مُقَدِّمَةٌ
الفصل الاول : أمُّ المصائب
الفصل الثاني : الجنّية الغريبة
الفصل الثالث : لنتزوج !
الفصل الرابع : زوجة بالإيجار
الفصل الخامس : زفاف مثالي لكن ..
الفصل السادس : لن اخسر سوف اتسلـق !
الفصل السابع : ولـيـمـة غـنـيـة بالوجوه
الفصل الثامن : يُطبخ بعناية
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد

تردد وسط القاعة يذرع جيئة و ذهابا بهالته السوداء و ملامح وجهه المكفهر يحمل بين اصابعه الغليضة كأسا زجاجيا يرتجف داخله سائل احمر قانٍ ، ارتشف منه بغضب ثم ضربه بعنف عرض الحائط و زمجر :

" ما الذي دهاك لقبول عرضهم عليك اللعنة ؟! "

التفت نحو رجل الدين ذو العباءة البيضاء الجالس خلف مكتبه بهدوء ثم هرول بخطى سريعة نحوه ، سحبه من ياقته بقوة و أضاف :

" قبلت التحالف و الشراكة مع اولئك الاوغاد بصدر رحب ، هل فقدت عقلك ؟ "

ابتسم رجل الدين بخفة ثم ابعد يد الغاضب عن ياقته و قال مهدئاً :

" على رسلك ، أليس هذا ما تريده من البداية "

" ما الذي تعنيه ؟ "

" هو بحاجة للختم ، لن يجازف بابقاء المنافس على الحكم قيد الحياة ، جنرال كاليون سيسير كل شيء كما خُطط له لذا .. "

مرر كفه على سحنة الجنرال ثم ابتسم بمكر و اتبع :

" لا تنفعل سيؤثر ذلك على صحتك "





" ما الخطب ماري ؟ "

اعتدلت سينا جالسة على السرير تفرك عينيها الناعستين ثم اتبعت :

" وجهك شاحب ، هل انت بخير ؟ "

" لـ لقد سمعت ان هناك العديد من حوادث القتل في الحفل الملكي "

" ماذا ؟! هل قبضوا على المجرم ؟ "

" بخصوص ذلك ، الامر يبدو عاديا بالنسبة لسكان القصر ، لا احد يجرؤ على الحديث "

تقدمت خطوتين نحو الامام ثم اضافت بصوت منخفض :

" لقد قالو بأنه كان يضحك عندما قام بقتل الناس في اليوم الاول من الحفل "

ابتلعت ريقها ثم اردفت :

" كما كان هناك اربعة ضحايا في اليوم الاول و ثلاثة بالامس "

' حسنا ، انا مرعوبة الآن '

سحبت سينا نفسا طويلا ثم قالت مهدئة :

" لا داعي للقلق مؤكد سيتم اتخاذ إجراءات امنية صارمة هذه المرة ، لا تهتمي "

جثت ماري على ركبتيها ثم أمسكت يد سينا و قالت بقلق :

" لكن .. ما الذي ستفعلينه ان تكرر ذلك غدا ايضا ؟ "

' سيكون ذلك مأساويا حقا '

" لست اعلم ما قد أفعله في موقف كذلك ، لكن ايا كان ما سيحدث لن اقف مكتوفة اليدين "

" لكن سينا الامر خطير و .. "

' ليس و كأن لدي فرصة للتراجع و عدم حضور الحفل '

" حسنا ، لا اعتقد انني سأكون الضحية على اي حال لذا ، لا بأس ، لكن .."

تنهدت ثم كتفت ذراعيها امام صدرها

" ان حدث ذلك ، سوف اتحمل المسؤولية "

" مسؤولية ؟! "

ابتسمت سينا ببراءة ثم ردت :

" مسؤولية موته "

' و بذلك سوف اصبح بطلة الجميع ، سأكون المخلص و لن يرعب ذلك القاتل أحدًا مجددا ، سيكون ذلك رائعا حقا ، احببته '

بعد أن انتهت من تخيلها ، سحبت سينا نفسها ببطئ من السرير ثم شرعت في الجلوس على حافته

" دعك من سيرة القاتل الآن ، اطلعيني على جدول اليوم "

نضفت ماري حلقها ثم استرسلت :

" يجب ان تختاري الفستان المناسب للحفل ، معالجة بشرتك و التدرب على الرقصة ، و كتابة الخطاب ايضا "

" حسنا "

استقامت سينا واقفة ثم اضافت :

" لاحصل على حمام منعش اولا "







" سيدتي ، هل سمعت ما قلته ؟ "

رفعت سينا رأسها تنظر الى ماري بعدم فهم بعد أن كانت تتوسد الوثائق و المستندات المتراكمة على المكتب تسألها أن تعيد ما قالته مرة اخرى

" انه ظهورك الرسمي الاول في الوسط الاجتماعي ، عليك أن تختاري فستانا مناسبا للمأدبة الملكية "

" اوه ، الآن فهمت .."

اعتدلت سينا جالسة تتثائب بلا مبالات ثم اضافت :

" إذا ، ماذا تقترحين ؟ "

" سينا "

زفرت ماري انفاسها ثم اسقطت قبضتها على المكتب و زمجرت :

" انه ظهورك الاول امام العائلة الحاكمة و الارستقراطين  كالدوقة العظيمة ، بمعنى أن
حدث خطأ .."


مررت ابهامها على رقبتها مهددة ثم اضافت :

" تعلمين ما اعنيه ، أليس كذلك ؟ "


قشعريرة باردة سرت على طول عمودها الفقري بعد أن تخيلت المشهد بالفعل ، ابتلعت ريقها و تحسست رقبتها

' يا رجل ! لأنني كنت منهمكة في البحث عن تصميم فريد للحديقة نسيت امر الحفل الملكي ! '

إنتفضت من مكانها كمن قرصته حشرة ثم صرخت بارتباك  :

"الفستان ، سأختار الفستان اولا  "

" جيد "

وضعت ماري مجموعة المجلات على المكتب ثم قالت :

" هذه قوائم الموضة و الازياء الدارجة لهذا الصيف لاشهر المصممين في العاصمة "

سحبت سينا إحداها تتصفحها باهتمام ثم سألت :

" أليس الوقت متأخرا على الحجز ؟ "

" سيدتي انت الدوقة العظيمة يجب أن تتذكري ذلك الكل يرغب في التعامل معك "

" معك حق ، لنرى ما لدينا هنا "







اندفع جيروم الى المكتب على عجل لاهثا ثم جال بناظريه في الارجال قبل ان ينبس بقلق متلعثما :

" س-سيدي ! "

انشرح صدره لحظة وقوع بصره على هيئة كيران ، الجالس على كرسيه يغطي بيديه المرتجفتين وجهه و أمامه وضع سيف بلوري ضخم لطخ مقبضه بالدماء ، دفع ساقا للتقدم لكنه تراجع في اللحظة التالية

" جيروم ، المسكنات ، أحضرها "

اعتصر جيروم شفته السفلى بعد سماعه ما قاله سيده ثم اعترض بانفعال

" مجددا ، سيدي لما لا اطلب من السيدة القدوم فقط أليس ذلك اقل ضررا و .."

" جيروم نفذ ! " صرخ كيران آمرًا ثم اتبع محذرا بصوت متعب :

"   لا تفكر في فعل ذلك ، ابدا ، حتى ان كان السلام و الراحة الذي تُشعرني بهما لا يقاوم ، عليها أن تبقى بعيدة عني قدر الامكان ، مفهوم ؟ "

استسلم جيروم للامر و انحنى بطاعة ثم انسحب للتنفيذ






" سررت بمقابلتك ، سيدة هيدن "

نظرت سينا الى المرأة الثلاثينية الواقفة امامها بفستانها الازرق الضيق و سترة الفرو التي قيل انها ستأخذ مقاسات الفستان

انحنت هيدن شاكرة ثم وضعت حقيبتها الجلدية السوداء على الارض و قالت مبتسمة :

" دعيني اريكِ اولا الفستان الذي احضرته معي "

" حسنا "

إقتربت ماري من سينا ثم همست :

" لقد كنت قلقة بخصوص الفستان الذي سترتديه الدوقة في الحفل "

نفخت سينا خديها ثم رفعت حاجبها و ردت :

" لما ؟ ما خطب الفساتين الخاصة بي ؟ في النهاية الفستان يبقى فستانا حتى أن قاموا بخياطته من خيوط ذهبية .."

تنحنحت ماري بخفة ثم اضافت مقاطعة :

" خيوط ذهبية و احجار كريمة سيدتي "

" حقا ؟! واو ! "

لحظتها اخرجت هيدن فستانا ابيض براقا من الحقيبة الجلدية ما جعل جميع من في القاعة يفتحون افواههم بدهشة

" انظري الى هذا الفستان سيدتي ، ألم اخبرك "

علقت ماري

" معك حق ، كم هو رائع "

نظرت سينا الى هيدن بعيون لامعة ثم قالت :

" احسنت صنعا "

" شكرا على الاطراء ، يمكنك تجربته الآن "

امسكت سينا الفستان بحذر ثم اسرعت لتجربته و بعد دقائق قليلة من الانتظار ، خرجت

" انه واسع "

" بالطبع هو كذلك ، سأبدأ بأخذ مقاساتك الآن "

اخرجت العاملة وسادة الدبابيس الصغيرة ثم شرعت في تثبيت الفستان باحترافية بينما تتبادل و سينا اطراف الحديث

" إذا هل هي المرة الاولى لك هنا في العاصمة ؟ "

فركت سينا مؤخرة رأسها ثم اجابت :

" نعم ، انتقلت الى هنا قبل اسبوعين تقريبا ، لقد حدثت الكثير من الامور في وقت قياسي "

" انا ارى ، الوضع مضطرب هذه الايام في العاصمة ، سيرة القاتل الذي ارعب رواد
الحفل على كل لسان "

' يا ترى هل هي على علم بأعمال زوجها ؟ '

اخذت هيدن نظرة خاطفة على ملامح سينا تبحث عن اجابة ثم اعتدلت واقفة و اضافت :

