Prologue
Chapter 1
Chapter 2
Chapter 3
Chapter 4
Chapter 5
Chapter 6
Chapter 7
Chapter 8
Chapter 9
Chapter 10
Chapter 11
Chapter 12
Chapter 4
"سأشتري لكي ذلك الفستان اذا كنت أنا من سيخلعه ."

ظلت تلك الجملة تُعاد في عقلي لم أتوقع أن ثأثيرها سيكون بذلك القوة علي .

ساكنة في مكاني، ولا أستطيع التحرك .

حتي بعد تقبيلي..ظللت أتحسس شفتاي لكي أدرك أن ما حصل لم يكن إلا حقيقة .

كانت -شفتاه- مثل الخمر..أسكرني لدرجة الإنتشاء و لم أعلم إني كنت أتوق لشربه طوال حياتي .

ضربات قلبي كانت مثل المطرقة التي تدق حتي لم أعد أستطيع سماع الموسيقي بسببها..جسدي عضلاته سابت، و أنفاسي كانت أثقل من المعدن .

نظرت حولي و أدركت بأنه خرج من الملهي بالفعل .

نظرة التشوش إنتشرت من عيناي إلي كل معالم وجهي وأنا أنظر في كل مكان أبحث عن اذا كان هناك من يراني و يراقبني..

و لكن ما لاحظته بأن مقعد آليك كان فارغاً..هو أيضاً لم يعد بالأنحاء .

بالتأكيد ذهب لمكانٍ آخر، لكن هذا لا يهم الآن. خرجت بأقصي سرعة من الملهي حيث الهواء النقي إستقبل وجهي و جعلت عيناي تبحث عنه في كل مكان حتي وقع نظري عليه .

يقف هناك و يضع يداه في جيب معطفه الجلدي الأسود موجهاً نظره إلي كإنه كان ينتظرني .

"هل ستقفين هناك طوال الليل؟" عقدت حاجباي و توسعت عيناي عندما رأيته يلتفت و يذهب لألحق به مسرعة!

رائحته كان بها شئ قوي جعلني أذهب معه بدون أي كلمة، و تأثيره علي كان قوياً كفاية لأذهب وراؤه بأعين عمياء .

لم يكن مستذئباً..و لم يكن كائناً خارقاً للطبيعة .

بل إنساناً..

لكن هذا لا يهم الآن .

أهم شئ بأني لم أعد في مجموعة كاسيوس..

كاسيوس..؟

نظرت حولي فجأة، نحن علي وشك دخول حدود خط الأشجار الذي يدخلنا الغابة!

وقفت مكاني و نظرت له بسرعة بأعين متوسعة، "إلي أين تأخذني؟!"

توقف عن المشي بعدما سبقني بخطوتين و إلتفت و علي وجهه معالم عادية كأن الغابة مثل منتجع سياحي مثلاً!

"إلي الحفلة؟"

"أي حفلة تقوم في الغابة؟!" حتي نحن -الكائنات الخارقة للطبيعة- حُذرنا من دخولها!

"الحفلة التي سأحضرها..؟ انتي حقاً تسألين أسئلة ليست منطقية ." إلتفت مرة أخري و دخل بين أشجار الغابة تحت نظرات عيناي المصدومة و الحائرة من تصرفاته .

ها هو يذهب..لا، لا تتركني .

لكن الهروب فالكايتري..الهروب .

عليكي الذهاب الي جايس!

و لكن رفيقي..

الصراع بين عقلي و قلبي يستمر..لكنه رفيقي و أخيراً عثرت عليه و لن أضيعه .

"إنتظر!" صحت قبل أن أحذف كل الأفكار الخائفة و الليست واثقة، وللمرة الثانية إلتفت بملل لي لأبتلع ريقي و أتقدم حتي دخلت إلي حدود الغابة و أنا أنظر لعيناه البنية..

"ماذا الآن؟" أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقوم بأخذ خطوات بإتجاهه، كل خطوة كان قلبي ينبض معها حتي وقفت أمامه و أصبحنا قريبان بما فيه الكفاية لتفقد حواسي السيطرة علي نفسها لكني ها أنا هنا ساكنة و أحاول عدم القيام بأي حركة حميمية التي تكاد ذئبتي تموت لأجلها..

ظللنا ننظر لبعضنا و عيناه علي عيناي تارة و علي شفتاي تارة أخري..

