمَا بيكهيُون وَقفَ بهدُوء بَعدَ ان ابعَد كُرسيَّه و لوهَان تبعَه بعَينَيه قَبل ان يَستدِير بيكهيُون ناحِيتَه، ليَبتَلع الآخرَ بتوَتّر بَالغ.









”سَأذهَب الَى الحَمَّام بمَا انَّ الصفَّ لَم يبدَأ بَعد !!“ بِيكهيُون قَال قَبلَ ان يَتخطَّى لُوهَان و الجمَاعة التِّي اخفَظت بَصرَها مُباشرَة عِندمَا اصبَح امَامَهم ، و مَع خَفضِه لبَصره هُو اقتَرب مِن البَاب سَريعًا ليقَع ارضًا عندَ احسَاسِه بِصفعَة علَى جبينِه لدَى اِصطِدامِه بصَدرٍ عَريضٍ كمَا يعتقِد ، يدُه امتدّت لتمسِّد جبينِه و عينَاه ارتجفتَا بألم بَينمَا يُمسِك خِصرِه ليقفِ و يَنحنِي سَريعًا و نَظرُه مُرتكزٌ علَى قدمَيه.









”أعتَذر ، أنَا لَم أرَك“ هُو قَال سَريعًا ليَتخطَّاه مُغادرًا. لوهَان فِي الخَلف شَهقَ بِصدمَة بَينمَا يغطِّي ثَغرَه مانعًا نفسَه مِن الصُّراخ ، كيُونغسُو بالجَانِب الآخر حدقَ بصَمت بعدَ أن قلبَ الكِتَاب ليضعَه علَى الطّاوِلة.









لوهَان نظَر الى كيُونغسُو ثمّ هزّ رأسَه مُشيرًا للبَاب لكِن كيُونغسُو نفَى سَريعًا ليَأمُره بالجُلوس ، ليَجلسَ مَكانَه و يَضعَ سمَّاعاتِ أذنِه مُبتَعدًا عَن كمِّ الإزعُاج و الهَمسَات التِّي ستَبدَأ بعدَ ثَوانٍ .









و كمَا حزرَ ، جمِيع مَن في الصفَّ خلفَه بدأوُا بالتَهامُس بينمَا اعينُهم تتبِع ثلاثّي مألُوف دخَل بِالتتَالي ليَجلِس كلّ واحِد مِنهُم بمكَانه المعتَاد.









حملَق لُوهَان بغَضبٍ بينمَا يَرفَض قبضَتَه نحوَ سيهُون الذِي جفَل بذُعر، ليُشيحَ بنظرِه الى الحَائط بَدل التَّحدِيق بالجهَة الأخرَى التِي مِن المُمكِن ان يرتَكب جَريمَة فِيها.











”الهِي ، هُو لَم يعلَم أنّه إصطَدم به ؟“

”ان كانَ يَعلم لمَ اعتذَر !!“









🌿









حدَّق بالمِرآة امَامَه ليمدَّ يدَاه اسفَل الميَاه المتسلِّلة من الحنَفيَّة يبلّلهما و يَمسَح بخُشونَة عَلى وَجهِه الذي اكتَسب بَعضَ الحُمرة ، و الذِي بدَى غَريبًا مع ذلكَ الإِحمرَار هوَ عقدَ حَاجبَيه ليَعبِس بلَطافَة . كَيفَ ليَتخلَّص مِن هذَا ؟ هُو فكرَ ليَلمِس أسفَل ظَهرِه ثمَّ يُربِّت علَيه بقَبضَته ليَعكِّر مَلامِحَه بألَم.









عَدَّل زيَّه المَدرسيَّ ليَجرَّ جَسدَه نحوَ بابِ الحمَامِ بعدَ ان فتَحَه بقوَّة ليَرتطِم بالحَائِط. بِيكهيُون وسّع عينَيه بصَدمَة عندَما سَمِع صَرخَة خفيفَة الوَقعِ صدَرت مِن خلفِ البابِ ، و لَم يَجدِ الوَقت لتَفقُّد الأَمر .. هُو فقَط ابتَعَد سَريعًا عندَ علوِّ صَوت الإرتطَام.









دَقائِق حتَّى دخَل بِيكهيُون الصَّف أولًا ليَجلِس مكَانَه . و دَقائقُ مَعدودَة أخرَى بعدَ ذلِك ، دخَل تشَانيُول بهُدوءٍ مُطأطِأً رأسَه بَينمَا يمسِّد جَبينَه بِأصابِعه.









”تشانيُول ، أينَ كنت ؟“ سَأل سِيهُون بِحماسٍ و عَينَاه تتَفحصَان تشَانيُول الذي اقتَرب بِهدوءٍ ليجلِس مكانَه في نِهايَة الصّف دونَ ان يمنَحه ردًا. جفلَ بصدمَة عندَما شعرَ بنَفسِه محاصرًا بَين جسدَين يخترِقانَ مساحَتَه الشّخصيَّة.









كلَا رفِيقَيه سَحبَا كُرسيَّهمَا نحوَ طاولَة تشَانيُول بعدَ اتِّفَاق مُدبَّر بَينَهما ، ”و لمَ جانبُ جبينِك مُحمرّ ؟“ سيهُون سألَ مُجددًا و تشَانيُول حَملَق بغضَبٍ ليَصمُت واضعًا كفَّه على ثَغرِه .









”اعتَقدتُ لوَهلَة أنّه كانَ مع بيكهيُون!“ سيهُون قال سَاخرًا بَينمَا يَهزّ رأسَه لكَاي ، ”ربّما ، و ربّما هو لكمَه ايضًا“ كاي أكمَل بَينمَا يبتَسم مع الآخرِ موافقًا ايَّاه.









”مَاذا لَو كَانت قُبلَة بِأحمَر شفَاه!“ سيهون همسَ ليُقهقِه كاي نَافيًا بيدَيه ”مستَحيل، ثمّ منذُ مَتى يضَع بيون احمَر شفَاه؟“ ، ”من يَدرِي!“ سيهُون تمتَم لدَى اقترَابِه من كاي ليصفَع كفَّه بخاصَتِه ، و تشانيُول يتوسَّطهمَا بينمَا يطبُق ذِراعَيه و يَستمِع الى مُحادثَة الهَمس خَاصتهِما بِقلّة صَبر .. هُو و علَى غيرِ عادتِه تَجاهلَهما فحَسب.









🌿








”بيُون ، الَى المقصَف !“ صاحَ لوهَان بِحماسٍ يقفُ خَلفَ بِيكهيُون حَاجبًا رؤيتَه، ”لا شهيّة لي“ بِيكهيُون استجَاب سَريعًا قَبلَ أن يقفَ بعدَ ان جمَع حاجياتِه داخِل حَقيبتِه.









”مُستَحيل، سَتأتِي معَنا! أم ترغَب بِدعوَة مجانيّة لمَطعمنَا الخَاص“ كيُونغسُو اقتَرح و لُوهان هتَف برِضًا كمَا لَو انَّ الدَّعوَة موجَّهة لَه .











