Monster ||الوحش
Beautiful Goodbye|| الوداع الطيب
الوعد|| promise
KOKOBOP||افقدي صوابك
LOTTO|| فتاة حظّي
Love Shot|| طَلقَةُ حُب
HONEY|| يا عَسلي!
Sweet Lies|| أكاذيب حُلوة
Jekyll|جيكل
Sing For You||أُغنّي لِأجلِك
Wolf ||الجميلة والوحش
Miracle in December|| مُعجِزات ديسمبر
Mmmh||لا يوصف
Coffee|| قهوة
الوعد|| promise
عام ألفين و إحدى عشر للميلاد:

تعلن الشركة الترفيهية (إس ام) أنها بصدد ترسيم فِرقة ذكور موسيقية جديدة، تنقسم إلى وحدتين فرعيتين، متمنين أن تحقق نجاحاً باهراً كفِرق الشركة السابقة.

قرأتُ ذلك الخبر للمرة الألف اليوم، صفحات الإنترنت مُكتظة بهذا الخبر و تفاصيله، بالنسبة لي فأنا أحب الموسيقى بشكلٍ عام، لكنني لا أعلم سبب إنجذابي لهؤلاء الفتيّة رغم أني لم أرى لهم صورة حتى، فما زالت تتستر الشركة عليهم.

" آنستي، هذه الفاتورة"

قدمها لي عامل مقهى الإنترنت بعدما طلبتها، توجهتُ للمحاسبة لأدفع ثمنها، ثم خرجت من المقهى أمسك بذراعيّ حقيبة ظهري المدرسيّة.

لقد تأخرتُ عن المنزل و عليّ بعض الواجبات عليّ حلّها و إلا المعلمة عاقبتني بصف الإحتجاز بعد ساعات الدوام، و بما أنني لستُ مولعة بالمدرسة لا أود أن أُحتَجز بها.

إنني في المدرسة الإعدادية الآن، و رغم أن دروسي ما بين المرِن و العصيّ على فهمي إلا أنني أحتاج أن أدرس بشكل رتيب كي لا اضطر أن أضغط على نفسي فيما بعد، أقصد وقت الإمتحانات.

دخلتُ باب المنزل أضع حذائي في مكانه و رائحة شهيّة آتية من المطبخ تغلغلت إلى حواسي.

" أمي، ماذا طبختِ؟!"

صاحت أمي من المطبخ منزعجة مني.

" ألقي التحية أولاً"

ركضتُ إلى المطبخ حيث أمي، لا لآكل بل لإحتضن أمي و أراضيها بقبلة، فهي أشهى أطباقي على الأطلاق.

...

جلسوا أرضاً منهكين من كثرة التدريبات، التي تستنزف قِواهم شتى و تعض على نُتف الطاقة الباقية فيهم.

" لا بأس يا رفاق، ما دمنا سنترسم فالعناء الباقي أقل بالتأكيد"

وافق الصبيّة المنهكين أرضاً أحد رفاقهم حينما تحدث، استلوا بعض من الأنفاس و بضع دقائق حتى نهضوا من جديد تِبعاً لأوامر مدرب الرقص الصارم.

" ايشينغ، اضبط أكياس الرمل على خصرك بشكل جيد!"

نظر المقصود إلى زميله بجهل فهو ليس منطلقاً باللغة الكورية كفاية؛ ليفهم تعليمات المدرب حينما يتحدث بشكل سريع و بغضب لا مبرر له.

إقترب زميلٌ آخر له، و عدّل له أكياس الرمل الثقيلة على خصره قائلاً.

" يكفي الضرر الذي ألحقته بخصرك أخي، لا تضع أكياس الرمل مجدداً"

أشار ايشينغ إلى زميله قائلاً.

" و لكنك تضعها يا جونغ إن!"

ذلك معنى أن تكون متدرب بوكالة معروفة.

لا رحمة، حزم، و إجهاد شديد.

ربما يظن البعض أن الإلتحاق بوكالة معروفة هو السبب بتفجر شُهرة الفرق التي ترسمها تلك الواكالات، و ينسون أن أعضاء هذه الفرق تم إختيارهم من بين آلالاف الملتحقين، ثم مئات المتدربين ليكونوا وحدة واحدة، و هذا على عكس الوكالات الصغيرة.

تكون المعاملة فيها أكثر حزماً تجاه المتدربين و رغم ذلك يدفعون مالاً لقاء تدريبهم، و كأنهم يدفعون ليعذبوا أنفسهم، ليتنمر المدربون عليهم.

لكن لا بأس، إن كان نهاية هذا الشقاء هو المسرح... فلا بأس حقاً!



.............................




الثامن من أبريل لعام ألفين و اثنيّ عشر.

تعلن وكالة (إس ام) للترفيه أنها ترسم اليوم الفرقة الشبابية الجديدة و اسمتها EXO,  المنقسمة إلى وحدتين، M ذات النشاطات الصينية بستة أعضاء، و K ذات الأنشطة الكورية بستة أعضاء آخرين.

صرختُ فرحاً و رميتُ بكتبي من على مكتبي أقرأ الخبر، نعم لقد أعلنت الشركة عن ذلك مُسبقاً، و لكنهم أجلوا ترسيم الفرقة حولاً كاملاً، ذلك جعلني أخشى أنهم لن يترسموا.

لا بد أن ذلك كان مرهقاً للغاية بالنسبة لهم...

و لكن لا بأس، بما إنهم إزدادوا عضوين جديدين عمّا كانوا عليه العام الماضي، قد سبق و رأيت أحدهما فلقد شارك بعرض وكالته على أحد المسارح.

كدت أموت حباً في صوته، إنه يدعى تشين...!

الآخر يدعى بيكهيون، أحببتُ صوته بشدة، من الجيد أنه ترّسم معهم و إلا إنتظر خمسة سنين حتى يترسم مع فرقة أخرى.

