مُقَدِّمَةٌ
الفصل الاول : أمُّ المصائب
الفصل الثاني : الجنّية الغريبة
الفصل الثالث : لنتزوج !
الفصل الرابع : زوجة بالإيجار
الفصل الخامس : زفاف مثالي لكن ..
الفصل السادس : لن اخسر سوف اتسلـق !
الفصل السابع : ولـيـمـة غـنـيـة بالوجوه
الفصل الثامن : يُطبخ بعناية
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد
الفصل الثامن : يُطبخ بعناية
دفعت بقدمها الباب بقوة ثم اقتحمت المكتب صارخة :

" هل ما قاله جيروم صحيح ؟ ستسحب التمويل "

فغرت فاهها تنظر الى المتربع خلف مكتبه والذي رمقها رافعا احد حاجبيه بإستغراب

" سينا ، الا يفترض بك طرق الباب اولا "

بنبرة معاتبة قال ثم تنهد كيران بيأس و اضاف :

" بلى سأفعل ، كما سمعتِ "

كتفت سينا ذراعيها امام صدرها ثم قالت بوقاحة :

" قرار متهور و غير حكيم ، على الاطلاق "

" عفوا ؟ "

هرولت نحو بقعة تواجده ، نضفت حلقها ثم اضافت :

" هل تحتاج الى بعض المساعدة ؟ "

استندت بيديها على المكتب ثم ادلت بمكر

" بدل جعل الوضع اكثر فوضوية ، استمع الى ما سأقترحه عليك و ستحصل في المقابل على ثلاثة عصافير بحجر واحد ، ما رأيك ؟ "

تراجع كيران نحو الخلف مسندا ظهره للكرسي ثم قال :

" اطلعيني على التفاصيل ، من فضلك "

ابتسمت سينا برضى ثم ردت :

" حسنا ، انسط جيدا اذا "



" عندما سمعت من عزيزي انه يخطط لسحب التمويل شعرت بالاسف و الحزن ، كيف لهذا العالم أن يكون بهذه القسوة و الظلم ، اين العدالة ؟ "

ابتسمت سينا بمكر تسترجع ما دار بينها و كيران صباحا ..

« بالاضافة الى تطهير سمعتك ستكسب الجريدة و صاحبها في صفك ، كما ان ذلك سيجعل الشعب يصدق اكثر تمثيليتنا »

القت نظرة خاطفة على الرجل الضَّحية

' ما خطبه يرتجف كسمكة قذفتها مياه المحيط ؟ بالرغم من انني طلبت من كيران قبل قدومنا ان يحرك عضلات وجهه و يبتسم لكن بلا فائدة ، هذا الزوج يصعب علي الامور حقا '

تنهدت بـقـلة حيلة

' حسنا ، لنبدأ اللعبة '

"ليس من الحكمة و الصواب محاكمة شخص ما على افعال شخص اخر الا توافقني سيد بليجر .. "

" كما اننا نحن الصغار نتصرف في بعض الأحيان بطيش و تهور وعلى الكبار توجيهنا الى الطريق الصحيح ، الا توافقني سيد بليجر ؟ "

ارتشفت من قدح الشاي بين يديها ثم التفتت نحو كيران و اضافت :

" لهذا شرحت لعزيزي كيران الامر و قلت أن ما يقدم على فعله ليس صائبا على الاطلاق "

ادلت بانفعال مقطبة حاجبيها ثم تنهدت ، أسندت رأسها على كتف كيران تعانق ذراعه و اتبعت :

"و لأن زوجي العزيز مسالم و يحب تطبيق العدالة بطرقه الخاصة استطعت إقناعه ، انا حقا ممتنة للزواج من شخص مثله "

"اوه ، اعتقد أنني أطلقت العنان للساني وثرثرت كثيرا "

ضحكـت بتكلف

" لا ابدا ، عـ على الاطلاق ، انتما مناسبان لبعضكما البعض حـ حقا "

فرك بليجر كفيه بتوتر ثم اعترض

" اوه ، حقا ؟ "

كورت وجهها المحمر بيديها ثم اضافت بخجل مصطنع :

" سأعتبر هذا مديحًا "

ابتسمت بخفة ثم قالت مخاطبة كيران

" عزيزي أسمعت ما قاله ، انا و انت مناسبان لبعضنا "

' قل شيئا ، هيا قل شيئا لا تنظر الي هكذا لا تجعلني ابدو كالحمقاء ارجوك'

انتظرت بلهـفة ما سيقوله كيران و في اللحظة التي استسلمت فيها ..