”سَنعوضُك عمّا حَدثَ اَخر مرَّة.. تناوَل ما شئْت“ .. هو اردَف ، ليَهزّ بِيكهيُون رأسَه بعدَ ان خسرَ أمامَ وُجوهٍ تترجّاه بودَاعَة، ثمّ انهَا وجبَة مجانيّة.. بالطبعِ لن يَرفُض.











المَشيُ الى المَطعَم لم يستَغرِق سوَى بضعِ دقائِق ، و هاهِي دقَائِق أخرَى حَتى التَف الثلاثِّي حولَ طاولَتهم المُعتادَة في الزَاويَة. و لأنّ لا احدَ يَتحدَّث و لأنّ لُوهانَ احبَطه ذَلك الصّمت.. فَكَان علَيه بَدأ الحَديثِ مهمَا حدَث .











”مالذِي فَعلتَه بالأَمس؟ هل ذَهبتَ للخَارِج لتلهُو بدُوننَا بينَما نَحن نُعانِي مع الأستاذَة يوه! أنتَ نَذل“ لُوهَان تذمَّر بينمَا يحشُو ما تبقَّى من شَطيرَته الثانِية عَلى التَوالِي داخِل فمِه ليبتَلع بصُعوبَة و بِيكهيُون فقَط ابتَسم عَلى مَنظرِ الآخر السَّاخر.











”على مَهلِك.. مَتى سَتتعلَّم ألَّا تَتحدَّث اثناءَ أكلِك ؟“ كيُونغسُو ربَّت بِخفَّة عَلى ظَهرِ الآخر بَينمَا يضَع كُوب المَاء امامَه.











”بيُون، أنتَ بِخير؟“ لوهَان سألَ عِندَما تأكَّد مِن اشبَاع شَهيَّته، ليعِيد ظهرَه للخَلف بإنتظَار استِجَابة من الشَارِد أمَامَه. ”بخَير ؟“ بيكهيُون أجَاب و نظرُه على القشَّة التي يحرِّكهَا داخِل علبَة عَصيرِه المعلّب المُفضِّل.











ذلِك الردّ كانَ مَا توقَّعه لوهَان و كيونغسُو لكن كلاهُما يَعلمَان.. ان الجالِس أمَامَهما ليسَ بِخيرٍ على الإطلَاق ، لذَا همَا امتنَعا عن السُؤالِ مجدّدًا..











كيُونغسُو ابدَى تعابِيرُه القلقَة بوُضوحٍ تام عِندمَا لُوهَان أشَار بِعينَيه الَى طَعامِ بِيكهيُون، و الذِي عَلى غَيرِ عَادَته لَم يتَناوَل سِوى القَليلِ ان لم يكُن قَد تَناوَل مِنه اصلًا. بِيكهيُون لم يَكُن يَومًا مزاجيًا ان تَعلَّق الأمرُ بالطّعام، هُو سَيرمِي كِبريائَه الَى ابعَد نُقطَة في الكَون و يتَناوَل اي طَعامٍ يُمنَح ايَّاه.











”تَناوَل طَعامَك اذًا؟“ ، تحدَّث كيُونغسُو بِنبرَة عمِيقَة الوَقع بدَت اكثَر كنَبرَة عتَابٍ للآخَر ، ذلِك بعدَ ان دفعَ الصَحن اَقرَب الى بِيكهيُون الذِي رفعَ نَظرَه، ليَحضى بإتصَال اعينٍ مَع زوجَين مِن الأعيُن ترمُقه بقَلق .











”أنا بِخَير يا رِفاق، صدِّقانِي“ بيكهيُون أجَاب يحاوِل بصُعوبَة رَسم ابتِسَامة ما، لربّما تَجعَله أكثَر اقنَاعًا لمَن امَامَه، بالرَّغمِ مِن ادرَاكِه لفَشلِه الذرِيع فِي اخفَاء مشَاعِره عَن رفِيقيه.











🌿











جرَّ بِيكهيُون قَدمَاه بوَهن، يمكِنه الشعُور بتَوقَّف الدَّم عَن المرُور بشرَيان اطرَافِه.. يمكِنه الشعُور بجسدِه الذِي يُصبِح خائِر القوَى دونَ ان يمتَلِك القدرَة لإيقَافِ ذلِك ، اضَافَة لوُجود اعيُن تراقِب تحرُّكاتِه و تدرُسها بِتمعُّن ، فقَد كانَ التصرُّف بطبِيعيَّة امرًا شبهَ مُستَحيل.











الرِّوَاق المؤَدِّي للصَف كانَ طوِيلًا بِحَق، و بالرَّغمِ مِن أنّ بِيكهيُون قَد قطعَ نِصفِه.. الوصُول لنهايَتِه بدَى مستَحيلًا ، كمَا لَو أنَّه يزدَاد ابتِعادُه عن النهايَة كلَّما حاوَل التَّقدّم اكثَر.











حدَقتَا عينَيه اهتزَّتا بضُعفٍ و شعُور بالدُّوار حاوَط رَأسَه، لَم يعُد بإمكَانِه التقَدُّم اكثَر فلَم تعُد ساقَاه قادرَتان على حملِ ثقلِ جسدِه بعدَ ان اصَابهَا الوهنُ كذلِك..











”اسبِقانِي، سأذهَب للحمَّام سرِيعًا..“ ،همَّ لوهَان بالمُغادرَة بعدَ ان دفَع رفِيقَيه ملوِّحًا لهُما .











بينمَا بيكهيُون يُكَافح لسحَبِ جسدِه دونَ ان يسقُط ، كيونغسُو كَان أسرَع لمُلاحَظة ذلكَ ليمدَّ ذِراعَه مطوِّقًا ذِراع الأصغَر ليُساعِده. ”هَل نمتَ بالأمسِ حتَّى ؟“ ،كيُونغسُو سَألَ و يدُه الحرَّة تَرفَع ذِقنَ الآخر الذِي يُحاوِل بكلّ قُوتِه اخفاءَ ضعفِه.











”أجَل ..“ ، هُو أجابَ بهُدوء آملًا ابعَاد كافَّة الشكُوك حولَه، ليُبعِد ذِراعَ كيُونغسُو عَنه لكنَّ الآخر منعَه مُحكِمًا الضّغظ علَيهَا. ”كاذِب..“ . كانَ ذلِك آخر مَا نطَق بِه كيونغسُو قَبلَ أن يحسَّ بثقلٍ يَجذِبه ارضًا .











السوَادٌ الكالِح الذِي استَهدَف رُؤيَتَه دامَ ثَوانٍ ليفقِد بيكهيُون بعدَ ذلِك توازُنه، ليهوِي جَسدُه فَوقَ جسدِ كيُونغسُو كَجثّة هَامدَة.











🌿











”أينَ كنتُما؟“ لُوهَان سَأل يُحدِّق بغيرِ فَهم بتَعابيرِ كيُونغسُو القَلقَة، ”او أينَ كُنت؟ أين ذَهب بِيكهيُون ؟“.











”بغُرفَة التَّمرِيض ..“ كيُونغسُو أجَاب بخفُوتٍ مُتصنِّمًا مَكانَه، و لُوهَان اِستَقام بذُعر يُحاوِل التخلُّص من ارتِجاف قدَمَيه حتَّى يتمَكَّن من المَشي ، ليَسأل مَن جَديد ”كَيف ؟ و لمَ ؟“.











