Chapter Nine: ليلة السيطرة و وسم الخضوع
مع حلول المساء، وبينما كانت أضواء مدينة أوريليا تتلألأ من نافذة شقته المتواضعة، غرق ليو في دوامة من التوتر. لقد مرت ساعات منذ مكالمته مع دومينيك، وساعات أخرى منذ تلك اللحظة التي أدرك فيها أن ديمون بلاكوود كان يعلم بكل شيء. كان يعلم بالوكيل، وبأن خطته اليائسة لم تكن سوى كشف واضح لضعفه. كلما حاول أن يلهي نفسه عن التفكير في لقاء محتمل مع ديمون، تسللت هواجسه إلى عقله، تذكره بقبضة الرجل القاسية وبنظراته الثاقبة، التي كانت تخترقه حتى النخاع. كان الصمت في الشقة ثقيلاً، يضغط على أنفاسه، وكأنه يترقب ضربة حتمية. كان ينتظر. ينتظر الصوت الذي سيكسر حاجز الصمت هذا ويدفعه إلى المجهول الذي لا مفر منه.
رنين هاتفه، عندما جاء أخيراً، كان أقرب إلى صوت رصاصة اخترقت سكون الليل. ظهر اسم ديمون بلاكوود على الشاشة، وقبضة باردة التفتت حول معدته، وبدأت أطراف أصابعه ترتعش بشكل لا يمكن السيطرة عليه. تردد للحظة، للحظة واحدة فقط، وكأن الزمن توقف، قبل أن يضغط على زر الإجابة، وكأنه يمد يده إلى مصيره المحتوم.
جاء صوت ديمون بلاكوود، عميقاً وواثقاً، يخترق الهواء كشفرة حادة: "ليو. ديمون بلاكوود. تحدث باقتضاب." كانت الكلمات قليلة، لكنها حملت وزناً هائلاً، إعلاناً بسيطاً وغير قابل للجدل بالسيطرة المطلقة.
تجمد ليو في مكانه، صوته يعلق في حنجرته. شعر بقلبه يقفز في أضلاعه، وباندفاع الأدرينالين في عروقه، يجفف حلقه. بعد لحظة من المفاجأة المذهلة التي اخترقت كل خلايا جسده، وكسرت آخر حصونه، تمكن من الرد، صوته بالكاد مسموعاً، مشوباً بالتوتر والقلق: "أوه... سيد بلاكوود. ما هذه... المفاجأة غير المتوقعة؟" كانت محاولة يائسة للتطبيع، لإخفاء الرعب المتجمد في أوصاله، لكنها لم تطل على آذان ديمون، الذي لم يظهر أي رد فعل لتهكم ليو الخفيف.
لم يضيع ديمون وقتاً، صوته يحمل نبرة حازمة لا تقبل الجدل، كأنه يتحدث إلى خاضع مطيع لا يملك حق السؤال: "لقد اتصلت بشأن دومينيك. يجب أن نلتقي. لا يمكننا التحدث بهذه الطريقة عبر الهاتف."
وافق ليو على الفور، عالماً أنه لا جدوى من الرفض. لم يكن لديه خيار. قبضته على الهاتف اشتدت، حتى ابيضت مفاصله. "حسناً، سيد بلاكوود. متى وأين؟" كان يشعر وكأن خيوطاً غير مرئية تُشد حوله أكثر فأكثر، تحوله إلى دمية في يد سيد خفي.
أجاب ديمون بنبرة هادئة لكن حازمة، تحمل في طياتها أمراً لا نقاش فيه، كأنه يلقي حكماً: "الليلة. في النادي." لم يكن هناك حاجة لمزيد من التوضيح. كان "النادي" هو نادي اللايسيوم الحصري الذي يرتاده ديمون، وهو المكان الذي يمارس فيه سيطرته المطلقة، ويسيطر فيه على عالمه الخاص. أدرك ليو أن هذا الاجتماع كان سيجري على أرض ديمون، في عالمه هو، وحيث تكون قواعده هي الوحيدة المتبعة. شعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري، مزيج من الخوف والترقب الذي يحمل في طياته إثارة محرمة. هذا الليل لن يكون كأي ليلة أخرى، ولن يمر مرور الكرام.
وصل ليو إلى نادي اللايسيوم في أوريليا، الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أقل من ساعة. كانت أضواء النيون البنفسجية والزرقاء تلون واجهة النادي، والموسيقى الصاخبة ترتج من خلف الأبواب الثقيلة، وكأنها نبضات قلب عملاق. كان قلبه ينبض بعنف في أضلاعه، والعرق يتصبب من جبينه رغم برودة الجو الليلي. شعر بأن كل خطوة يخطوها هي أقرب إلى السقوط في هاوية لا قرار لها.
عند المدخل، لوح له جوليان من بعيد، الذي كان يقف يتحدث إلى بعض المعارف. ابتسامة جوليان الودودة، التي كانت تبعث الدفء دائماً في قلب ليو، بدت شاحبة وغريبة هذه الليلة، وكأنها لا تصل إلى عينيه. بادل ليو الابتسامة الشاحبة وعبر الحشد. وجد ديمون جالساً بالفعل في ركن منعزل، تحت وهج الأضواء الخافتة، تبدو عليه راحة تامة وسط أجواء النادي الغامضة والمثيرة. كان يراقب الحشود بعينين هادئتين، وكأنه ملك يتأمل مملكته التي تموج بالبشر. هالة من القوة والجاذبية كانت تحيط به، تجعله مركزاً للكون من حوله، وكأن كل شيء يدور في فلكه.
لم تكن هناك تحية ودية، ولا كلمات مجاملة. بمجرد أن اقترب ليو بما يكفي، بدأت عينا ديمون الرماديتان تخترقانه، وكأنه يرى ما وراء جلده. بدأ ديمون فوراً، صوته يتردد ببرود في أذني ليو، كإعلان حاسم لا يحتمل النقاش: "لنبدأ بغيابك عن المقابلة هذا الصباح... لماذا التغيير المفاجئ؟"
شعر ليو بلسعة الخزي تخترق روحه. لقد تم كشفه تماماً، عارياً أمام عيني ديمون الثاقبتين. قال ليو، محاولاً إخفاء التوتر: "أوه، لقد كان موعدًا آخر. طارئ لم يمكن تأجيله." لكن ديمون قاطعه ببرود، صوته يخفض قليلاً، لكنه أكثر حدة، وكأنه تحذيرٌ خفي يخترق الروح: "أنا أكره الإزعاج، ليو. خاصة عندما يمكن تجنبه بإشعار بسيط."
تجمد ليو، وابتلع ريقه بصعوبة. أدرك أن ديمون لم يكن غاضباً بالمعنى التقليدي، بل كان يعلن بوضوح عن حدود سلطته، وأن ليو قد تجاوزها. اعتذر بسرعة، يعرف متى يتوقف أمامه، متى تكون المقاومة بلا جدوى، ومتى يكون الاستسلام هو الطريق الوحيد. "أعتذر يا سيدي. لن يتكرر ذلك." كان صوته خافتاً، بالكاد مسموعاً، اعترافاً منه بسلطة ديمون المطلقة وغير القابلة للمنازعة.
بعد أن ثبت ديمون سيطرته بالكامل، وشعر بأن رسالته قد وصلت وعوقبت، انتقل إلى صلب الموضوع الذي من أجله استدعاه. "الآن، بخصوص دومينيك." انحنى ديمون قليلاً، بعينين ثاقبتين اخترقتا ليو، وكأنما يبحث عن أعمق أسراره. "أخبرني بكل شيء. ما يحبه، ما يكرهه. عاداته. نقاط ضعفه. أي معلومات شخصية يمكن أن تساعدني على فهمه. كل تفصيل تعرفه." كانت نبرته هادئة، لكنها تحمل ثقلاً لا يمكن مقاومته، كأنها أمر ملكي لا يمكن التراجع عنه.
كان هذا أمراً لا يمكن رفضه. شعر ليو بقلبه يتهاوى في أعماق جوفه، وكأن صخرة ضخمة قد سقطت عليه. أن يكشف أسرار صديقه الوفي، دومينيك، الذي كان فقط يحاول مساعدته؟ هذا شعور بالخيانة لاذع، يكاد يمزق روحه، لكنه أدرك أنه أسير في شبكة لا يستطيع الهروب منها. كان ديمون أمامه، وهالته تضغط عليه، تجعله يشعر بالعجز التام. بدأ ليو في الحديث بصوت خافت يرتعش: "حسناً، دومينيك طالب صحافة مجتهد... حياته بسيطة جداً كطالب جامعي فقير... طبيعته لطيفة وخجولة، وهو بريء جداً في العلاقات العاطفية." ثم، وصل ليو إلى المعلومة التي عرف، بغريزته التي تأن تحت وطأة الموقف، أنها ستثير اهتمام ديمون أكثر من أي شيء آخر، والتي تذكرها من محادثاته السابقة مع دومينيك.