الهدوء خيم بالمكان..لا يوجد أحداً هنا سوي أنا و هو و النجوم التي تسترق النظر علينا..

"أنا لا أعرف عن أي حفلة تتحدث و لكن..حتي أخبرني علي الأقل ما هو إسمك؟" صوتي خرج هادئاً أثراً علي النظر إلي عيناه ليبتسم جانب شفتاه و تتفرق قليلاً قبل أن ينطقه -إسمه- بكل سلاسة..

" ڤـالديمير ."

لم أعلم بأني سأقع في حب إسماً في يومٍ ما .

في ظل ما كنا نحدق بأعين بعضنا و عقولنا غارقة في محيط أفكار، عيني توسعت عندما سمعت إسمي يُنادي في المكان!

"فالكايتري!"

المجموعة!

شهقت بسرعة لأنظر ناحية الصوت، و في ثانيتين أمسكت بيده و ركضت سريعاً مبتعدة عن الأصوات علي أمل بألا يجدوني .

هل مر الوقت بتلك السرعة؟!

فالديمير كان يحاول أن يركض معي بصعوبة بسبب سرعتي لذلك كان ورائي متمسكاً بيدي .

"إنتظري لم تركضين فجأة!" لم أستمع له، لم أسمح لقدماي أن تتوقفا و يداي في كل لحظة و الأخري تشتد علي مسك يده لكي لا يفلت مني .

"أبطئي قليلاً، لا أستطيع اللحاق بكي!" صاح بي .

"أصمت حتي لا يسمعونا!" صحت صوت أشبه بالهمس و لازلت أمسك بيده .

ظللنا نركض وبالفعل شعرت بتعبه و أنفاسه السريعة و لكني لا يجب أن أتوقف .

أشعر بشعور غريب .

"توقفي عن الركض!" صاح مرة أخري لكني لم أستمع له .

"آسفة و لكن علينا الإبتعاد بأكبر شكل ممكن!" بعد مدة، عندما بلغ تعبه أقصاه, أمسك بيدي بقوة و أوقف جسده عن الحركة ليشدني و جعلي أواجهه .

"ماللعنة التي تحصل هنا؟!" كان يلهث بقوة من التعب و وجهه تحول للأحمر بالفعل، ولكني صمتت..

لن يتفهم اذا أخبرته بأني هاربة من مجموعة شخص كنت أعتقد أنه والدي..و كل هذه الأشياء..

فجأة الأفكار السلبية أحاطت رأسي من كل جانب عندما فكرت في ردة فعله عندما سيعلم عن الأمر .

ماذا سيفعل حينها؟

هل سيذهب؟

هل سيخاف مني و يتركني؟

أنا بالفعل لا أصدق بأني أخيراً وجدت رفيقي ولا أريد خسارته..

لا أعلم مالذي يجب علي فعله..

"لم ركضنا كل تلك المدة اللعينة؟" توترت..لا أعلم كيف سأجيبه .

كتفاي إنكمشا و ظللت أنظر لكل شئ حولي إلا هو الذي علي وشك فعل ثقب بداخلي من كثرة نظره لي .

علي أن اهدأ..علي التفكير..

"هناك جماعة تتبعني..لذلك لا يجب علي أي احد أن يعثر علي..كان يجب علي الذهاب و الإختباء إلي أن أجد طريقي، لم ذهبت معك و أنا لا أعرف عنك شيئاً غير إسمك؟!" صحت به و علي نفسي..من غبائي، أريد نتف شعري .

"إسألي نفسك ."

"أجب علي أولاً..من تكون؟" إبتلع ريقه و نظر بعيداً ثم نظر إلي و هو يحك مؤخرة رأسه .

"أنا هارب.." ماذا؟

"ماذا تقصد؟" عقدت حاجباي .

"أنا هارب من العدالة ."

"ماذا؟!" شهقت .

رفيقي الذي إعتقدت بأنني لن أجده أبداً، يكون مجرماً!

"كما سمعتي!" صحت بالمقابل في وجهه .

"و هل كنت ستأخذني إلي سوق سوداء لبيع أعضائي تحت مسمي بالحفلة؟!"

"لا تتسرعي في الأحداث و تحكمين علي بالسوء منذ الآن فأنا أيضاً لا أعرف عنكي أي لعنة و قمتي بالركض كالمعتوهة و لازلتي لا تريدين إخباري السبب!" صمتت تلك اللحظة عندما لم أستطع الرد عليه..

