Chapter Seven: خيوط خفية
كان مكتب ديمون بلاكوود الواسع يغمره ضوء ساطع، ينعكس بريقه البارد على وجه ليو. لم يكن هذا الوضع مألوفاً له. في لقائهما الأول، كان التواصل مجرد لمحة خاطفة، حديث رسمي كرئيس تنفيذي لشركة بلاكوود إنتربرايز. لكن اليوم، كان ليو هنا كجزء من مشروع جامعي، وهذا هو يومه الأول في العمل تحت إشراف هذا الرجل الذي بدأ يثير فيه مزيجاً من الإعجاب والتوتر الغامض.
تحرك ديمون ببطء محسوب حول مكتبه المصقول، وعيناه الرماديتان تحملان سكوناً بارداً ومثيراً للفضول. مجرد حضوره كان كافياً لبث إحساس بالسلطة التي لم يعهدها ليو. ثبتت نظرة ليو على وجه ديمون، باحثاً عن أي وميض دفء، أي إشارة شخصية، لكنه لم يجد سوى تصميماً قاسياً يعكس السيطرة المطلقة التي أظهرها ديمون في عالم الأعمال. لم يكن هناك أي ذكر لسلاسل أو سوط، لكن التوتر في الغرفة كان ملموسًا، نابعًا من شخصية ديمون المهيمنة.
"هل تفكر في مشروعك، ليو؟" جاء صوت ديمون هادئاً، خالياً من العاطفة، لكنه حمل نبرة تستوجب الانتباه. "مواعيدك النهائية؟"
شعر ليو بقشعريرة خفيفة، ليست من البرد، بل من دقة كلمات ديمون التي تبدو وكأنها تقرأ أفكاره. هذه كانت بداية لشيء جديد، حافة رعب خفي. التهديدات لم تكن صريحة، والمناورات للسلطة كانت خفية، تحدث من خلال كل كلمة وكل نظرة خلال هذا التفاعل المهني. ديمون لم يكن مجرد مشرف على المشروع؛ كان حضوره يلمح إلى ظل قد يخيم على مستقبل ليو، قدرة خفية على هدم كل ما بناه بلمح البصر.
"نعم سيدي،" أجاب ليو بصوت مبحوح، كلماته مشدودة، والحقيقة مرة على لسانه. الخوف الذي بدأ يتسلل إليه لم يكن مرتبطاً بعقاب جسدي، بل بنطاق ديمون الواسع وسيطرته المحتملة على مساره الأكاديمي والمهني. لقد بات يخشى ديمون نفسه، ليس بسبب ما يفعله، بل بسبب ما يمكن أن يفعله.
تلتفّ شفتا ديمون في ابتسامة خفيفة، تبدو وكأنها تفهم أكثر مما يقول ليو، بينما يتكئ على مكتبه. "جيد. لأن الانضباط، يا ليو، يتجاوز حدود الأوراق والعقود. إنه يتغلغل في كل قرار، وكل طموح. ألا توافق؟"
"أوافق يا سيدي،" همس ليو، وكانت الكلمات ثقيلة بتفهم مبدئي ومربك لخضوعه الذي لم يفهمه بعد.
تتلاحق الأيام القليلة الأولى لليو في شركة بلاكوود إنتربرايز، وكل يوم يشد حلقة ديمون الخفية حول عنق ليو. المشروع الجامعي، الذي كان يفترض أن يكون طريقاً للنجاح الأكاديمي، يصبح ساحة أخرى لهيمنة ديمون النفسية. يجد ليو نفسه يقضي ساعات طويلة في ممرات الشركة الفخمة، وغالباً ما يُستدعى إلى مكتب ديمون الشاهق. التفاعلات، التي كان من المفترض أن تكون مهنية بحتة، تبدأ في التحول إلى عروض مقلقة لقوة ديمون، حيث تبدو أسئلته خارقة، وصمته المتوقع يجعله يشعر بالعجز، وكأن كل كلمة منه تحمل خضوعاً ضمنياً غير مرئي.
شعر ليو بأنه يُفكك قطعةً قطعة. لم تكن الأوامر صريحة، لكن نظرات ديمون الثاقبة كانت كافية. كان كل نقد، حتى لو كان بناءً، يجعله يشعر وكأنه طالب في مدرسة، وليس مجرد موظف. لقد تغلغلت سلطة ديمون إلى عمق كيانه، وبدأ ليو يدرك أن ما يحدث في مكتبه لا يختلف كثيراً عما حدث في النادي. لقد بات ديمون يسيطر على كل جزء من حياته، ليس من خلال الأغلال، بل من خلال الخوف والسيطرة النفسية.