لقد أعلنت الفرقة عن أولى أغانيها، تدعى " ما هو الحب" غناها بيكهيون رفقة عضو آخر يدعى دي او.

" ما هو الحب" هي تحفة فنية يسألون فيها عن ماهية الحب، عجباً!
ألا يعلمون ما هو الحب؟!
الحب هم بعينهم!

يا إلهي سأموت حباً بهم... فلترحمني!

بالمناسبة، لقد حصلتُ على تذكرتي لحضور حفل ترسيمهم، لقد سبق و إن رأيت مقاطع فيديو ترويجية قد طرحتها الشركة في وقت سابق، لكنها لم تشبع فضولي بأكمله، أحتاج أن أرى مسرحهم ثم أموت بسلام.

كان الحضور مستعصياً فأمي إمرأة من العصر الحجري، ترى أن الموسيقى مضيعة للوقت، إنها بلا ذوق!

بينما أبي رفض أن يشتري لي التذكرة و حذرني من الحصول على واحدة بطريقة ملتوية و  الحضور، فهو رافض للفكرة أيضاً، لكن... احزروا ماذا؟!
ها أنا احضر رغماً عنهم و بلا علمهم.

حصلتُ على مقعدي في حيّز الشخصيات المهمة، سيُساء الظن بي، لستُ ثرية لأكون قادرة على شراء تذكرة باهظة مثل هذه.

و لكنني كنتُ أعلم منذ وقت أن أبي سيرفض أن يشتري لي تذكرة حتى لو كان في آخر دور، سيمنعني، لذا أنا جمّعتُ مصروفي المدرسي و ابتعتُها و سأحضر، حُرة أنا في مالي الخاص.

أطفأتُ أضواء المسرح فجأة ثم اشتعلت بعد فينة ليعلو الصراخ، أخذت أصرخ مع البقية و ها قد بدأت الموسيقى.

يا إلهي، أكاد أموت حماساً!!

" واحد، إثنان، ثلاثة، نحن واحد، مرحباً نحن إكسو!"  

وقف الفتيان في صف واحد منظم قِبالة جمهورهم و صوت الهِتافات لا ينفك يتعالى.

...

للوهلة الأولى تسآلوا، كم مكثنا في التدريب؟!
لم نمكث شيء!
تلك الوقفة على هذه الحالة و أمام جمهورهم الخاص لا تقدر بثمن، إنما هي أثمن من كل دمعة ذرفوها، من كل قطرة عرق تسربت منهم.

تلك الوقفة تضمنت وعداً ألقوه على مسامع ذلك الجمهور المكتظ و سيوفون به مهما كلفهم الأمر.

...






أنا مُستاءة جداً، أكاد أختنق، لو نظر أحد في وجهي لربما أفتعل شِجاراً ينهي مسيرتي الدراسية للأبد.

مقالات قد إنتشرت على الإنترنت بشكل مفزع و يثير غيظي بشدة، إكسو هم فشل وكالتهم المشهورة، كما لو أنهم البكوة الوحيدة التي كسرت مثالية الجواد.

أطفالي بالتأكيد يشعرون بالحزن، بالتأكيد هم مهمومين، لقد عملوا بجد و أصدروا عملاً رائعاً طيلة الشهور الفائتة.

هم لم يحصلوا على فرصة كافية ليثبتوا قدراتهم في هذا المجال، و لم ترسخ أقدامهم في أرض هذه الصناعة الزلِقة بعد، أشعر بالغضب الشديد، فليتحدث معي كاره لهم لأقتله.





.............





عام ألفين و ثلاثة عشر ميلادي




سأبكي حقاً سأبكي، فلتنصرف تلك الكُتب الحمقاء عن واجهتي، دفعتُ بكتبي أرضاً و حولت كل إهتمامي لحاسوبي الخاص.

أشعر بسعادة غامرة تستشري صدري، سعيدة أنا حد التُخمة...!

لماذا أنا سعيدة؟!
حسناً، أطفالي باعوا مليون نسخة من ألبومهم الجديد...!

أين الكارهين؟!
فليتحدثوا الآن... و لكن هم بالفعل يتحدثون.

" إنهم نجاح العام فقط، العام المقبل سيختفون و سترون ذلك بأعينكم هههههه"

هههههههه أيتها الشمطاء، البلهاء، الحمقاء، الوقحة، و تضحكين؟! من أين يأتي كل هذا السواد بحق؟! لِمَ هم متنمرين يكرهون رؤية فتيّة صِغار ينجحوا في عملهم؟!

" إنهم من وكالة الترفيه الأقوى، ماذا كنتم تتوقعون؟!"

حسناً، الأولى أفضل من الثانية، أود أن أستخدم بعض الشتائم البذيئة و لكنني كبتُّها في نفسي، لا أريد المزيد من الشجارات مع والداي، لقد ابتعتُ ألبوماتهم الجديدة من مصروفي الشخصيّ و رغم ذلك والداي هاجماني.

إنهم ألد كارهيّ أطفالي...

أعود لتلك الحمقاء، قالت أنهم نجحوا لأنهم من شركة معروفة فحسب، ليس لأنهم ناجحين بحق، أود حلق شعرها ثم إستخدامه كمِكنسة لأمي.

لأنهم من شركة معروفة هذا عبء أضافي، ألا يعلمون أن الشركات المعروفة هذه أكثر حزماً بأختيار فنانيهم، أن المنافسة تكون شرسة و واسعة جداً؟!

هم يختارون نُخبة النُخبة، الأفضل من الأفضل، أي أن أطفالي يستحقوا أن يكونوا فنانيّ هذه الشركة عن جدارة،  ببساطة هم حاربوا بشراسة و جدارة ليحصلوا على مكانهم فيها، لم يكن فارغاً بإنتظارهم.