سيتركني لا مُحال .

صمتنا نحن الإثنان نتنفس بسبب صياحنا حتي سكن هو و تحدث:

"ايضاً..إسمك هو فالكايتري..؟" إبتلعت ريقي و أومئت له .

"تبدين بريئة و ليس لكي في حياة الخطر ."

معه حق، فجأة بعد عشرون عاماً في العيش بأمان وسط مجموعتي، أعلم أن الذي لقبته بأبي لم يكن والدي الحقيقي و كل ما أعرفه عنه كانت أكاذيب .

جملته تلك كان لها تأثيراً بالفعل..

في ظل شرودي شعرت به يقوم باللعب في خصلات شعري القصيرة و هو يضعها وراء أذني، رفعت رأسي له لأراه يحدق بعيناي . طبقت شفتاي و هو إقترب مني خطوة لتملأ رائحته أنفي و تصاب ذئبتي بالجنون .

"لقد هربت من عائلتي.." قلت بصوت هادئ لينظر لشفتاي و لاتزال يده في شعري القصير و يومئ ببطئ .

"جيد.." ضم يده اليسري الي خصري و اليمني تركت شعري و وضعها علي رقبتي..

وإقترب أكثر..

"توقف!" إنتفضنا عند سماع صوت شخصاً آخر في المكان .

و في لحظة قمت بتمييز هذا الصوت قبل أن يخرج صاحبه من بين الأشجار .

"آليك!"

"إبتعد عنها!"

"آليك، لم تبعتني إلي هنا؟! و لم لم أشم رائحتك؟" نظره كان موجهاً لفالديمير الذي أقف علي جانبه و يقترب منه .

"تشمي رائحته؟" سأل فالديمير بعدم فهم .

"لقد أخفيتها..و أنت! أيها الهارب من العدالة! كيف تجعل فتاة تتبعك في الغابة في هذا الوقت من الليل؟!"

"هل سيختلف الموقف إن كنا في الليل أو النهار؟" سأل ببساطة و هو يرفع كتفاه ليقترب منه آليك بغضب .

"إبتعد عنها!" لم أعلم مالذي علي فعله و لكن نظرات فالديمير التي تستخف بآليك كانت تجعله يغضب أكثر .

" إسمع يا صاحب الرائحة، القرار يعود لها فالنهاية..و أنا لم أرغمها علي شئ، فلا تلقي باللوم علي و أنت لا تعلم شيئاً ." عينا فالديمير أصبحت حادة بإتجاه آليك الذي عقد حاجباه .

نظر إلي بعدم منتظراً مني الشرح..و لكن لساني كان معقوداً في هذا الموقف .

"أنظر آليك، هذا ليس كما تعتقد-.." عدلت حقيبتي التي أحملها علي كتفي و رفعت يداي أمامه ببطء لكي يهدأ، بينما فالديمير ذهب يستند علي شجرة يشاهدنا .

"اذاً ما هو الشئ الصحيح، فالكايتري؟" لازال يتحدث بإنفعال حتي ألقي فالديمير كلامه .

"إنها رفيقتي ." عينانا فتحت علي مصرعها لنلتفت له .

كيف يعلم بأننا رفقاء بحق الجحيم؟

"ماذا..؟"صوتي خرج غير مستوعباً ما قاله للتو .

"رفيقتي في الحفلة..؟ هل نسيتي بالفعل؟" شعرت بأن قلبي وقع في قدمي و النفس الذي حبسته زفرته و أنا أعود بالنظر لآليك مرة أخري و أريح كتفاي الذان إنكمشا .

"إنه رفيقي، آليك..هو المُقدر لي ." فجأة نظرته تغيرت و ظل ساكناً في مكانه ينظر إلي غير مصدقاً .

جفونه إرتعشت و فمه ظل يُفتح و يُغلق محاولاً تكوين أي جملة..و لكنه لا يخرج شئ .

نظرته أصبحت مُعقدة و أنا ظللت في مكاني أحاول تفسير لغة عيناه و أو حتي أي شئ..و لكني لا أستطيع .

"ماذا..؟" صوته خرج بنبرة ليست طبيعية..كإنه لا يصدق ما يسمعه..