" لقد انتهيت ، سوف احرص على انهائه قبل الحفل "

ابتسمت سينا بخفة ثم سألت :

" انه وقت العشاء ، هل تريدين الانضمام ال-"

" لا اعتقد انه علي المغادرة الآن ، سوف اتواصل معك بخصوص الفستان "

" حسنا "

لوحت سينا مودعة المرأة التي أطلقت العنان لساقيها الى أن اختفت خلف الباب الكبير

' هل هذا القاتل مروع حقا ؟ ربما لأنني اسكن مع قاتل مجنون لهذا يبدو الامر عاديا بالنسبة لي ، اوه ، على سيرة القاتل سوف اتناول العشاء مع زوجي المزيف الليلة '
أمسكت طرفي فستانها الاسود المزين بالورود الملونة ثم وجهت قوامها نحو الباب

" الى زوجي المزعوم "






" يبدو انك مشغول حقا في عملك الحكومي و
ادارة اعمالك الخاصة لهذا يصعب عليك توفير الوقت لتناول الطعام "

قطعت سينا قطعة اللحم على الصحن امامها ثم تناولتها 

" في الواقع لست معتادا على تناول الطعام في هذا المنزل ، الطاهي عامي "

رفعت سينا حاجبيها بإستغراب

' ماذا ؟! وان كان عاميا ، لانه ليس من النبلاء أيعني ذلك انه ليس جيدا في الطهي ؟ غريب '

" ألا تأكل الكثير في العموم ؟ "

" لست جائعا "

" إذا انت لن تفعل ؟ "

ابتسم كيران ثم استند بمرفقيه على المائدة مشابكا اصابعه و رد :

" سأكتفي بمراقبتك و انت تفعلين "

' ما هذا فجأة! انه يجعل قلبي ينبض بشدة ، كما انني اشعر بالجوع على غير العادة '

ابتلعت سينا ما مضغته بصعوبة ثم ارتشفت الماء من الكأس الزجاجي على يمينها

' ربما لأن شابا مثيرا يجلس امامي '

" حسنا ، سأستمتع بوجبتي اذا "




بعد أن انتهت سينا من تناول وجبتها استقام كيران من مكانه ثم توجه نحوها ، مد يده و قال :

" لنصعد الى الاعلى الآن "

وقفت بمساعدة كيران ثم اتجه الإثنان الى السلالم

" ألن تتناول شيئا حقا ؟ " سألت سينا بقلق

" لقد تناولت ما يكفيني قبل العشاء "

" حسنا "

وصلا الى الطابق الثالث بعد أن تخطيا اخر درج السلم ابتسم كيران بخبث و قال :

" لنستحم معا "

" ماذا ؟! "

افلتت سينا يد كيران ثم تراجعت خطوتين نحو الخلف و غطت صدرها بيديها تنظر اليه بصدمة
' اتعني رؤية جسد كيران العاري ، ما هذا المنظر
الذي ظهر للتو ؟! اختفي هيا اختفي '

حركت رأسها يمينا و يسارا تحاول طرد تلك الافكار المنحرفة عن ذهنها ثم صرخت :

" عشرون قطعة "

بعدها أطلقت العنان لساقيها و دخلت غرفتها
ضحك كيران على رد فعلها لكن ملامحه سرعان ما تشوهت ، تسارعت دقات قلبه بصورة جنونية ما دفعه لاسناد ظهره للجدار

" اللعنة "

سحب من جيب سترته الداخلي سيجارة ملفوفة بعناية ادخل نهايتها في فمه ثم اشعلها بولاعته الفضية ، سحب من لفافته نفسا ثم نفخ سحابة من الدخان من فمه بدت كضباب كئيب يلازمه و يأبى أن ينجلي ، حدق في السقف بينما يكرر العملية للمرة الخامسة الى أن ارتشف نصفها ثم اتخذ سبيله ينثر غبار سيجارته على الارضية الرخامية اللامعة







[ مساء اليوم المنتظر  ]


بعد أن سحبت الخادمات سينا بالقوة الى الحمام شرعت كل واحدة منهن في القيام بعملها ، احداهن تغسل شعرها الطويل الذي لامس الارضية و الاخرى ترطب كفيها و تقلم اظافرها ، بدت سينا على تلك الحال كالصنم عاجزة عن التحرك ،  غارقة داخل حوض الاستحمام الرخامي الابيض المغمور بالماء  تراقب عمل الخادمات وهن يضفن بين الحين
و الاخرى القليل من الغسول طيب الرائحة و ينثرن بتلات الورود الحمراء على السطح

" سيدتي ، هل يمكنني أن اسألك سؤال ؟ "

التفتت سينا الى مصدر الصوت ثم ردت :

" بالطبع ماري "

"  انا حائرة سيدتي ، لما اخترته هو ليكون زوجك ؟"

" بخصوص ذلك .. "

' صادف انني الشاهدة الوحيدة على جريمته و لأنني اريد البقاء على قيد الحياة و الانتقام من موريس الخائن قبلت عرض الزواج الدموي ، آخ ! الهي التفكير في ذلك يجعلني ارغب في البكاء '

" لانه وسيم ، لهذا السبب اخترته "

' لن انكر أن وسامته من الاسباب التي دفعتني لذلك كما انه لا يزال الوقت مبكرا على اطلاع ماري على حقيقة الزوج المزيف '
ابتسمت ماري بخفة ثم علقت :

" حسنا ، شخص بتلك الوسامة لا اعتقد انه شخص سيء ، أليس كذلك ، سيدتي لديها قدرة جيدة للحكم على الاخرين ، صحيح ؟ "

ضحكت سينا و خادمات القصر الثلاث بتوتر ثم اومئن برؤسهن

" أجل "

' اسفة على تخيب ضنك ماري لكن سيدتك فقدت قدرتها تلك '

"  سمو الدوقة ، هل انت على علم بالمهدأ الذي يقوم سيدي بتدخينه ؟ "

' تلك السجائر ؟! حقا لقد رأيته يدخنها لكنني لم اعتقد قط في انها قد تكون مهدآت ! اعتقدت بأنه شيء يحب القيام بفعله فقط '

" ايتها الدوقة عليك تذكيره في حال نسي تدخينها لانها مسألة حياة او موت "

رفعت سينا حاجبها بإستغراب
' مسألة حياة او موت ! أشعر بالفضول لمعرفة السبب ، ما الذي حدث لينتهي به الامر هكذا ،
كيران كينجي ، لديك الكثير من الأسرار الغريبة
ربما لهذا يتسابق الجميع للحصول على معلومة واحدة موثوقة عن حياتك '

" حسنا ، سوف احرص على ذلك " 






" انت جاهزة الآن سيدتي "

نظرت سينا الى انعكاسها على المرآة المذهبة ، الفستان الابيض المزين بالورود الزهرية  مكشوف الكتفين و الظهر ، ضيق من الصدر وصولا الى منطقة الخصر لكنه يتسمع بعدها تدريجيا الى الركبة و ينسدل بذيله الطويل من الخلف طرزت نهايته بخيوط فضية و لف حول وسطه شريط حريري  طويل باللون نفسه رُبط بعناية في الخلف . اسقطت سينا نظرها على الحذاء الفضي البسيط الذي ترتديه ثم ابتسمت و قالت شاكرة :

" شكرا على عملكم الجاد " 

ألقت نظرة شاملة على هيئتها ثم سألت :

" لكن ، ألا تعتقدون أن هذا التأنق مبالغ فيه في الاقصر الامبراطوري ؟ "

اعترضت الخادمات دفعة واحدة ثم نطقن بصوت واحد :
" على الاطلاق ، سوف تبدين الاجمل في الحفل بدون منازع "
ضحكت سينا بخفة و ردت :
" حسنا ، أرجو ذلك "
' بمجرد انتهاء هذا الحفل سأصبح الدوقة رسميا امام الجميع ، الخطوة الاولى لبداية ما تبقى من حياتي '
فتحت سينا الباب ثم خطت و ماري خارج الغرفة
' اتمنى فقط أن لا يظهر ذلك القاتل الليلة '




" كيراني "

توقفت امام الغرفة ثم سحبت نفسا طويلا و دفعت الباب

' لابد أنه كان يستعد منذ فترة طويلة '

"او-هاه! "

استغرقت سينا بضع ثوان للخروج من دوامة ذهولها و التعليق على مظهر كيران

" انت متألق اكثر بثلاثة اضعاف من المعتاد ، رباه "

' لما أشعر بالخسارة ؟ اهذه قسمة الطبيعة ؟ لما أشعر بـاللامساواة ؟ ايا كان ، لا يمكنني الخسارة '

نضفت سينا حلقها ثم التفت حول نفسها تستعرض فستانها و زينتها بفخر و سألت :

" ماذا عني ؟ كيران أليس لديك ما تقوله لي ؟ "

كيران : ...........

"انت ، كيران حول انا هنا ، مرحبا "

لوحت بيديها امام وجهه لجذب انتباهه

' لقد عملت بجد ، انا لا استحق أن يتم تجاهلي '

اسفل ضوء الثرية الكرستالية العملاقة لمع الجلد الابيض و تساقطت بعض خصلات الشعر الناري المرفوع بعشوائية ، المزين بالورود الزهرية على الجبهة المستديرة و مُطت الشفتان الرقيقتان فارتفعت الوجنتان المكتنزتان و برزت الاسنان اللؤلؤية ناصعة البياض ، منظر مذهل و فريد لدرجة أن كيران استغرق لحظة لادراك انه كان يحدق بها في حالة ذهول شديد

" كيران "

كان نصف مستيقظ و لم يكن متأكدة تماما ان كان في حلم ، على صوت ندائها اليائس باسمه استفاق ليصطدم بالعينين الصفراوين تطالعانه بإستغراب

" كيران أيعقل انك .. "

ابتسمت بخبث تراقص حاجبيها

" هل وضعك يشبه ما يقوله ذلك التعبير المجازي انني جميلة لدرجة افقدتك النطق "

" صحيح "

"هاه !"