لكن لا بأس، لستُ اهتم بالأقاويل كثيراً، يكفي أن صغاري فرحين بإنجازهم العظيم، سأحتفل لأجلهم، لقد جلبتُ معي كعكة بينما أنا عائدة من المدرسة اليوم.

قررت أن احتفل مع عائلتي بهم بلا أن يعلموا بذلك، هذا مضحك، أجعل كارهي أطفالي يحتفلوا بإنجازاتهم...

بالنظر إلى كُتبي التي ألقيتها أرضاً، لا أستطيع فعل ذلك، أشعر بالعبئ إن رميتُ بمستقبلي لأجل أن احضى بالمتعة، إكسو سيكرهون ذلك بالتأكيد، سأجعلهم فخورين بي حقاً.



....



رميتُ بصحن الفُشار من على حُضني و صرختُ فرحاً لكنني بكيتُ حقاً، ها قد حصلوا على الجائزة الكُبرى الأولى لهم، ألبوم السنة!

أشعر بالفخر الشديد و السعادة العارمة، فليحضنني أحد ما من فضلكم، أريد أن أحتفل بهم حتى الصباح.

من الجيد أن أمي و أبي خرجا من المنزل لتقضية زيارة عائلية أتخلف عنها مؤخراً فهناك ما هو أهم، إكسو بالطبع!




.........................




العام الرابع عشر بعد الألفين




شهر أيار-مايو



" إيريّا، افتحي الباب و دعينا نتكلم، صغيرتي!!"

رفعتُ رأسي عن حِجري و قلتُ بصوت مرتفع يصل أمي رغم أنني مرهقة جداً لكثرة ما بكيت، لكنني حقاً أريد أن ابقى وحدي، هل هذا بكثير عليّ؟!

" أمي، أرجوكِ دعيني و شأني، أحتاج وقتاً مع نفسي"

سكنت طرقاتها على الباب، ثم سمعتها تقول بعد فينة.

" هم أصل سعادتكِ يا صغيرتي لذلك تركتكِ تذهبين لحفلهم الموسيقي، و لكن الآن أنا لا أريد أن يكونوا سبباً في حزنك، لملمي قواكِ، أمامكِ حياة مليئة بالهفوات و الهضبات"

لستُ أدري، أتواسيني أم تتشمت بي؟!

أبكي اليوم لأن كريس غادر، ذلك يجعلني أبكي منذ أن أُعلِن الخبر، أنا حقاً أتألم، ما كنتُ اتوقع أن أحدهم سيكسر الوعد. 

لكنني اعذره، لستُ أحمل عليه أي حقد أو كره، إنما أتمنى له التوفيق و سأدعمه في الصين و لو ذهب إلى المريخ و تبنى الفضائيين جمهوراً له، أنا سأكون معه، سأدعمه أياً كان.

ليس لأنني أحبه بلا حدود و حسب بل لأنني أتفهم أسبابه، هو لم يأخذ حقه ليلمع في سماء موهبته، لقد اضطهدته تلك الشركة اللعينة، و منعته من حقه باللمعان، بل أطفائته لأنه يحمل جنسية مغايرة فحسب.

لم يمنحوه الفرصة و حقيقةً أخشى على البقية.



شهر حزيران-يونيو



" بيكهيون عضو إكسو و تايون عضوة جيل الفتيات يتواعدان رسمياً"

ألقيتُ بكأس القهوة و لم أهتم أنه إنسكب على كتبي، وقفتُ أجول بغرفتي بضياع بينما أبكي، و رغم أنني أحاول كبت دموعي و شهقاتي إلا أنني لا أستطيع.

دخلت علي أمي فجأة و لا استبعد أنها سمعت صوت بكائي، كادت أن تسألني عن السبب و لكنها حينما نظرت في حاسوبي علمت وحدها.

أخذت كوب القهوة من على مكتبي، و أخذت تمسح أوراقي التي أفسدتُها بالقهوة بمناديل إلتقطتها من على مكتبي.

نظرت إلى شِزراً و همست موبخة.

" أنتِ في سنتكِ الأخيرة في المدرسة، و هذه سنة مصيرية بالنسبة لكِ، لذا كفي عن الإهتمام بالحماقات، و اهتمي بدراستك فهي أولى أن تمنحيها إهتمامك"

رددتُ عليها معترضة بعصبية رغم أنني أبكي و لا أطوق لأتحدث مع أحد، لا مزاج لي أن أناقشها، و لكن حقاً فلتتوقف عن الإستخفاف بهم .

" لكن لا ضير من إستراحة قصيرة كل حين، أنا بشر، لستُ آلة لأضل مشغولة بالكتب أربع و عشرين ساعة، الرحمة؛ لتويّ عدتُ من المدرسة!"

لم تجبني والدتي إنما أخذت حاسوبي و غادرت به، تظن أنني سأدرس حقاً حينما تفعل ذلك.

نعم، أنا في سنتي الأخيرة في المدرسة، إنها سنة مصيرية ستحدد مستقبلي، إن كنتُ سأتمم دراستي في الجامعة أم أرتمي في الوظائف الجزئية.

لكنني لا أهتم لشيء الآن حقاً بقدر بشاعة هذا الخبر، أنا حقاً لستُ أمانع بأن يواعد بيكهيون أو أي عضو آخر، إنما أكره أن يُعلن عن ذلك لأننا في كوريا، و الفنان حينما يكون إنسان طبيعي فحسب سيتعرض للكره.

إنني أخشى عليه من التعليقات المسيئة، هل هو بخير يا ترى؟!
هل تعرض للتوبيخ من الشركة؟!
هل بكى؟!
هل حبيبته تقف بجانبه أم لا؟!

لا أهتم حقاً إن كانت مواعدته لها حقيقية أم لا، إنني أهتم بمشاعره الآن و لهذا بكيت، هل بيكهيون بخير؟!