نظره ذهب إلي فالديمير الذي لازال مستنداً علي الشجرة يلعب في الحلق المعدني خاصته ثم إلي .

"لكنه خطر، فالكايتري.."

"لن يستطيع فعل أي شئ لي ." إبتسمت لأطمئنه لكن نظرته لازالت كما هي..

كإنها خيبة أمل..

ظللنا نحن الثلاثة صامتين حتي قاطع هذا الصمت فالديمير .

"ألن نكمل طريقنا؟" فجأه آليك رفع رأسه له و رد بإندفاع مفاجئ:

"نحن سنذهب لغابة ديابولي، إذهب أنت و حفلتك للجحيم ." إلتفت لفالديمير، كان يبتسم لوجه آليك بإستفزاز و بدون أي تحذير، قال ما أوقع قلبي..

"أنت تغار، صحيح؟" إتسعت عيناي و الصدمة إعتلتني .

مالذي يحاول فعله؟

ظل آليك صامتاً و تعابير وجهه الجامدة كإنه علي وشك إخراج أنيابه و إطلاق العنان لذئبه للهجوم عليه .

"لا تحاول الإنكار حتي..فالرجال يفهمون الرجال مثلهم ."

"هذا علي أساس أنك رجل؟" رد آليك جعل فمي يقع .

اللعنة لم أتوقع هذا الرد!

"ما رأيك بأن أُريك؟" أمسك فالديمير بحزام بنطاله و بدأ بفكه لتتوسع عيناي من الذي علي وشك فعله .

"اللعنة توقف!" نظر إلي بإبتسامه شفتاه الجانبية و أرجع حزامه مكانه .

الشئ الغريب هنا هو ذئبتي..هي حرفياً غضبت لأني أوقفته عن خلع بنطاله!

هذا ما كان ينقصني!

"أتعلم؟..نعم، أنا معجب بها..كثيراً و أريدك أن تبتعد عنها لأني لا أثق فيك ." أمسك آليك بذراعي و وضعني خلفه بينما أنا صامتة و قلبي يدق كالمطرقة بين نظرات الإثنين .

لم أتوقع أن يأتي يوماً و يتنافس علي رجلان مثيران أكثر من بعضهم .

"أنت معجب بها هاه؟..اذا أرني ." تحداه فالديمير و أنا إبتلعت ريقي بصعوبة من ردة فعل آليك و لكنه فقط رد بإبتسامة جانبية هو الآخر و فعل ما لم أتوقعه .

"بكل سرور ." و فجأة إلتفت إلي و أمسك بوجهي ليصفع شفتي مع خاصته .

صرخت بداخلي و قلبي دق بقوة من الصدمة لكن كل ما فكرت به هو بأنني لا أريد هذا .

شفتاه كانت تضغط علي شفتاي و تتحرك و لكني كنت ساكنة و مصدومة..

بالفعل كنت معجبة بآليك منذ أول يوم أتي فيه للمجموعة السنة الفائتة..

و لكن ها نحن ذا..

طوال تلك السنة تمنيت لحظة إعترافه لي .

و عندما أتت لم أعد أريدها .

أريد فالديمير .

بينما تتحرك شفتا آليك علي خاصتي المجمدة بعمق، عيناي المفتوحتان وقعت علي رفيقي .

إبتسامته الجانبية إختفت و كان يحدق بنا نحن الإثنان .

لمَ لا تفعل شيئاً؟ لمَ لا تأخذني من يده؟

شفتي لم تتحرك مطلقاً..بل يدي التي وُضعت علي صدره و ابعدته عني بخفة..

"آسفة آليك.."

دفعته بخفة ليتوقف..ثم إبعد وجهه عني و نظر لعيناي بخيبة أمل لكني هززت رأسي بحزن وأبتلع الغضة التي بحلقي بصعوبة قبل أن أقولها..

"أنا لا أريد هذا.." نظرة الحزن التي نظرها إلي جعلت قلبي ينقطع لمليون قطعة..

لكنه فات الأوان علي ذلك..

شعرت بيد أخري علي ذراعي تشدني نحوه و تأخذني من ذراعا آليك، و لم يكن أحداً سواه..

"لقد قلت لك..هذا هو خيارها " الهدوء المحزن خيم بالأجواء و شعرت بأني أريد البكاء علي منظر آليك الذي يحدق بالأرض قبل أن يسحبني فالديمير للذهاب لكن صوت آليك أوقفنا .