بغيرِ اطَالَة ، لُوهَان ركضَ بذُعرٍ خارجًا و بغَيرِ اهتِمام دُون ان يحصُل على اجَابَة لتسَاؤلَاتِه حتَّى، لَا يعلَم ماهيَّة المشَاعِر التّي تفَاجِأه بالظهُور في كلِّ مرَّة يتعلَّق الأمرُ ببيكهيُون، لكِنه متأكِّدٌ مِن انَّ القَلق قَد عَمّ قلبَه.. و علَيه رؤيَة بيكهيُون علَّه يهدَأ.











🌿











تقدَّم ثَلاثَة ازوَاج مِن الأقدَام تَقطَع الروّاق الطَويلَ بِخطًا مُتناسقَة، نحوَ وِجهَتهِم المُعتادَة ، الصفّ. بعدَ مدّة طَويلَة، عادَ الثُّلاثيّ لكَسب كَامِل الإهتمَام، و بالفِعل.. كلّ مَن بالروَاق ابتَعد مُفسحًا المَجالَ الكَافي لمُرورِهم دُون ايِّ اعَاقَات.











عَلى الرَّغم مِن أنَّ الأمرَ يَبدُو مُريحًا .. أن تكُون لتشَانيُول و رَفيقَيه تِلكَ الهَيبَة ، النَظرَة اللَّاذعَة التِي تُربِك أيّا مِمن ينظُر لهَا .. لكِن ، لطالَما لَم يَكن لتشَانيُول ذَاتُ الرّأي حَول ذَلك، لم يَكن يَرغَب بأنَّ يَحصُل عَلى الصُورَة المُخيفَة التِي يَرسُمها الجَميعُ عَنه ، بطولِه الفَارِع و بُنيتِه الجَسديَّة المَشدودَة .. و اخِيرًا الهالَة السَودَاء المُحيطَة به .











لطَالَما بدَى كَرجلٍ حَقيقيّ بهَيئَة مُراهِق بمَعنَى الكلمَة ، لَم يَكن بمقدُور أحَد الإقتِرَاب مِنه او مِن ممَن حولَه مِن احبَّاء..











”وااه، سَعيدٌ بعَودَتنَا ..“ سيهُون هَتفَ ، يقتَرب مِن تشَانيُول مُحاوطًا ذِراعَيه حولَ ذرَاعَ الأطوَل الذِي يُحاوِل الإفلَات . فِي ظلِّ محاوَلاتِه الفاشلَة في التَّملّص مِن صدِيقه العنِيد ، هوَ تصنَّم مَكانَه عندَ لَمحِه لجَسدٍ يركُض بسُرعَة قَد مرَّ الى جَانبِه.











بسُرعَة منعَته حَتّى مِن تَحديدِ هويّته، لكِن جَسدٌ آخَر مرَّ بجَانبِهم بهَرولَة يَقطَع الروَاق بَينمَا يُداخِل اصَابعُه بِبعضِها ببَعضِ التوتُّر ، مكنَّهم من تَحدِيد هويَّة الراكِض الخفيِّ . لم يَكن سِوَى لوهَان الذِي ركَض خارجَ الصَفّ بنفسٍ مقطُوعَة ، يَتبعُه كيُونغسُو بِهدُوء .











”كيُونغسُو..“ كاي خَاطَب الأقصَر و الذِي بدَى شاردًا عَلى غَير عادَته، جَذب مِعصَمه ليَسألَه بإهتِمَام ”أهنَاك خطبٌ مَا !“ . كلّ ما تلقَّاه كَاي كانَ نَظرَة كيُونغسُو الفَارغَة و التِي لَا تنبِّؤ بالخَير، ليُرخي قبضَته المَشدودَة حَول مِعصمِه عندَما أحسَّ بيدِ كيُونغسو تُحاوِل ابعادَها. ”لا شَيء..!“ هو أجَاب ليَلتفِت مكملًا طَريقِة بهَرولَة أسرَع.











”مالذي يحدُث؟“ سيهُون سأل لدَى اقتِرابِ كاي مِنه، و الذِي هزَّ رأسَه يُخبرُهم انّه لَم يَتلقَّى ايّ اجابَة مِن الأقصَر صَاحِب العيُون الوَاسعَة. ”اسبقَاني.. سأعُود“ تشَانيُول قَال ليَبتَعد قبلَ أن يُحاوِل الإثنانَ مَنعه.











🌿











”تافِه.. أهَذا كلّ مَا استِطاعَتك فِعلُه؟ لا تنَام و لَا تأكُل؟ هاا؟“ لُوهَان صَاح عاليًا و هُو يتجوَّل ذهابًا و ايَابًا في غرفَة التَمريضِ بعدَ أن تركَته المُمرضَة الى جَانب كيُونغسُو و المستلقِي عَلى سَرير التَمرِيض بوَجهٍ شاحِب اقرَب للبيَاض .











رمَق الأصغَر بسَخطٍ ليَسحَب الكُرسيَّ و يَجلِس أمامَه، ”اقسِم أنّي سَأضرِبك حتَّى المَوت ، بعدَ أن تَحضَى بالرّاحَة الكافيَة“ ، استقَام مُجددًا ليقفَ أمَام النَّافذَة مُديرًا ظَهره ، محاوِلًا استِرجَاع انفَاسِه التِي تداخَلت مع كلِماتِه المشحُونَة بغضبٍ عَارِم.











”هو لَن يفعَل لِذا لا تَقلق“ هَمس كيُونغسو مطَمئنًا بيكهيُون بعدَ أن اقترَب مِنه ليُعدّل ذرَاعَه التِي غُرزَت بهَا ابرَة كَبيرَة تبثُّ سَائلًا مُغذيًا دَاخِل جَسدِه. ”لا تلُمه ..لقد كَان قلقًا“ اردَف مبتَسمًا بحَسرَة ليَرفَع الغطَاء و يُعدِّله فَوق جَسد الأصغَر.











اغمَض بِيكهيُون عَينَيه يُريحُهما لدَى شعُورِه بالتَخدَّر بِكامِل جَسدِه فِيما استَقام الآخر ليَتقدَّم مِن لوهَان و يَدفَعه أمَامه نَحو المَخرَج. ”احضَى ببَعض الرّاحَة“ اردَف بهَمس ليَخرُج بَعد لوهَان و يُغلِق البَاب.











”بِسبَب الإرهَاق، أجَل.. لكِن، الهِي .. أهُو مَجنُون؟ أم يدَّعي ذَلِك !“ لُوهَان همَس بِغيضٍ لتَظهَر عُروق عنقُه بوُضوح، و بكُلّ صبرٍ يُحاوِل حَبس صوتِه الصَّاخِب بِطبِيعتِه، منذُ انَّه رفيقَه ينَام فِي الدَّاخِل . ”دَعهُ فحَسب .. لَن يفهَمه أحَد !“ همَس كيُونغسُو يُربّت عَلى كَتِفه مُحاولًا تَهدئَته ، بالرَّغمِ مِن انّ ذلِك لَن يفِيد.