' الحق علـ- '

" بالطبع عزيزتي ، لست بحاجة لمن يخبرك بذلك لكي تتيقني ، انا لن اجد لك مثيلا "

نبض ، نبض ، نبض ..

فجأة ، و لسبب ما ، شعرت بأن الزمن توقف ، ما قاله ، بالرغم من انها مجرد تمثيلية ، ابتسامته ، لست اعلم ان كان ما ساقوله مبالغا فيه الا ان تلك الابتسامة حقا ، قادرة على بناء مدينة غارقة تحت الانقاض من جديد

لم تنتبه لاصابعه التي كانت تعبث بغرتها و تهذب خصلات شعرها و واصلت سينا التمعن في تقاسيم وجهه لدرجة انها و لشدة انغماسها حاولت لمس شفتيه

" سينا ، ما الذي .." همس كيران

اتسعت عيناها

حان الوقت لتعودي الى الواقع سينا !

' ما الذي كنتُ على وشك فعله بحق السماء ؟ '

ضحك بارتباك محاولة التغطية على المصيبة التي كانت تقدم على فعلها ، نضفت حلقها ثم ارجعت خصلات شعرها نحو الخلف و قالت :

" ما كنت اريد قوله هو انني سعيدة لوجود شخص مثلك بجانب زوجي ، كما انني اتطلع لرؤية ثمار تعاونكما ، و انا متأكدة من انها ستكون مرضية "

استقامت واقفة و اتْبعت :

" كما انه لا حاجة للتفكير المبالغ ، نحن النساء نفتعل مثل هذه الامور من دافع المحبة وانا  متأكدة من أن ابنتك توافقني الرأي "


بعد أن خرج الزوجان من المكتب ممسكين ايدي بعضهما البعض يتخطيان العيون التي كانت تخترقهما

" ما خطبهم ؟! "

تمتمت سينا بينما تحاول قدر الامكان الحفاظ على ابتسامتها المشدودة لأطول فترة ممكنة

" فقط لنواصل التقدم "

هرول الإثنان مبتعدين وصولا الى السلالم

" ما الذي كنت تحاولين فعله في الداخل ؟ "

سحبت سينا يدها بعيدا عن كف كيران ثم تخطته

" لا تنظر الي بتلك الطريقة كما لو انني قبلتك بالفعل ، لست اعلم ، لقد كنت منومة بسبب ابتسامتك و لم اعلم كيف .. آه تبا ، ابقى بعيدا عني ، محرج "

بعثرت خصلات شعرها تتأفف بانزعاج بينما تخطو متجهة نحو العربة

" لاسئلك سؤالا اخر ، ما كنت على وشك فعله هنا ، هل كان جزءً من الخطة ؟ "

بعبوس نفت سينا برأسها

" حسنا ، فهمت "

وضع كيران كفه على فمه يحاول كتم ضحكته بصعوبة

" هيا اضحك ، اضحك ، انا لن اجادلك ان قلت انني مجنونة او شيء من هذا القبيل " مدت شفتها السفلى بعبوس

" انت بالفعل كذلك ، هل ستقدمين على تقبيل اي شخص ابتسامته فاتنة بالنسبة لك ؟ "

" كيران " صرخت بانزعاج

في اللحظة التي انفجر فيها ضاحكا من اعماق قلبه ادرك انه و في كل مرة يرافق فيها هذه المرأة يصبح غير قادر على التوقف عن الضحك ، تناقضاتها ، هي لا تثبت على حال ، كيف لها ان تكون سعيدة و حزينة في ان واحد ، حكيمة في بعض الاحيان و ساذجة احيانا اخرى ، عنيدة و فجأة تصبح ملتزمة و مطيعة

زفر انفاسه بعد نوبة الضحك التي اصابته ثم ..