"حتي إن لم تعد هناك فرصة لأكون رفيقك..أريد أن أظل معك ." حدقت به لثانيتين قبل أن أومئ له ليبتسم بسعادة و لكن كل ما سمعته هو تنهيده فالديمير بإنزعاج واضح لآليك بأنه لا يريده معنا في رحلتنا لكننا فقط تجاهلناه و إبتسمنا لبعضنا .

"إن قاطعني و أنا أُقبلك، سأقتله ."

______________________

ظللنا نمشي لوقتٍ طويل و لكن قبل أن نتحرك و نسلك كل تلك المسافة كان آليك يتشاجر وهو يحاول إخبار فالديمير علي طريق غابة ديابولي من الخريطة التي كانت معه .

و لكن فالديمير بكل هدوء قام بتقطيعها..

و ها نحن علي الطريق بدون وجهة.. فقط نمشي علي أمل أن نعثر علي أي شئ أو أي شخص يدلنا علي المكان .

"ما رأيكم بأن نسلك هذا الطريق؟" إقترح آليك و لكن سرعان ما رد عليه فالديمير .

"أصمت يا صاحب الرائحة ." و أكمل طريقه .

أقسم بأن آليك كان علي وشك إطلاق العنان لذئبه و لكني نظرت له أحاول تهدأته و إيقافه .

و في ظل مشينا بدون هدف، وصلنا إلي منزل مهجور، جدرانه مهترئة و لا تدل علي وجود أحداً فيه .

لكن النظر إليه يرسل لك رعشة لجميع أنحاء جسمك..

"يبدو مناسباً..لنظل هنا حتي شروق الشمس ." تحدث فالديمير ببساطة و هو يتقدم تحت نظرات عيناي أنا و آليك المصدومة .

"ماذا؟! لا! هذا لن يحدث!" صحت به بينما أشده من معطفه الجلدي و يعود لمكانه بجانبي .

"ماذا؟ هل أنتما خائفان؟" رفع حاجباً بإستغراب لأهز رأسي لكن آليك يظل واقفاً ثابتاً .

"ماذا عنك؟ هل أنت خائف؟" أشار لآليك لكي يظل ساكناً للحظة و ينظر إلي لثانية ثم يعاود النظر إليه .

"بالطبع لا..لمَ سأخاف من الأصل؟" تلك الشجاعة المزيفة هُدمت عندما إبتسم فالديمير برضا ثم أمسك بيدي .

"اذاً هيا بنا ." 

توسعت عيناي أنا و آليك لبعضنا عندما سحبني فالديمير وراؤه و إنهارت الشجاعة المزيفة .

"لا فالديمير أرجوك! " كنت أمسك يد فالديميرالتي تأخذني محاولة لإيقافه و لكنه لا يستمع .

"لا تقلقي، اذا كان يسكن قاتلاً متسلسلاً أو مجنوناً عقلياً، سأحميكي منه.." 

قاتل متسلسل أو مجنون عقلي..مطمئن جداً!

"أنت لا تساعد!"

آليك كان وراؤنا يتقدم بصعوبة بينما فالديمير يسحبني وراؤه و أنا أحاول فك يدي منه .

برغم من قوتي كمستذئبة و تدريبنا علي الثبات الإنفعالي، إلا إني أرتعب من الأماكن المظلمة و المغلقة .

و هذا المنزل يبدو و كأنه مسكوناً من ألف عفريت! 

صعدنا السلالم التي توصلنا بالباب و أنا مع كل خطوة قدمي ترتعش أكثر و أشعر بأني علي وشك بل منطالي..

المنزل كان مثل ما مر عليه آلاف السنين و لازال صامداً حتي الآن و لكن ذلك لم يضيف أي شئ سوي المنظر المرعب مع ظلمة الليل الحالكة .

أنا يجب علي الصمود، صحيح؟

أعني..أنا مستذئبة..مالذي يمكنه أن يصيبني؟

فالديمير هو البشري هنا..هو من عليه الخوف و ليس نحن . هو من بحاجة إلي حماية منا و ليس العكس .

أخذت نفساً عميقاً و حاولت تهدئة نفسي، فالديمير تقدم و قام بفتح الباب الذي أصدر صريراً عن فتحه و الظلام كان يعم المكان بالداخل .

