1
2
3
4
5
6
7
7
سلام عليكم  اتمنى لو في أخطاء املائيه  تنبهوني ليها في التعليقات

صلي على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم

قراءة ممتعة

°°°

اتذكر ذلك ..

عندما كنت مجرد طفل بالابتدائية طرحت على والدتي سؤالًا عدة مرات جعلها تتصبب عرقًا و امتد تأثيره الى كلماتها فجعلها تهتز دائماً ..

كان ذلك الامر يجعل ذلك الطفل _الذي لم يعد موجود بالوقت الحالي بداخلي_ يشعر بالم مقيت في قلبه ، لقد افرزت قنواته الدمعية ذلك السائل المالح الحمضي لينهمر على خديه بشكل متسارع و أثناء حديثه مع والده قبل هذا و يسأله السؤال ذاته « اشمعنا انا يابا ؟! .. اشمعنا انا ما بترضاش تيجي معايا المدرسة في اي حاجه عاوزين ولي الأمر فيها ؟! .. ايه اللي يفرقني عن اخواتي ؟! » هذه كانت الكلمات التي كانت تتخلل دموعي في كل مرة ، كنت اشعر بالقهر و الالم .. شعور طفل انه منبوذ من قبل والده ، يشعر انه يميز اخوته عنه ، كان الأمر ينتهي دائماً الى السرير لاستيقظ و اجد ان امي جعلت من صدرها وسادة تريح رأسي المليئ بالافكار السلبية و تمتصها و اثر الدمع لم يبرح عيني لاطرح عليها السؤال ذاته بعينين ذابلتين ، لكنها لم تكن تملك سوى إجابة والدي نفسها « الموضوع يا حبيبي مش كدة الموضوع ان انت يا حبيبي مش بتيجي غير في الوقت اللي ابوك مشغول فيه » ثم تخبرني انها قادمة معي و تمسح دمعاتي التي تمردت من جديد باصابعها الرقيقة ..

المشكلة ان والدي لم يكن والدًا سيئًا بل انه كان الوالد الحنون الطيب الذي يعمل بجد و لا يسمح لعرقه ان يجف قبل ان يرى ابتسامة ابنائه الصادقة و لا يرتاح قبل ان يتأكد من راحتهم ، هو كان الأب الذي يتمنى اي طفل الحصول عليه ..

لكن هذا فقط ما كان يجعلني اشعر انه يكرهني او يميز اخوتي عني ..

حتى قدوم ذلك اليوم

كنت سأتقدم الى الثانوية و هذه المرة كان يتوجب على والدي القدوم معي الى المدرسة الإعدادية من اجل القيام بعملية سحب الملف حيث يجب على ولي امري فقط و الذي هو والدي سحب الملف الا اذا كانت هناك ظروف مثل سفره او موته فتحل محله الام لكن الامر لم يكن كذلك .. و مع هذا هو رفض رفضًا تامًا ..

مما اثار حقًا فضولي ، ما الذي يدعوه الى هذا ؟! انا ابنه بل احيانًا اشعر انني ابنه المفضل ! سألت الجميع عن هذا لكنهم لم يقدموا لي اجابات واضحة كان جميع اجاباتهم مثل « ربما قمت باغضابه » او « بالتأكيد هناك امر اهم » و قد تأكدت بنفسي ان تلك الاجابات غير صحيحة ..

لقد كنت طفلًا لديه خيال واسع ، و كنت منغمسًا في قراءة الروايات و القصص الخيالية .. و هكذا بدأ خيالي يعمل و بدأت تدور في رأسي الكثير من الأسئلة من طراز ..

ماذا لو لم يكن ابي الحقيقي ؟

لهذا السبب لا يستطيع من الاساس ان يقوم بسحب ملفي

هل انا طفل متبنى ؟

لكن دائماً كانت تعود إلى رأسي اجابات منطقية تتمثل في

اسمي هو اسلام سيد ياسر الشهراني كيف اذًا لا يكون والدي ؟!

الطفل المتبنى لا يسمى على اسم والده بالتبني .. و من ثم ان كنت متبنى فسوف يكون هو ولي امري ..

لكني رغم كل هذا كنت اشعر بوجود خطأ ما ..