"إنه... دودة كتب نوعاً ما، كما تعلم؟" بدأ ليو، صوته يرتعش قليلاً، بالكاد مسموعاً وسط موسيقى النادي. "دائماً ما يقرأ. خاصة... هو مهتم جداً بـ روايات BDSM المثلية." وأضاف ليو، وقد شعر بخجل شديد وهو يكشف هذا السر الصغير، وعيناه لا تجرؤان على الارتفاع لمواجهة ديمون: "كلها نظرية بالنسبة له، بالطبع. إنه عذري، لم يكن في أي علاقة من قبل، ناهيك عن أي شيء من هذا القبيل. لكنه يقرأ كل شيء، لديه شغف بالقراءة، ويحب استكشاف جوانب لم يختبرها بعد."
ظهرت ابتسامة بطيئة وراضية على وجه ديمون. تلك الابتسامة التي لم تصل إلى عينيه، بل كانت مجرد انحناءة خفيفة على شفتيه، ولكنها حملت معنى عميقاً من الرضا والتأكيد. هذا الفتى البريء الذي يتلعثم في مكتبه، يمتلك فضولاً خفياً وعميقاً حول العالم الذي يسكنه ديمون. لم تكن مجرد رغبات خفية؛ بل كانت رغبة محددة، تكاد تكون مقدرة، للديناميكية التي يجسدها ديمون.
سأل ديمون، بصوته الحاد، وكأنه يختبر الأعماق الخفية لدومينيك: "كيف صادف دومينيك هذه الأنواع من الروايات، ليو؟ هل دفعه أحد لقراءة هذه الكتب، أم أنه... كان مهتماً بـ BDSM بنفسه؟"
أجاب ليو، صوته يهمس، بالكاد مسموعاً: "حسناً، هذا يعود لي بعض الشيء. لقد أخبرته عنها. لقد حاولت حتى دفعه إلى هذا النوع من الأشياء من قبل... ولكن بما أن دومينيك كان خجولاً جداً، لم تكن لديه أي تجربة. ومع ذلك، دعوته لتجربة كتاب، وفي النهاية، أحب الرواية. أحبها حقاً، في الواقع. ومنذ ذلك الحين، يقرأ روايات لنفس المؤلف."
همهم ديمون بهدوء، راضياً. رفع كوب الشراب الخاص به، وكأنه يحتفل بانتصار صغير، قبل أن يشرب منه رشفة ببطء، وعيناه لا تفارقان ليو. "لقد كنت... مفيداً جداً، ليو. أقدر صراحتك ومساهمتك 'العرضية' في اهتمامات السيد ريد الأدبية." ثم تغير صوته، أصبح قاسياً، حاملاً تحذيراً بارداً يقطع الأنفاس: "لكن، هذه المحادثة، والطبيعة الحقيقية لاهتمامي بدومينيك، تظل بيننا تماماً. لا تخبر دومينيك بهذا الاجتماع بأي حال من الأحوال. هل تفهم؟"
وافق ليو على الفور، صوته بالكاد يخرج، متعهداً بالصمت المطلق، متأكداً أن أي خرق لهذا الأمر قد تكون عواقبه وخيمة، وأن ديمون يمتلك من السلطة ما يجعله قادراً على تنفيذ أي تهديد يطلقه. شعر بأن روحه نفسها أصبحت رهينة لديمون. في تلك اللحظة، أدرك ليو أن خوفه من ديمون لم يكن مجرد توتر لحظي، بل كان خوفاً عميقاً من رجل يرى فيه مجرد وسيلة لتحقيق أهدافه، رجل لا يخشى استخدام أي وسيلة لفرض إرادته.
ابتسم ديمون، ابتسامة عابرة لكنها ذات معنى عميق، كأنها تؤكد ملكيته للموقف ولسر ليو المكتشف حديثاً. "تعال،" قال، ودعا ليو إلى منطقة أخرى من النادي، حيث كانت أضواء الليزر تلون الأجواء، وتنتشر رائحة خاصة بالمكان، مزيج من العطور الفاخرة والعرق ودخان السجائر. "أعتقد أننا على موعد مع لعب أدوار في القسم الآخر."
شعر ليو بلسعة أخرى من الخوف الممزوج بالرضوخ، وبقشعريرة تسري في جسده. كان هذا مكافأة لتعاون ليو، أو هكذا بدا الأمر، لكنه في الواقع كان إعلاناً آخر للسيطرة، وتذكيراً بقوة ديمون التي لا تُقاوم. التفت، وقبل أن يتبع ديمون، لمح جوليان في زاوية الغرفة، عيناه مثبتتان عليه، تحملان تعابير متضاربة من القلق والغضب. شعر بلسعة أخرى من الخجل، والذل، كأن روحه قد عُرضت للبيع أمام جوليان. لكن هذا الشعور سرعان ما امتزج بنشوة غريبة، نشوة التعرض، نشوة الاستسلام المطلق تحت أنظار من يعرفه. نظرة جوليان لم توقفه، بل زادت من حدة إحساسه بالخضوع، وكأن العيون المترقبة كانت جزءاً من اللعبة، تزيد من إثارتها. تبادلت عينا ديمون وجوليان نظرة خاطفة، نظرة تحدٍ صامتة من ديمون، وردّ من جوليان لم يُفهم معناه.
انتقل ديمون وليو إلى منطقة أداء خاصة داخل النادي. كانت هذه المنطقة أكثر عزلة من القاعة الرئيسية، لكنها لم تكن خالية تماماً؛ كانت هناك دائرة من المهيمنين والخاضعين الآخرين يراقبون من حولهم، البعض بفضول، والبعض الآخر بوجوه خالية من التعبير، كأنهم يلتهمون المشهد. كانت الغرفة مضاءة بشكل خافت، مع لمبات حمراء وزرقاء تزيد من الأجواء المثيرة للفضول، وتبرز الظلال والمنحنيات. في المنتصف، كانت هناك منصة مرتفعة، تحيط بها بعض المعدات المخصصة، مثل قضبان التعليق اللامعة وحبال سميكة ومقاعد جلدية داكنة.
أشار ديمون بيده نحو أحد الأعمدة المعدنية اللامعة في المنتصف. "اجلس هنا، ليو." كانت نبرته أمراً لا يملك ليو إلا الامتثال له.
امتثل ليو على الفور، وراح يتشبث بالعمود المعدني البارد، شعور بالتوتر يتزايد داخله، ممزوجاً بإحساس غريب من الإثارة المحرمة. ديمون اقترب ببطء، خطاه واثقة، وعيناه الرماديتان لم تفارقا ليو للحظة، وكأنه يدرس كل تفصيل في جسده. مد يده، وأمسك بحبل سميك من الكتان، أسود اللون، ناعم الملمس، لكنه يبدو قادراً على التقييد بقسوة.
"استرخِ، ليو،" همس ديمون، صوته عميق وهادئ، لكنه يحمل نبرة أمر لا يمكن مقاومته، وكأنه ينساب إلى داخل روحه. "دع جسدك يتبع إيقاعي. استسلم."
بدأ ديمون في ربط معصمي ليو بالعمود. كانت يداه سريعتين، ماهرتين، تتحركان بدقة وثقة، لا تضيع أي حركة. شعر ليو بالحبل يلتف حول معصميه، يضغط على جلده، لا يؤلم لكنه يقيّد، يحاصره. كانت كل عقدة يربطها ديمون تزيد من شعور ليو بالعجز، لكنها تزيد أيضاً من توتر جسده، تيقظ حواسه بطريقة لم يعتدها. كان يرى عيني ديمون تركزان على يديه، وابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه، وكأنه يستمتع بكل لحظة من هذا الاستسلام المتزايد.
بعد أن انتهى من ربط معصمي ليو فوق رأسه، مدهما للأعلى، ثبت جسده بوضعية مكشوفة وضعيفة، ثم انتقل ديمون إلى خصر ليو، ثم فخذيه، يثبت جسده بالكامل على العمود. أصبح ليو عارياً تماماً، مكشوفاً تحت نظرات ديمون الثاقبة التي تلتهمه. شعر بالبرد يلف جسده، ثم بدفء غريب ينبعث من داخله، مزيجاً من الخجل المحرق والإثارة العارمة التي لم يعرفها من قبل.
"الآن، لنختبر مدى استجابتك، ليو،" همس ديمون بالقرب من أذنه، صوته يتردد في أعماق روحه، مثيراً قشعريرة قوية. "دعني أرى مدى استعدادك للاستسلام." ثم مرر أطراف أصابعه ببطء على طول فخذ ليو الداخلي، صعوداً نحو منطقة حساسة. لمسة ديمون كانت باردة وواثقة، تتبعها حرارة عارمة تنتشر في جسد ليو، لتوقظ فيه رغبات مدفونة.
أغمض ليو عينيه، متنفساً بصعوبة، تصاعدت من حلقه أنات مكتومة، "آه... أوه..." ثم أنين خفيف "هممم..."، بينما كان يستسلم للأحاسيس المتضاربة. كان يشعر بخجل شديد، بالضعف، لكن في أعماق هذا الشعور، كانت هناك شرارة غريبة، شرارة من المتعة تتسرب ببطء، وتغزو روحه. لمسة ديمون كانت خفيفة، ثم أصبحت أكثر إصراراً، ترتفع وتيرة أنفاس ليو مع كل حركة، كل لمسة.