"هيا بنا ." إبتسم فالديمير و دخل بكل بساطة و أنا للمرة الألف قمت بأخذ نفساً و دخلنا أنا و آليك وراؤه .

لم ينتظر آليك أي ثانية قبل أن يخرج ولاعته التي كانت ضوئها يهتز في ظلام المكان نتيجة عن إهتزاز يده المرتعشة .

قلبي كان محاطاً بغيمة من الخوف و الغضة كانت تخيم في حلقي و لكني تغاضيت عنهم و عن عقلي الذي يصنع تخيلات بكائنات ظلام التي توجد في كل مكان حولي و علي وشك الهجوم علينا و أكلنا أحياء..

لكني بخير..أعتقد .

كل خطوة بطيئة كانت الأرضية تصدر صريراً مزعجاً لكننا توقفنا في الصالة بينما إختفي فالديمير في الظلام محاولاً إيجاد بعض الشموع .

وقفنا أنا و آليك بجانب بعضنا نحاول التنفس لكن حتي صوت تنفسنا نخاف أن نخرجه .

"هو بتأكيد معتاد علي تلك الحياة -المخيفة- ، صحيح؟" 

اومئت بسرعة قبل أن أنظر للمكان حولنا بحذر كإن العفريت سيقفز علي و سيأكلني .

كانت هناك أريكة وراءنا كنا تحركنا و جلسنا عليها و علي جانبيها كرسيان .

 وضعت حقيبتي علي قدمي و إحتضنتها بينما لازال آليك يمسك بالولاعة و ينظر لها و هذا فعلته أنا ايضاً..

و ما لاحظته هو الحرفان المحفوران علي الولاعة "آ.ك" .

بعض إشعاعات النور الأخري شعر بها عصب عيناي لألتفت بسرعة و أري فالديمير يقف بشمعة في يده تنير حجم ضئيل آخر من الغرفة .

لكن عيناه اللامعة أثر نار الشمعة، كانت تحدق في عيناي إلا أن.. 

"حسناً..يمكنك وضع الشمعة هنا! علي الطاولة!" آليك تحدث ببراءة كمن يجلس مع ثنائين و هو الوحيد الذي لا يمتلك حبيباً..أو إنه بالفعل ذلك الشخص .

جلسنا نحن الثلاثة حول تلك الطاولة و تلك النار التي تضيئ حجماً لا بأس به من الغرفة بعد أن قام آليك بإطفاء ولاعته لبعض الوقت..

فالديمير فجأة أخرج من الجيب الداخلي لمعطفه زجاجة معدنية مخصصة للخمر و حاول أن يشرب منها و لكن سرعان ما تبدلت ملامحه بالضيق .

"اللعنة لا يوجد ويسكي!" تذمر و هو يرج الزجاجة علي أمل أن تخرج منها نقطة .

"هل هذا وقتاً لشرب الويسكي؟!" سألت بعدم تصديق مما يفعله و لكنه أكمل تذمره .

"لم يكن علي نسيان أن أملأها من الملهي!" عقد آليك حاجبيه و سأله بينما كنت أضع أصابعي في شعري القصير و ألعب فيه بينما أدلك فروة رأسي من التعب .

"و مالذي جعلك تنسي؟" توقف فالديمير عن النظر بداخل الزجاجة و حدق بي لتتوقف يدي عما تفعله..

"شخصاً ما لديه سحراً في شفتيه.." شرقت علي ريقي و أصبح وجهي أحمر من الخجل و السعال!

ما بال صراحته الغير طبيعية هذه؟!

آليك كان يضرب علي ظهري بخفة و انا بسرعة أخرجت زجاجة مياة لأهدأ قليلاً .

إبتسامة جانبية مرت علي وجه فالديمير و يغوص أكثر في كرسيه مرتاحاً .

شكراً علي جعل ذئبتي يجن جنونها يا محترم .

بعد دقائق كان الصمت يعم بيننا و كلنا شاردين، إضطررت لإغماض عيني من التعب محتضنة حقيبتي..

كنت أُريح عيناي و لكني عندما فتحتها رأيت فالديمير يحدق بي..لم أشعر بنفسي غير و أنا احدق بالمقابل في عيناه البنية المضيئتان من ضوء لهب الشمعة و فجأة غمز لي لأبتسم بخجل  .

إبتسامة خفيفة زينت وجهه جعلت قلبي يقفز فرحاً .