و بالفعل قد جاءت معي والدتي لنقوم بسحب الملف من المدرسة الإعدادية و لم اسأل عن الامر مرة اخرى لكني اتذكر حقًا ان الامر كان يراودني كثيرًا في الدقائق التي تسبق انطفاء معظم اجهزتي و غيابي المؤقت عن العالم ليلًا .. و ربما بعض الوقات في أحلامي .. ، لكني لم استطع التحدث .. الى ان عرفت تلك المعلومة المهمة ..

عندما كنت العب كرة القدم مع اقراني في المدرسة الثانوية اثناء حصة التربية البدنية اوقفتنا استاذة من الاداريات و طلبت منَّا ان نساعدها في امر ما ..

عندما دخلنا الغرفة التي يعمل بها الاداريات وجدناها مقلوبة رأسًا على عقب .. وجدنا اشكالًا و الوانًا متعددة من الملفات فوق بعضها هنا و هناك ، فوق الطاولات و المكاتب ، تحتها ، على الكراسي ، و في كل شبر من الغرفة عدا الخزانة المخصصة لها .. و قد علمت بالفعل ان المهمة هي ترتيب كل هذا و وضعه داخل الخزانة .. ها .. يالهنائي

-" ممكن يا حبايبي تساعدوني ، مش هتاخدوا وقت لو اشتغلوا مع بعض ، و بعدين دي ملفاتكم في الآخر ! "

تحدثت مبتسمة ابتسامة مصطنعة جعلتها تبدو مثل الضفدع

أجل يا استاذة بالطبع سنقوم بالترتيب معًا حتى ننتهي بسرعة بينما تجلسين انتي و زميلاتك تأكلون الفاكهة و تشربون الشاي بالحليب بينما تتدبادلن أطراف الحديث عن ازواجكن البخلاء الذين لا يقدرون المرأة و اولادكن الطائشين .. ثم أعتقد ان هذه ملفاتنا لكن هذا هو عملكن !

لا يهم على كل حال ..

كان علينا ترتيب الملفات وفقًا للحروف الأبجدية و هكذا .. ضعوا كل الاسماء التي  تبدأ بنفس الحرف معًا يا اصدقاء

و ها انا قد وصلت الى ملفي ..

لا شيئ يمنعني من الاطلاع عليه صحيح ؟! اعني انا لم افتحه من قبل ..

بدأت اقلب في الاوراق بداخله بسرعة فانا حقًا لست مهتمًا بقراءة ما بداخله و لكني فقط احاول التمثيل باني مهتم بما يخصني من اوراق رسمية اعني لأبدو " كبيرًا " في ذلك الوقت لم اكن مهتمًا سوى بكرة القدم و تسريحة شعري التي اوافق العصر ..

لكن لا اعلم ماهية الصوت الذي نادى بداخلي و امرني بالتوقف عند شهادة ميلادي .. اعني ربما هو فضولي فانا كنت في الثاني الثانوي و لم اكن قد رأيتها من قبل ..

الاسم : اسلام سيد ياسر الشهراني ..

الام : عفاف عادل أمير إسماعيل ..

انا اعلم كل هذا ..

الاب : محمود محمد عمر عزيز

ما الـ .. ؟!

ما هذا يا هذا ؟!

اسمي الثاني سيد و الثالث ياسر و الأخير الشهراني فكيف والدي ليس ايًا من هذا ؟!

اعني هل كنت محقًا ؟! ذاك الرجل ليس والدي الحقيقي ؟!

كيف ذلك ؟!

ماذا عن اخوتي ؟

انا فقط لم اتوقع يومًا ان تكون خيالاتي حقيقة .. اذكر انه كان معي مذ كنت طفلاً صغيراً .. منذ أن بدأت ذاكرتي بتوثيق احداث حياتي ..

انا لا يسعني الانتظار للحصول على اجابات ..

•••

" ياما ! ممكن اشوف شهادة ميلادي ! "

تحدثت بحدة و ثقة و نبرتي و نظراتي لا تقبل الرفض  بعد ان تأكدت ان جميع أفراد العائلة في الغرفة حتى و لو لم يكن انتباههم موجهًا لي فهذا يستذكر و اخر يتحضر للنوم بعد يوم طويل و ابي _الذي لم اتبين قصته بعد_ يطالع مسلسله على التلفاز و اخرى تحضر الغداء و اخرى تلعب بشعرها لكن الامر سيجعلهم ينتبهون عاجلًا ام آجلًا

" حبيبي ايه الطلب الغريب ده فجأة ؟! "

تحدثت والدتي و يبدو انني اربكتها فقد بدأت بترتيب خصلات شعرها التي كانت مبعثرة بعشوائية بيدين لا تتوقفان عن الاهتزاز و بدأت الغدد المسئولة عن افراز العرق بالعمل على الفور في جسدها ، فقد ابتلت اجزاء من ملابسها !