راح ديمون يمرر يده على صدر ليو، ثم بطنه، ثم فخذيه، كل لمسة مقصودة، كل حركة تهدف إلى إيقاظ حواس ليو المكبوتة. كانت أصابعه تتوقف عند نقاط حساسة، تضغط، تدلك ببطء، فتنتزع من ليو أنات أعلى، "آه... نعم..."، وشهقات متقطعة، "هاه..." لم يعد قادراً على كبتها. شعر بدمه يسري حاراً في عروقه، وبإحساس مألوف لكنه مكبوت يرتفع إلى السطح، يدغدغ أعصابه، ويشعره بنشوة متزايدة.
ثم شعر ليو بلمسة أخرى، بلسعة خفيفة، وبألم لذيذ ينبعث من ردفيه. كان ديمون يستخدم سوطاً رفيعاً من الجلد الأسود، يضربه برفق في البداية، ثم بزيادة تدريجية في القوة. كل ضربة كانت تترك أثراً أحمر على بشرته، لكنها كانت أيضاً ترسل موجات من المتعة المحفزة عبر جسده، تجعله يرتجف. كان الألم حقيقياً، لكنه كان يوقظ شيئاً عميقاً بداخله، رغبة في المزيد، في الاستسلام الكامل، في أن يسيطر عليه ديمون بشكل مطلق.
تتابعت صرخات ليو الخافتة، ممزوجة بأنات عميقة ومتقطعة، "أوه... ديمون... نعم..." لم يعد قادراً على كبتها. كان جسده يتأرجح قليلاً مع كل ضربة، يهتز تحت وطأة الأحاسيس، لكنه لم يحاول المقاومة، بل استسلم للحسية المطلقة للوضع. شعر بحرارة متزايدة، بتوتر يزداد في أعماقه، يتجمع في نقطة واحدة، يكاد ينفجر. كانت عينا ديمون لا تفارقان وجه ليو، يراقب تعابيره، يقرأ المتعة في الألم، يرى الاستسلام المطلق في عينيه المغلقتين.
وفي تلك اللحظة، فتح ليو عينيه للحظة، وشاهد جوليان يقف بعيداً قليلاً في دائرة المراقبين. كانت عينا جوليان مثبتتين عليه، تحملان صدمة وغضباً وقلقاً واضحين. للحظة، شعر ليو بلسعة قوية من الخجل والذل، كأن روحه قد عُرضت للبيع أمام جوليان. لكن هذا الشعور سرعان ما امتزج بنشوة غريبة، نشوة التعرض، نشوة الاستسلام المطلق تحت أنظار من يعرفه. نظرة جوليان لم توقفه، بل زادت من حدة إحساسه بالخضوع، وكأن العيون المترقبة كانت جزءاً من اللعبة، تزيد من إثارتها. تبادلت عينا ديمون وجوليان نظرة خاطفة، نظرة تحدٍ صامتة من ديمون، وردّ من جوليان لم يُفهم معناه.
أصبحت الضربات أسرع وأقوى، وركز ديمون على منطقة معينة، ليزيد من الإحساس. شعر ليو بأن كل حواسه قد تركزت على هذه اللحظة، على هذه الأحاسيس المتضاربة من الألم والمتعة، التي بلغت ذروتها في جسده. ارتفع أنين ليو، ثم تحول إلى صيحة مكتومة، "ديمون! آه!" مزيج من الألم والمتعة المطلقة، وهو يصل إلى أوج استسلامه الجسدي والنفسي. كان يتنفس بصعوبة، لكنه لم يرغب في أن يتوقف ديمون. أراد المزيد، أراد هذه النشوة التي كانت تتشكل بداخله، والتي كانت تدفعه إلى أقصى حدود الاستسلام.
وفي ذروة الإحساس، عندما شعر جسد ليو كله يرتجف، وهمس باسم ديمون بشهقة أخيرة متقطعة، "آه... سيدي..."، توقف ديمون فجأة. شعر ليو بفراغ مفاجئ، بخيبة أمل خفيفة. ثم سمع صوت ديمون الهادئ والقوي مرة أخرى: "هذا يكفي الآن، ليو. عملك الشاق اليوم يستحق مكافأة كاملة."
فك ديمون الحبال بمهارة، ونزل ليو عن العمود، جسده يرتعش بشكل لا إرادي. كان يشعر بالضعف، بالحرارة التي لم تفارقه بعد، وبإحساس عميق بالرضا، وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن كاهله، وأن روحه قد تطهرت بطريقة ما لم يفهمها بعد. كانت بشرته لا تزال تتوهج من أثر الضربات، لكن الألم كان قد تحول إلى وخز خفيف، يثير قشعريرة ممتعة على طول عموده الفقري. شعر بالهواء البارد يلامس جلده المتوهج، فزاد ذلك من حدة الأحاسيس التي كانت تسيطر عليه.
نظر ديمون إلى ليو، وعيناه تعكسان رضاً عميقاً. كانت ابتسامة خفيفة ترسم على شفتيه، ابتسامة المنتصر، الذي نال ما أراد. كان ليو خاضعاً، مستسلماً، وهذا ما أراده ديمون بالضبط. لمعت عينا ديمون للحظة باتجاه المكان الذي كان يقف فيه جوليان، لكن جوليان لم يعد هناك. كان قد اختفى، كظل تلاشى في زحام النادي.
في تلك اللحظة، لم يدر ليو ما إذا كان يشعر بالخزي أم بالامتنان. كان جسده ما يزال يطالبه بالمزيد من هذه السيطرة المطلقة، هذه الأحاسيس المتطرفة التي دمرت حصونه وكشفت عن رغبات خفية لم يعلم بوجودها قط. جزء منه أراد أن يركع ويطلب المزيد، بينما جزء آخر، الذي كان يصرخ في أعماقه، شعر بالخيانة والذل. كانت هذه الجلسة أكثر بكثير من مجرد "لعب أدوار"؛ كانت تأكيداً لسيطرة ديمون الكاملة، ووشماً نفسياً أعمق من أي علامة جسدية.
لم ينطق ديمون بكلمة، بل اقترب من ليو، ووضع يده على ظهره، دافعاً إياه بلطف نحو مخرج النادي. كانت لمسته قوية، لا تترك مجالاً للرفض. سارا معاً عبر الحشود المتراقصة، تاركين وراءهما الأضواء المتلألئة وأصوات الموسيقى الصاخبة التي بدأت تتلاشى تدريجياً. شعر ليو بملابسه تلتصق بجسده، وبعلامات ديمون الباهتة على عنقه، كأختام ملكية مرئية وغير مرئية.
وصلا إلى سيارة ديمون الفاخرة السوداء، التي كانت تنتظر عند الرصيف. فتح ديمون الباب الخلفي لليو بإشارة هادئة، فصعد ليو إلى المقعد الخلفي بصمت، جسده منهك لكن حواسه لا تزال متيقظة. أدار ديمون السيارة وانطلقا في صمت مطبق عبر شوارع أوريليا الليلية. لم يتجه ديمون نحو شقة ليو. بدلاً من ذلك، انعطفت السيارة نحو منطقة الأبراج السكنية الفاخرة في قلب المدينة، متجهين نحو شقة ديمون الخاصة، تاركين وراءهما صخب النادي. لم يتحدث أحدهما بكلمة واحدة طوال الطريق، لكن الصمت كان أبلغ من أي حديث، مليئاً بالتوتر، والرضا، وشعور ليو بالاستسلام التام لمصيره الجديد.
كانت شقة ديمون تعكس شخصيته: فخمة، باردة، ومسيطر عليها. الألوان الداكنة، والخطوط الحادة، ونقص الزخرفة الشخصية خلق جوًا من الرهبة. لم يكن هناك ترحيب دافئ، ولا أي مظهر من مظاهر الحميمية. كان الأمر أشبه بنقل إلى زنزانة فاخرة، لكن هذه الزنزانة كانت أيضًا عرين سيده.
اندفع ديمون إلى غرفة النوم، دون أن ينطق كلمة. كانت الغرفة واسعة، مع سرير ضخم مغطى بملاءات سوداء حريرية. دخل ليو، وشعر ببرودة الهواء تلامس بشرته المتوهجة، لكن برودة ديمون كانت أشد. لم تكن هناك كلمات، فقط توقع صامت.
خلع ليو ما تبقى من ملابسه، وسقطت على الأرض كحواجز لم يعد بحاجة إليها. وقف عاريًا، ينتظر. لم يقترب ديمون على الفور. بل وقف في المدخل، وعيناه الرماديتان تخترقان ليو من الرأس حتى أخمص القدمين، تفحصانه بنظرة تقييمية، لا تحمل أي أثر للشهوة، بل ملكية باردة. ثم، خطى ديمون ببطء نحو ليو، وكل خطوة كانت تثقل الهواء من حولهما. لم يلمس ليو مباشرة. بدلًا من ذلك، رفعت يدا ديمون لتلمسا شعر ليو، ثم قبضتا على مؤخرة عنقه، جاذبتين إياه للأسفل بقوة محسوبة حتى ركع ليو على الأرض، وعيناه مثبتتان على ركبتيه.
هبط ديمون على ركبة واحدة أمام ليو، ثم رفع ذقن ليو بإصبع واحد قوي، مجبرًا إياه على رفع رأسه. تحدقت عينا ديمون مباشرة في عيني ليو، بلا رحمة، بينما ضغطت أسنان ديمون على جلد ليو في جانب عنقه. لم تكن قبلة حب، بل كانت علامة، وشمًا مؤلمًا ولكنه لذيذ، يؤكد الملكية.