" حسنا ، حسنا ، لقد توقفت "

ربت على رأسها بخفة و اضاف :

" لقد نفذت ما قلته ، ماذا بعد ايتها الرئيسة ؟ ألن تحصلي على انتقامك ؟ "

تنهدت سينا ثم فركت ذقنها تفكر :

" كل ما علينا فعله الآن هو الانتظار ، اما عن الانتقام فأنا حتما سأحصل عليه عاجلا أم آجلا لذا لا تقلق يا زوجي العزيز ففي النهاية انا لستُ إله "

نفخت لتبعد خصلة شعرها عن مرمى نظرها ثم كتفت ذراعيها امام صدرها و اضافت متذمرة :

" كما ان الكأس الذي كسرته كان مكلفا جدا ، لقد كانت تلك الكؤوس أصلية "

انا لن اتغاضى عن شيء كهذا ابدا ، لقد كان من الصعب الحصول عليها حقا ، على اي حال ، لنترك هذا جانبا ، لدي الكثير من العمل اليوم ..

اوه ! بخصوص اليوم ، يا رجل !

في اللحظة التي توقفت فيها العربة امام بوابة القصر الرئيسية ، انتفضت سينا من مكانها فجأة ما جعل كيران يستغرب ، ثم امسكت بطرفي ثوبها ..

" تأخرت ، تأخرت "

دفعت باب العربة ثم قفزت و أطلقت العنان لساقيها تركض بعد أن تخطت البوابة الرئيسية

مـ ما الذي .. "

راقب كيران زوجته تركض مبتعدة عنه باستغراب

" لا تركضي ، ستتأذين "

و رغم تحذيراته التي صاح بها الا ان سينا واصلت الركض غير مبالية

" حسنا "

يا إلهي ! هذه المرأة حقا ، لا يتم توقع تصرفاتها '

اسند كيران هيكله لحافة الباب يراقبها و هي تبتعد عن مرمى نظره ثم طرق بأصبعه على جانب العربة و قال مخاطبا الحوذي :

" الى القصر الامبراطوري "




"اذا انت عازم على فعل ما يدور في رأسك "

رفع كيران ناظريه يحدق في الشخص الواقف امامه ببرود ثم ادلى :

" ايها الامبراطور ، الا تلاحظ انك تهمل انشغالاتك مجددا "

" آه ، بربك ، لقد خرجت لاستنشاق بعض الهواء النقي اتريد رؤيتي اختنق وسط المكتب بين المستندات المتراكمة ؟ "

تأفف الامبراطور متذمرا ثم تنهد و اضاف مستفسرا :

" دعك مني الان ، هل اتخذت قرارك ، ألن تخبرها بما تريد فعله ، اعني انا اريد ان اتدخل بينكما لكن هذا يعتبر طعنا في الظهر ، انت تسلبها اغلى ما تملك دون استشارتها حتى "

صك كيران اسنانه بحنق ثم رد

" ما من طريقة اخرى ، هل ابدو لك كشخص سعيد باقترافه هذا ؟ "

نضف الملك حلقه ثم استند بظهره على حافة المكتب مكتفا ذراعيه امام صدره

" اتريد الصدق ، انت لم تكن يوما سعيدا .."

مرر نظرة جانبية على كيران الجالس خلف مكتبه الذي رمقه بنظراته الحادة ما جعل الامبراطور يراجع ما قاله ..

" ما اعنيه .."

انتفض كيران من مكانه بعد ان دفع الكرسي نحو الخلف ثم صفع بكفيه سطح المكتب بعنف و زمجر قائلا :

" كيف لي ان اكون كذلك و امثالك في حياتي "

انتشر صدى صوت كيران في الارجاء لوهلة لكنه سرعان ما تلاشى و حل السكون مجددا ، واصل الرجلان التحديق في بعضهما البعض ، نظرات كيران الشرسة التي كانت مربكة لجلالته جعلته يدرك الكثير

' لسبب ما ، هو على حق ، انا ايضا اكره كوني عاجزا عن القيام بفعل ما '

اعتصر شفته السفلى بقلة حيلة ثم

" سأغادر "

لم ينتظر الملك ردًا ، بالرغم من انه اراد سماع شيء ما قبل المغادرة ، شيئا ما مثل : " لنمضي المزيد من الوقت معا كما كنا نفعل سابقا " ، لكنه استسلم ، استدار ثم وجه قوامه نحو الباب مغادرًا




لقد كان اسبوعا طويلا ، لم. يتسنى للزوجين المزيفين رؤية بعضهما البعض لانشغالهما ففي الفترة التي يكون فيها كيران في الخارج ، حملت سينا على عاتقها مهمة تجديد القصر ..