شهر تشرين أول-أكتوبر



خبر كالذي سبقه منذ بضعة شهور، لِمَ هذه السنة شريرة و كئيبة بالفعل؟! لِمَ على كل هذا أن يحدث في عام واحد؟!

اليوم لقد خرج لوهان أيضاً و لنفس أسباب كريس سابقاً، الوكالة اضطهدته بسياستها العنصرية هو الآخر.

أشعر بأن مناعتي باتت ضعيفة أمام المزيد من الأخبار السيئة، و لا أستطيع التركيز بدراستي التي تقودني إلى مصيري بات بانسبة لي مجهول.

أشعر بالشتات و الضياع، أخشى على تاو و لاي، أسيتروكنا هم أيضاً و يكسروا الوعد؟!

لن يفعلوا، أليس كذلك؟!
و إن فعلوا فلن ألومهم، سأدعمهم و أحبهم أياً كان.
أليس هذا دوري كمعجبة؟!
أنا أحبهم و ادعمهم بلا لِقاء لذلك!




...................



عام ألفين و خمسة عشر

شهر آب- أغسطس

للمرة الثالثة أشعر بأنني أنهار و انكسر و هذه المرة لن أستطيع أن أجبر إنكساري، إنكساراتي السابقة لم تنجبر حتى.

تاو غادر أيضاً، ما عدتُ أتحمل المزيد...

راودتني فكرة مجنونة، أن ألقي بكل الألبومات التي اشتريتها في القمامة و بكل الملصقات و الصور التي حصلتُ عليها، أن احظر كل مواقعهم على الإنترنت، ألا أنظر في أخبارهم مجدداً.

لكنني ببساطة لم أستطع، لسبب ليس ببسيط، أنا لا أستطيع أن أتخلص من حبي لهم و إن تخلصت من أغراضي التي تخصهم.

لا تتوقف المشاعر إن طلبتُ منها أن تتوقف، بل إنها تتقدم بلا حدود، وجدتُ نفسي أواسيهم عن بُعد، و أدافع عنهم بشراسة مجدداً و بكل بسالة، و كأن الوعد ما انكسر، و كأن ظني ما خاب.

أليس هذا هو حُب المعجب؟!
أن يحب بلا حدود، أن يحب بلا أن ينتظر رداً على هذا الحب،  بلا لقاء، أن يعطي و لا يأخذ.

بل يأخذ و الكثير، حان الوقت لأرد لهم دينهم من حصص السعادة التي صرفوها من عرق جبينهم علي...

شاكرة أنني أنهيتُ دراستي في المدرسة و الآن أنا طالبة جامعية في سنتي الأولى، أنا حقاً متفرغة لأرد على التعليقات المُسيئة، و أمي لن تمنعني فلقد نجحت أخيراً.

بفضل إكسو نجحت، فلأرد لهم دينهم!

هم لا يعرفوني و ربما لن يعرفوني بتاتاً، ربما أنا بالنسبة لهم مجرد معجبة عليها أن تدفع لهم حباً مقابل ما يمنحوها من سعادة.

لوكالتهم أنا مجرد رقم يشغل كرسي في حفلاتهم الموسيقية، و يشتري نسخة عن الألبوم كل ما نزل في الأسواق.

للناس، أنا مجرد مراهقة تافهة حالِمة تبكي إن عبس فنانها المفضل و تفرح إن ابتسم.

لكن أنا لنفسي؛ إمرأة وقعت في حب رجل تعرفه عِز المعرفة و لا يعرفها، تتمنى له السعادة الذي ستكون في حضن إمرأة غيرها بلا شك.

إمرأة تلقي أطناناً من الحب مقابل ضحكة صادقة من شفتيه، تقدم الحب بلا أن تتلقيه بالمثل.

هكذا أن تكون معجب، هكذا يكون حب المعجب، أكثر الأنواع صدقاً، هو أكثر أنواع الحب إيلاماً، هو نوع الحب الوحيد الذي يكون بالمجان، الذي يكون بالتضحية.




..........................................





نِمتُ الليلة و ألحان أغنية أطفالي تداعب أذني، إنها هدية لنا، و أنا التي ظنت أنني أقدم الحب بلا أن يقدم لي، بل يقدم و يقدم و يقدم.

كنتُ لتوي قد عُدت من حفلهم الموسيقي الذي أشعل سماء سيؤل، كنتُ سعيدة جداً رغم أنني بكيت حينما أدوا "الوعد" على المسرح.

بكيت لأنهم بكوا، بكيت لأن تلك الكلمات تشربتها نفسي و إتَّحَدت مع مشاعري تُفصلها أدق تفصيل.





إنه الصباح الباكر من جديد، صباح يشبه صباحي الأول معه، كصباح مُشرق مَضى دهرٌ من الليالي حتى وصل، هكذا كان الصباح اليوم.

هكذا طلعت الشمس اليوم، كسيف ضوء شقَّ عتمة الليل و دماسته بنوره و قطع أوصال الظلام بحِدة سكينه، حتى النور أحياناً يجرح؛ يجرح الظلام.

إنها ساعات الصُبح الباكرة، قد إنجلى الشفق الأحمر بعد ليلة دمساء، و ها الصباح من جديد يبعث لي مع هبوب رياحه نسائم تلاطفني و نور يشاكسني و عصافير تعاكسني.

أشعر بالحياة أخيراً.

كنتُ أجلس على مقعد خشبي قِبالة البحر بإنتظاره أن يأتي، لطالما إنتظرته و سأنتظره للأبد.

أرتدي فستانيّ الأبيض الذي يحبه و اسرح شعري على كتفيّ، اتركه حراً طليقاً تراقصه الرياح، لطالما اخبرني أن اتركني حرة، و شعري أولى بحريتي؛ فبحريته حريتي.

ما كنت أفهم معنى ما يقوله حتى دبّ العمر بي من السنين حتى النُضج، فأصبحت أفهم جودة الحب الذي كنت أتلقاه و لا أعلم عنه.