و لكن في ظل تلك اللحظة الرومانسية..آليك قاطعنا .

"ماذا سنفعل الآن؟" سأل آبنبرة بشرود، صمتنا قليلاً قبل أن يزفر فالديمير بقوة و يرد عليه بغير صبر .

"سننتظر حتي تشرق الشمس و سنتحرك مرة أخر، الآن توقف عن الكلام و أجلس بصمتك ." 

"أقسم إن رأيتك تتحدث إلي هكذا مجدد-.." صمت آليك و توسعت عينانا عندما رأينا ما توقعناه .

"ماذا؟ هل أكلت القطة لسانك؟" فالديمير تحدث..لكنه لم يعلم أن وراؤه شخصاً بالفعل .

آليك فجأة صرخ أكثر صرخة أنثوية سمعتها في حياتي لتتوسع أعين فالديمير عندما نظر لما كنا ننظر له .

"أركض!" صرخت بهم لننتفض عن المقاعد نصرخ بينما ذلك العجوز المخيف الذي كان وقف وراء فالديمير أصبح يركض وراءنا ببندقيته العملاقة و نحن نفر بحياتنا للخارج .

"أيها المقتحمون المجرمون!" صاح بنا العجوز و نحن لازلنا نركض حتي ضرب الرصاص في السماء  إرتعشت منها قلوبنا لنتوقف جميعاً و رافعين يدينا بجانب رءوسنا . 

كلنا كنا نتنفس بسرعة، و الخوف يصدر من كل نفس نلهثه .

"إستديروا الآن ." أمرنا العجوز لكي نلتفت ببطء له و قلوبنا تضرب بقوة .

"إهدئوا..هو لن يفعل شيئاً ." تحدث فالديمير بهدوء متوتر ليبتسم العجوز علي كلامه .

"حقاً؟ قل هذا الكلام مرة أخري عندما أتصل بالشرطة أيها اللص الأحمق!" تنفس فالديمير بغضب عندما نعته بالأحمق..لا وقت للغضب الآن! 

"نحن لم نسرق شيئاً!" صاح آليك فيه لكنه وجه البندقية له .

"أصمت أيها المقتحم!" أخرج هاتفه القديم و بدأ بالضغط علي الأرقام .

"ماذا سنفعل الآن؟ ماذا لو كان الرصاص من الفضة؟" تمتم آليك لكني إستطعت سماعه..

نحن مستذئبون و لكن هذا ما لا يعلمه فالديمير..

لا أعلم ماذا سيكون ردة فعله عندما يكتشف هذا و لكنها مسألة حياة أو موت الآن..لا وقت لإخفاء هوياتنا الحقيقية .

وضع العجوز الهاتف علي إذنه منتظراً حتي يجيب أي أحد و هنا نظرت لفالديمير .

الشرطة اذا أتت فسيتم القبض علينا و هو سيذهب إلي السجن..

في الناحية الأخري ذلك العجوز يهدننا بالسلاح..

إلا إذا..

فجأة إستخدمت سرعة الذئب و في لحظة كنت وراؤه أسحب الهاتف و رميته بعيداً بعدما أغلقته بسرعة .

و في اللحظة الثانية، كان آليك أمامه يسحب البندقية من يده بسرعة و يدفعه للأرض و هو يصوبها نحوه .

"م ماذا-..كيف.." تلعثم بالكلام و لكننا ظللنا نقف أمامه ساكنين نحاول إتخاذ القرار الصواب فيما علينا فعله .

"إستخدمي قوتك، فالكايتري ." 

ماذا..

كيف..أعني أنا بالفعل أشك حول ذلك و لكن..

نظرت نحوه بسرعة بأعين متسعة و أنفاس سريعة بينما هو كان علي نفس حالتي و هو ينظر في عين التصويب الخاصة بالندقية و لازال يصوبها علي العجوز الذي لا يزال علي الأرضية .

"كيف فعلتم هذا..؟" سمعنا صوت فالديمير يأتي من الجانب..عيناه تنظر لنا كإنه لا يصدق ما رآه للتو . كنت أريد قول أي شئ له و لكن آليك قاطع أفكاري بسرعة .

"إستخدميها! إن حاول الإتصال بالشرطة أو قال لأي أحد عنا فلن يصدقوه و سيعتبروه عجوزاً مخبولاً ." تحولت نظراتي لفالديمير الذي يقف و ينظر إلي بدون تصديق ثم إلي آليك و نفسي يضيق أكثر فأكثر..