اصطف الخدم جميعا يحدقون في الارض ، ينتظرون ما ستقوله سينا التي راحت تتردد جيئة و ذهابا بينهم

" هل هذا هو العدد الاجمالي ؟

سألت بينما تمرر نظرها عليهم ثم الفتت الى ريوجان الذي اجاب :

" بلى ، سيدتي "

" جيد جدا "

بعد أن سمعت جواب رئيس الخدم صفقت بحماس ثم صاحت :

" يا رفاق ! انا في امس الحاجة لمساعدتكم .."

توقفت للحظة عن الكلام

' حسنا ، هذا ليس سيئا '

بينما تسترجع ما دار بينها و ريوجان من حديث صباحا ، بعد الاطلاع على سجلات الخدم لقد تبين ان جميعهم سيفعلون المستحيل للحصول على المزيد ، حسنا ، بعد التفكير في الامر الحصول على خدم اضافين سيستغرق بعض الوقت ، و ايضا .. انا لست زوجة حقيقية ، مجرد شريك يتقاضى راتبا مثلهم تماما و بالتالي ..

ابتسمت بخبث ثم واصلت الحديث :

" لنـنـهب اموال كينجي العظيم بسعادة ! "

راقبت ردود فعلهم ، كيف اتسعت أعينهم و ارتفعت حواجبهم ، تبادلوا نظرات الاستغراب فيما بينهم ، علامات استفهام كبيرة اعتلت رؤوسهم و سؤال واحد تبادر الى أذهانهم جميعا

" ماذا ؟! "

طوال فترة تواجد سينا فالقصر لم يستطع الخدم اخذ نظرة عامة عنها ما جعلهم مرتبكين و خائفين نوعا ما من أن تكون صعبة الارضاء لكن الآن ، اصبح الوضع مختلفا نوعا ما ، لقد اصبحوا على يقين من أن التعامل مع شخص مجنون مثلها سيكون صعبا

ابتسمت ملئ شدقيها بمكر ما جعل ابداهم تقشعر ثم قالت :

" سيكون الامر شاقا ، لنبذل جهدنا جميعا "

" حـ حسنا "

بارتباك هتف الجميع متجاهلين شعور عدم الارتياح الذي اجتاح صدورهم ، هم مجبرون الان على العمل خارج مجال خدمتهم

بعد ان كلفت الخدم بمهامهم و صرفتهم طلبت سينا من ريوجان ان يحضر دفتر الحسابات للاطلاع عليه ، انصاع رئيس الخدم و غادر لتلبية طلب سيدته

عندما وضع ريوجان الدفتر على الطاولة الخشبية تراجع نحو الخلف و التزم الهدوء

تفحصت بناظريها دفتر الحسابات العناصر المشترات من اسلحة و طعام وملابس و الزيت و الشموع و الحطب و ما شابه الى جانب هذه العناصر القت نظرة على عدد المنتجات التي تم شرارها خلال السنوات الماضية و كذا التكلفة الاجمالية بتفاصيل واضحة

لقد كانت سينا مطلعة على امور الحسابات و المبالغ المالية لهذا لم يكن صعبا عليها التعرف على العملات الخاصة بالامبراطورية و خارجها

لكنها احتاجت رغم ذلك لبعض الوقت لاستحضار ما تعلمته كونها لم تستخدم دماغها للحساب لفترة طويلة

يتم تحديد الميزانية الاجمالية من قبل رب الاسرة في كثير من الأحيان كان النبلاء يبذلون جهدهم لضمان نسبة معينة من ميزانية الاسرة ، قبل الزواج ، اذا كان الزوجان في حالة حب كان من الصحيح أن تحصل الزوجة على مبلغ اعلى من المعتاد و من ناحية اخرى عندما يرغب الرجل في تطليق زوجته فإن اول شيء يفعله هو خفض ميزانية زوجته قدر المستطاع