"آه..." خرجت من فم ليو، مزيج من المفاجأة والإحساس الغريب بالرضا الخاضع.
لم يتراجع ديمون. ظل يده على عنق ليو، دافعًا إياه برفق نحو السرير. عندما وصل ليو إلى حافة السرير، دفع ديمون كتف ليو بلطف، موجهًا إياه للاستلقاء على بطنه. امتد جسد ليو، جاهزًا للآتي.
صعد ديمون فوق السرير، جسده ثقيل ومسيطر. لم يلمس ليو على الفور. بدلًا من ذلك، حدقت عيناه الرماديتان الباردتان في ليو، تجولتا على طول جسده العاري، من عنقه إلى ساقيه الممتدتين، كأنه يفحص قطعة فنية ثمينة. كانت نظرة تقييم، لا شهوة. ثم، انحنى ديمون ببطء، ووضع كفه على مؤخرة عنق ليو، ضاغطًا بإبهامه على فقراته. تتبع خط العمود الفقري ببطء، بإصبع واحد، من الرقبة إلى أسفل الظهر، مما أثار قشعريرة قوية في جسد ليو، حتى أصبح يتشنج تحت يده.
"هممم..." خرجت من ليو، شعور بالترقب يتصاعد داخله.
انحنى ديمون وهمس في أذن ليو، صوته منخفضًا وعميقًا، "أنت ملكي الليلة، ليو. تفعل ما آمرك به. هل تفهم؟"
"نعم... يا سيدي..." همس ليو، صوته خافتاً ومرتجفاً، لكنه يحمل نبرة خضوع واضحة.
مد ديمون يده الأخرى، وتوقف عند ردف ليو. لم يضرب، بل ضغط بكفه بقوة على الجلد، ثم سحب يده ببطء شديد، تاركًا دفئًا ووخزًا خفيفًا. كرر الحركة، أضفى المزيد من الضغط في كل مرة، لكنها كانت دائمًا لمسة سيطرة، لا لمسة حنان. سارت أصابعه صعودًا وهبوطًا على جوانب ليو، تتوقف عند الضلوع، ثم تعود لتضغط على فخذيه الداخليين، مما جعل عضلات ليو تتشنج لا إراديًا.
"آه...!" كانت شهقة قصيرة وغير مكتملة.
لم يكن هناك مداعبة، ولا تقبيل حميمي. كان ديمون يستخدم جسد ليو كأداة، كل لمسة، كل نظرة، كانت بمثابة تذكير بصاحب السلطة. حتى عندما كان ديمون قريبًا، لم يكن هناك شعور بالدفء العاطفي، فقط حضور طاغٍ للقوة. قلب ديمون ليو ببطء على ظهره، ثم وضع ذراعه على صدره، ضاغطًا عليه بشكل يثبته على السرير، بينما نظرت عيناه الباردتان مباشرة في عيني ليو. لم تكن نظرة رغبة، بل كانت نظرة امتلاك. مد ديمون ساقه اليمنى، ووضعها بين ساقي ليو، بوزن ثقيل يثبته في مكانه. لم يكن هناك احتكاك، فقط ثقل الوجود، إحساس بالحصاد.
"أوه..." كانت أنة خافتة، تحمل خليطًا من الترقب والقلق.
ثم انحنى ديمون أكثر، وبدأت يده تستكشف بخبرة بين فخذي ليو، أصابعه قوية وثابتة، تضغط وتلامس المناطق الحساسة. شعر ليو بتوتر يتراكم في أحشائه، وبحرارة لاذعة تنتشر في كل خلاياه، جعلته يتشنج قليلاً، ولكن بدون مقاومة.
"استرخِ يا ليو. اترك جسدك لي." همس ديمون، صوته عميقًا كفحيح الأفعى، يتردد في أذن ليو.
أغمض ليو عينيه، أنفاسه تتسارع، "ن...نعم، سيدي."
بدأ ديمون في التوسيع ببطء وبقسوة محسوبة، أصابعه تتحرك بثبات، تفتح الطريق. شعر ليو بألم حاد ممزوج بإحساس غريب بالامتلاء، ألم لذيذ جعله يرتعش. ارتفعت منه أنات مكتومة، "آه... أوه...".
"جيد... جيد جدًا، ليو،" تمتم ديمون، صوته يحمل رضاً قاسياً.
ثم، شعر ليو بضغط هائل، بامتلاء غير محتمل، وهو يشق طريقه إلى داخله. كانت شهقة ليو حادة، طويلة، مزيجاً من الألم الخانق والمتعة الطاغية التي اجتاحت جسده. تعمقت ديمون ببطء، بثبات، كل شبر يوغل إلى الداخل يضاعف إحساس ليو بالاختراق، بالامتلاك الكامل.
"آه... سيدي... ديمون!" صرخ ليو، صوته بالكاد يخرج، وقد تقوس ظهره، متشبثاً بالملاءات الحريرية تحت يديه. كانت عضلاته تشتد، جسده كله يهتز تحت وطأة الإحساس غير المعهود.
"هممم..." تمتم ديمون، صوت أنينه عميقاً وخافتاً، مزيجاً من الرضا الخشن والجهد. بدأ يتحرك ببطء، بدفعات محسوبة وقوية، يخترق ليو بعمق أكبر مع كل حركة.
شعر ليو وكأن روحه تتمزق وتتجدد في آن واحد. كان الألم يذوب في بحر من المتعة، كل دفعة من ديمون كانت ترسخ سيطرته، تكسر ما تبقى من حصون ليو. راح جسده يتجاوب بغريزة عمياء، يرتفع ويلتقي بديمون في كل حركة، يطالبه بالمزيد.
"أرجوك... ديمون... لا تتوقف..." توسل ليو، صوته يكاد يكون نحيباً، يطالب بالمزيد من هذا العذاب الممتع، المزيد من هذا الامتلاك الكامل.
ارتفعت وتيرة ديمون، دفعاته أصبحت أسرع وأقوى، وكل دفعة كانت تنتزع صرخة أو أنيناً عميقاً من ليو. تلاصقت الأجساد، تعانقها رائحة العرق والإثارة، واختلطت أنفاسهما الثقيلة بضربات القلب المتسارعة.
"آه... ليو..." زأر ديمون بصوت خفيض وعميق، يحمل شهوة خام لا يمكن كبتها، وهو يشد قبضة يده على ورك ليو، يدفع به إلى أقصى نقطة.
بلغ الإحساس ذروته، انفجر ليو في صرخة مكتومة، "نعم... سيدي... نعم!" وارتجف جسده بعنف تحت ديمون. بعد لحظات، شعر بضغط ديمون يتصلب، وشهقة خفيضة تخرج من حلقه، تبعها دفء كثيف وعميق يغزو داخله، علامة على أن ديمون قد بلغ ذروته أيضاً.
استمرت الليلة على هذا المنوال. لم تكن ليلة حب، بل كانت ليلة ترسيخ للسلطة. كان جسد ليو مُستخدماً، مُستكشفًا، ومُتلاعبًا به، ولكن دائمًا ضمن إطار السيطرة المطلقة لديمون. كانت الأنينات والشهقات الخافتة من ليو هي العلامات الوحيدة على وجود حياة تحت قبضة ديمون. كانت ليلة طويلة.
هدأت أنفاس ديمون تدريجياً، ثقيلة وعميقة. لم يتحرك على الفور، بل ظل مستلقيًا فوق ليو لبعض اللحظات، وزنه الثقيل لا يزال يثبت ليو في مكانه. كانت قبضته على ورك ليو قوية، لا تزال تؤكد السيطرة حتى في لحظات الاسترخاء بعد النشوة. لم يكن هناك أي تعبير مرسوم على وجهه، فقط نظرة هادئة لكنها عميقة، وكأنه يتأمل تأثير أفعاله، أو ربما يستمتع بالهدوء الذي يعقب العاصفة. لم تكن نظرة حنان، بل نظرة رضاً عميق، رضاً ملكي من عمل جيد أنجز.
أما ليو، فكان جسده لا يزال يرتعش بشكل متقطع تحت ديمون، كل خلية فيه تصرخ من الإرهاق والنشوة. كان قلبه ينبض بعنف في أضلاعه، وعروقه لا تزال تشتعل بحرارة اللحظات التي مرت. أغمض عينيه بإرهاق، وشعر بثقل ديمون فوقه، وهو ثقل لم يعد قمعياً تماماً، بل أصبح نوعاً من الطمأنينة الغريبة، وكأنه مرساة ثقيلة تثبته في مكانه. تسربت أنة خفيفة منه، مزيج من التعب والرغبة المتبقية، لكنها كانت أيضاً أنة استسلام كامل.
نام ليو بشكل متقطع، مضطربًا، تطارده صور السوط، ونظرات جوليان، وقبضة ديمون على جسده وكيانه. عندما استيقظ في الصباح، كان ديمون قد رحل بالفعل. لم يترك سوى الصمت والثقل المادي وغير المادي لسيطرته.