كم كان هذا الحب ثميناً و كم سيبقى ثميناً للأبد!

" إيريّا!"

إلتفتُ إلى الناحية التي أتاني منها صوته يتنغم باسمي، باسمي الذي أسماني به.

" نعم أبي"

ضحك بخفة بينما يقترب نحوي، و حتى جلس تنهد ينظر إلى الواجهة التي كانت مرآتي قبل أن يسرق مكانها، هو مرآتي التي تعكسني بمثالية.

نظر إلي حينما تشبعت عينيه من النظر إلى البحر و ابتسم، تلك الإبتسامة، التي تعلو شفتيه الزاهيتين، لا تفشل أبداً بإيقاعي عميقاً في حبه، عميقاً لدرجة لا يسع قلبي أحداً سِواه.

" أكنتِ بإنتظاري؟!"

أومأت إليه.

" لطالما كنتُ بإنتظارك"

أشاح بوجهه عني و نظر إلى البحر، ذاك البحر الذي يشبهه، مهما ظننتَ أنك قريب منه وجدتَ نفسك بعيداً، مهما عِمتَ به ستطفو على سطحه، لن تصل لأبعد نقطة فيه، هكذا هو؛ مهما عرفته يبقى ما هو مجهول فيه أكثر.

تنهد و علمتُ أن خلف هذه التنهيدة، لوم شديد و اعتذارات كثيرة، لكنني لا أريد منها شيء، أريد وعداً فحسب.

" بالرغم من الفوضى التي أعوم أنا بها، أنتِ ما زلتِ تحبينني هكذا بلا حدود، لكن هل أنا حقاً أستحق منكِ كل هذا الحُب؟!"

تبسمتُ كما ابتسم، بألم و لوم، ليس المُلام الوحيد هنا، أحياناً أنا كنتُ أفكر بأنانية أيضاً، هو لم يكن يعني أن يكسر الوعد لكنني عنيتُ أن أفعل، رغم أنني تراجعت، كنتُ أنوي.

" دعنا نتحدث عن حُبنا"

إلتفت إليّ حينما جهرتُ بمطلبي، فلنتحدث عن الحب الذي يجمعنا، الذي بدأ على تبادل المصالح ثم تطور ليصبح مقايضة حب و سعادة، ثم أصبح الحب الناضج الذي هو عليه الآن.

لولا البكوات، لما أصبح حبنا جواداً أصيلاً لا يُهزم و لا يَهرم.

" حينما أغلق عينيّ و يسود الظلام على رؤيتي، أكتشف أنكِ تكونين بأعماقي، دائماً كانت تلك صورتكِ بذهني، ملاكاً يعيش في أعماقي"

تبسمتُ و أفشيت.

" تلك صورتك التي إعتدتُ رسمها في ذهني"

حرّك جسده إلى جسدي، ثم شعرتُ بالدفئ يطغى على أركاني شتى حينما مدّني بكُنفه أو مدّ كُنفه بي، كلانا منتفع بهذا الدفئ.

أسندتُ رأسي على كتفه و خبأتُ وجهي في عنقه، رائحته التي إنبعثت من طويات ثيابه، من لفحات أنفاسه، و من مَسامات جلده ملأتُ صدري كعبق مبعوث من الجنة ليسكن في أنفاسي.

غمستُ نفسي به أعمق، و كان ذراعيه عطوفة بي حينما استقبلتني بدفئ أجلّ، لهذه الدرجة هو عزيزاً، غالياً، حبيباً بالنسبة لي.

" أنتِ التي لطالما كنتِ بإنتظاري مهما اكتظت الصفوف و مهما طال الإنتظار، كنتِ الحبيبة التي تضحي و تعطي و لا تأخذ"

إبتسمتُ حينما ابتعد لأقابله إلا أن ذراعيه بقيت تحاوطني، قُلت.

" لم تنسى، نحن بيننا وعد"

ارتفعت يده لتداعب وجنتي بإبهامه الذي ارفق ببشرتي هناك.

" لن انسى، أنا سأجعلكِ سعيدة دوماً بحُرمة كلمة "نحن واحد" التي قلتها لكِ"

إنحدرت ذراعيه ليتمسك بيديّ ثم قال.

" سأحتضنكِ دوماً و سأمسك بيديكِ أياً كان، لطالما كانت تلك وسيلتي لأعبر لكِ عن مشاعري، و ما دوام لساني يكبتُ حال قلبي، سأعبر بعينيّ و بيديّ، لا بلساني و لا بأفعالي"

ذاك النوع الشاق من الحب ما زال لذيذاً بالنسبة لي، بل إنه يزداد لذّة، و مع لذّته تأتي حَرَقة، لكنني ما زلتُ أنهم منه مهما احرقني فيما بعد، هذه هي حالة الحب التي أنا بها.

" كم مرّ على حُبنا؟"

تبسم و أجابني.

" بضعة سنين؟"

رغم أن إجابته خاطئة لكنني ما اعترضت، إن كان حبه لي بضعة سنين فحبي له عمر مديد من الفتاوة حتى الهرم، عمرٌ مر على حبي و بضعة دهور.

" بكم تقدر؟"

تسآلت، ما الذي يكنه لهذا الحب؟!
لا يكن له ما أكنه أنا له، لكنه مختلف عني، هو المحبوب في هذه المعادلة، هو الذي يستهلك حبي، هو الذي تغدى و تعشى على مائدة حبي بكرم و سخاء فاحش، و أنا لستُ مائدته الوحيدة.

" بالكثير من الحب و السعادة"

أمسك بيديّ من جديد و على أهِبّته قال.