" بالضبط لقد افقدتني كل كلماتي في لحظة "

فتحت عينيها على نطاق واسع ثم فركت وجنتيها  المحترقتين خجلا


' كان هذا .. صريحا و سريعا ! غير متوقع '

ضحكت بخجل ثم لكزت كتفه وقالت :

" من الجيد سماع بعض الاطراء حتى أن كان غير صادق "

لكنني صادق " رد بانفعال


عكس سينا و كيران اللذين كانا يتغزلان ببعضهما البعض على الجانب الاخر الخادمان الوفيان لم يكونا سعيدين و هما يشاهدان ذلك المنظر

" ما وضعنا الآن بالضبط ؟ و ايضا متى انسجم هذان ؟ "

سأل جيروم مكتفا ذراعين امام صدره بينما يراقب و ماري المشهد امامهما باشمئزاز

" لست ادري ، دور المُتفرّجَين على ما اعتقد "

اطلق الإثنان تنهيدة طويلة ثم تنحنح جيروم في اللحظة التالية وقال رافعا احد حاجبيه :

" من الذي تخدعانه بعقدكما ذاك ؟ "

عندما أدرك الزوجان المزيفان انهما لم يكونا وحدهما

" ما خطب هذه النظرات الآن ؟ لما ينظران إلينا هكذا ؟ "

همست سينا

" لست اعلم ، يفضل أن نغادر ، هذا الوضع لا يبشر بالخير "

" معك حق ، لنذهب "

 شابكت سينا ذراعها بخاصة كيران ثم تسلل الإثنان مهرولين نحو الخارج حيث تنتظرهما عربة بيضاء عتيقة مذهبة الاطراف تجرها اربعة احصنة ناصعة  البياض .





' انه بالفعل وسيم بما فيه الكفاية لكن عند ارتدائه هكذا .. يصبح لامعا لدرجة انني اشعر بأنني سأفقد بصري ، طقمه الابيض المزخرف بخيوط الذهب و ردائه الاسود الطويل فوق كتفه .. شعره الاسود اللامع المصفف بعناية ، يبدو مختلفا ، ربما لأنني لم اره قط يكشف عن جبهته ، تلك الخصلات التي تدلت على جبهته المكشوفة ، يا إلهي أشعر برغبة في الصراخ ، لما هو وسيم بشكل فضيع هكذا ؟! حتى وهو مشغول بقراءة المستندات يبدو جذابا .. اوه لحظة ! إنه لا يدخن ؟! '

ألم تقل الخادمات أن عليه تدخين السجائر لانها مسألة حياة او موت ؟

بالمناسبة ، كيران الست في حاجة لتدخين تلك السجائر ؟ " سألت سينا

" التدخين ممنوع في القصر "

" لكن ألن يؤثر ذلك على صحتك ؟ لست اعلم بحالتك بالضبط لكن هل ستكون بخير ؟ "

ابتسم كيران بخفة و رد :

" لا عليك سأكون بخير ما دمتِ هنا معي "

" حقا ؟"

كورت سينا وجهها بيديها خجلا ثم اضافت :

" هل رؤيتك لي تجعلك مرتاحا ، يا إلهي ! على عكسك انت ، رؤيتك تجعلني غير قادرة على التنفس بسلام كما يستمر قلبي في الخفقان ، نبض ، نبض ، نبض و .."

' مهلا يا انا ، اكبحي جماحك ، هل كنت صريحة جدا ، لقد تحمست نوعا ما '

توقفت عن الثرثرة ، نضفت حلقها ثم اعتدلت في جلستها و سألت :

" لكن لما هو ممنوع في القصر ؟ "

" لان لدي عمل "

" لكنك تدخن عندما تكون في المكتب "

" هذا نوع مختلف من العمل "

" امم .. فهمت ، اوه! "


' لقد توقفنا ! '

اندفعت سينا نحو النافذة 

" ماذا ؟! هل وصلنا حقا ؟! "

ألقت نظرة من النافذة على الخارج حيث تزاحمت العربات تنتظر الاذن للدخول

يا إلهي ! هل جميع تلك العربات ستدخل القصر ؟ سوف يطول الامر على ما يبدو ، هل علينا الانتظار ؟ " ادلت بعبوس بينما تراقب الحوذي و هو يتناقش مع الجندي المسؤول عن تنظيم السير

" لا ، لسنا في حاجة لذلك "

بعد أن انهى كيران جملته انطلقت العربة مجددا

فغرت سينا فمها بذهول :

" اوه ! هل تحركنا للتو ؟! "

نظرت بعينيها البراقتين الى كيران ثم صفقت بحماس :

" هل هذه قوة السلطة حقا ، رائع ! "

' ذلك الجندي المسكين ، أشعر بالاسف عليه ، عليه الان أن يوضح الامر لذلك الكم من الأشخاص الذين ينتظرون دورهم ، أشعر بالذنب الآن '







' اذا هذا هو القصر الامبراطوري '

" كبير جدا ! "

عبرت سينا عن ذهولها بينما تترجل من العربة ، لمعت عيناها المثبتتان على القصر و فغر فمها ، و لأنها لم تكن حذرة في اتخاذ خطواتها

" احذر! "

اطبقت ركبتاها بالأرض بقوة

سارع كيران لمساعدتها على الوقوف

" الى اين سافر عقلك ، اين كنت تنظرين ؟ "

و استرسل يوبخها بحدة ، كور وجهها بيديه الكبيرتين ثم سأل بقلق :

" هل تأذيت ؟ اتؤلمك ركبتاك ؟ "

توقع كيران رؤية العينين الصفراوين الدامعتين و الانف المحمر و الشفاه العابسة لكنه فوجئ بالنظرة الفضولية و السؤال الغريب

" انت تعمل في هذا المكان الضخم ، هل هو شاسع حقا كما يبدو ؟ "

تنهد كيران بقلة حيلة ثم تمتم :

" انا اقلق و كل ما يهم هذه المرأة هو مساحة القصر ، هاها "

" ماذا ؟ اقلت شيئا ، لم اسمعك جيدا "

" لا شيء ، لم اقل شيئا ، هل يمكنك السير ؟ "

اومئت برأسها و ردت بعفوية :

" لما لا انا بخير "

" لنذهب اذا "


امسك يدها ثم تقدم مقلصا خطواته لمواكبة خاصتها

' ما هذا لما لا يوجد احد حولنا ، هذا مريب '

" احذر من السلالم "

" حسنا ، لكن كيران لما لا يوجد احد حولنا ؟ هل جئنا باكرا ؟ "

" من يدري ، ربما "

لم يفكر كيران مطولا في اجابة و ركز اهتمامه على مساعدتها على تخطي درج السلالم الواحد تلوى الاخر بأمان




_ دوق اللقبين و زوجته يدخلان _

بعد ان تم اكتشاف دخولهما  ، ارتفع صوت البوق مُرحبًا

' هذا مريب '

" كيران ، علينا ان نكون حذرين ، قد يظهر ذلك القاتل في أي لحظة "

التفتت حولها تنظر بقلق و ترقب ثم سألت :

" انت ستحميني ان ظهر ذلك القاتل ، لقد وعدت ،  لن تهرب و تتركني هنا وحدي أليس كذلك ؟ "

نظر كيران مطولا الى ملامحها المتوترة ثم ضحك

" لماذا تضحك الان ، هذا موقف جاد ، كيران "

ادلت بانفعال

كتم كيران ما تبقى من ضحكته ثم قرص بيديها خديها المكتنزين ورد :

" ان تركتك سيجد خطيبك السابق فرصة للوصول اليك و انا لا اريد ذلك "

" اقتنعتْ "

ضحكت سينا بمرح ثم تقدمت الى مدخل القاعة و عندما لم تشعر بظل كيران بجانبها التفتت

" ألن تأتي ؟ "

نفى كيران برأسه ثم رد

" ادخلي اولا ، سوف ألحق بك لاحقا "

" حسنا "


" و ايضا .. لا تشربي ما يقدم لك "

" حاضر سيدي الرئيس "


ابتسمت ملئ شدقيها ثم لوحت مودعة و خطت اولى خطواتها داخل القاعة الفسيحة على البساط الاحمر الحريري و تحت وهج الاضواء الذهبية اللامعة للثريات العملاقة واصلت المسير تحدق بذهول في الجدران العالية المزينة بالزخارف الزهبية و اللوحات الكلاسيكية متفاوتة الاحجام و الاشكال ، بعدها اسقطت نظرها على ما عرض على الموائد الطويلة في كل زاوية من القاعة و التي نسقت هي الاخرى باحترافية خاصة الورود التي تتوسطها ، توقفت امام احداها تنظر بتمعن

' اوه ، هذه الحلوى ..'