غادر ليو شقة ديمون، وشعر وكأنه يسير في حلم. كان جسده منهكًا، لكن روحه كانت في حالة من الذهول الغريب. لم يكن يعرف ما الذي سيأتي به اليوم، لكنه عرف شيئًا واحدًا: حياته قد تغيرت إلى الأبد. لقد عبر خطًا لا رجعة فيه، وأصبح الآن أداة في لعبة ديمون، لعبة السيطرة المطلقة حيث الحب ليس له مكان. كان خوفه من ديمون يتجذر أعمق، لا فقط من أفعاله، بل من شخصيته الباردة والمتحكمة التي لا تعرف الرحمة.
يتبع.....
إذا أعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
رنين هاتفه، عندما جاء أخيراً، كان أقرب إلى صوت رصاصة اخترقت سكون الليل. ظهر اسم ديمون بلاكوود على الشاشة، وقبضة باردة التفتت حول معدته، وبدأت أطراف أصابعه ترتعش بشكل لا يمكن السيطرة عليه. تردد للحظة، للحظة واحدة فقط، وكأن الزمن توقف، قبل أن يضغط على زر الإجابة، وكأنه يمد يده إلى مصيره المحتوم.
جاء صوت ديمون بلاكوود، عميقاً وواثقاً، يخترق الهواء كشفرة حادة: "ليو. ديمون بلاكوود. تحدث باقتضاب." كانت الكلمات قليلة، لكنها حملت وزناً هائلاً، إعلاناً بسيطاً وغير قابل للجدل بالسيطرة المطلقة.
تجمد ليو في مكانه، صوته يعلق في حنجرته. شعر بقلبه يقفز في أضلاعه، وباندفاع الأدرينالين في عروقه، يجفف حلقه. بعد لحظة من المفاجأة المذهلة التي اخترقت كل خلايا جسده، وكسرت آخر حصونه، تمكن من الرد، صوته بالكاد مسموعاً، مشوباً بالتوتر والقلق: "أوه... سيد بلاكوود. ما هذه... المفاجأة غير المتوقعة؟" كانت محاولة يائسة للتطبيع، لإخفاء الرعب المتجمد في أوصاله، لكنها لم تطل على آذان ديمون، الذي لم يظهر أي رد فعل لتهكم ليو الخفيف.
لم يضيع ديمون وقتاً، صوته يحمل نبرة حازمة لا تقبل الجدل، كأنه يتحدث إلى خاضع مطيع لا يملك حق السؤال: "لقد اتصلت بشأن دومينيك. يجب أن نلتقي. لا يمكننا التحدث بهذه الطريقة عبر الهاتف."
وافق ليو على الفور، عالماً أنه لا جدوى من الرفض. لم يكن لديه خيار. قبضته على الهاتف اشتدت، حتى ابيضت مفاصله. "حسناً، سيد بلاكوود. متى وأين؟" كان يشعر وكأن خيوطاً غير مرئية تُشد حوله أكثر فأكثر، تحوله إلى دمية في يد سيد خفي.
أجاب ديمون بنبرة هادئة لكن حازمة، تحمل في طياتها أمراً لا نقاش فيه، كأنه يلقي حكماً: "الليلة. في النادي." لم يكن هناك حاجة لمزيد من التوضيح. كان "النادي" هو نادي اللايسيوم الحصري الذي يرتاده ديمون، وهو المكان الذي يمارس فيه سيطرته المطلقة، ويسيطر فيه على عالمه الخاص. أدرك ليو أن هذا الاجتماع كان سيجري على أرض ديمون، في عالمه هو، وحيث تكون قواعده هي الوحيدة المتبعة. شعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري، مزيج من الخوف والترقب الذي يحمل في طياته إثارة محرمة. هذا الليل لن يكون كأي ليلة أخرى، ولن يمر مرور الكرام.
وصل ليو إلى نادي اللايسيوم في أوريليا، الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أقل من ساعة. كانت أضواء النيون البنفسجية والزرقاء تلون واجهة النادي، والموسيقى الصاخبة ترتج من خلف الأبواب الثقيلة، وكأنها نبضات قلب عملاق. كان قلبه ينبض بعنف في أضلاعه، والعرق يتصبب من جبينه رغم برودة الجو الليلي. شعر بأن كل خطوة يخطوها هي أقرب إلى السقوط في هاوية لا قرار لها.
عند المدخل، لوح له جوليان من بعيد، الذي كان يقف يتحدث إلى بعض المعارف. ابتسامة جوليان الودودة، التي كانت تبعث الدفء دائماً في قلب ليو، بدت شاحبة وغريبة هذه الليلة، وكأنها لا تصل إلى عينيه. بادل ليو الابتسامة الشاحبة وعبر الحشد. وجد ديمون جالساً بالفعل في ركن منعزل، تحت وهج الأضواء الخافتة، تبدو عليه راحة تامة وسط أجواء النادي الغامضة والمثيرة. كان يراقب الحشود بعينين هادئتين، وكأنه ملك يتأمل مملكته التي تموج بالبشر. هالة من القوة والجاذبية كانت تحيط به، تجعله مركزاً للكون من حوله، وكأن كل شيء يدور في فلكه.
لم تكن هناك تحية ودية، ولا كلمات مجاملة. بمجرد أن اقترب ليو بما يكفي، بدأت عينا ديمون الرماديتان تخترقانه، وكأنه يرى ما وراء جلده. بدأ ديمون فوراً، صوته يتردد ببرود في أذني ليو، كإعلان حاسم لا يحتمل النقاش: "لنبدأ بغيابك عن المقابلة هذا الصباح... لماذا التغيير المفاجئ؟"
شعر ليو بلسعة الخزي تخترق روحه. لقد تم كشفه تماماً، عارياً أمام عيني ديمون الثاقبتين. قال ليو، محاولاً إخفاء التوتر: "أوه، لقد كان موعدًا آخر. طارئ لم يمكن تأجيله." لكن ديمون قاطعه ببرود، صوته يخفض قليلاً، لكنه أكثر حدة، وكأنه تحذيرٌ خفي يخترق الروح: "أنا أكره الإزعاج، ليو. خاصة عندما يمكن تجنبه بإشعار بسيط."
تجمد ليو، وابتلع ريقه بصعوبة. أدرك أن ديمون لم يكن غاضباً بالمعنى التقليدي، بل كان يعلن بوضوح عن حدود سلطته، وأن ليو قد تجاوزها. اعتذر بسرعة، يعرف متى يتوقف أمامه، متى تكون المقاومة بلا جدوى، ومتى يكون الاستسلام هو الطريق الوحيد. "أعتذر يا سيدي. لن يتكرر ذلك." كان صوته خافتاً، بالكاد مسموعاً، اعترافاً منه بسلطة ديمون المطلقة وغير القابلة للمنازعة.
بعد أن ثبت ديمون سيطرته بالكامل، وشعر بأن رسالته قد وصلت وعوقبت، انتقل إلى صلب الموضوع الذي من أجله استدعاه. "الآن، بخصوص دومينيك." انحنى ديمون قليلاً، بعينين ثاقبتين اخترقتا ليو، وكأنما يبحث عن أعمق أسراره. "أخبرني بكل شيء. ما يحبه، ما يكرهه. عاداته. نقاط ضعفه. أي معلومات شخصية يمكن أن تساعدني على فهمه. كل تفصيل تعرفه." كانت نبرته هادئة، لكنها تحمل ثقلاً لا يمكن مقاومته، كأنها أمر ملكي لا يمكن التراجع عنه.
كان هذا أمراً لا يمكن رفضه. شعر ليو بقلبه يتهاوى في أعماق جوفه، وكأن صخرة ضخمة قد سقطت عليه. أن يكشف أسرار صديقه الوفي، دومينيك، الذي كان فقط يحاول مساعدته؟ هذا شعور بالخيانة لاذع، يكاد يمزق روحه، لكنه أدرك أنه أسير في شبكة لا يستطيع الهروب منها. كان ديمون أمامه، وهالته تضغط عليه، تجعله يشعر بالعجز التام. بدأ ليو في الحديث بصوت خافت يرتعش: "حسناً، دومينيك طالب صحافة مجتهد... حياته بسيطة جداً كطالب جامعي فقير... طبيعته لطيفة وخجولة، وهو بريء جداً في العلاقات العاطفية." ثم، وصل ليو إلى المعلومة التي عرف، بغريزته التي تأن تحت وطأة الموقف، أنها ستثير اهتمام ديمون أكثر من أي شيء آخر، والتي تذكرها من محادثاته السابقة مع دومينيك.
"إنه... دودة كتب نوعاً ما، كما تعلم؟" بدأ ليو، صوته يرتعش قليلاً، بالكاد مسموعاً وسط موسيقى النادي. "دائماً ما يقرأ. خاصة... هو مهتم جداً بـ روايات BDSM المثلية." وأضاف ليو، وقد شعر بخجل شديد وهو يكشف هذا السر الصغير، وعيناه لا تجرؤان على الارتفاع لمواجهة ديمون: "كلها نظرية بالنسبة له، بالطبع. إنه عذري، لم يكن في أي علاقة من قبل، ناهيك عن أي شيء من هذا القبيل. لكنه يقرأ كل شيء، لديه شغف بالقراءة، ويحب استكشاف جوانب لم يختبرها بعد."