" أريد أن أحميكِ دوماً، أريد أن أمنحكِ نفسي كاملة، لكنني أخشى أن ترُدّيني عنكِ"

أمسكت بيده حينما نوى أن يسحبها من يدي، لا تشكك بحبي و لا تقيسه بمقياس الحب على قدر العطاء، أحبك لو ما اعطتني شيء، أحبك بلا حدود، بلا فرضيات، بلا مقدمات، و بلا وعود.

أخفض نظره إلى يديّ التي تتمسك بيده ثم رفع رأسه إلى عينيّ قائلاً.

" رغم أن الوقت مرّ، هناك بعض الكَلم لا يخرج من فاهي، لا أستطيع أن أعبر عنه، لا أعرف، لكنها عالقة في أعماق قلبي، شيء ك" أنا آسف" و " أنا أحبكِ"، أود لو أنني أطلب منكِ أن تنتمي إلى مِلَّتي من جديد، و لكنني لا أملك الجراءة"

أعلم أنه ليس جريء كفاية ليتمسك بي و أنه يود لو يجعلني أؤمن به من جديد، أن نعود إلى وعدنا الأول و الأوحد، و يجعلني أتشبث بأحبال آماله، و لكن لأنها تقطعت من قبل فهو لا يثق بمتانة حِبال وعوده.

" تستطيع أن تخبرني ما يجول في خاطرك و انسى خوفك من خسارتي، اخبرني قليلاً عنك، تحدث بلا حدود، بلا مخاوف، و كأنني مرآتك، إنعكاسك، أنا كذلك بالفعل"

انهضني على قدميّ و سار معي على طريق الشاطئ، كُنا حُفاة الأقدام و ثيابنا بيضاء، شعرنا يداعبه الهواء، و الإبتسامة لا تفارق مبسمينا رغم أنه لقاء للإفصاح عن اللوم، و الندم، و وضع وعود جديدة نركن عليها، و نصعد منها إلى السماء من جديد، يدٍ بيد، و حلمٌ بحلم.

سرنا حتى أصبحت قدمينا أسفل الماء، وقتها توقف و إلتفت ليقابلني، أمسك بيديّ الاثنتين، ثم قال، قال ما في قلبه من مشاعر، سبق و قال أن لسانه أبكم عن حال قلبه، الآن ها هو يعبر.

" الأمور إما أن تصبح على خير بالأعتياد أو ننساها و حسب مع مرور الأيام"

أومأتُ متفهمة، أدرك فيما يتحدث و لكنني لا اقتنع، هو ليس جزءاً عابراً من حياتي يزول بزوال بهجته، إنما هو جزء موجود و متأصل بي.

ضحك بحرج بعدها و قال، ربما قرأ أفكاري التي تعارض أفكاره، أو أنه رأى كم حبي له عميقاً فشعر بالعبئ يزداد على كتفيه الواهنين.

" رغم أن كلماتي الواهية لا تؤدي غرضها بمدكِ بالراحة، ربما أنا لا أجيد نظم الكلام فحسب لذا أشعر بالعبئ يزداد عليّ."

حينما انهى حديثه أشاح ببصره عني، و قال بنبرة تقطَّعت على ضِفاف شفاهه.

" لا تذهبي و تتركيني وحدي، أنا لا أستطيع أن أكمل وحدي، لا أستطيع أن أكمل أن ما دفعني حبكِ للأمام، سأبقى وقتها عالقاً في مكاني، أنا بحق أريد أن أسترجعكِ إلى نفسي"

أمسكتُ بيديه علّه توقف عن الكلام، لعله في ذات الآن رأى نفسه في عينيّ، انظر في عينيّ لترى قدر نفسكِ فيهما.

أنت لا تستطيع إستعادي لصفك، لأنني لم أتركه منذ البداية، أنا لم و لن أتركك.

حينما أكمل كلامه على نفس الموّال أدركتُ أن لغة عينيّ أجنبية عنه و هو بها أُميّ لذا استمعت، لطالما كان دوري أن أستمع.

و رغم ذلك فأنني أحمل فضولاً لأسمع عرضه الجديد، و أراه يبصم على وعد مُستحدث؛ لأجل مستقبل مُبهر يجمعنا تحت سماء واحدة و محيط واحد، المحيط الفضيّ.

" أعلم أنه من الصعب أن تثقي بوعدي الجديد فالوعد الأول قد كُسر، و لكنني لا أملك سوى أن أقدم هذا الوعد، وعد يجمعني بكِ أبداً، أنتِ عليكِ أن تحبيني دوماً و أنا علي أن أسعدكِ دوماً."

حينها ارتفعت يديّ و كحبيبة حنون ربتُّ على وجنته و قلت.

" و كيف سيكون عهدنا الجديد؟!"

أمسك بيدي التي على خده، و أخذ يأرجح ذراعيّ و به من حماسة الأطفال ما يفوقهم يتلو علي وعوده الجديدة.

" أريد أن أبقى معكِ للأبد، أعيش على معيشتكِ و أتنفس الهواء الذي تتنفسينه، سأحميكِ و لو كلفني ذلك حياتي، سأحميكِ طوال حياتي، و لو كلفتني حياتي؛ سأحميكِ، سأجعلكِ سعيدة و سعادتكِ ستكون شعار حياتي الجديد، تماماً كَ" نحن واحد" التي جمعتنا، أنا أعدكِ"

حينها تلاطم الموجُ بالموج و تحرك شعري يثير عبثه على وجهي و واجهتي، ثم أنني أذكر إبتسامته الأخيرة المترقبة لجوابي.

هل أقبل وعده أو أرفضه!
لا يعلم أنني لا أحتاج منه وعداً لأبقى معه، أنا باقية معه، و متأصلة فيه، و أحيط بحياته حتى تنتهي حياتي.

أحبه ذلك النوع الأخرق من الحب، ذلك النوع المؤلم!

أفقتُ على صوتُ المنبه، كان حُلماً.
ليس حُلمي الأول فيه، لكنه الحُلم ذو الرسالة، أنا لن أتخلى عنك يا صغيري، كما وعدتني، أنا أعدك.