" ياما ! انا اعتقد اني عرفت كل حاجة و واقف قدامك دلوقتي و مستني الشرح ! "

تحدثت الى والدتي بينما اغلق نصف عينَي العلوي مع شفتان مائلتان الى اقصى اليسار بضجر

سرعان ما وجدت امي تتحدث في نبرة مستسلمة بعد اطلاق تنهيدة عميقة :" هيهات هيهات ! حاضر يا حبيبي ، كدة كدة كنت لازم تعرف سواء انهاردة او بعد عشر سنين ! بس قولي انت عرفت منين ؟ "

" الاستاذة قالتلنا نرتب الملفات في المدرسة ! "

اجبت باختصار

" اسمع يا حبيبي .. من قبل ما تتولد كنت عايشة مع ابوك _او الراجل اللي مربيك_ حياة سعيدة ..

كان معانا اربع عيال و ناويين عالخامس ..

كنا عيلة تقدر تقول عليها سعيدة رغم فقرنا و حياتنا البسيطة ..

بس اللي حصل ان جدتك اتوفت و طبعًا المشاحنات على الورث بدأت و كان الطمع في الفلوس اكتر من الزعل على الميت .. كأن الميت كلب مش ام و طبعًا ابوك _و لما بقول ابوك بتكلم عن اللي مربيك_ كان فرد فعال في المشاحنات دي ..

و انا اعترف بغلطتي و اني شحنته بالفعل .. بس كانت العواقب بالفعل وحشة !

في النهاية عمامك هما اللي قلبوا ابوك عليا و قالولوا اني بوقع بينهم .. و آخرتها كانت الطلاق ..

مشيت .. بقا معايا حكمت و ياسر و ابوك فضل معاه سامح و إيناس ..

انا ست مليش اهل و لا حد الجأله و من الاساس انا يتيمة .. و لكن لطف ربنا بيا ..

لقيت راجل طيب رضى بيا بعيالي و اتجوزني مع فرق العمر بينا فكان أصغر مني بخمس سنين ، و مكملتش شهرين و حملت منه ..

و من هنا جيت انت إسلام محمود محمد عمر عزيز  "

انا احاول ربط كل هذا معًا .. احاول بكل جهدي ! لكن لا استطيع !

كيف اعيش اذًا الان مع هذا الرجل ( والدي المزيف ) ؟!

اين هو والدي الحقيقي الآن ؟!

هل انفصلت عنه والدتي ؟!

انا لا اذكره حتى !

" ياما ثانية واحدة ! مش المفروض كدة اكون عايش معاه دلوقتي ؟!  " 

" اهدى بس ما تسيبني اكمل ! "

تحدثت مبتسمة بينما تشير لي بيدها و هي تضم اصابعها محاولة بث الهدوء في نفسي

" قدر ربنا كان ان الاب ميشوفش ابنه و الابن ميشوفش ابوه و يمكن ربنا يجمعهم ببعض في الجنة ..

بطني ملحقيتش تنتفخ عشان اسمع في الإذاعة خبر عاجل غرق رجل ثلايني في بحر أبوقير بالإسكندرية حيث كان في رحلة صيد بسفينة مع عدة من أصدقائه و من ثم تقوم بدفعه الرياح القوية في ذلك اليوم خارج السفينة لتبتلعه اعماق البحر المظلمة و حتى الآن لا يزال البحث جار عنه و لم يتم العثور عليه و لا يعلم انسان ان كان لا يزال على متن الحياة ام لا ..

كان طالع اسكندرية مع صحابه و ده اللي سمعته

مات بعد شهرين من حملي ..

و في الوقت اللي مات فيه ده كانت الحكومة اصلا بتدور عليه لاشتباه نشاط غريب معرفتش عنه معلومات كتير بس كنا في حالة تنقل مستمر ..

و بعد كدة فضلت شايلاك في بطني بقيت التسع شهور و اقضي حالنا بأي حاجة طبعًا مع اعانات الحكومة بما اني يتيمة ..