ظهرت ابتسامة بطيئة وراضية على وجه ديمون. تلك الابتسامة التي لم تصل إلى عينيه، بل كانت مجرد انحناءة خفيفة على شفتيه، ولكنها حملت معنى عميقاً من الرضا والتأكيد. هذا الفتى البريء الذي يتلعثم في مكتبه، يمتلك فضولاً خفياً وعميقاً حول العالم الذي يسكنه ديمون. لم تكن مجرد رغبات خفية؛ بل كانت رغبة محددة، تكاد تكون مقدرة، للديناميكية التي يجسدها ديمون.
سأل ديمون، بصوته الحاد، وكأنه يختبر الأعماق الخفية لدومينيك: "كيف صادف دومينيك هذه الأنواع من الروايات، ليو؟ هل دفعه أحد لقراءة هذه الكتب، أم أنه... كان مهتماً بـ BDSM بنفسه؟"
أجاب ليو، صوته يهمس، بالكاد مسموعاً: "حسناً، هذا يعود لي بعض الشيء. لقد أخبرته عنها. لقد حاولت حتى دفعه إلى هذا النوع من الأشياء من قبل... ولكن بما أن دومينيك كان خجولاً جداً، لم تكن لديه أي تجربة. ومع ذلك، دعوته لتجربة كتاب، وفي النهاية، أحب الرواية. أحبها حقاً، في الواقع. ومنذ ذلك الحين، يقرأ روايات لنفس المؤلف."
همهم ديمون بهدوء، راضياً. رفع كوب الشراب الخاص به، وكأنه يحتفل بانتصار صغير، قبل أن يشرب منه رشفة ببطء، وعيناه لا تفارقان ليو. "لقد كنت... مفيداً جداً، ليو. أقدر صراحتك ومساهمتك 'العرضية' في اهتمامات السيد ريد الأدبية." ثم تغير صوته، أصبح قاسياً، حاملاً تحذيراً بارداً يقطع الأنفاس: "لكن، هذه المحادثة، والطبيعة الحقيقية لاهتمامي بدومينيك، تظل بيننا تماماً. لا تخبر دومينيك بهذا الاجتماع بأي حال من الأحوال. هل تفهم؟"
وافق ليو على الفور، صوته بالكاد يخرج، متعهداً بالصمت المطلق، متأكداً أن أي خرق لهذا الأمر قد تكون عواقبه وخيمة، وأن ديمون يمتلك من السلطة ما يجعله قادراً على تنفيذ أي تهديد يطلقه. شعر بأن روحه نفسها أصبحت رهينة لديمون. في تلك اللحظة، أدرك ليو أن خوفه من ديمون لم يكن مجرد توتر لحظي، بل كان خوفاً عميقاً من رجل يرى فيه مجرد وسيلة لتحقيق أهدافه، رجل لا يخشى استخدام أي وسيلة لفرض إرادته.
ابتسم ديمون، ابتسامة عابرة لكنها ذات معنى عميق، كأنها تؤكد ملكيته للموقف ولسر ليو المكتشف حديثاً. "تعال،" قال، ودعا ليو إلى منطقة أخرى من النادي، حيث كانت أضواء الليزر تلون الأجواء، وتنتشر رائحة خاصة بالمكان، مزيج من العطور الفاخرة والعرق ودخان السجائر. "أعتقد أننا على موعد مع لعب أدوار في القسم الآخر."
شعر ليو بلسعة أخرى من الخوف الممزوج بالرضوخ، وبقشعريرة تسري في جسده. كان هذا مكافأة لتعاون ليو، أو هكذا بدا الأمر، لكنه في الواقع كان إعلاناً آخر للسيطرة، وتذكيراً بقوة ديمون التي لا تُقاوم. التفت، وقبل أن يتبع ديمون، لمح جوليان في زاوية الغرفة، عيناه مثبتتان عليه، تحملان تعابير متضاربة من القلق والغضب. شعر بلسعة أخرى من الخجل، والذل، كأن روحه قد عُرضت للبيع أمام جوليان. لكن هذا الشعور سرعان ما امتزج بنشوة غريبة، نشوة التعرض، نشوة الاستسلام المطلق تحت أنظار من يعرفه. نظرة جوليان لم توقفه، بل زادت من حدة إحساسه بالخضوع، وكأن العيون المترقبة كانت جزءاً من اللعبة، تزيد من إثارتها. تبادلت عينا ديمون وجوليان نظرة خاطفة، نظرة تحدٍ صامتة من ديمون، وردّ من جوليان لم يُفهم معناه.
انتقل ديمون وليو إلى منطقة أداء خاصة داخل النادي. كانت هذه المنطقة أكثر عزلة من القاعة الرئيسية، لكنها لم تكن خالية تماماً؛ كانت هناك دائرة من المهيمنين والخاضعين الآخرين يراقبون من حولهم، البعض بفضول، والبعض الآخر بوجوه خالية من التعبير، كأنهم يلتهمون المشهد. كانت الغرفة مضاءة بشكل خافت، مع لمبات حمراء وزرقاء تزيد من الأجواء المثيرة للفضول، وتبرز الظلال والمنحنيات. في المنتصف، كانت هناك منصة مرتفعة، تحيط بها بعض المعدات المخصصة، مثل قضبان التعليق اللامعة وحبال سميكة ومقاعد جلدية داكنة.
أشار ديمون بيده نحو أحد الأعمدة المعدنية اللامعة في المنتصف. "اجلس هنا، ليو." كانت نبرته أمراً لا يملك ليو إلا الامتثال له.
امتثل ليو على الفور، وراح يتشبث بالعمود المعدني البارد، شعور بالتوتر يتزايد داخله، ممزوجاً بإحساس غريب من الإثارة المحرمة. ديمون اقترب ببطء، خطاه واثقة، وعيناه الرماديتان لم تفارقا ليو للحظة، وكأنه يدرس كل تفصيل في جسده. مد يده، وأمسك بحبل سميك من الكتان، أسود اللون، ناعم الملمس، لكنه يبدو قادراً على التقييد بقسوة.
"استرخِ، ليو،" همس ديمون، صوته عميق وهادئ، لكنه يحمل نبرة أمر لا يمكن مقاومته، وكأنه ينساب إلى داخل روحه. "دع جسدك يتبع إيقاعي. استسلم."
بدأ ديمون في ربط معصمي ليو بالعمود. كانت يداه سريعتين، ماهرتين، تتحركان بدقة وثقة، لا تضيع أي حركة. شعر ليو بالحبل يلتف حول معصميه، يضغط على جلده، لا يؤلم لكنه يقيّد، يحاصره. كانت كل عقدة يربطها ديمون تزيد من شعور ليو بالعجز، لكنها تزيد أيضاً من توتر جسده، تيقظ حواسه بطريقة لم يعتدها. كان يرى عيني ديمون تركزان على يديه، وابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه، وكأنه يستمتع بكل لحظة من هذا الاستسلام المتزايد.
بعد أن انتهى من ربط معصمي ليو فوق رأسه، مدهما للأعلى، ثبت جسده بوضعية مكشوفة وضعيفة، ثم انتقل ديمون إلى خصر ليو، ثم فخذيه، يثبت جسده بالكامل على العمود. أصبح ليو عارياً تماماً، مكشوفاً تحت نظرات ديمون الثاقبة التي تلتهمه. شعر بالبرد يلف جسده، ثم بدفء غريب ينبعث من داخله، مزيجاً من الخجل المحرق والإثارة العارمة التي لم يعرفها من قبل.
"الآن، لنختبر مدى استجابتك، ليو،" همس ديمون بالقرب من أذنه، صوته يتردد في أعماق روحه، مثيراً قشعريرة قوية. "دعني أرى مدى استعدادك للاستسلام." ثم مرر أطراف أصابعه ببطء على طول فخذ ليو الداخلي، صعوداً نحو منطقة حساسة. لمسة ديمون كانت باردة وواثقة، تتبعها حرارة عارمة تنتشر في جسد ليو، لتوقظ فيه رغبات مدفونة.
أغمض ليو عينيه، متنفساً بصعوبة، تصاعدت من حلقه أنات مكتومة، "آه... أوه..." ثم أنين خفيف "هممم..."، بينما كان يستسلم للأحاسيس المتضاربة. كان يشعر بخجل شديد، بالضعف، لكن في أعماق هذا الشعور، كانت هناك شرارة غريبة، شرارة من المتعة تتسرب ببطء، وتغزو روحه. لمسة ديمون كانت خفيفة، ثم أصبحت أكثر إصراراً، ترتفع وتيرة أنفاس ليو مع كل حركة، كل لمسة.
راح ديمون يمرر يده على صدر ليو، ثم بطنه، ثم فخذيه، كل لمسة مقصودة، كل حركة تهدف إلى إيقاظ حواس ليو المكبوتة. كانت أصابعه تتوقف عند نقاط حساسة، تضغط، تدلك ببطء، فتنتزع من ليو أنات أعلى، "آه... نعم..."، وشهقات متقطعة، "هاه..." لم يعد قادراً على كبتها. شعر بدمه يسري حاراً في عروقه، وبإحساس مألوف لكنه مكبوت يرتفع إلى السطح، يدغدغ أعصابه، ويشعره بنشوة متزايدة.