ذلك الحُلم حثني أن أقترب أكثر، أكثر و للأبد و لِفيما بعد.


.....................


حتى عام ألفين و تسعة عشر





كبرتُ سريعاً و كبروا معي، اليوم أنا إمرأة راشدة، و سيدة صبيّة في المجتمع، و ما زلتُ أتمسك بحبي الأخرق، و بوعدنا كَ" نحن واحد"

كبروا هم أيضاً و بدأت الشركة تهملهم، و على ظهورهم صعدت فِرق أخرى و لكن الناس ما انشغلوا عنهم، ما زالوا إكسو فنانيّ الصف الأول.

اليوم هُم كنجوم ساطعين في سماء مُدلهمّة، ما زالوا يلمعون و يبرقون، ما زالوا أطفالي هُم و لكن بنسخة أكثر نضجاً.

ليس واقعياً جداً فعلياً، حسناً سأعترف، ما زالوا كومة من الأطفال و لكن بأجساد ضخمة فحسب.

حصلتُ على مقعدي بصعوبة في الصفوف الأمامية و تنهدت، أنه يقابل من زارني فيهم في حلمي، لم أنسى ذلك الحلم بعد و لا أظنني سأنساه.

أنا بالفعل اليوم أتيتُ لأمنحه جواب، فهو قد أوفى بوعده و أنا أوفيت بوعودّ لم أمنحها سأناقشها معه.

حصلت على نسختي من الألبوم و توجهت إليه لأحصل على توقيعه، تبسم في وجهي حينما رآني و باشر بتوقيع ألبومي يسألني عن اسمي.

" أيريّا"

نظر في وجهي بلا فهم ففسرت.

" ذلك هو اسمي"

وقتها ضحك ضحكة أفشت البهجة بأسراري، بهجة تكفيني وقوداً لشحن نفسي بالسعادة طوال عمري، حتى تفنى بطرياتي.

" أتتخذين من الأسم الذي اطلقته عليكِ اسماً حقيقاً لكِ؟!"

أومأت إليه بلا أن تفارق شفاهي إبتسامتي، فكيف لا ابتسم و قِبالتي رجل أحلامي و فارسي الذي قاد حصانه الأبيض لي.

إنما هو جليل أكثر من حكايات الأميرات.

وقتها و بشكل فاجئني؛ رمقني بنظرات عميقة و كأنه يرى روحي تجول في جسدي.

" لأي درجة تحبينني أنتِ؟!"

ضحكتُ بخفة، ذلك كان أغبى سؤال أسمعه في حياتي.

"أحبكَ بقدر " نحن واحد""

ضحك ضِحكة خجول و إلتفت ليكمل توقيعه على ألبومي، حينما إنتهى قدّمه لي ثم ودعني بتلويحة تعاضد لأجلها كِلا كفيه.

" أراكَ في الحفل الموسيقي قريباً"

أومئ بإبتسامته اللطيفة و قال.

" أراكِ هناك"

وقتها همست و سمعني جيداً قبل أن أغادر بإلحاحٍ من حرسه.

" لا أظن أنكَ ستراني"


...................






صوتُ الصُراخ يَصُم الآذان و أنا جالسة في مقعدي انتظر ظهورهم على المسرح من جديد بحماسة، تماماً كحماستي الأولى، أنا لم أعتد بعد على حبهم، ما زلتُ أحبهم كأول الحب، بذات اللوعة و الشوق.

مازلتُ سعيدة بوجودهم في حياتي مثل أول يوم و ساعة، ما زالت حياتي تعتمد عليهم، و سعادتي تكمن فيهم، رغم أنني كبرت و أصبحتُ أكسب مالي الخاص، ما زلتُ أهدره على بضائعهم.

لقد أخبرته أنني سأراه في الحفل و أخبرته أن لن يراني، رغم ذلك فلا بأس، هكذا يكون حُب المعجبين.

خرجتُ بعد إنتهاء الحفل أسيرُ في الشارع و قد قارب الليل إلى إنتصافه، مسحتُ الشارع بعينيّ، أخشى أنني فوّتُ آخر حافلة، سأعلق بالتأكيد إن ما وجدتُ سيارة أجرة في ساعة متأخرة كهذه.

بينما أنا أنتظر سيارة تنقلني أو حافلة تمر بي، توقفت أمامي سيارة فارهة و ما ظننتُ أنني المقصودة بتوقفها حتى أنزل السائق الزجاج المُضلل و نادى باسمي.

" إيريّا"

إنحنيتُ بجذعي انظر عبر النافذة و حتماً شهقت حينما رأيته فضحك و أشار لي أن أركب معه، إمتنعتُ أولاً فقال.

" هيا اصعدي، بالتأكيد لن تحبي أن تبقي في الشارع و أنا لا أحب ذلك أيضاً، كم أن عليكِ أن تسرعي قبل أن يلتقطوني المعجبيين المهوسيين أو الصحافة الصفراء"

قهقهتُ بخفة و صعدت، كان ذلك بوليسياً، حياة الفنانين تكون عادة مليئة بالدراما و الحركة، ذلك مرهق.

" أين منزلك؟"

دللته و راح يقود على مهل، شاع التوتر في نفسي، ذلك يبدو درامي جداً، أنا و فناني المفضل في ذات السيارة، يناسب عنوان لقصة على الإنترنت لمعجبة تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً.

وضعتُ يدي على فمي حينما فرّت ضِحكة مني بلا قصد فسرق نظرة إلي و قال مبتسماً.

" أفكار غريبة تدور في رأسكِ الآن!"

أومأت إليه فضحك بخفة، أخذتُ أستمع إلى صوت ضحكاته، كان ذلك أفضل صوت سمعته بحياتي.

" ألن يشكل وجودي معك مشاكلاً لك فيما بعد؟"

حرك كتفيه بلا إهتمام و قال.