هل سأفعل ذلك؟

هل سأستطيع إخراجها أم سأتسبب في خيبة أمل كبيرة؟

"هيا إفعلي!" نظر لي آليك و صاح في وجهي بقوة .

لا أعلم اذا كنت سأستطيع التحكم في عقلي بالفعل أم لا!

"هيا!" صاح مرة أخري و لكن لم نسمع سوي صوت العجوز و يقف مجدداً و يحاول أخذ البندقية من آليك .

"فالديمير إبتعد!" صحت به عالياً لينبطح أرضاً و أري العجوز يحاول سحب البندقية من آليك و لكنه -آليك- أقوي منه بكثير .

الرصاص ظل يضرب فالمكان و الطيور حلقت بعيداً و ذهني أصبح مشتتاً أكثر من السابق .

نظر فالديمير لي من بعيد و أنا تنفست بقوة قبل أن أغمض عيني و أركز بقوة .

هيا..

هيا..

أرجوكي!

"هيا فالكايتري!" فجأة دفعة غريبة إنبعثت بداخلي و فجأة و قلبي دق بقوة عندما شعرت بها عبر يداي تخرج بكل قوة نحو العجوز لتجعله يطير نحو الشجرة و يصتدم بها .

صرخت عندما هبط علي الأرض و لم يعد يتحرك!

وقف فالديمير من مكانه صامتاً و أنا إقتربت قليلاً بينما آليك ذهب إليه و تحسس نبضه قبل أن ينظر لنا .

قلبي كان يدق بقوة خوفاً..هل قتلته؟

هل قوتي خرجت أكثر مما يجب؟

إبتلعت ريقي و شعرت بصخرة علي صدري لا تجعلني أتنفس جيداً إلا إنها إنزاحت..

"نبضه سليم ." النفس الذي كتمته زفرته براحة كبيرة و أغمضت عيني شاكرة علي كونه سليم..و لكن ليس كل شئ سليماً الآن..

إلتفتت لفالديمير الذي لا تزال نظرته موجودة..لا يصدق ما حصل للتو .

"فالديمير إنتظر..سأفهمك كل شئ!" بمجرد أن إقتربت منه خطوة، إبتعد هو عني خطوة..

تلك الخطوة جعلتني أفكر بأكثر ما كنت أخشاه..

تركه لي .

آليك وقف من مكانه و إلتفت لنا نحن الإثنان .

"سأشرح لك كل شئ-.."

"فقط..أريد أن أفكر قليلاً..لا أستطيع إستوعاب شئ ."

تعابير وجهه المشوشه ذهبت معه و هو يسلك بين الأشجار و يختفي عن نظري .

"هل سيفر منا؟" سأل آليك و هو ينظر لمكانه الذي أحدق فيه بشرود .

"لن يستطيع..فأنا لازلت أشم رائحته..إلا اذا رفضني ." نظر لي آليك لأبادله .

ظللنا علي حالنا، واقفين ولا نسمع شيئاً سوي صوت أنفاسنا حتي تسللت رائحة مقززة إلي أنوفنا .

"هل تشم هذا؟" إنكمشت أنفي ليومئ لي..تلك الرائحة..

حاولت شمها أكثر حتي إستطعت التعرف عليها حينها عقدة حاجباي إنفكت و عضلات جسدي جمدت بالكامل .

"فالكايتري ." سمعت صوته علي بُعد أميال مني حينها بسرعة الذئب أنا و آليك أسرعنا إلي مكانه و تلك اللحظة تأكدت بماهية تلك الرائحة .

دماء .

أربعة مصاصين دماء يقفون مباشرتاً أمام فالديمير الخائف .

قلبي إرتعب عندما رأيت ذلك المصاص الدماء ينظر له بأعين تشتهي تذوق دمائه و يحيط رقبته بيداه .

"فالديمير لا تتحرك!" 

"كإني لدي خياراً آخر!" 

نظر الفتي الذي يمسك برقبة رفيقي لي ثم لآليك و إبتسم جانب شفتاه .

"يا فتيان.." 

نظر إلينا مصاصون الدماء الآخرون .

"لدينا ضيوف ."

______________________________________
© Nerve ,
книга «Apocalypse | نهاية العالم».
Коментарі