ثم شعر ليو بلمسة أخرى، بلسعة خفيفة، وبألم لذيذ ينبعث من ردفيه. كان ديمون يستخدم سوطاً رفيعاً من الجلد الأسود، يضربه برفق في البداية، ثم بزيادة تدريجية في القوة. كل ضربة كانت تترك أثراً أحمر على بشرته، لكنها كانت أيضاً ترسل موجات من المتعة المحفزة عبر جسده، تجعله يرتجف. كان الألم حقيقياً، لكنه كان يوقظ شيئاً عميقاً بداخله، رغبة في المزيد، في الاستسلام الكامل، في أن يسيطر عليه ديمون بشكل مطلق.
تتابعت صرخات ليو الخافتة، ممزوجة بأنات عميقة ومتقطعة، "أوه... ديمون... نعم..." لم يعد قادراً على كبتها. كان جسده يتأرجح قليلاً مع كل ضربة، يهتز تحت وطأة الأحاسيس، لكنه لم يحاول المقاومة، بل استسلم للحسية المطلقة للوضع. شعر بحرارة متزايدة، بتوتر يزداد في أعماقه، يتجمع في نقطة واحدة، يكاد ينفجر. كانت عينا ديمون لا تفارقان وجه ليو، يراقب تعابيره، يقرأ المتعة في الألم، يرى الاستسلام المطلق في عينيه المغلقتين.
وفي تلك اللحظة، فتح ليو عينيه للحظة، وشاهد جوليان يقف بعيداً قليلاً في دائرة المراقبين. كانت عينا جوليان مثبتتين عليه، تحملان صدمة وغضباً وقلقاً واضحين. للحظة، شعر ليو بلسعة قوية من الخجل والذل، كأن روحه قد عُرضت للبيع أمام جوليان. لكن هذا الشعور سرعان ما امتزج بنشوة غريبة، نشوة التعرض، نشوة الاستسلام المطلق تحت أنظار من يعرفه. نظرة جوليان لم توقفه، بل زادت من حدة إحساسه بالخضوع، وكأن العيون المترقبة كانت جزءاً من اللعبة، تزيد من إثارتها. تبادلت عينا ديمون وجوليان نظرة خاطفة، نظرة تحدٍ صامتة من ديمون، وردّ من جوليان لم يُفهم معناه.
أصبحت الضربات أسرع وأقوى، وركز ديمون على منطقة معينة، ليزيد من الإحساس. شعر ليو بأن كل حواسه قد تركزت على هذه اللحظة، على هذه الأحاسيس المتضاربة من الألم والمتعة، التي بلغت ذروتها في جسده. ارتفع أنين ليو، ثم تحول إلى صيحة مكتومة، "ديمون! آه!" مزيج من الألم والمتعة المطلقة، وهو يصل إلى أوج استسلامه الجسدي والنفسي. كان يتنفس بصعوبة، لكنه لم يرغب في أن يتوقف ديمون. أراد المزيد، أراد هذه النشوة التي كانت تتشكل بداخله، والتي كانت تدفعه إلى أقصى حدود الاستسلام.
وفي ذروة الإحساس، عندما شعر جسد ليو كله يرتجف، وهمس باسم ديمون بشهقة أخيرة متقطعة، "آه... سيدي..."، توقف ديمون فجأة. شعر ليو بفراغ مفاجئ، بخيبة أمل خفيفة. ثم سمع صوت ديمون الهادئ والقوي مرة أخرى: "هذا يكفي الآن، ليو. عملك الشاق اليوم يستحق مكافأة كاملة."
فك ديمون الحبال بمهارة، ونزل ليو عن العمود، جسده يرتعش بشكل لا إرادي. كان يشعر بالضعف، بالحرارة التي لم تفارقه بعد، وبإحساس عميق بالرضا، وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن كاهله، وأن روحه قد تطهرت بطريقة ما لم يفهمها بعد. كانت بشرته لا تزال تتوهج من أثر الضربات، لكن الألم كان قد تحول إلى وخز خفيف، يثير قشعريرة ممتعة على طول عموده الفقري. شعر بالهواء البارد يلامس جلده المتوهج، فزاد ذلك من حدة الأحاسيس التي كانت تسيطر عليه.
نظر ديمون إلى ليو، وعيناه تعكسان رضاً عميقاً. كانت ابتسامة خفيفة ترسم على شفتيه، ابتسامة المنتصر، الذي نال ما أراد. كان ليو خاضعاً، مستسلماً، وهذا ما أراده ديمون بالضبط. لمعت عينا ديمون للحظة باتجاه المكان الذي كان يقف فيه جوليان، لكن جوليان لم يعد هناك. كان قد اختفى، كظل تلاشى في زحام النادي.
في تلك اللحظة، لم يدر ليو ما إذا كان يشعر بالخزي أم بالامتنان. كان جسده ما يزال يطالبه بالمزيد من هذه السيطرة المطلقة، هذه الأحاسيس المتطرفة التي دمرت حصونه وكشفت عن رغبات خفية لم يعلم بوجودها قط. جزء منه أراد أن يركع ويطلب المزيد، بينما جزء آخر، الذي كان يصرخ في أعماقه، شعر بالخيانة والذل. كانت هذه الجلسة أكثر بكثير من مجرد "لعب أدوار"؛ كانت تأكيداً لسيطرة ديمون الكاملة، ووشماً نفسياً أعمق من أي علامة جسدية.
لم ينطق ديمون بكلمة، بل اقترب من ليو، ووضع يده على ظهره، دافعاً إياه بلطف نحو مخرج النادي. كانت لمسته قوية، لا تترك مجالاً للرفض. سارا معاً عبر الحشود المتراقصة، تاركين وراءهما الأضواء المتلألئة وأصوات الموسيقى الصاخبة التي بدأت تتلاشى تدريجياً. شعر ليو بملابسه تلتصق بجسده، وبعلامات ديمون الباهتة على عنقه، كأختام ملكية مرئية وغير مرئية.
وصلا إلى سيارة ديمون الفاخرة السوداء، التي كانت تنتظر عند الرصيف. فتح ديمون الباب الخلفي لليو بإشارة هادئة، فصعد ليو إلى المقعد الخلفي بصمت، جسده منهك لكن حواسه لا تزال متيقظة. أدار ديمون السيارة وانطلقا في صمت مطبق عبر شوارع أوريليا الليلية. لم يتجه ديمون نحو شقة ليو. بدلاً من ذلك، انعطفت السيارة نحو منطقة الأبراج السكنية الفاخرة في قلب المدينة، متجهين نحو شقة ديمون الخاصة، تاركين وراءهما صخب النادي. لم يتحدث أحدهما بكلمة واحدة طوال الطريق، لكن الصمت كان أبلغ من أي حديث، مليئاً بالتوتر، والرضا، وشعور ليو بالاستسلام التام لمصيره الجديد.
كانت شقة ديمون تعكس شخصيته: فخمة، باردة، ومسيطر عليها. الألوان الداكنة، والخطوط الحادة، ونقص الزخرفة الشخصية خلق جوًا من الرهبة. لم يكن هناك ترحيب دافئ، ولا أي مظهر من مظاهر الحميمية. كان الأمر أشبه بنقل إلى زنزانة فاخرة، لكن هذه الزنزانة كانت أيضًا عرين سيده.
اندفع ديمون إلى غرفة النوم، دون أن ينطق كلمة. كانت الغرفة واسعة، مع سرير ضخم مغطى بملاءات سوداء حريرية. دخل ليو، وشعر ببرودة الهواء تلامس بشرته المتوهجة، لكن برودة ديمون كانت أشد. لم تكن هناك كلمات، فقط توقع صامت.
خلع ليو ما تبقى من ملابسه، وسقطت على الأرض كحواجز لم يعد بحاجة إليها. وقف عاريًا، ينتظر. لم يقترب ديمون على الفور. بل وقف في المدخل، وعيناه الرماديتان تخترقان ليو من الرأس حتى أخمص القدمين، تفحصانه بنظرة تقييمية، لا تحمل أي أثر للشهوة، بل ملكية باردة. ثم، خطى ديمون ببطء نحو ليو، وكل خطوة كانت تثقل الهواء من حولهما. لم يلمس ليو مباشرة. بدلًا من ذلك، رفعت يدا ديمون لتلمسا شعر ليو، ثم قبضتا على مؤخرة عنقه، جاذبتين إياه للأسفل بقوة محسوبة حتى ركع ليو على الأرض، وعيناه مثبتتان على ركبتيه.
هبط ديمون على ركبة واحدة أمام ليو، ثم رفع ذقن ليو بإصبع واحد قوي، مجبرًا إياه على رفع رأسه. تحدقت عينا ديمون مباشرة في عيني ليو، بلا رحمة، بينما ضغطت أسنان ديمون على جلد ليو في جانب عنقه. لم تكن قبلة حب، بل كانت علامة، وشمًا مؤلمًا ولكنه لذيذ، يؤكد الملكية.
"آه..." خرجت من فم ليو، مزيج من المفاجأة والإحساس الغريب بالرضا الخاضع.
لم يتراجع ديمون. ظل يده على عنق ليو، دافعًا إياه برفق نحو السرير. عندما وصل ليو إلى حافة السرير، دفع ديمون كتف ليو بلطف، موجهًا إياه للاستلقاء على بطنه. امتد جسد ليو، جاهزًا للآتي.