" حلوى الخطمي "

هتفت و المرأة بجانبها بحماس ، في اللحظة التالية تبادلت الاثنتان النظرات و ضحكن

حدقت سينا في المرأة بشعرها البني البراق و العينين الزرقاوين كما لو كانتا جوهرتين نفيستين ، عندما ابتسمت كشفت عن قبلات الملائكة على خديها

' واو ، يمكنني القول ان هذه المرأة هي النسخة الانثى من كيران '

" هل تحبين حلوى الخطمي ايضا ؟ "

اومئت سينا برأسها و ردت :

" جدا ، في موطني حلوى الخطمي هي الحلوى الارخص ثمنا و الاشهر مقارنة بالحلويات الاخرى ، لهذا السبب تفاجئت ، لم اعتقد قط بأن مثل هذه الحلوى الرخيصة ستعرض في القصر الامبراطوري "

" انت محظوظة حقا ، لانه من الصعب الحصول عليها هنا .. اوه ، نسيت ان اعرفك على نفسي "

مدت يدها ثم اضافت :

" لويز ثوندرهايم ، تشرفت بمعرفتك "

صافحت سينا يد لويز ثم ردت :

" سينا .. "
' من الصعب التعود على هذا اللقب المزيف '

" سررت بالتحدث اليك "

عندما فصلت الاثنتان يديهما تقدم احد الخدم و قال بعد ان طلب الاذن :

" سيدتي ، سموه يطلبك "

منحت لويز الخادم نظرة جانبية ثم ردت :

" حسنا ، يمكنك الانصراف "

انحنى الخادم بطاعة ثم سحب نفسه و قبل ان تلحق به لويز ابتسمت ابتسامة مريحة و قالت :

" الفستان يليق بك ، انها المرة الاولى التي احب فيها تصميما من تصاميمي ، شكرا لك "

فصلت سينا شفتيها للرد لكن  لويز اختفت بين الحشود بالفعل

ضحكت سينا بخجل من اطراء المرأة الجميلة التي التقت بها صدفة

' مهلا هل قالت للتو تصميمها .. هل هي مالكة سلسلة محلات لوميار للازياء ؟ حقا ؟! '

بحثت بناظريها عن المرأة ثم اخذت من الصينية كأس نبيذ و ارتشف دفعة واحدة بعبوس

' كان علي اخذ توقيعها ، يال الحظ '


" اوه ! يا اله السماوات ! ما هذا المنظر المشع ؟ "

التفتت سينا نحو مصدر الصوت الحاد بفزع

" عـ عفوا ؟! "

" يا آنسة ، هل انت من هذا العالم حقا ؟ "

" كل ما في الامر هو أنني- "

" هذا المكان ليس سيرك ، متأكد من انك اخطأت الوجهة "

" لقد تمت دعوتي بالفعل "

قهقه الرجل الوقح ضاحكا ثم مسح الدموع المتسربة من عينيه و قال :

" انه لمن الجيد حقا دعوة امثال هؤلاء الاشخاص الى هنا للتخفيف من جو الرسمية السائد و تسليتنا ، لقد وفق جلالته حقا "

" ماذا ؟ "

اصبحت محط انظار الجميع بعد أن حاولت تفادي ذلك ، كانت نظراتهم المستفهمة و المتفحصة تلتهمها

طأطأت رأسها بحرج تصك اسنانها

' ليس مجددا ، هذا الموقف .. تبا '

" هل سخرت للتو من زوجتي ، بارون ميرسي ؟ "

بـهـيـئـتـه الطاغية و ملامح وجهه الصارمة ، كيران كينجي ، دخوله ، طريقته في جعل من حوله يشعرون بالضعف و الرهبة ، هوائه الرجولي ، و ثقته بنفسه كما لو كان يعلم بأنه شديد الجمال يخطو واثقا ، بالنسبة لسينا ، كيران منقذها الليلة

بدت لوهلة غير مصدقة ، اكتفت بمتابعة تحركه

' أيعقل انني تزوجت هذا الشخص حقا '

تساءلت ، بدا لها ذلك أشبه بالحلم حتى إن كانت علاقتهما مجرد صفقة هي لم تتخيل يوما ان تتصادم و كيران كينجي

' هل هذا حقيقي ؟ '

في اللحظة التي استدارت فيها لم يمهلها وقتا للتفاجئ ، لف ذراعه حول خصرها ثم قال بنبرة

دافئة جعلت قلبها يخفق

" حلوتي "

رفرفت أهدابها بسرعة و تدلت شفتها السفلى بدهشة ثم تركت مروحتها الحريرية تتحرر من اناملها المتوترة لتسقط على الارض

نظرت إليه لثوان معدودة ظنا منها انها تتوهم لكن ابتسامته العذبة التي منحها اياها

' هذا خارق لقوانين الطبيعة ! ' تذمرت داخليا

لم تدرك سينا أن كيران كان يتسلى نوعا ما برؤيتها على تلك الحال ، تنظر اليه ، شاردة في تفاصيل وجهه ، كتم ضحكته بصعوبة ثم تنحنح قليلا و همس في اذنها :

" عيناكِ الفاتنان تفضحانكِ "

' محرج !'

بعد أن ادركت الموقف المحرج الذي حشرت فيه غطت و جهها المحمر بكفيها ثم دفنت رأسها في صدره بحرج تلعن نفسها في صمت ، قالت بتلعثم :

" ه‍ هل سرحت طويلا ؟ "

لكمت صدره بخفة ثم تذمرت بصوت مكتوم

" كان عليك أن تنبهني ، أتستمتع برؤيتي محرجة هكذا ؟ "

ابتسم كيران في وجهها ثم رفع رأسه و اسقط تلك الابتسامة عن وجهه

" بارون ميرسي ، اعتقد أن لديك شيء ما بتقوله لزوجتي "

         « ماذا ؟! ما الذي قاله ؟ زوجته ؟! »

                        « غير معقول !»

' ما الخطب مع رد فعل الجميع ؟ هل يضنون بأنني لست مناسبة بما فيه الكفاية له ؟ حسنا حتى إن كنت كذلك ، انه مجرد عقد على اي حال '

" ها ! من خارج الامبراطورية ، لا اصدق هذا ، الدوق بعد كل ما حدث اخترت امرأة من السلالة النجسة ، يا إلهي "

ذهلت سينا من كلام البارون الوقح الذي كان وقعه كبيرا عليها اذ اخترق قلبها كخنجر مسموم بعثر كيانها ، لم تنبس ببنت شفه ، تحولت مفاصل يدها الى اللون الابيض بعد أن احكمت قبضتها على فستانها طأطأت رأسها بحرج

راقب كيران بطرف عينه رد فعلها قبل أن يرفع يده و يعتصر عنق البارون دون رحمة

" أنـ قذو- ني "

بصوته المتقطع الشبيه بفحيح الافعى طلب النجدة

" اوه ! يا إلهي ! "

شهقت بتفاجئ

' ذلك القاتل المجنون ، تبا .. كيف أغفلت ذلك '

تشبثت بذراع كيران و صرخت بانفعال :

"! لا ، لا يمكنك فعل هذا "

" لماذا ؟ "

" !ماذا تقصد بـ لماذا ؟ "

' حتى أن كان وغدا حقيرا ليس من الصواب قتله كما لو كان ذبابة تافهة '

" رجاءً فليوقف احدكم هذه الـ"

نظرت سينا حولها لطلب المساعدة لكنها صدمت من تصرف الجنود

' لماذا ؟! أليس من المفترض عليكم منع حدوث مثل هذه الامور في القصر الملكي ، لماذا لا يقومون بإيقافه و يجبرون الناس على التراجع ، لماذا يتعاملون مع الوضع كما لو كان امرا طبيعيا شائع الحدوث ؟ '

زهرتي ، هل تريدين مني البقاء هكذا ؟ " سأل كيران ببراءة بعد أن شد الخناق على عنق البارون

صفعت سينا جبهتها ثم تنهدت

' لا اصدق أنني سأقول هذا '

ابتسمت بتكلف و قالت :

" عزيزي لما لا تترك ذلك القمامة و تتحدث معي ؟ "

' اتركه هيا اتركه '

ابتسم كيران ملئ شدقيه ثم حرر رقبة البارون و رد :

" ما الذي كنت تريدين الحديث عنه عزيزتي ؟ "

اقترب منها يمرر كفه على رأسها بعناية

" هل كان عليك فعل ذلك .. يا إلهي ! هل هو ميت ؟ "

همست سينا في اذنه بذعر تراقب جثة البارون المنبطح على الارض دون حراك

لا ، هل تريدين ان اقتله ؟ " عرض كيران

' رباه ! لماذا بارك الرب هذا القاتل بمثل هذا الوجه الحسن ؟! لماذا ؟ '

نفت برأسها ثم سحبته من معصمه خلفها نحو الشرفة ، واجهته وجها لوجه و ردت :

" بالطبع لا ، أرجوك لا تفعل ذلك مجددا ، حتى ان لم تكن جاد ما قمت به ليس بتصرف حكيم على الاطلاق "

" من قال انني لم اكن جادً ؟ "

" ايا كان لا تقم بذلك مجددا فأنا لا أريد أن اكون السبب في موت احد ، هل فهمت ؟ "

زفرت انفاسها ثم شابكت يديها خلف ظهرها و اضافت :

حتى إن كان الامر غير عادل ، الوقوف بجانبك "

" ماذا تقصدين؟ "

" بروسبر كيران كينجي صاحب السلطة والاوسم على الاطلاق يقف امام اقبح فتاة في اوستن، هذا غريب نوعا ما

الحزن الشديد الذي حاولت اخفائه خلف تلك الابتسامة المزيفة ، لقد كانت تتكلم بطريقة مرحة لإخفاء قساوة ذلك الشعور

" ألا تعتقد أنهم على حق ؟ "

ضحكت بمرارة ثم أضافت :

" انا وانت لا نناسب بعضنا البعض حتى إن كنا زوجين مزيفين ، دوق كينجي ، ألست نادمًا "

" هل تريدين الانسحاب ؟ "

كان لانعكاس ضوء القمر على العينين الذابلتين لحظة التفاته شعور خاص بعثر دواخل سينا

" انا لا اقصد ذلك "

نفت ثم اضافت بإنفعال :

" أنا لا اريدك ان تكون محط سخرية بسبب شكلي ، أرجوا ان تفهم ما اعنيه "

" شكلك ؟ "

اومئت برأسها ثم قالت :

" انا اتعايش مع ذلك لانه ليس لدي خيار اخر لكن بالنسبة لشخص ما ، انا لا أريد لذلك أن يحدث بسببي ، التعرض للسخرية ، اتفهمني ؟ "

' من اين بحق السماء .. ؟! لما هي شديدة النقاء ، هذه المرأة ! '

صك اسنانه بإنزعاج ثم زفر

" توقفِ عن قول الهراء "

" انا حقا اعني .."