ميزانية سينا المسموح بها لم تكن بسبب انها الدوقة ، لسبب ما اصر كيران على ذلك و بالرغم من انه لن تكشف الزوجات النبيلات بسهولة عن معلوماتهن المالية الشخصية بسبب الفقر الا انه أن علمن بما تلقته فسيكون صعبا عليهن تصديق ذلك ، ما جعل ذلك يصب في صالحها

ابتسمت بمكر

' لقد اعتقدت بأن عليّ التأكيد على ذلك ، لكنه تبين ان كيران حسب حساب هذا مسبقا ، كم هذا رائع ! '

" هل انت متأكد من أن هذه جميع فواتير الشراء ؟"

" نعم ، لقد حزمت الاوراق هنا "

ضيقت عينيها على كومة الاوراق التي كان يشير اليها ثم أغلقت دفتر الحسابات بقوة ما جعل صدى صوته ينتشر في القاعة الهادئة

' انا على وشك الانهيار ، اعصابي ، من بحق الجحيم كان يهتم بهذه الامور ؟! '

سحبت نفسا طويلا ثم زفرته بغضب

' حسب ما قاله ريو جان ، لقد كانت السيدة السابقة تخطط لتأثيث و اعادة تأهيل القصر ، لكنها لم تحرك شيئا '

' لا بأس ، دفتر الحسابات هذا لا شيء ، يمكننا اصلاحه ، اولا دعنا نلقي نظرة على سجلات الشراء و الغاء طلبات الشراء غير الضرورية بما أن التاجر سيأتي بعد الظهر '

قامت بتنظيم الاوراق بمهارة حسب التاريخ و بدأت في استعراض كل منها بالتفصيل

" ما هذا ؟! البلاط الرخامي ، لم هو رخيص جدا ! هذا يبعث للشك "

نقرت على المكتب بأصابعها تحدق في السجل

" متى كانت آخر مرة تم فيها تبديل الارضيات ؟ "

سألت دون رفع رأسها

" لم يمض وقت طويل على ذلك "

' لا بأس ، هذا النوع من الرفاهية يستحقه كيران كينجي العظيم ، لكن هذا ليس الثمن الحقيقي للبلاط الفاخر ، سأنظر فيه لاحقا ، التالي ..'

" درابزين السلم و الشرفة ، عتبة النافذة ، الستائر و السجاد ، ديكور الجدران و الاثاث ، الثريات و التماثيل ، النافورة .. نافورة !؟ "

بالنسبة للنوافير ، وجود نافورتين منفصلتين يجب صيانتهما ، آخ ! هذا كثير ، سحب الماء في حد ذاته عمل ضخم و مكلف كما أن شرائها سيكلف الكثير خاصة انها مصنوعة من الرخام و البلور ما الذي كانت تفكر فيه ؟ حتى أن كان ذلك لا يؤثر على الميزانية الا انه غير مقبول ، و زجاج النوافذ ايضا ، سيكلفني هذا الكثير حقا ، الحصول على زجاج عالي الجودة ، هذا النوع من الرفاهية ، يا رجل !

توقف سينا ، ليس كما لو أنك تصرفين من أموالك ،

لا بأس ، نعم ، ذلك صحيح لا بأس ، حتى أن كان الزجاج مكلفا جدا

ان سارت الامور كما خططتُ ، سينافس هذا القصر بلا شك القصر الامبراطوري




استمر البناء بسلاسة كانت اوامر سينا واضحة ، لم يتم تغير البلاط لانه لم تمر فترة على اخر مرة تم فيها تغيره كما انها احبت التصميم و اكتفت باصلاح عتبات النوافذ و دهنها ، كما تم وضع نوافذ زجاجية بلورية باهضة الثمن في قاعة الحفلات و اكبر ثماني غرف للضيوف و كذا مسكن الفرسان و غرفة الطعام و المكتبة

أنه لمن الحكمة تغير البلاط الحجري إلى اخر من الرخام لن يشكو الخدم من كنس الارضيات التي عادة تكون مغطات بالغبار بسبب العمال الذين يترددون جيئة و ذهابا

اثنت سينا على الشخص المسؤول عن هذه الفكرة في سرها

و بذلك تحول القصر بالكامل الى مبنى جديد

" هل رأيت الاثاث الجديد الذي وصل اليوم ، يبدو رائعا "