”لَا يُمكننَا لومُه، لَم نتَعرَّض لمَا تعرَّض لَه“ كيُونغسُو تحدّث بهُدوءٍ و بأشدِّ النَبرَات اقنَاعًا و لوهَان بإستِسلَام هزَّ رأسَه مُؤيدًا كلَام الآخَر .











كِلاهُما مُتصنِّمان مَكانَهما .. بَعيدًا بمَسافَة قلِيلَة عَن بابِ الغرفَة التِي يقبَع بهَا جَسدُ بيُون، عندَما وقعُ خطوَات مَسموعٍ اقتَرب مِن نهايَة الروَاق. بحرَكة سرِيعَة دفعَ كيُونغسُو لوهَان أمامَه ليُخفيَا نفسَيهِما خَلفَ الحَائِط عندَ الإلتِفافَة الأولَى مِن الروَاق ، يتَرقبَان بِفضُول.











جَسَد تشَانيُول ظهَر مُترنِّحا مِن نهايَة الروَاق يقتَرب بهَروَلة غَير مُتنَاسقَة مِن غرفَة التَمرِيض، و بهُدوء تَام هوَ بجوَانِبه كمَا لَو انَّه يحاوِل التَّخفيّ. امَّا كيُونغسُو فِي الجَانِب الآخَر، فيَضعُ كفَّه عَلى فَم لُوهَان يَمنَعه مَن اصدَار أيّ صَوت قَد يفضَحهُما .











وسَّع لُوهان عَينَيه بصَدمَة ، لَا يسعُه تصدِيق مَا ترَاه عينَاه ، بقلَّة صبرٍ هو تَحرَّك مِن مكَانه مُحاوِلًا العودَة قبلَ أن يُمسِك كيُونغسُو ياقَته بيَدِه الحرَّة و بكلِّ قِواه يُهدّدُه ليترَاجَع.











وَقف تشَانيُول أمامَ البَاب مطَوّلا ، يَبسِط كلتَا يدَيه عَليه بَينمَا يُحاوِل النظَر مِن خِلالِ مُربَّع الزُجاج الشّفَاف الذِي يَتوسّط البَاب. تجوَّل بِعينَيه دَاخل الغُرفَة يَبحَث عمَّن جَعلَته شكُوكُه يركُض بلَا تفكِيرٍ علَى امَل رُؤيتِه، و قَلقُه ازدَاد عِندَما لَمح جَسدًا ضَئيلًا مَمدودًا عَلى سَريرِ التّمريض.. غارقًا فِي نَومٍ عمِيق .











بِكلتَا يدَيه هُو فتَح البابَ بهُدوءٍ ليَخطُو اولَى خُطوَاتِه دَاخِل الغرفَة بتَردّد ، وَقَف عِندَ المَدخلَ في حِين اِمتدَّت عينَاه نَحوَ السَّرِير حَيثُ يَستلقِي الصَغير ، خائِر القوَّة هوَ انحنَى ليَتّكِأ بيدَيه علَى رُكبتَيه، يُحاوِل ضَبطَ انفَاسِه التِي تَهربُ من ثَغرِه.











بتَردُّد هوَ تقدّم بِخطُوات مَعدودَة نَحوَ الصّغيرِ الذِي ينَام بسِلميَّة. فقَط يُحدِّق فِي مَلامِح مَا أضَافَت لقَلبِه سوَى اضطِرَابًا اكثَر مِن سابِقه . و كَم أرَاد أخذَ تِلك اليَد بَين كفَّيه ، يَرغَب بالتَّربِيت علَى رأسِ الفتَى و تلمَّس وجنَتيه التِي تلَاشَت بِشكلٍ مُخِيف.











يرغَب بدَفنِ أنفِه بشعرِ الصبيِّ و استِنشَاق عبِيقِه العَطِر، و مدابَعَة خصلَاتِه الذهَبيَّة بينَ انامِله كمَا اعتَاد ، فيتَسنّى لَه رُؤيَة جمَال ابتِسامَة صبيِّه المُشرقَة.. مضاهيَة بذلِك اشرَاق شمسٍ ربِيعيَّة جميلَة، فلَطالمَا لَم يهتَم تشانيُول بقُدومِ فصلِ الرّبِيع المحبَّب لِسَائِر البشَر .. لَديه ربِيعُه الخَاص فمَا حاجَتُه بغَيرِه..











تَحسّس مَلمِس الأصغَر كَانَت رغبَة برِيئَة غيرَ شهوَانيَّة ، اشتِياقُه و رغبَتُه العقيمَة بإحتضَانِ الجسدِ الضَّعِيف امَامَه هيَ عذرُه الوحِيد.











بالتَّحدِيق بأجزَاء جسدِ الفتَى هو توقَّف امَام ذراعِه ، فكَم أرَاد نَزع تلكَ الإبرَة التّي شوّهت شحُوب ذرَاعِه النَّحيلَة ، مخلِّفَة اِخضرَارًا مقززًا مكَان انغِرازِها.











إقتَرب أكثَر ليَدنُو مِنه.. أقرَب و أقرَب ، يُمعِن النّظر فِي مَلاِمح الصَغير التِي لَم تَعدْ كَسابِق عهدِها، غدَت بَاهتَة و شحُوب بَشرَته الجمِيل قَد تَحوَّل الَى ما أشبَه بإِصفِرَار، امتِلَاء وَجنتَي بِيكهيُون ماعَاد لَه وجُود ، وَ تشَانيُول تَحسَّر علَى إختِفاء صَغيرَتيه التِي لَطالَما استَمتِع بتَذمَّر الأصغَر عِندَ جَذبِه لهُما.











عِندَها تشَانيُول أدرَك انَّ بِيكهيُون ليسَ بِخيرٍ على الإِطلَاق . ”الهِي.. بيكهيُون ..“ صوتُه خرَج مختَنقًا بسبِب غصَّة تمنَعه مِن تَحرِير حروفِه بشَكلٍ سلِيم .











مسَح بيدِه على وجهِه و عينَاه تَدرسَان النائمَ الذِي غابَ عَن نظرِه ثلَاث سنوَات ، قبلَ أن يلمَح تلكَ اللّمعَة التِي تَحدَّرت مِن عَينِ الأصغَر المُغمَضة، لمعَة مَاسيَّة شقّت طَريقَها نَحوَ يدِ الأطوَل التِي تَتحسَّس ملمِس وَجنة الأصغَر.











الأطولُ اِستَقام سَريعًا مِن مكَانه ليَخرُج بعدَ ذلِك بِترنُّح مُتجهًا الى وَجهَة مَجهُولَة ، بضُعفٍ يسنِد جسَدَه الَى الحَائِط اثنَاء تقدُّمه . عِندمَا لوهَان و كيُونغسُو خرجَا مِن مخبَئِهما يُراقبَان اختِفاء شبَح صَاحب الظلِّ الطَوِيل .