سحبها من ساعدها نحوه ثم ثبت كفه خلف رأسها ، نظر الى عينيها مباشرة و اعترف :

" انا اريدك "

كان لهيب العينين الزرقاوين يحترق بشدة عندما تلفض بذلك

" ماذا ؟ "

" استمع الي جيدا ، انا لا و لم اسلم من السخرية يوما لكنني لا اهتم ، انا اريدك ، كشريك عمل ، انا احتاجك ، اي كان ما يقولونه اصواتهم لا تصلني ، انت زوجتي ، الشخص الذي تزوج هو انا ، لذا توقفي عن قول هذا الهراء لانه أن فعلت ذلك مجددا ايا كان ما سيحدث ، لن يعجبك "

' انا لم اقل شيئا خاطئا ، لما هو يستشيط غاضب الآن ؟ '

" واضح ؟ "

" حـ حسنا "

" و ايضا ، ستواجهين مواقف كهذه طوال الوقت ، الامر مرهون بقدرته على التجاهل و الرد اللاذع "

" تعني مثلك "

" بالضبط ، الا ان كنت لا تريدين المواصلة "

رمقها كيران بعبوس مصطنع ثم التفت مواجها اياها بضهره

" على الاطلاق " اعترضت بانفعال ثم وقفت امامه تواجهه وجها لوجه و قالت بحزم :

" من تعتقد نفسك ؟ تثير الفوضى ثم تتراجع ، في احلامك كيران كينجي .. انا سأشارك في هذه التمثيلية الى النهاية "

ابتسم برضا

ما قالته هو بالضبط ما اراد كيران سماعه ، ليس و كأنه سيسمح لها بالذهاب في حال سبيلها ، كلاهما في حاجة ماسة للاخر

مدت اصبعها الخنصر ثم اتبعت :

" هذا وعد "

نظر كيران الى يدها مطولا و علامة استفهام كبيرة ترقص فوق رأسه

' يا إلهي '

قلبت سينا حدقتيها ثم تنهدت و امسكت يده

" عليك أن تشابك اصبعك بخاصتي حتى يكتمل وعدنا ، هكذا "

لفت اصبعها حول اصبعه ثم ألصقت مقدمة ابهامها بخاصته و قالت محذرة :

" لا تخلف وعدك ، ستلقى عواقب وخيمة أن فعلت "

ضحك كيران بخفة ثم قرب وجهه من خاصتها و رد بتفاخر:

" اخلاقك يا آنسة ، انت تخاطبين بروسبر كيران كينجي "








' افترقت عن كيران لاستنشاق بعض الهواء لكنني خائفة من ان اضيع ، المسالك هنا متشابهة جدا و
من الصعب التفريق بينها '

" سينا "

' هذا الصوت .. '

اعتصرت شفتها السفلى بينما تتقدم مقلصة المسافة بينها و صاحب الصوت المألوف ، تجاهلته بصعوبة حتى لا تضعف أمامه و اخفضت بصرها محاولة تفاديه لتذهب في حال سبيلها لكنه اعترض طريقها و نطق ببحة صوته الجذابة

" سينا "

تسارعت انفاسها و تسابقت دقات قلبها فور مناداته بإسمها



زفرت انفاسها ثم تأففت و قالت باستسلام :

" ماذا تريد ؟ "

تقدم نحوها ينظر إليها فتراجعت هي خطوة نحو الخلف تتحاشى النظر الى عينيه ، بدت عيناه داكنتين  عندما سأل بغضب :

" ما الذي تحاولين فعله بحق السماء ؟! "

" عفوا ؟ "

ردها البارد و ملامحها الجافة جعلته يثور غضبا ، صك اسنانه ثم سحبها من ساعدها نحوه يتفرس ملامح وجهها و زمجر

" سينا "

سحبت نفسا طويلا بحنق ثم زفرته بهدوء و صرخت :

" اا يكفي ! "

دفعته عنها بقوة ثم اضافت بإنفعال :

" تستمر في النداء سينا ، سينا ، سينا ماذا ، ما الذي تريده بعد ؟ "

" لم اعد اطيق سماع اسمي بسببك ، يرن صوتك باستمار في ذهني مرارا و تكرارا ، يجعلني اكثر تمسكا بك كالبلهاء ، صورتك التي تلوح امام ناظري و ندائك باسمي ، ذلك الشعور اللعين كم اود استئصاله للابد ، تشويه صورتك كما فعلت ، قتل كل ذكرى ، لكنني لا استطيع تعبت من المقاومة ، شعور العجز ذاك ، أهذا ما كنت تريده من البداية ؟"

استرسلت تفرغ ما يثقل صدرها دون توقف لالتقاط نفس صغير

" عودي اذا "

" ماذا !؟ "

ضحكت بنفاذ صبر ثم رفعت خصلات شعرها عن وجهها تحاول كتم غضبها بصعوبة

' سيقودني الى الجنون يا الهي ! '

" من اي طينة خلقت ، لم اعد افهم ؟"

" تقول إذهبي يا سينا فلم يعد بيننا ما يذكر ، ترمي بي بين احضان شخص آخر والان بكل ثقة وانعدام حياء تقول لما تتصرفين ببرود

عودي يا سينا

لا اعلم لما ! ربما لان شيئا ما في داخلي انكسر ، لقد رغبت بذلك فجأة ، التصرف ببرود

لكمت صدره بعنف متعمدة أن تكون الضربة قوية لعلها تشفي غليلها ثم اضافت :

" هل انت جاد ، هل ما تلفضه شفتاك مر بعقلك ام لم يفعل ، اتدرك ما تقوله ؟ "

" موريس هل انت مجنون ام أن لك انفصام في الشخصية ، لم اعد افهم ! انت رميت بي تلك الليلة و ادرت ضهرك وكأن شيء لم يحدث ، تركتني أفترش الارض وحبالي الصوتية تكاد تتقطع ، تتمزق ، تنفجر من كثر الصراخ بإسمك ، هل انتَ واع لما تقوله ؟

انت هدمت كل شيء ، لم تترك ما يشفع لك ، لقد بحثت عن سبب ما ، ألقيت باللوم على نفسي ، قلت كفاك تذمرًا يا سينا فأنت السبب ، حاولت اقناع نفسي بذلك ، بحثت عن تفسير ، اجابة واحدة على سؤالي ، لماذا ؟ "

تمسكت بياقة قميصه ثم اتبعت بنبرة اقل حدة :

" كنت بحاجة الى اجابة ، لست مهتمة أن كانت مقنعة ام لا فقط اجابة ، كنت سأنسى كل شيء فقط لو انك نطقت ذلك اليوم ، كلمة واحدة ، واحدة فقط بهذا القدر ، بحجم الظفر .. "
توقفت للحظة عن الكلام ملأت رئتيها بالهواء ثم انطلقت مجددا

" سأسمعك ما تريد سماعه ..

بعد أن اخترقت مساحته الشخصية بخطوة واحدة نظرت الى عينيه مباشرة :

" لقد احببتك من اعماق قلبي موريس .."

تحدثت بهدوء و نبرة منخفضة تمعن النظر في تفاصيله التي اشتاقت لها ، العينين الداكنتين و الشعر الاسود المربوط بعناية خلف رأسه ، ثم ابتسمت بمرارة فتقوست عيناها الدامعتان المشعتان و قالت باستسلام :

اتعلم ، انا حتى لا اعلم أن كنت استطيع دحض مشاعري تجاهك .."

يده التي احكم اغلاقها تفتحت كبرغم زهرة ثم ارتفعت ببطئ لتلامس وجهها

" لكن .."

تراجعت نحو الخلف خطوة ثم ارتدت قناع البرود مجددا

" لكن ما انا متأكدة منه هو انني سأفعل ذلك عاجلا أم آجلا "

' بالاضافة الى كونك المخطئ ، لقد جعلتني أشعر بأنني الطرف السيء الآن '

اسقط موريس قبضته الخائبة ثم صرخ :

" ان لديه مصلحة خلف زواجه منك ، لما لا تستمعين الى ما اقوله ؟ "

" فليكن ، على الاقل ان قام بخداعي لن أشعر بالضيق لانه من البداية كان واضحا "


" و ايضا أليس هذا ما تريده ، لما انت مهتم الآن ؟ فقط اذهب ، عش حياتك "

وقفت على اطراف اصابعها ثم وضعت كفها على رأسه و قالت بصوتها المرتعش :

" اعتبارا من هذه اللحظة ، انا احررك من جميع وعود الماضي ، من الآن ، حاضرك و مستقبلك ينتمي لك وحدك "

بعد ان تخطته هرولت مبتعدة الى اللامكان غير مبالية بندائه و محاولاته لإيقافها ثم اندفعت داخل الغرفة التي وقع عليها نظرها و أغلقت الباب تراقب من الشق الذي تركته

' اللعنة ، لم يكن ينقصني سواه ، ذلك الوغد اللعين '

" هل غادر ؟ "

" اعتقد ذلـ-! "

' مهلا لحظة !؟ '

" لا أذكر انني طلبت التسلية الليلة "

لحظة اختراق ذلك الصوت الرجولي لأذنيها فتحت عينيها على نطاق واسع و تسمرت في مكانها كالشجرة ، تشتت ذهنها و تسارعت دقات قلبها ، استغرقت ثواني معدودة لتلملم شجاعتها و تلتفت موجهة قوامها نحو مصدر الصوت مطبقة جفنيها بإحكام ثم صرخت باعلى صوتها

" شبح ، شبح منحرف ! "

ارتد الرجل الاشقر من مكانه ينظر حوله بفزع مرددا :

" شبح ! أين ، أين ؟! "

' مهلا ، أيعقل انها تقصدني ؟! '

" أرجوك توقفي عن الصراخ ، رجاءً "

بالرغم من توسله لها مرارا و تكرارا الا ان سينا واصلت صراخها الذي يصم الآذان ، اتخذ خطوة و حاول اسكاتها واضعا كفه على فمها

" آه ! هذا مؤلم ، لما قمت بعضي ؟! "

انطلق الإثنان يصرخان كما لو كانا يتنافسان حول من يملك صوتا عاليا اكثر من الاخر الى أن

' صوت خطوات مسموعة تتردد في الرواق ! '