" أوه ، و الستائر ، لا استطيع الانتظار حتى يتم تعليق الثريات ، ستصبح اجمل قاعة حفلات في الامبراطورية بلا شك "

" القاعة لم تبدو جميلة بهذا الشكل من قبل ، زخارف الجدران سوف ترتفع بعد أن يتم استبدال جميع النوافذ ، أليس كذلك ؟ "

ركضت سينا صعودا و هبوطا في الممر تتفقد العمل و توقفت عند حديث الخادمات المبتهج

كن ثلاث خادمات شابات يحملن سلة كبيرة من الغسيل يتحدثن فيما بينهن بحماس

" للدوقة حس فني راقي و مبهر ، انا معجبة بها "

ابتسمت سينا بخجل تراقب الخادمات الثلاث وهن يبتعد عن مرمى رؤيتها

" سيدتي ، لقد وصلت للتو فوانيس الحائط الجديدة و الشمعدانات ، هل ترغبين في القاء نظرة عليها ؟ "

قال ريوجان بسرور وهو يحمل و الخدم صناديق خشبية كبيرة

" بالطبع "

عندما اومئت سينا برأسها وضع ريوجان الصندوق على الارض ثم قام بفتحه

داخل الصندوق وضعت تسعة فوانيس فاخرة ، مصنوعة من الذهب الخالص ، لامعة

' واو ! لقد كان هذا مكلفا لكنه يستحق ، علي تعزيز الحراسة ، انا لا أريد لفوانيسي و شمعداناتي الغالية أن تسرق '

" هناك حوالي خمسة عشر صندوقا من نفس المجموعة ، سيدتي "

" جيد ، قم بتثبيتها في قاعة المأدبة "

" و الشمعدانات سيدتي ؟ " سأل ريوجان

" اثنان في كل قاعة ، غرفة نوم الفرسان و الحراسة

بينما كانت تتردد جيئة و ذهابا لتفقد الاشغال ، كانت سينا تلقي ملاحظاتها

" تلك البقعة ، هناك ، قم بدهنها جيدا "

" احذر ! الثريات مكلفة "

" قم بنقله الى هناك "

تحذيراتها و اوامرها التي لا تنتهي ، كانت سينا مصرة على الاطلاع على كل صغيرة و كبيرة بداية بالشراء و نقل الاثاث وصولا الى التنسيق و وضع اللمسات الاخيرة ، و بعد يوم شاق و في اللحظة التي يعود فيها كيران إلى القصر متأخرا ليلا تكون سينا قد غطت في النوم و غرقت في عالم الاحلام

لقد اعتاد على ذلك في كل مرة يمر لتفقدها ، كانت رؤيتها نائمة على السرير بوضعيتها الفوضوية اول ما يقوم به عندما تطأ قدماه ارضية القصر ، بالنسبة له ، رؤيتها كفيلة بجعله مطمئنا ، رغم تضارب عواطفه ، و شعوره بالعجز و الندم الشديد

' هل انا على صواب ؟ '

انار ضوء القمر المنعكس على الارضية الرخامية جانب الغرفة مبددا ظلمتها الخانقة ، بعد ان تخطى المدخل ، تقدم كيران بخطى بطيئة

جلس ببطئ على جانب السرير يحدق في ملامحها المسالمة مطولا ، مرر اصابعه على غرتها يبعثر خصلات شعرها الفريد ، يراقب رد فعلها ، كيف قطبت حاجبيها بإنزعاج ثم صفعت جبهتها

" ابتعدي ، يا بعوضة ! "

اطبق كيران شفتيه كاتما ضحكته التي كادت تخرج فجأة ثم استقام واقفا ، اخذ نظرة مطولة  للمرة الأخيرة

" لقد سبق و وعدت ، فقط اتركي ما تبقى لي "

و قبل أن يغادر الغرفة المظلمة التي داعب نسيم الليلة الشاعرية ستائر شرفتها ، انتشل الملاءة من الارض ثم غطى جسدها الهزيل بعناية

' ما من خيار اخر ، على احدنا أن يختفي و انا لست مستعدا لذلك ، حتى ان كنت ستكرهينني من الان وصاعدا '

© جو ليآ,
книга «شمس أوستن».
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد
Коментарі