🌿











مَلمِس ظهَر يدِ الأطوَل الذِي توسّدَته وَجنَته الهَزيلَة، لطَالَما كانَت تِلك حَركَة تشَانيُول السِّحريّة في إثارَة اضطرَاب في دَواخِل الأصغَر.. كَهذِه المرَّة أيضًا، فَعلَت مَا فَعلَت بِدوَاخِل بِيكهيُون التِي تَبحَث بيَأس عمَّن يُهدِّؤها.











تَبحَث عَن نفسٍ تَحتَويهَا كَما فعلَ تشانيُول، نفسٍ تُحادِثه بنُعومَة و تَستمِع لمَ يشكُوه كمَا فعلَ تَشانيُول، تُعاملُه برقّة و لُطف .. تمامًا كمَـا لطالَما فعَل تشانيُول. ببَساطَة نَفسٌ تنسِيه كلّ مَاضيه.. الذِي تَمحوَر حَول شَخصٍ وَاحد.. بَارك.











شَخصٌ ختَم كلّ افعَاله الجَميلَة بألمٍ قاسٍ .. ألَم بِيسَار صَدرِ فتًا لَم يفقَه شَيئًا عَن المشاعِر سوَى حبّ بَريءٍ انبَت زهرَة يَانعَة بِقلبِه ، باتَت الآنَ مجرَّد شَيءٍ يابِس بإسوِدَاد مُظلِم سَهلِ الإنكِسار و التَّفتُّت ، بعدَ ان كانَت مُزهرَة بعَبيقٍ عطِر..











كسَر آمالًا .. عِندَما و بِدُون سَابق انذَار اختَفى عَن انظَار مَحبوبِه الصغِير دُون أيُّ تَيرِير . ثُم ليعُود فَجأة و مِن العدَم لحَياتِه، التِي لَم تعتَد بَعد عَلى غِيابِه حتَّى بَعد ثِلاثِ سَنوَاتٍ مِن رحيلِه.











لآلئ اِنبثَقت مِن عينَي الأصغَر التِي لَم تفتَح بَعد لتَغدُو سَيلًا من الدُموع تتَحدَرج عَلى شحُوب بشرَته تَرويهَا بقدرِ مَشاعرِ اليَأس لدَيه .











جَرحُ الأصغَر الذِي لَم يَلتئِم بَعد، فُتح مُجددًا.. تلك الحَركَة الصغيرَة كانَت كَفيلَة بإضعَافِه.. كانَت سَببَ بدايَة مُوجعَة أخرَى لَه.. كانَت سبَب كلَّ شَيء ..











🌿











”تشَانيُول، أنأتِي الَى منزِلك في المَساء ؟“ سِيهُون سَأل بحمَاس اثنَاء لحَاقِه بتشَانيُول الذِي لَم يبدُو بِوَعيِه التَّام ، يَمشِي مُغادرًا المَدرسَة فقَط لأنَّ اليَوم قَد اوشَك عَلى الإنتهَاء ، كَاي مشَى سَريعًا يُحاوِل اللحَاق بالأطوَل أو عَلى الأقلِّ جَذبَ انتِباهِه لهمَا. ”مَاذا ؟“ تشَانيُول سَأل عِندَما شعَر بِيدٍ تحطُّ علَى كَتفِه تَمنعُه مِن التَقدُّم.











كَاي أبعَد يدَه ليَسأَل بِتوتُّر.. ”لَم تُخبِرنا بَعد عمَّا فَعلتَه بَعدَ أن تَركتنَا!“ كاي طبَق ذِراعَيه بَينمَا يتكِأ على سَيارَة الأطوَل المَركونَة أمَام المَدرسَة. ”ابتَعد..“ تشَانيُول أجَاب بِهدُوء ليَدفَع كَاي بعيدًا ثمَّ يفتَح البَاب و يدلَف الى الدَّاخل .











ثَوانٍ مَعدودةَ حتَى نَفثَت السَيارَة دُخانَها الرمادِّي مٰعلنَة عَن انطِلاقِها.. ليَعلُو تَدريجيًّا صَوتُ مُحرِّكها الذِي يَصمُّ الآذان.











”الهِي، ذلِك السَّافِل يَأتِي الَى المَدرَسة بسيَّارَته الخاصَّة الآن ؟“ شتَم لُوهَان بَين شَفتَيه و هُو يلوِّح بَيدِه أمَام وَجهِه يَبعِد الدخَان الخَانِق الذِي انبَعث مِن سيّارَة الأطوَل. ”بيكهيُون ارسَل لِي رسالَة، يُخبرنِي انّه غادَر بِالفِعل..“ تحدَّث كيونغسُو ليُربِّت عَلى كتفِ لوهَان يَحثُّه على التَّقدم، ”لنُغادِر فحَسب“.











🍃











أمَام مِرآته الطَويلَة التِي بِطولِه تَقريبًا ، تُمكِّنه من رُؤيَة كل زَوايَا جَسدِه العارِي و الذِي لَا يخفِيه شَيء . جَسدٌ نُحتَت به صفَات الكمَال ، بَشرَته الشَّاحبَة التي لا تَشوبُها شَائبَة .. تُنافسُ بصَفائِه صَفاءَ ذرَّات الثَّلج ، ذَاكَ كانَ صفَاء بَشرَة بيكهيُون .. التِي تبكِي الفتيَات دمًا لإمتِلاكِه.











مُنحنيَات خُطوطِ كتِفَيه، خِصرِه المَنحوتِ مُرورًا بصَدرِه المشدُود حَيثُ تربَّعت به بَعضُ الشَّامَات الصَغيرَة بشَكلٍ مُتبَاعد . اردَافُه و حتَّى قَدمَاه .. هُو تفحَّص كلَّ جُزءٍ مُنفردٍ من جَسدِه ، ليرفَع نظَره الى وَجهِه الذِي ارتَسمَت علَيه علامَات المَرضِ و الإرهَاق .. لكِن ذلِك لَم يمنَع تفاصِيلَه الخَلّابَة مِن الظهُور .











تأمّل بتِيهٍ قطَرات المَاء التِي تَتسلَّل من خُصلاتِ شَعرِه الذَّهبِي المُبلَّل تَعبُر تضَارِيس وَجهِه نحوَ صَدرِه ، ليَقضِم شفتُه السُفلَى بينَ أسنانِه .. جسَده هُو السَبب. لَو لَم يَكن بسَببِه لمَا وقَع الطّرفُ الآخر في حبّه، و لَما خاضَ تجرُبة الحُب السيّئة تِلك. ”لَم يَكن يَومًا الحُب الأوّل ناجحًا“..











”عَزيزِي؟“ صَوتٌ انثَوي صدَر مِن خلفِ الباب يلِيه طَرقٌ خَفيف، ”الفطُور جَاهز، فَلتتجهَّز و تَنزِل الى المطبَخ !!“ الصَوت عادَ مجددًا و بِيكهيُون استَجاب سَريعًا، ”حسنًا، أمّاه“.