في اللحظة التي سمع الاثنان صوت الخطوات اسكتا بعضهما البعض

داخل الغرفة المظلمة تسلل ضوء القمر من الشرفة الكبيرة و داعبت الرياح الستائر الفاخرة و ارتفع صوت انفاسهما ، حدق الإثنان في عيون بعضهما مطولا لدرجة انهما لم يلاحظا اختفاء صوت الخطوات في الخارج

" عينان صفراوان ! "

" منامة نسائية ! "

بعد أن ابعد الإثنان كفيهما عن افواه بعضهما البعض اطلقا تعليقهما ، نظرت سينا للرجل الواقف امامها من رأسه الى اخمص قدميه كما فعل

' رجل يرتدي منامة نسائية ؟! '

ثم تنهدت و اطبقت كفيها و قالت متوسلة :

" أرجوك ، دعني ابقى هنا لفترة و اعدك بأنني لن افصح عن ما رأيته الليلة ، أرجوك تصرف على طبيعتك "

" انت لم تفهمي الوضع خطأ أليس كذلك ؟ "

" صدقني ، ان سمحت لي بالبقاء لفترة قصيرة جدا جدا اقسم بأنني لن افصح سرك ، اعدك "

" اي سر عن ماذا تتحدثين ؟ "

جلست على جانب السرير بهدوء ثم غمزت و همست :

" أعدك "

صفع الاشقر جبهته ثم ألقى جسده على السرير

" إذا من الذي يلاحقك ؟ "

" ان اجبتك هل ستخبرني بسبب ارتدائك هكذا ؟ "

" انسي الامر " امسك زجاجة النبيذ على الطاولة المستديرة و ارتشف منها ثم التفت بعدها نحو سينا التي كانت تنظر ببراءة

" الآن انت رجل تحب الرجال هل أصَبتُ ؟ "

ما قالته سينا جعله يبصق ما ارتشف ثم انطلق يسعل بحدة

" هل ابدو كذلك ؟ "

" لا ، اذا انت منحرف "

' هذه المرأة ، صريحة جدا ! '

صفع جبهته ثم ربت على صدره لتهدئة سعاله بعدها نضف حلقه و رد :

" يا آنسة ، انت تخطئين كثيرا ، أنا لست كما تعتقدين "

ارتشف من شرابه مجددا بينما يعبث بخصلات شعره الاشقر الذي يصل الى فكه ثم أخذ نظرة خاطفة على المرأة الجالسة بجواره التي لم تبعد نظرها عن الزجاجة

" هل تريدين البعض ؟ " سأل

لمعت عينا سينا ثم قالت بفرح :

" هل ستسمح لي حقا ؟ "

أومئ برأسه ثم ناولها الزجاجة

ترددت سينا للحظة لكنها شربت ما تبقى منها دفعة واحدة بتلذذ

' انها جيدة حقا ! '

رفع حاجبيه بذهول يمدح قدرتها على الشرب في سره ثم ثنى ساقيه و أسند رأسه على كفه يراقبها بشرود و هي تدحرج الزجاجة على الارض

" لديك عينان خياليتان "

" اوه ، حقا ؟! "

ضحكت بمرح ثم اضافت :

" شكرا لك "

" إذا انت هنا لحضور الحفل ، هل يمكنني .."

" كيف نسيت ذلك ؟! "

' مؤكد أن كيران يبحث عني الآن '

إنتفضت من مكانها ثم عدلت ثوبها بسرعة و اتجهت نحو الباب

" الى اين انت ذاهبة ؟ انتظري "

" انا اسفة على ازعاجك لكن علي الذهاب "

لم تنتظر سينا اذنا من الرجل الغريب الذي قابلته و غادرت مسرعة تاركة اياه خلفها يتابع خيالها الى أن اختفى تماما ، ابتسم براحة

" اردت معرفة اسمها فقط ، صاحبة العينين الخياليتين "







' كيف نسيت ذلك ، مؤكد أن كيران يبحث عني الآن ، سينا انت حقا .. كتلة فوضى '

بدد صوت كعبها العالي سكون اروقة القصر ، امسكت بطرف ثوبها تبعده عن طريقها بينما تبحث بناظريها عن شخص ما

" من هذه الجهة ام هذه ؟ "

توقفت في مكانها تنظر حولها و تحاول تذكر الطريق التي سلكتها

" لما جميع الاروقة هنا متشابهة "

تأففت بنفاذ صبر ثم نفخت خصلة الشعر تبعدها عن مرمى نظرها

" يا عصفورتي المغردة "

فتحت عينيها على مصراعيهما بخوف و استرسلت طبول قلبها تقرع بعنف

" د- ديلاس "

تمتمت بشفتيها المرتجفتين و عندما حاولت دفع ساق للهرب سحبها من خصرها ملصقا ظهرها بصدره ، همس :

" الى اين كنت تريدين الذهاب ؟ ألن تلقي التحية علي ، يا سينا ؟ "

حاولت ابعاد ذراعه عنها لكنها فوجئت بها تعتصر خصرها النحيف بقوة و بأنفاسه الملتهبة تلفح رقبتها العارية

" ألم تشتاقي إلي ؟ "

ابتلعت سينا الرعشة في صوتها ثم صرخت :

" أفلتني "

" لقد احزنني ذلك حقا ، لمَ تستمرين في المغادرة دون قول كلمة ، أنا لن اسمح لك بفعل ذلك مجددا لأنني أتألم عندما تفعلين .."

مرر كفه على خصلات شعرها ثم وجهها و اتبع :

" بالكاد استطيع نسيان ليلتنا معا ، أحن الى ذلك اليوم "

" تـ توقف "

التفتت خلفها بسرعة ثم دفعته عنها بقوة

" أغلق ذلك الفم أن كنت تريد ابقاء لسانك في مكانك "

"اوهو ! لقد نسيت ، انت الدوقة الآن ، غلطتي ، ارجو ان تتقبل خالص اعتذاري لكن هل يعلم دوق اللقبين الحقيقة ، اعني .."

احكمت سينا قبضتيها ثم اعتصرت شفتها السفلى و صرخت :

" اخرس "

" لا يعلم اذا ! "

بتفاجئ مصطنع ادلى الرجل ثم اضاف :

" دوق اللقبين المسكين ، ليس بأمان هو ايضا ، لا يعلم أن زوجته البريئة قاتلة ، ما الذي سيحدث يا ترى أن علم بذلك ؟ من الافضل أن لا يعلم أليس كذلك ؟ قد يرميكِ جانبا كالاخريات ، اوه لا ، ماذا لو قتلك ، حسنا بخصوص هذا ، اعتقد انه سيفعل ذلك الليلة ، مؤسف جدا "

لحظة مغادرة المدعو ديلاس انهارت سينا جاثية على ركبتيها تحدق بصدمة في الارضية الرخامية ، تكاد حدقتاها تخرجان من مضجعهما

" عـ علي أن اخبر كيران، نـ نعم "

استطاعت اخيرا الوقوف على قدميها المرتعشتين بعد أن تعثرت للمرة الثانية

" عـ علي اخباره ، قبل فوات الاوان "








" الى نبلاء هذه البلاد هل يمكن ان تعيروني انتباهكم رجاءً ؟ "

في اللحظة التي أردف الرسول فيها مخاطبا الحضور ، كانت سينا تقف امام البوابة الكبيرة
للقاعة تبحث بناظريها عن كيران

" بأمر الامبراطور .. "

' امر ؟ هل هذا يعني ان جلالة الامبراطور لن يحضر هذه المأدبة ؟ '

" ليكن معروفا ، جلالة الامبراطور يعلمكم بأن دوقية اوستن سوف تخضع للرقابة تحت وصاية الدوق بروسبر كيران كينجي "

' ما الذي .. ما هذا الذي يقوله ؟ وصي ! كيف ؟ و الكنيسة ، أيعقل انه .. '

« ... اوه لا ، ماذا لو قتلك ، حسنا ، بخصوص هذا ، اعتقد انه سيفعل ذلك الليلة ، مؤسف جدا »

' ما قاله الجنرال كاليون ! هل هذا يعني ..'

" الى النبلاء الذين سيعيشون تحت وصاية كينجي سيدكم مقرب جدا من الامبراطور "

' لـ لحظة ما الذي يحدث هنا بحق السماء ؟ '

" و سنتوقع ولائكم من خلال اتباع اوامره لإدارة الاراضي من اجل مجد الامبراطورية "

' كيف يمكن ان يحدث هذا ؟ الامبراطورية و أوستن ! هذا القاتل المجنون هو سيد اوستن الان ؟ هل هذا يعني ان دوري انتهى ؟! '

' لقد كنت الدليل منذ البداية ، كيف لم انتبه لذلك ، عرض الزواج و العقد .. لا اصدق ! '

' في تلك اللحظة ادركت ، أن ما كنت اطمح له من البداية ، الحياة الجديدة التي خططت لها ، الالم و الامل الذي .. بخطوة بسيطة منه اخذ كل شيء ، بروسبر كيران كينجي '

' هذا الشخص مشهور و ذو سلطة و نفوذ لما قد يعرض الزواج على امرأة مثلي ، لو انني توسلت موريس ذلك اليوم ، لو انني لم اغادر أوستن ابدا وواجهت مصيري هناك بصدر رحب ، لو انني ..'