صعد ديمون فوق السرير، جسده ثقيل ومسيطر. لم يلمس ليو على الفور. بدلًا من ذلك، حدقت عيناه الرماديتان الباردتان في ليو، تجولتا على طول جسده العاري، من عنقه إلى ساقيه الممتدتين، كأنه يفحص قطعة فنية ثمينة. كانت نظرة تقييم، لا شهوة. ثم، انحنى ديمون ببطء، ووضع كفه على مؤخرة عنق ليو، ضاغطًا بإبهامه على فقراته. تتبع خط العمود الفقري ببطء، بإصبع واحد، من الرقبة إلى أسفل الظهر، مما أثار قشعريرة قوية في جسد ليو، حتى أصبح يتشنج تحت يده.
"هممم..." خرجت من ليو، شعور بالترقب يتصاعد داخله.
انحنى ديمون وهمس في أذن ليو، صوته منخفضًا وعميقًا، "أنت ملكي الليلة، ليو. تفعل ما آمرك به. هل تفهم؟"
"نعم... يا سيدي..." همس ليو، صوته خافتاً ومرتجفاً، لكنه يحمل نبرة خضوع واضحة.
مد ديمون يده الأخرى، وتوقف عند ردف ليو. لم يضرب، بل ضغط بكفه بقوة على الجلد، ثم سحب يده ببطء شديد، تاركًا دفئًا ووخزًا خفيفًا. كرر الحركة، أضفى المزيد من الضغط في كل مرة، لكنها كانت دائمًا لمسة سيطرة، لا لمسة حنان. سارت أصابعه صعودًا وهبوطًا على جوانب ليو، تتوقف عند الضلوع، ثم تعود لتضغط على فخذيه الداخليين، مما جعل عضلات ليو تتشنج لا إراديًا.
"آه...!" كانت شهقة قصيرة وغير مكتملة.
لم يكن هناك مداعبة، ولا تقبيل حميمي. كان ديمون يستخدم جسد ليو كأداة، كل لمسة، كل نظرة، كانت بمثابة تذكير بصاحب السلطة. حتى عندما كان ديمون قريبًا، لم يكن هناك شعور بالدفء العاطفي، فقط حضور طاغٍ للقوة. قلب ديمون ليو ببطء على ظهره، ثم وضع ذراعه على صدره، ضاغطًا عليه بشكل يثبته على السرير، بينما نظرت عيناه الباردتان مباشرة في عيني ليو. لم تكن نظرة رغبة، بل كانت نظرة امتلاك. مد ديمون ساقه اليمنى، ووضعها بين ساقي ليو، بوزن ثقيل يثبته في مكانه. لم يكن هناك احتكاك، فقط ثقل الوجود، إحساس بالحصاد.
"أوه..." كانت أنة خافتة، تحمل خليطًا من الترقب والقلق.
ثم انحنى ديمون أكثر، وبدأت يده تستكشف بخبرة بين فخذي ليو، أصابعه قوية وثابتة، تضغط وتلامس المناطق الحساسة. شعر ليو بتوتر يتراكم في أحشائه، وبحرارة لاذعة تنتشر في كل خلاياه، جعلته يتشنج قليلاً، ولكن بدون مقاومة.
"استرخِ يا ليو. اترك جسدك لي." همس ديمون، صوته عميقًا كفحيح الأفعى، يتردد في أذن ليو.
أغمض ليو عينيه، أنفاسه تتسارع، "ن...نعم، سيدي."
بدأ ديمون في التوسيع ببطء وبقسوة محسوبة، أصابعه تتحرك بثبات، تفتح الطريق. شعر ليو بألم حاد ممزوج بإحساس غريب بالامتلاء، ألم لذيذ جعله يرتعش. ارتفعت منه أنات مكتومة، "آه... أوه...".
"جيد... جيد جدًا، ليو،" تمتم ديمون، صوته يحمل رضاً قاسياً.
ثم، شعر ليو بضغط هائل، بامتلاء غير محتمل، وهو يشق طريقه إلى داخله. كانت شهقة ليو حادة، طويلة، مزيجاً من الألم الخانق والمتعة الطاغية التي اجتاحت جسده. تعمقت ديمون ببطء، بثبات، كل شبر يوغل إلى الداخل يضاعف إحساس ليو بالاختراق، بالامتلاك الكامل.
"آه... سيدي... ديمون!" صرخ ليو، صوته بالكاد يخرج، وقد تقوس ظهره، متشبثاً بالملاءات الحريرية تحت يديه. كانت عضلاته تشتد، جسده كله يهتز تحت وطأة الإحساس غير المعهود.
"هممم..." تمتم ديمون، صوت أنينه عميقاً وخافتاً، مزيجاً من الرضا الخشن والجهد. بدأ يتحرك ببطء، بدفعات محسوبة وقوية، يخترق ليو بعمق أكبر مع كل حركة.
شعر ليو وكأن روحه تتمزق وتتجدد في آن واحد. كان الألم يذوب في بحر من المتعة، كل دفعة من ديمون كانت ترسخ سيطرته، تكسر ما تبقى من حصون ليو. راح جسده يتجاوب بغريزة عمياء، يرتفع ويلتقي بديمون في كل حركة، يطالبه بالمزيد.
"أرجوك... ديمون... لا تتوقف..." توسل ليو، صوته يكاد يكون نحيباً، يطالب بالمزيد من هذا العذاب الممتع، المزيد من هذا الامتلاك الكامل.
ارتفعت وتيرة ديمون، دفعاته أصبحت أسرع وأقوى، وكل دفعة كانت تنتزع صرخة أو أنيناً عميقاً من ليو. تلاصقت الأجساد، تعانقها رائحة العرق والإثارة، واختلطت أنفاسهما الثقيلة بضربات القلب المتسارعة.
"آه... ليو..." زأر ديمون بصوت خفيض وعميق، يحمل شهوة خام لا يمكن كبتها، وهو يشد قبضة يده على ورك ليو، يدفع به إلى أقصى نقطة.
بلغ الإحساس ذروته، انفجر ليو في صرخة مكتومة، "نعم... سيدي... نعم!" وارتجف جسده بعنف تحت ديمون. بعد لحظات، شعر بضغط ديمون يتصلب، وشهقة خفيضة تخرج من حلقه، تبعها دفء كثيف وعميق يغزو داخله، علامة على أن ديمون قد بلغ ذروته أيضاً.
استمرت الليلة على هذا المنوال. لم تكن ليلة حب، بل كانت ليلة ترسيخ للسلطة. كان جسد ليو مُستخدماً، مُستكشفًا، ومُتلاعبًا به، ولكن دائمًا ضمن إطار السيطرة المطلقة لديمون. كانت الأنينات والشهقات الخافتة من ليو هي العلامات الوحيدة على وجود حياة تحت قبضة ديمون. كانت ليلة طويلة.
هدأت أنفاس ديمون تدريجياً، ثقيلة وعميقة. لم يتحرك على الفور، بل ظل مستلقيًا فوق ليو لبعض اللحظات، وزنه الثقيل لا يزال يثبت ليو في مكانه. كانت قبضته على ورك ليو قوية، لا تزال تؤكد السيطرة حتى في لحظات الاسترخاء بعد النشوة. لم يكن هناك أي تعبير مرسوم على وجهه، فقط نظرة هادئة لكنها عميقة، وكأنه يتأمل تأثير أفعاله، أو ربما يستمتع بالهدوء الذي يعقب العاصفة. لم تكن نظرة حنان، بل نظرة رضاً عميق، رضاً ملكي من عمل جيد أنجز.
أما ليو، فكان جسده لا يزال يرتعش بشكل متقطع تحت ديمون، كل خلية فيه تصرخ من الإرهاق والنشوة. كان قلبه ينبض بعنف في أضلاعه، وعروقه لا تزال تشتعل بحرارة اللحظات التي مرت. أغمض عينيه بإرهاق، وشعر بثقل ديمون فوقه، وهو ثقل لم يعد قمعياً تماماً، بل أصبح نوعاً من الطمأنينة الغريبة، وكأنه مرساة ثقيلة تثبته في مكانه. تسربت أنة خفيفة منه، مزيج من التعب والرغبة المتبقية، لكنها كانت أيضاً أنة استسلام كامل.
نام ليو بشكل متقطع، مضطربًا، تطارده صور السوط، ونظرات جوليان، وقبضة ديمون على جسده وكيانه. عندما استيقظ في الصباح، كان ديمون قد رحل بالفعل. لم يترك سوى الصمت والثقل المادي وغير المادي لسيطرته.
غادر ليو شقة ديمون، وشعر وكأنه يسير في حلم. كان جسده منهكًا، لكن روحه كانت في حالة من الذهول الغريب. لم يكن يعرف ما الذي سيأتي به اليوم، لكنه عرف شيئًا واحدًا: حياته قد تغيرت إلى الأبد. لقد عبر خطًا لا رجعة فيه، وأصبح الآن أداة في لعبة ديمون، لعبة السيطرة المطلقة حيث الحب ليس له مكان. كان خوفه من ديمون يتجذر أعمق، لا فقط من أفعاله، بل من شخصيته الباردة والمتحكمة التي لا تعرف الرحمة.
يتبع.....
إذا أعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
Коментарі