🌿











”اللعنَة“ شتَم بيكهيُون بينَ انفَاسِه للمرَّة الألف ، و هُو يُقحِم ابهَامه بَين اسنانِه.. ما يَشغَل بالَه كانَ امرًا واحدًا لا غَير . بَعدَ عودَة الآخر، الآن سَيضطَر لرُؤيَة وجهِه لأوَّل مرَّة، بعدَ محاوَلَات تهرُّبِه مِن ذلِك التِي نجحَت بالأَمس . نعَم هوَ لَم يفعَل .. منذُ عودَة تشانيُول هو لَم يرَى مَلامِحه التي غابَت عَن عينَيه دُونَ أن تَغيب عَن ذَاكرَته ، و لَا يَعتقِد انه فِي اتمّ الإستِعدَاد لمقابَلتها أخيرًا.











الطرِيق للمَدرسَة اثنَاء ايصَال وَالدِه لَه لليَوم لَم يَكُن طويلًا، لَكنّه منحَه وقتًا كافيًا ليُشوِّش عقلَه بأفكَار متدَاخلَة. و عندَ اصبَح أمَام مَدخَل المدرَسة ، هو تَرجّل من السيَّارة ليدنُو من النافذَة المَفتوحَة ، يَمدُّ يدِه ليَصفَع يدَ وَالدِه بِخفَّة قبلَ ان يَبتَسم و يَهزَّ رأسَه ، فيُرخِي السيِّد بيُون تعابيرَه القلقَة و يضعَ غيرَها من تعَابِير ارتيَاح ، و سرِيعًا هو انحنَى لوالِده ليعبُر مَدخَل المدرَسة بِإستِرسَال.











و قَد غَفل عَن زَوج من أعيُن حادَّة الزّوايَا اتّبعته طوَال الطَّريق مِن منزِله حتَّى وصُوله الى المَدرسَة. ابتسَامَة وَاسعَة شقَّت مَلامِحه التِي كانَت فَارغَة قبل ثوانٍ فَقط عِندَما التَقط تِلكَ الإبتِسامَة التِي ارتَسمت عَلى شِفاه الأصغَر و التِي كانَت سَبيلَه الوحيدَ لطمأنَة والدِه الذي بَدى قلقًا على حَالِ صغيرِه... و السبِيل الوَحِيد لإزَاحَة القلِيل مِن الهمِّ مِن قلبِ الأطوَل.











🌿











”لَا يبدُو أنّ بِيكهيُون قَد رآه حتَّى!“ همَس لُوهَان بعدَ أن تَأكَّد أن بِيكهيُون لَم يَصل بَعد، ”مَا أقصِده هو أنّ بِيكهيُون و منذ مَجيئِه يقُوم بتجنُّبه ، عِندَما خَرجنَا لتناوُل الغدَاء .. تشَانيُول و رفيقَاه سبقَانا بالخُروج ، لذَا لا أعتَقد أنهمَا حَصلَا على اتّصالِ أعينٍ حتَّى، ثمّ انَّه لَا يعلَم أنّ مَن اصدَم بِه بالأمسِ عندَ المدخَل كانَ تشَانيُول“ اردَف يُحاوِل الشّرح لِكيُونغسُو الجَالِس بِجانبِه.











”ثمّ ؟“ كيُونغسو سَأل بمَلل بَعد ان التَفت لينظُر الَيه بجَانبِيّة ، ”فقَط .. أقُول ، لأنّه مِن الأفضلَ ألّا يفعَلا“ .











كِلاهُما استَمرّا بصَمتِهما ، كيُونغسُو يتصفَّح احدَ كُتبِه بينمَا لُوهان يسنِد جبينَه الى طاولَتِه حتّى فآجأَهما دُخول بيكهيُون الذِي اقترَب ليجذِب بعشوائيّة كرسيًا و يجلَس ،”مالذِي تفعلَانه ؟“ تحدَّث بعَقويّة مُحاوِلًا اضفَاء بعضِ البريقِ عَلى رفِيقَيه، ”نَجلِس ؟“ لوهَان أجاب بعدَ نظرَ الى كيُونغسُو و الذِي لَم يبدُو أقلّ ارتبَاكًا منه.











”تناوَلتُما الفطور ؟ أرغَب بِشيءٍ لأكلِه.. دعونَا نذهَب الى الكَافِيتيريَا سَريعًا قبلَ بدإ الصفّ“ بيكهيُون اقترَح بحمَاس ليقِف أولًا و الجالسَان بِجانبِه فقَط هزّا رأسَهما كإشارَة لقُبولِها.











”تشانيُول.. أخيرًا أتَيت“ كَاي مدَّ يدَه مُرحبًا و سيهُون تبعَه يفعَل المِثل. بِيكهيُون بالجَانب الآخر تيبّس مَكانَه عندَما صوتٌ ما يَذكُره بكلّ تفاصيلِه قد تخلّل مَسامِعه مِن خلفِ ظَهرِه ، ليُحسَّ بِتجمُّد أطرَافِه و ارتِجاف مُقلتَيه.











بِكلّ ما اوتَي من قوَّة حَاول منعَ رَعشَة جسدِه مِن أن تكُون واضحَة لمَن حولِه، و بصُعوبَة ابتَعد ليَجلِس بمقعدِه الخَاص. ”ألَم تَقل أنّك تَرغَب بالذّهاب الـ-“ ، ”بوقتٍ لاحِق..“ بيكهيُون اقتَطع كَلامَ لوهَان دونَ أن يلتَفت و يَنظُر خَلفَه.











هو عَليه الإعترَاف.. لَم يظنّ يومًا انَّه قد يصِل لحَالَة كهذِه ، حيثُ يصبِح النّظرُ في وَجهه مُرعبًا... مجرَّد التَفكِير في اتصَال الأعيُن يشوِّش نبضَات قلبِه..











🌿











”أنَا جائِع.. يا الهِي“ لُوهَان تَذمَّر بينمَا يُمسّد معدَته، ”لَنذهَب لملئِك“ هو اردَف مُجددًا مخاطبًا معدَته و بِيكهيون قهقَه عَلى سَخافَة الآخر، لَكنّ ابتِسامتُه تلكَ تلاشَت في الثانيَة التالية عندَما زوجٌ من الأعينِ التَقى بخَاصتِه التِي تلألَات ببَريقٍ زاهٍ ..











بريقٍ اعتَاد الظُهور كدلِيلٍ على سعادَته الغامرَة لرؤيَة شَخص مَا، كانَ أهمّ ما امتلَكه بيكهيُون في حَياتِه العاديَة تِلك.











بِيكهيُون كرهَ نفسَه.. كره حَقيقَة أنّه مازَال يُحدّق بتشَانيُول بذَاتِ الطريقَة كمَا كَان يفعَل سابقًا ، كرِه حقيقَة أن الطرَف الآخر مازَال قادرًا على التّأثير به حتّى بعدَ ذلِك الوَقت.











و لاَن دَواخِله التي اضطَربت و أطرَافَه شُلّت تمنَعه عن الحركَة ، و الصّمت الرهيبُ الذي المّ بِقاعَة المقصَف لم يَكن الأكثَر اراحَة ايضًا ، لوهَان دفَعه قَاطِعا اتصَال الأعين ليَتقدَّم مُتخطيًّا اياه بينَما يجُول بنظرِه يرمُق بسَخط كلَّ مَن صَمت عَن الكَلام و ارتكَز بِنظرِه عَلى الثُنائِي، ليعُود الضجِيج تَدريجيًّا ليَملأ القَاعة.