لم تعلم سينا أن كان عليها الضحك على سذاجتها ام البكاء بحرقة

' انا فقط اريد عيش ما تبقى لي من اشهر ، هل انا على خطأ ؟ هل رغبتي في العيش اثم ؟ '

في مثل هذا الوضع كان هناك حلان إثنان اما أن تتقدم نحو الامام و تقتل زوجها المزيف ام تتراجع نحو الخلف و تهرب ، لكن سينا لم تقدم على فعل شيء ، اكتفت بالمراقبة

' عندما امطرت عليه التبريكات والتهاني و احاط به الجميع من كل جانب ، لحظتها ادركت انني كنت الدليل

انا لا انتمي الى هذا المكان

هل كان هذا هدفه من البداية ؟ انا لا اعلم كيف حصل على اللقب بهذه السرعة

و اي حيلة كان يغزل

جل ما اعرفه هو انني وقعت في الفخ

و الاعظم ، ربما هو يعلم حقيقة من اكون بالفعل

ان صحت شكوك ، علي أن افكر في كلمة أخيرة لأقولها قبل موتي

من تلك الحشود حاولت الانسحاب ، لكنني ادركت
ان يدي عالقة بالفعل ، عندما حاولت سحبها التقت اعيننا ، نظرته تلك ، لم استطع تفسرها ، نظرة امتنان ؟

في مثل هذا الموقف الا يجب علي القيام بشيء ، صفعه بقوة ربما ، لكن .. لما لا استطيع ذلك ؟

" الى اين تريدين الذهاب ؟ "

التفت الجميع نحوي

" لا انا فقط اردت سـ سحب يدي "

اسقطت نظري على يدي المكبلة ، لقد كان كيران يمسكها بإحكام

" هل يزعجك هذا ؟ امساك يدك ؟ "

تنهد كيران ثم أضاف بقلق :

" لقد كنت قلقا ، انا لا اريدك ان تختفي مجددا "

' ان كنت سأنفجر غضبا فهذه فرصتي حقا لكن ، انا لا أريد ، لما يبدو الامر عاديا ، هذا الرجل يخطط للحصول على العرش الذي هو حقك الشرعي يا سينا استيقظِ !

لما أنا متصالحة تماما مع ذلك ؟! '

" لا تقلق انا لن اهرب "

' ليس لدي مكان اذهب اليه على كل حال '

" تهربين ؟! من قال ذلك ؟ " سأل بإستغراب

" انا فقط اريد استنشاق بعض الهواء "

طأطأت رأسها تتفادى النظر الى وجهه ، هي لا تريد لهذا الرجل أن يراها تذرف الدموع مرة اخرى

" هل ستكونين .."

" سأكون بخير فقط أفلتني "

كانت جفونها المحمرة مثقلة بالدموع عندما بترت كلامه بصوتها المرتعش ، ارتجفت شفتاها و ذقنها الصغير و عندما شعرت بأنها على وشك الانفجار سحبت يدها ثم هرولت مسرعة نحو الخارج







" اعتقد أن هذه هي النهاية "

تجمدت الدماء في عروقها و انتصب شعر جسدها بعد سماعها ما تلفض به

' النهاية ! هل هذا يعني انه يعلم من اكون ؟! وهو سيقوم بقتلي الآن ؟! '

التفتت ببطئ نحوه

" بما اننا انتهينا هلا رقصنا على اغنية واحدة ، واحدة فقط ، ما رأيك ؟ "

" نـ نرقص؟ "

فرك مؤخرة رأسه ثم اجاب :

" لقد مرت فترة طويلة على اخر رقصة لكنني لا زلت اذكر الخطوات الرئيسية ، لذا لا تقلقي"

هل يقصد الرقص على السيوف ام الجمر بحيث
ترش دمائي في الارجاء ، يريد الاحتفال بانتصاره

لقد تخيلتُ المشهد بالفعل الضحكة الشريرة المستمتعة و هتافاتهم

" لقد قتلنا الساحرة "

' لا لا لا '

صفعت خديها بفزع

" الا ترغبين في ذلك ؟ "

تنهدت كيران بأسف ثم قال :

" على الرغم من انك تبدين جميلة جدا اليوم ، هذا مؤسف "

حدقت لثوان في يده التي امتدت ناحيتها ثم ابتسمت بارتباك

' فقط مثّلي كما لو انك لا تعلمين شيئا ، قد يمنحني ذلك بعض الدقائق الاضافية لتفهم كوني سأموت الليلة '

" نـ نرقص ، لـ لما لا ، لـ لنرقص "

قضي علي !

' لأنظر الى الجانب المشرق ، لقد تبين انني سأموت عكس ما قالته النبوءة .. '

' لكنني لا زلت اريد العيش ! لا اريد الموت ! '

اطلقت صرخة داخلية ثم أمسكت بعد تردد يده الكبيرة ما يعني انها موافقة على القيام بتلك الرقصة ، كان كيران يتقدمها بخطوة عندما سار الإثنان معا و الوجهة كانت ، ساحة الرقص

" أهي رقصتك الاولى ؟ "

سأل كيران ثم استدار ووجه قوامه نحوها ، لف ذراعه حول خصرها ملصقا جسدها بخاصته ما دفعها للتشبث بأحد كتفيه ، بعدها امسك بيده الاخرى كفها الرفيعة بحذر

" يصعب علي شرح ذلك لكن كامرأة ، اعتقد ذلك "

" إذا ، هل علي أن اقول بأنني محظوظ جدا اليوم ؟ "

تلاحم جسدهما وسط ضوضاء الموسيقى الكلاسيكية الهادئة يتحركان بتناغم و انسجام تام ، يخطفان الانظار المحيطة بهما

شعرتُ بقرب جسده فجأة ، فرفعت بصري اليه ، كانت ملامحه الفريدة ، عيناه الحادتان و نظراته الغريبة التي رمقني بها من تحت خصلات شعره الاسود القليلة المتمردة على جبينه ، هدوء مُحيط عينيه جعلني اسكن بين ذراعيه دون مقاومة حتى ، لماذا ؟

' سأجن ! لما لا اشعر بأي تحذير ، لا اشعر بشيء ، أليس هذا ما يجب ان يحدث إن كنت سأموت حقا على يديه ؟ لماذا بحق السماء انا متسامحة معه ، لماذا ؟ '

انا غاضبة بحق ، هذا يؤلم قلبي حقا و اريد .. تبا ! الا يجب أن يحدث شيء ما كالعادة ، حلم ما او رؤيا ؟

" تبدين جميلة للغاية كقطعة اثرية نفيسة تم اكتشفت حديثا ، و لحسن الحظ ، صاحب الفضل في اكتشافها يعود لي ، كم انا محظوظ "

' يا إلهي ، ايغازل نفسه ام يغازلني ؟ مغرور '

نظرت بحنق تتفرس ملامحه السعيدة ، تحاول بجهد ابتلاع الغصة التي استوطنت حلقها ، بعد أن شعرت بشفتها السفلى ترتجف اعتصرتها بأسنانها بقوة

' هل يحاول جعلي اثمل بكلامه المعسول ، الابتسامة البلهاء للرجل الماكر اللعين ، خطوة جيدة ، تماما كما حدث في اول لقاء العينين الزرقاوين الفاتنتين و المظهر الرجولي الجذاب ، تبا انا حقا مثيرة للشفقة ، استمر في الوقوع في شباكه كالبلهاء '

' لكن صدقا ، مظهره جذاب جدا ! لا يقاوم '

" وجهكِ شاحب ، هل انت بخير ؟ "

فتح عينيه على نطاق واسع بقلق ثم اندفع نحوها في اللحظة التالية ، اخترقت الاصابع الباردة شعرها ، لمست فروة رأسها الصغير و التفت حوله

" عيناكِ ! "

ابعد بأنامله خصلات الشعر المتمردة عن العينين الصفراوين ثم هذب بابهامه رموشها الذهبية المبللة بعناية

" هل تبكين ؟! "

' لا تفعل ، ارجوك توقف عن التحديق في وجهي بعينيك القلقتين انت تجعلني .. استسلم '

عكس سينا التي كانت تستعد للموت كان كيران يستشيط غضبا ، صك اسنانه ..

' ما الذي قاله ذلك الوغد ليجعلها في هذه الحال ، هل هددها ؟ أيعقل ؟! '

" انا لا ابكي ، شـ شيء ما د-دخل عيني "

ثم استرسلت تنتحب بحرقة صارخةً :

هذا ليس عدلا ، انا اطالب بكلمتي الاخيرة "







كانت تلك الرقصة فرصتي للحصول على وقت اضافي لكن انتهى بي الامر بركوب العربة

' انا لست مستعدة للموت بعد '

ما الذي علي فعله ؟ انا مرعوبة ، يا الهي ما هي الخطايا التي ارتكبتها لاستحق هذا ؟! '

التفتت الى كيران الجالس مقابلا لها يناظرها

' أرجوك ، توقف عن التحديق بي هكذا كما لو انك على وشك اكلي '

" تنفسي "

" عـ عفوا ؟! "

" عليك ان تتنفسي "

سحبت سينا نفسا متقطعا بصعوبة ثم ابتلعت ريقها و ابتسمت بارتباك

' لا يبدو انه سيقتلني على الفور لكن لا احد يعرف متى سيفعلها ، في اوقات كهذه ..'

اخذت نظرة خاطفة ثم سألت :

" ه‍ هل تحتاج الى تدخين بعض المهدئات ؟ "

' فكي يؤلمني من كثر الابتسام ، الى متى سأواصل فعل هذا ؟ '

لعق كيران شفته السفلى ثم ابتسم و رد :

" لا ، لا بأس فلدي انتِ "

'يا امي ! لا لا لا انا لست على ما يرام هذا مخيف ، انا خائفة '

صرخت داخلها بخوف ثم التصقت بنافذة العربة تراقب كيران بتوتر

' اذا كنت تخطط لقتلي اذا افعل ذلك بسرعة ..'

ربتت على صدرها مهدئة

' لا ، عودي الى رشدك سينا يمكنك تخطي ذلك ، لا بأس '

شابكت اصابعها المرتعشة ثم نضفت حلقها و فصلت شفتيها

" د-دوق كينجي، اعني سعادة الارشيدوق العظيم .."

" تحدثي "

" أتحدث ؟! "

" تحدثي الي كما كنت تفعلين سابقا "

في رمشة عين ، عندما فصلت جفونها فوجئت بوجهه القريب من خاصتها ما جعل انفاسها تختنق في حلقها

" قولي كيران "

" لـ لكن .."

' وجهه ، تبا انا لا استطيع التحمل '

رفعت يديها امام وجهها ثم تابعت :

" كيران هو الارشيدوق الآن ، أليس هذا وقحا .."

" تابع .. ماذا ايضا "

نبس بينما يرجع خصلة الشعر خلف اذنها المحمرة

" ه‍ هل يمكنني أن اسأل ؟ "

ابعدت يديها عن وجهها ثم اضافت :

" في حال اراد الشريك الانسحاب من البداية .."