في إحدى المرات، وأثناء حضور ليو اجتماعاً لديمون مع مجموعة من المديرين التنفيذيين، رأى ديمون وهو يمارس سلطته المطلقة دون الحاجة لأي قيود جسدية. كانت نظرة ديمون باردة كالثلج، وكلماته مختصرة وحاسمة. كان يرفض اقتراحاتهم بابتسامة خفية، ويقطع أحدهم في منتصف جملته، ويشير بيده ببساطة لتوضيح أن كلمته هي الأخيرة. لم يكن هناك أي نقاش، فقط أوامر لا تُرد. في تلك اللحظة، لم يرَ ليو فقط المدير التنفيذي المهيمن، بل رأى السيد بلاكوود في أنقى صوره، شخصية تفرض سيطرتها في كل جانب من جوانب الحياة. أدرك ليو أن ما يحدث له ليس مجرد "لعبة" في النادي، بل هو تجسيد لشخصية ديمون الحقيقية.
تذكر ليو موقفاً في مكتب ديمون، خلال ما كان من المفترض أن يكون مراجعة لخطاب عمل.
"لغتك هنا، ليو،" قال ديمون، وإصبعه نقر بدقة على فقرة على شاشة ليو، "تفتقر إلى... الإلحاح. أنت تعرض الحقائق، لكنك لم تلتقط التحكم المطلوب بالنتيجة. الأمر يتعلق بالسيطرة على السرد، لا مجرد الإبلاغ عنه."
خفق قلب ليو بعنف. لم يكن هذا نقداً لأسلوبه الكتابي؛ بل كان بصيرة مخيفة في نفسية ديمون، ومطالبة ليو بأن يتبنى فلسفته القاسية في السيطرة. كان المشروع ليس لشهادته فقط؛ بل كان تدريباً لتعميق خضوعه لرؤية ديمون للعالم. كل تصحيح، كل توقع، كان طبقة جديدة من القيود النفسية، تعزز الرعب الذي بدأ يتراكم في داخله بحضرة ديمون.
بعد يوم طويل وشاق في بلاكوود إنتربرايز، توجه ليو مباشرةً إلى نادي الليسيوم.
في أجواء نادي الليسيوم الصاخبة، بحث جوليان عن ليو، اقترب جوليان من ليو الواقف وحيداً في النادي، ملاحظاً شحوبه ونظرة الإرهاق في عينيه.
"أهلاً ليو،" يقول جوليان بدفء، ويهمس بقلق، "تبدو شاحباً للغاية. هل أنت بخير حقاً؟"
ابتسامة باهتة شقت طريقها إلى وجه ليو، بالكاد وصلت إلى عينيه. "بخير، جوليان. مجرد ضغط الدراسة، كما تعلم." حاول أن يظهر طبيعياً، لكن جسده انكمش قليلاً بشكل غير محسوس، وتجنبت عيناه نظرة جوليان المباشرة، مما أثار شكوك الأخير.
"ضغط الدراسة... أم شيء آخر؟" ألح جوليان بنبرة هادئة، يحاول أن يخترق دفاعات ليو.
تنهد ليو بصمت واكتفى بهز رأسه، يتجنب الموضوع. "لا شيء يذكر. سأكون بخير." أنهى ليو المحادثة بتلك الكلمات، وأومأ لجوليان بابتسامة باهتة، ثم ابتعد بخطوات سريعة نحو الجزء الأكثر هدوءًا من النادي، بعيدًا عن الأضواء الصاخبة.
في تلك اللحظة بالذات، دخل ديمون بلاكوود النادي. توقفت عيناه الحادتان، الباردتان كالثلج، على الفور على المشهد: ابتعد ليو عن جوليان الذي لا يزال واقف في مكانه، ونظرات القلق لا تزال على وجهه. انقبض قلب ليو للحظة وهو يشعر بتلك النظرة تخترقه من بعيد. رفع ديمون يده، إشارة بسيطة وحاسمة، يدعو بها ليو للقدوم إليه. شعر ليو بجسده يستجيب غريزيًا، وكأن خيطًا غير مرئي يسحبه، ويتجه نحو ديمون.