”هذَا مَا كَان ينقُص“ لُوهَان ضرَب اعوَاد الطَّعام بالطاولَة بقوَّة و هُو يَرمُق الثُلاثيّ الجَالس علَى بُعد طاولَة مِنهم بِحنَق، قد كَان مُستعدًا لرَميِ كُرسيٍّ عَلى أطولِهم .. حَتى يَفقَع عَينَيه التي تتَأمَّل بِلا حيَاءٍ صَاحب الخُصلَات الذهَبيَّة.











”لَم يَعد بإمكانِنا تناوُل الطعَام براحَة الآن“ تذمَّر مُجددًا ليَحشُو الطّعام دَاخِل فمِه، ”بيكهيُون، تناوَل طَعامَك..“ كيونغسُو نقرَ على صِينيَّة الطَعام و التِي تبدُو كمَا لو أنّها لَم تلمَس .











🌿











”لَم أحضِر درَّاجتِي ، والدِي قَام بإيصَالي“ بيكهيُون عَبسَ بينمَا يراقِب رفيقَيه يتَجهزَان لمغادَرة المدرسَة بعد انتهَاء اليَوم الدِراسيّ . ”أنُوصلُك ؟“ لوهَان اقترَح، و بِيكهيُون فَقط ابتَسم ليُلوِّح بيدِه فِي الهواء رافضًا، ”لا عَليكُما !!“ هوَ أجَاب .











”ستكُون بخير ؟“ كيُونغسُو اردَف سَائلًا و يدُه مَشغولَة بفكِّ رِباطَ دَراجَته يَتجهَّز للمُغادرَة ، و بِيكهيُون فقَط هزّ رأسَه مَع ابتسَامتِه الجَميلَة .











لوّح لهمَا و التَفَت سريعًا علَّه يكُون محظوظًا كفايَة ليلحَق بالحَافلَة التي قَد توصلُه بِأقلّ مدة الَى مَنزِله و الّا فيُضطَر الى الإنتِظار سَاعَة أخرَى ، عندَها سَيكُون مِن الأفضلَ أن يعُود سيرًا علَى الأقدَام علَى الإنتِظَار.











تَزامنًا مع التفَاته ، بَصرَه التَقط هَيئَة شَامخَة المعالِم تمرّ الى جَانبِه لتَتخطَّاه قَبل ان يُوشِك على الإصطِدَام بهَا.











اتبَّعه بِعينَيه حَيث يَتجِه الى سَيارَته ، يمدُّ يَده التِي تَحمِل المفتَاح ليضغَط على ازرَارِه فتُصدِر السيارَة أصوَاتًا غريبَة مُعلنَة عن انفتَاحها و ليَدلَف الآخر الَى داخلِها، و بِيكهيُون نظرَ بأعينٍ ضيِّقَة ليمِيل رأسَه الى الجانِب .. عَلى ذلِك المنظَر .











لَطالَما كانَ تشَانيُول مُثيرًا و لطالَما أدهَشَه ، و ها هُو الآن فِي سَنتِه الأخيرَة من الثَانويَّة ، لمَ قَد لا يقودَ سيارَة رياضيّة فاخرَة و هوَ الابنُ البَكر لمالِك مَجموعَة ضَخمَة من الفنادِق و المؤسسَات ، سيكُون غبيّا ان لَم يَستغلّ ما يَملِك.











ثَوانٍ حتّى سَمِع دويّ محركِها يَقترِب من سَمعِ بِيكهيُون الذي استَمرّ بالتَقدُّم فحَسب ثُمّ ليتَخطّاه سَريعًا دون ان يَتمكّن حَتى من لَمحِه.











اخرَج بيكهيُون هاتِفه من جَيبِ بنطالِه المدرسيّ يتفقّد التَوقيتَ قبلَ ان يدرِك انّه سَيستَغرق ما يقارِب الربعَ سَاعة على وصولِه لمَحطَّة الحَافلَات و بذلِك استَنتَج انّ الحَافلَة التي سَتقلُّه قَد انطَلقت بِالفِعل، هُو تنهّد ليَهزَّ كتفَيه.. سَيكُون عَليه العَودَة الى مَنزِله على اقدامِه الآن.











🌿











على بُعد خُطوَات مَعدُودَة.. يَتحرّك صاحِب الجُرم الصَّغير بِخطًا غيرِ متناسقَة ، انّه يَمشِي منذُ عشرِين دقيقَة و لَم يقطَع بعدُ نِصفَ المَسافَة تمامًا، كمَا انّ الإرهَاق اَصاب قَدمَيه بالفِعل.











علَى بَعدِ تِلكَ الخُطوَات سيَارَة رِياضيَّة فَاخرَة بلَونٍ رمَاديِّ يمِيلُ الَى الإسوِدَاد ، بِعجلَات تَربَّع عَلى مَعدنِها مَاسٌ أبيضُ برَّاق .. مَا كانَت سِوَى لتَجذِب ايّا مِمن يَمرُّ بهَا ، لكِن لَم تَكُن اكثَر أنَاقَة وَ وَسامَة ممَن يَقودُها.











السَيَّارة تَحرَّكت ببُطءِ و مَع كلِّ حرَكَة مَشبوهَة للفتَى الصَغيرِ تتَوقَّف عَن التّقدُم ليَدعُو صَاحبُها الَّا يلتَفِت خَلفَه.











بحَركَة سرِيعَة حرَّك تشَانيُول المِقوَد بيدِ وَاحِدة و بِثوانٍ اوقَف السَيارَة بمُوازَاة الرَّصيفِ حَيث يَمشِي بِيكهيُون بإِستِرسَال يَستغلُّ ذَلك الوَقت لتَرتِيب افكَاره و جَمعِ شَتاتِ نَفسِه ، عِندَما تشَانيُول ترجَّل مِن السيَّارَة ليَقفَ امامَه ، يَحجِب عَنه مَسارَه.











”سأُوصلُك..“ هُو تحدَّث بصَوتِه الأجَش اشبَه بصيغَة امرٍ و بِيكهيُون فقَط وَاقفٌ مكانَه دونَ حرَاك ، نظَره لَم يغادِر مُستوَى صَدرِ تشَانيُول.











فقَط شهقَاته السَاخنَة تحرَّرت مِن ثَغره و كلّ زَاويَة من رأسِه تَدوِي بِصوتِ تشَانيُول ، كمَا لَو أنّ العالَم مِن حولِه تَوقَّف.. و مَا به مُتحرِّك سِوَاهمَا. ”بيكهيُون..“ تشَانيُول قالَ مُجددًا يعيدُ الأصغَر الى وَعيِه.











كانَت تِلكَ نُقطَة ضِد بِيكهيُون، فأحرُف اسمِه تخللَت صوتَ الأطوَل.. لتنطِق بِه فتُزعزِع كيَانه ، كانَ ذلِك كما لَو انَّه يمنَح بيكهيُون لكمَة امَام فكِّه فتُخلّ بتوَازنِه و تُسقِطه ارضًا..