طبعًا اهل جوزي القديم كانوا عارفين و سامعين اللي بيحصل ..

قلبهم حن عليا و قرروا يجوزوني لابنهم تاني اول ما أولد ..

و بالفعل هو اللي رباك و اخواتك رجعوا لبعض تاني في حضن أبوهم و امهم ..

و لكن اتفضل الثغرة .. انت .. كنا عارفين الاحساس اللي هتحس بيه لما تعرف الموضوع .. و عشان كده قررنا ان احنا نأجل موضوع انك تعرف ده لابعد وقت ممكن .. و عشان كده خدنا خطوة تغيير الاسم ..

و كده بقا اسمك موافق لاسماء اخواتك ..

اعتقد ان مفيش حاجة تقولها غير انك تحمد ربنا و انت موقن و متأكد ان اللي ربنا اختارهولك هو الاحسن ليك ، و ان دي احسن حياة ممكن تعيشها .. "

اغمضت عيني و ابتسمت ثم استنشقت نسمات الهواء التي ولجت من النافذة لأملأ صدري بالاطمئنان الذي بعثته في هذه اللحظة لتعبر تلك النسمات العليلة برائحة ازهار الياسمين التي تزين الشجرة قرب بوابة المبنى الذي نعيش به الى ذاكرتي و تشغلها لتجعل كل لحظة ضحكت فيها بصوتٍ كان والدي ( سيد ) سببًا بها تمر على رأسي .. عندما كان يوصلني للمدرسة قبل ذهابه للعمل و يحملني و يقبل جبيني ، او عندما نلعب معًا في النهر حتى تغير الشمس من لون جلدنا و نظل نرمي المياه بعشوائية معًا بمرح ثم نضحك كثيرًا  و نذهب للأكل معًا .. لقد كان اخوتي يغارون مني في بعض الأحيان ! .. حتى لو اخبرتموني ان هذا الرجل هو اسوء و اكبر اعدائي فأنى لي ان اقتنع .. هذا رجل هو والدي الذي افخر به بلا شك و يفخر بي ..

" امي عفاف ! ابويا سيد ! انا بحبكم انتوا الاتنين اكبر حب ، بس كنت عاوز اعرف الحقيقة ! و حتى لو كان ابويا بالدم عايش هختار ابويا اللي رباني و تعب معايا "

تحدثت مبتسمًا ابتسامة تظهر الالفة التي شعرت بها في تلك اللحظة لابعثها بثناياهم ..

•••

اتجهت  إلى محطة المترو حاملًا معي جميع الأسئلة التي تدور في خلدي و هدفي هو الحصول على إجابات و تفسير لما قرأته ..

كنت قد اتصلت بعماد عبد الرحيم بعد خروجي من المكتبة و طلبت منه أن يقابلني عند محطة مترو المطرية لأجل امر هام يجب مناقشته معه و قد فضلت ان اتحدث مع كلٍ من عماد و مصطفى على حدة كي استطيع المقارنة بين المعلومات و الخروج بالحقيقة .. تحسبًا إن حاولا اخفاء امرٍ ما و الكذب ..

حسنًا من المفترض أن يكون محمود محمد عمر عزيز ذاك هو والدي البيولوجي و الصورة الموجودة في الكتاب تشبه المدعو أسامة الديباوي و لكن يبدو أصغر سنًا .. و مكتوب انه بالفعل توفي منذ زمن كما أخبرتني والدتي عندما كنت صغيرًا .. و لكن هناك احتمال أن يكون والدي قد نجى و لكنه يعيش بهوية مختلفة بالفعل و ايضًا اعرف انه كان مطاردًا من قبل الحكومة و هذا يفسر سبب كونه يعيش بهوية مختلفة و إن سلمت بهذ الفرضية فسيكون امر معرفته بكل شيئ عني طبيعي .. فمن البديهي أن يحاول الاطمئنان على ابنه بين الحين و الآخر ..

و على كل حال انا في طريقي لمعرفة كل شيئ الآن

يتبع

•••


توقعاتكم؟

اسلام هيقول يخش التنظيم بتاعهم ؟

عماد و مصطفى هيقولوا ايه ؟

الفصل ممل ؟

استنوا الفصل الجاي بعد اسبوعين بإذن الله

© Rofaida Elesely,
книга «السجين».
Коментарі