تبع ليو ديمون إلى إحدى الغرف الخاصة المترفة في النادي، المزينة بالجلود الداكنة والإضاءة الخافتة، بعيداً عن صخب الحشد. جلس ديمون على أريكة جلدية، ويشير لليو بالجلوس أمامه على المقعد المقابل.
"لقد رأيتك مع جوليان،" قال ديمون، وصوته هادئ لدرجة تجعل كلماته أكثر تأثيراً، خالياً من أي غضب، لكنه يحمل نبرة لا تقبل الجدل. "ماذا كان موضوع حديثكما؟"
شعر ليو ببرودة تنتشر في أطرافه. لا يمكنه الكذب على ديمون. "أهلاً بك سيدي. كان جوليان يسأل عن صحتي. لقد لاحظ أنني أبدو... مستنزفاً."
اومأ ديمون ببطء، وتظل عيناه مثبتتين على ليو، لا غضب فيهما، بل برود يحبس الأنفاس. "أفهم. ليو، أريد أن أكون واضحاً جداً في هذه النقطة." انحنى ديمون قليلاً، وخفض نبرته، لتصبح شبه همس، لكنها تخترق ليو بعمق. "أي شيء يتعلق بـ بلاكوود إنتربرايز، أو بالعمل الذي تقوم به معي، أو بأي جوانب شخصية قد تخصني... لا يخص أحداً آخر. خصوصيتنا مطلقة. هذه أموري الخاصة. هل هذا مفهوم؟"
شعر ليو ببرودة تنتشر في عظامه. ليست نبرة غاضبة، بل تحذير قاسٍ، لا هوادة فيه، يبعث على الرهبة أكثر من أي صراخ. إنه تذكير بأن سيطرة ديمون تتجاوز المشروع، وتمتد إلى عالمه الشخصي، وأن ديمون يرى كل شيء ويطالب بالسرية التامة.
"مفهوم يا سيدي،" همس ليو، صوته بالكاد مسموع، وعيناه مثبتتان على الأرضية. يتراجع إلى نفسه، ويشعر أن الخيوط الخفية تلتف حوله بإحكام أكبر.
بينما كان ديمون و ليو يتحدثان في الغرفة الخاصة بنادي الليسيوم، اتجه ماكسويل نحو جوليان، الذي كان لا يزال ينظر في اتجاه اختفاء ليو.
"أقلقني ليو حقاً، ماكس." قال جوليان، وشرابه في يده. "لقد بدا لي وكأنه شبح، مستنزفاً تماماً. هل لاحظت ذلك؟"
أومأ ماكسويل برأسه، ونظرته بعيدة في الزحام، لكنه يستعيد تركيزه على جوليان. "لقد لاحظت ذلك أيضاً. يبدو وكأنه ينجرف بعيداً منذ فترة. كأنه وقع في شيء ما، في قبضة شخص. هل تحدثت معه للتو؟"
"أجل، تحدثت إليه للتو،" أجاب جوليان، وقد تقطبت حواجبه بقلق عميق. "لقد فقد ذلك البريق، أتعلم؟ الذي كان لديه، حتى عندما كان متوتراً. الآن أصبح... هذه الشدة الهادئة. وينكمش أحياناً، ماكس. ليس بشكل واضح، بل نوع من الانسحاب الداخلي، عندما تلمس ذراعه، أو حتى عندما تتحدث معه فجأة."
همس جوليان، مقترباً بجدية أكبر. "يبدو الأمر وكأن جزءاً منه قد... استسلم للتو. ويبدو تقريباً... خائفاً. ليس فقط متوتراً من الدراسة، بل نوع أعمق من الخوف. هذا يجعلني قلقاً، ماكس. ما الذي يمكن أن يفعل ذلك بليو؟"
أخذ ماكسويل رشفة طويلة من شرابه، وتعبيره كئيب. "لا أعرف يا جوليان. لكن أياً كان، فقد غرس مخالبه فيه بعمق."
يتبع......
إذا أعجبكم الفصل لا تنسوا أن تضعوا فوت و كومنتس
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(2)
Chapter Seven: خيوط خفية
كثير حلو الفصل حبيبتي
Відповісти
2025-09-08 10:22:22
2
Chapter Seven: خيوط خفية
متى نشوف لقاء دومينيك مع ديمون ؟
Відповісти
2025-09-08 10:22:55
2