اجَل فلَولَا محاوَلَات بيكهيُون للخرُوج عن وَعيِه و تَفضيلِه للشرُود و ايقَاف تردُّد صوتِ الآخرَ بعقلِه.. لهوَى جسدُه على الأرض.











يكَاد يجزِم انَّ كلّ حرفٍ يصدُر عن الأطوَل ، كانَ كسَهمٍ برَأسِ مدَبّب مشمَّخ بسُمّ قاتِل .. يستَهدِف كلّ نقطَة مِن جسدِه لَيس فقَط قلبَه .











تَحرَّك بِيكهيُون مُتخطيًّا تشَانيُول ليتَوقَّف بسبَب إحسَاسه بقَبضَة تشدُّ عَلى مِعصَمه تَمنَعه مِن التَقدَّم ، لم تكُن سوَى يَد الأطوَل .. نَظرًا لنُعومَة بَاطِنها كمَا اِعتَاد علَيهَا بِيكهيُون. ”الطَريقُ طَويلَة، دَعنِي افعَل.. هَذه المرَّة فحَسب“ تشَانيُول تَرجَّى يَشدُّ أكثَر عَلى نعُومة مِعصَم الأَصغَر .











”أرجُوك ، فلـ- .. تَترُك يدِي“ بِيكهيُون حرّر حروفَه بصُعوبَة يشعُر ببحّة تَطغُو على صوتِه، و أهدَابه قَد حمَلت قَطرَات من المَاء المالِح بالفِعل علَى الرّغم من مُحاولَاتِه لحبسِها .











تشَانيُول ارخَى قبضَته بَينمَا يُركزُ نظرَه علَى مُؤخرَة رأسِ الأصغَر يَشعُر برؤُوس حادَّة تُغرَز بقلبَه لِصوتِ الآخر المُرتَجف ..











ثمّ هَل بيكهيُون حقّا للتوِّ قد ترجَّاه ليترُك يدَه ؟ ، أرَاد ان يشدَّ اكثَر علَى مِعصَمِه ، قبلَ ان يقاطِعه اهتزَاز صَوتِ الأصغَر الذِي عادَ مُجددًا ، ”دعنِي“ مجِيبًا بِغيرِ ترَدّد تزامنًا معَ تَحريكِه لذِراعِه دَاخِل قَبضَة الآخر، و التِي ارتَخت اكثَر حتَّى اصبَح مِعصمُه حرًا.











فقَط واقفٌ مكانَه، يُراقِب الهيئة الضئيلَة.. المُحببَة له تبتَعد عَن مَجالِ رُؤيتِه، كانَ تلكَ اللَّحظة الوَحيدَة التِي أحسَّ فيِها تشَانيُول بضُعفِه ، أحسَّ بفَشلِه الذّرِيع و ضعفِه السَّقِيم .. ضعفٌ و فشلٌ لَم يعرِف لِمعنَاهمَا وجُودًا . الأسوَء انّه يَسمَح له بالمغادَرة دونَ يقوَى على مَنعِه.. لكِن من يَكونُ حتّى يفعَل! من يمنَحه الحَق!..











سيَكُون غبيًا .. بَل تافهًا ان فكَّر للحظَة فِي انّ الأمورَ ستَكونُ عاديَّة..











🌿











”بيكهيُون.. عزِيزِي!!“











بحَّة تخلَّلت صوتُها المُرهَق.. كانَت تِلك الصَّرخَات و النِّداءَات تصدُر عنهَا بقلبٍ مذعُور و عقلٍ ملِيء بالإسوِدَاد.. لَم تتَلقَّى ايَّ ردّ ، كلَّ ما يُمكِنهَا سمَاعُها هو صرَاخ عالٍ مختَلط بأصوَات انكِسارٍ متتَالِية مخيفَة.











هِي نادَت مرَارًا و تِكرَارا.. لَا ردّ











ارَادَت خَلعَ بابَ الغرفَة الذِي يَمنعُها مِن رؤيَة صغِيرِها.. لكِنَّها انثَى ضعيفَة ..











لكِنَّها ايضًا امّ..











تشعُر بلَسعٍ يدَاهِم وجنَتاهَا.. تِلك دموعُها التِّي تمرَّدت بقِلَّة حيلَة. كسَى أصابِعها اللَّون الأحمَر.. فقَد طرَقت البَاب عددًا لَا يحصَى مِن المرَّات.











صرخَة مدوِيَّة أخرَى..
اقوَى مِن سابقَاتِها..











كانَت بمثَابَة صعقَة للوالدَة بيُون التِّي اصَاب الوَهن المُفاجِئ ساقَاها و الجمُود باقِي اطرَافهَا. حرفيًا.. هيَ فقَدت القدرَة على الكلـام لتنهَال دموعُها بقلَّة حيلَة. لَم تتمكَّن حتَّى من الوُصول لهاتِفها، حتّى تتصِل بالسيِّد بيُون .. امَلها الوحِيد في ايقَاف كلِّ تِلك الأحدَاث التِي تجرَى داخِل الغرفَة..











و قبلَ ان تُحاوِل الوقُوف حتَّى، بابُ الغرفَة انفَتح مباغَتة ليظهَر بيكهيُون مِن خلفِه ، يلفُّ جزءَه السفلِيّ بمنشفَة بينمَا لا يخفِي جزءَه العلوِي..











”بيكهيُون..!!“












[ فِي تِلكَ اللَّحظَة التِّي تقَابَلت فِيهَا أعيُننَا..
لَم نَقوَى علَى الحَدِيث .. و لَم نَقوَى علَى الحَرَاك..
كَثِير مِن المَشَاعِر اجتَاتنَا..
كَثِير مِن الكلِمَات كُتِمَت..
لَكِن ، كَثِير مِن الموَاقِف .. حدَثَت
تُرِينَا مدَى هشَاشَة و انفِصَام هَاتِه الحَياة..
قَد تَمنَحُك الحيَاة اليَوم و فِي اليَومِ التَّالِي سَتَدهَسك و تَنهَشك..
ستُدمِّرُك و تَكسِرك..
بلَا رَحمَة.. تُغرِقُكَ للحَضِيض.. تدفَعُك للهَاويَة..
قَاسيَة.. هيَ.. ]









بَس. 👽

هيلُووز.. 🙏

كيفكُم؟ شحوالكُم؟ 😌

معطّلِين؟ 😔
انا لَا~ *نحِيب*

كيف البَارت؟ 👀

توضَّحت العلاقَة الي جمعَت الكوبل قبل؟ 👀

مدرِي وش اسأل بعد. 😂

المهِم.. قولولي آراءكم عن البَارت.. الكتابَة.. الشخصيَات.. على العموم

اي شي ما عاجِبكم؟ 🌈

يعنِي رأيكُم فكلّ شي.. 👽 لا تبخلُو. 👀

.
.
.

يَلّا بايَات 👐

كونُوا بخِير.. 🌞

و شُكرًا 🙏

بارت جدِيد ..اذَا لقِيت تفاعُل. :'(

© فَـ'ـاسِيلِيسَا ツ,
книга «LACUNA <CB>».
Коментарі