كتم كيران ضحكته ثم تراجع عائدا الى مكانه

‘ تبدو ضريفة عندما تضع تعبير الخوف هذا ، هل علي ان اخيفها بعد ؟

سأل :

" اذا هل تريدين الانسحاب ؟ "

قشعريرة سرت على طول عمودها الفقري

‘نعم ، نعم انا اريد ذلك بشدة ‘

" لا لا لا ابدًا ، مجرد فضول "

" قطع الرأس "

ابتلعت ريقها بصعوبة

" مـ ماذا ؟! "

" ان كنت تخططين للانسحاب سأضع حدا لحياتك او ستضطرين الى دفع ما انفقته و إن لم تفعلِ سنعود الى الخيار الاول "

' انا لن اسمح لها بالمغادرة ببساطة ، ايا كان ما قاله خطيبها ذاك ، حتى ان اعترف بخطأه ، و حتى ان سامحته هي'

قلصت سينا عينيها ثم رفعت احد حاجبيها و ردت :

" هل تخيرني بين الموت و الموت ؟ "

" قلت انك فضولية لمعرفة العواقب ، لقد اجبتك "

' حسنا ، انا استسلم ، بعد التفكير في الامر، رفضه لذلك يعني انه لم يضع يده على الختم بعد ، ربما لدي فرصة اخرى '

سحبت سينا نفسا طويلا ثم زفرته و قالت باستسلام :

" اذا ما الذي تـ .."

' اوه ! '

فتحت عينيها على نطاق واسع تراقب بخوف و ارتباك تحركاته ، لقد كانت حركته السريعة مفاجأة ما دفعها للتراجع الى أن ارتطم ظهرها بجانب العربة ، حقيقة قربه الشديد منها تجعل قلبها هائج كالكلب المسعور

' ألم يكن قبل لحظات هناك ؟! كيف بهذه السرعة !؟ '

" هل يمكنكِ الوثوق بي؟ "

رفعت حاجبيها بإستغراب

" مـ ماذا ؟! "

' الوثوق بالشخص الذي سيضع حدا لحياتي ! هل هذا الطلب منطقي ؟ '

ضحكت ساخرة ثم استجمعت شجاعتها و

" بـ بالطبع لـ .. "

ابتلعت ما تبقى من رفضها اللاذع فجأة في اللحظة التي ثبتت فيها العينان الزرقاوان على خاصتها ، ما جعلها تسكن في مكانها تتنفس باضطراب

' مـ ما الذي ؟! لما الجو حار جدا و ايضا .. '

نبض !

' النظر الى عينيه يخدر حواسي ، لكن ، لما يبدو صادقا ، أنا حتى .. لما لا اشعر بشيء ، ما نوع هذا السحر بحق السماء ! ‘

نفخت في وجهه ما دفعه لغلق عينيه لا اراديا ، ثم دفعته عنها و اسرعت نحو الزاوية تعانق جسدها بذراعيها

اشارت بأصبعها محذرة

" لا تتباها بواسمتك امامي هذا يجعل قلبي مضطربا و ايضا .. "

تنهدت ثم أضافت بتلعثم لاهثة :

" لـ لست اعلم من ارسلك ، او حتى كـ كيف عرفت لكن ما انا متأكدة منه هو انك لن تحصل مني على شيء لذا يـ يفضل ان تقتلني "

ألقت كلماتها تراقبه بخوف و هو يتقدم نحوها ، أغلقت عينيها بقوة

' انا اعلم ان الاشياء الجميلة في حياتي مؤقتة .. '

" ما دُمتِ مستعدة للموت لماذا تذرفين الدموع اذا ؟ "

فتحت عينيها بفزع ، ارتجفت فرائصها لحظة وقوع ناظريها على هيئته ، كانت تفصله عنها خطوة واحدة ، لا بل اقل ، ملامحه الخالية من اي تعبير و صوته الجاف ، بريق العينين الزرقاوين المرعب

تشبثت بفستانها بقوة تعتصر شفتها السفلى بقلة حيلة

" لـ لست ابكي "

" إذا ، هل علي انهاء الامر بسرعة ؟ اوه ، لديك عنق رفيع يسهل سحقه "

مرر كيران اصابعه على رقبتها و كتفيها و أضاف :

"على احدنا ان يتخلى عن شيء ما ليعيش الاخر ، انا عن هدفي و انت عن حياتك ، برأيك اي الكفتين أحق ؟ "

راقبت بخوف كفه الكبيرة تصبح اقرب من عنقها

' ليس الآن ! ليس الآن '

" اا توقف ! انت لم تستمع بعد الى طلبي الأخيرة " صرخت بحدة

شابك ذراعيه امام صدره ثم سأل رافعا احد حاجبيه :

" وما هو ؟ "

نضفت سينا حلقها و قالت بثقة :

" عناق "

ضحك كيران على ردها ثم سأل :

" هل تسخرين ؟ "

تنهدت سينا ثم وضعت يديها على خصرها و ردت بإنفعال :

" يا انت ! انا الشخص الذي سيخسر حياته هنا الا يكفيك هذا ؟ " زفرت الهواء كثور ثائر ثم اضافت :

" و ايضا ، حتى أن كنت قاتلا لا يمكنك تجاوز الكلمة الأخيرة "

بسطت ذراعيها

هيا ، اقبل "

' سوف اجعلك تندم على ما فعلته ، سأجعلك تنام لبقية حياتك ايها الزوج المزيف الناكر للجميل .. انا لن اغادر هذه الحياة وحدي '

" هيا ، اسرع "

حركت يديها لاستجلاب الهواء و طرد الحر

الجو خانق ، كان علي أن لا ابالغ في الشرب ، جسدي يشتعل و قلبي يخفق بشدة ، لكن .. هذا ليس تأثير الثمالة ، ما الذي .. أشعر بالدوار و رغبة شديدة في التقيؤ '

لاحظ كيران الاختلال في توازنها ما جعل القلق و الخوف يتسرب الى داخله ، مد يده

" انتِ ، ما الذي .."

" ابقى بعيدا عني ان تقدمت خطوة اخرى سوف .."

تراجعت سينا نحو الخلف تحذره من الاقتراب منها

كانت عيناه الجاحظتان مثبتتان على بقعة الدماء المتخثرة التي تصبح اكبر شيئا فشيئا مع كل قطرة

" ما هذا ؟ "

مررت سينا يدها على فمها ثم نظرت مطولا الى كفها الملطخة بالدماء

" انا اقطر دما " ابتسمت ببلاهة ثم رفعت نظرها نحو كيران

" أليس هذا جيدا لك ؟ "

تيبس كيران في مكانه ينظر بصدمة ، لقد خرج الامر عن سيطرته بالفعل ، تقدم خطوة

" أ-أنتِ .."

" كنت خائفة ، انه ليس مؤلما على الاطلا- .. آه ! "

اطلقت صرخة متألمة

' يكاد قلبي يخرج من مكانه ، الالم في بطني فضيع ، كما لو أن احدهم اسقط جمرا مشتعلا في الداخل ، يا إلهي '

اسندتْ ظهرها الى جانب العربة تمسك بطنها ثم قالت لاهثة :

" ا-انا اسحب ما قـ قلته ، ه‍ هذا مؤلم ، مـ مؤلم جدا ، كيف ل-لك أن ت-تكون بلا رحمة ه‍ هكذا "

تبللت الاهداب الذهبية و ترقرقت العينان الصفراوان بالدموع ، وما زاد حالتها سوءا هو السعال الفضيع الذي اشتد اكثر ، الخيوط الدموية لا تزال تقطر من فمها و بقعة الدماء اصبحت اكبر حجما من ذي قبل

راقبها و هي تهوي و قد ارهقتها نوبة السعال الى أن سقطت على الارض

' استيقظ ! '

في اللحظة التي صرخ فيها جوفه بذلك اندفع نحوها يحتضن جسدها بذعر

" ابتعد عني "

لم تؤثر لكماتها الضعيفة على كيران الذي جن جنونه

" اللعنة ، ما الذي شربته ؟ "

مسح بكفه المرتعشة العرق عن وجهها و ابعد خصلات الشعر الملتصقة على الوجه الشاحب

" اتعلم ، انت ممثل بارع حقا " بالرغم من نوبة السعال التي انهكتها ضحكت بحنق ثم اضافت : " تمثيل دور البريء ، كيران كينجي .."

صكت اسنانها ثم سحبته من ياقته بما تبقى من طاقتها و اتبعت بحنق :

" انت لن تحصل على شيء "

في اللحظة التالية ذبلت عيناها و أُطبقت جفونها ثم إنزلقت يدها الملطخة بالدم ببطئ مدنّسة حُلّته البيضاء لتتركه على تلك الحال متصلبا في مكانه ، يحتوي صخب عقله الذي يكاد ينفجر

اين الخطأ في ما فعلته بالضبط ؟!

© جو ليآ,
книга «شمس أوستن».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (3)
عاشق الصعاب
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد
روعات
Відповісти
2021-06-08 14:17:53
1
عاشق الصعاب
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد
بارت كبير ماشاء الله مجهود رائع
Відповісти
2021-06-08 14:18:21
1
عاشق الصعاب
الفصل التاسع : الارشيدوق الجديد
لقد قمت للتو بنشر " المقطوعه الثامنه.. تصويت علي اغلفة لكتابي "من قصّتي " كاظم في الواتباد ". https://www.wattpad.com/1097814386?utm_source=android&utm_medium=other&utm_content=share_published&wp_page=create_on_publish&wp_uname=KazemAlfanan&wp_originator=GvxFPUnASqd4skDjrFGZn6pbi0qKUECV4bUpQ7UN61diTQggTwX6rvyaArkHz21iBo%2F0WWe7cErqxd%2Bsa2ZeQMjQhuF7VbJW5b8QO47kavySQeiIAwJMF6%2F1wdn9owiR
Відповісти
2021-07-11 14:03:49
1