" سأكون محظوظاً لو لم يكتشفوا ذلك"

شعرتُ أنني أسبب له العبئ لذا كِدتُ أن أطلب منه أن يتوفف جانباً لولا أنه تحدث بنبرة تغلغلت إلى سمعي.

" حتى لو منحتكِ نفسي بأكملها، ذلك لن يكن قدراً كافياً من الحُب"

وقتها شهقتُ حرفياً و صحتُ بلا تصديق.

" أنت تحبني؟!"

نظر إلي بإبتسامته الدافئة تلك و قال.

" شكراً لكِ، و آسف، أيضاً أحبكِ"

وقتها وددت لو اصرخ بوجهه و انهره عن شكري و الإعتذار لي، أحبكِ تكفي بل حتى هي كثيرة عليّ، أنا مستاءة حقاً.

" كف عن قول ذلك! لِمَ تعتذر؟"

وقتها توقف بالسيارة و لم أنظر أين توقف و لا يهمني أن أعلم، ما يهمني أن يكف عن لوم نفسه بأن ذلك الوعد قد انكسر، لقد بنينا واحد جديد بالفعل.

" أتمنى لو بقينا سعداء كما كنا وقت البداية"

أنا سعيدة، لكنني أشك أنه هو سعيد، ذلك ينغص علي سعادتي الذي هو السبب فيها، لأنني وعيتُ الآن كم كنتُ أنانية، لطالما قدمتُ له الحب، و لكنني نسيتُ أن الحب بلا سعادة لا يعني شيء.

أخفضتُ نظري عنه و نظرتُ في حِجري، كدتُ أن أبكي، أنا لا أتحمل رؤيته حزين على آية حال، أمسك بيدي فجأة و نهاني عن البكاء حينما رفع وجهي إليه بسبابته.

وقتها نزلت دموعي بالفعل، هو باشر بميحها لي فبكيتُ أكثر، إنني أبكي بمزيج من الحزن و السعادة، أبكي لأجله و هو يواسيني، مشاعري تداخلت بعضها ببعض.

" إن كنتُ قادراً على وصف مشاعري فأنني سأمنحكِ نفسي، رغم أن الوقت مرّ و ما زال يمر؛ هناك بعض الكلمات التي ما زالت عالقة في قلبي كَ" أنا آسف" و " أحبكِ"، كما أنني أقدم لكِ اعتذاري، أسفي و شكري، و طلب مني"

عقدتُ حاجبيّ بلا فهم فأجاب.

" أن تؤمني بي من جديد"

كدتُ أن أتحدث و أؤكد له من جديد أنني على مِلته، أؤمن به و اتبعه لكنه استوقفني حينما جذبني من كفيّ لأنظر في عينيه.

" أتعلمين لِمَ أشكرك؟"

أظن أنني أعلم بالفعل و لكنني لم أُجيب، ليس لأنني أريد أن أسمعه يمُنّ على نفسه حبي إنما لأنني ما عدتُ أسيطر على نفسي، إنني كالجماد معه يحركه كيفما شاء.

" تلك الأيام المرِحة، ظهوري الأول على المسرح، أثمن ذكرياتي، قضيتُها معكِ، كل كلمة تفوهتِ بها أو كتبتِها لأجلي جعلتني سعيد، أنا أعلم كل شيء"

هل حقاً أنا كنتُ سبباً في سعادته كما هو سبب في سعادتي على الدوام؟
هل حقاً كنتُ يوماً ما سبباً لرسم إبتسامة على وجهه، مهما كانت خفيفة؟!

نزل من السيارة و قد طال نظري إليه بلا أن يقول شيء، وقتها أدركتُ ما حولي، عودة في السنين، لقد كنتُ هنا مرة.

فتح لأجلي الباب و مدَّ يده لي لأتمسك بها، أمسك بيدي بحرص و عاملني كطفلته كما ينعتني دوماً ثم سار بي إلى الداخل، هنا عُقِد حفل ترسيمهم، أول حفل لهم على الإطلاق.

وقفنا معاً على عتبة المسرح ثم أمسك بيديّ و جعلني أواجهه ثم قال مبتسماً.

" حتى و إن كان صعباً و مرهقاً، أنا سأقف على المسرح مجدداً، سأشجع نفسي و أنهض بها، لأفعلها من جديد؛ لأجلكِ التي لطالما كنتِ بإنتظاري، أنا الآن أمسك بيديكِ و سأحضنكِ"

و بالفعل احتضنني، حاوط خصري بذراعه و بذراعه الأخرى كتفي، و على كتفه بكيتُ من جديد، أنه ينجح في منحي أطنان من السعادة بحركة بسيطة.

رفع رأسي عن كتفه و مسح دموعي يبتسم ثم قال.

" الآن أنتِ عديني و إنني لن أخذلكِ مطلقاً، عديني أنكِ ستبقي معي دوماً كما أنتِ الآن، أنكِ لن تتركيني وحدي، أنكِ لن تسمحي للمعاني أن ينطفئ، أنكِ ستجعليني أشع دوماً"

" أعدك"

منحته وعدي بلا تردد فقهقه من جديد و أنني أرى عيناه تلمع كما نجمتين لامعتين في سماء دامسة الظلام، هو الوحيد الذي يضيئها.

" عندما تشعرين بالألم، سأكون حتماً هنا لأضيق عليكِ بعِناقي"

قهقهتُ بخفة، و جلجلتني المفاجأة لأصمت و انظر إلى يده التي مدّها لي ثم.

" أتسمحين لي برقصة؟"

وضعتُ يدي بيده بلا تردد فاجتذبني إليه يحيط خصري بذراعه الحُرّة و كفه الآخر يحتضن كفي ثم أخذ يراقصني، تلك رقصة عمري بلا شك.

" أنا لا أجيد الرقص ببراعة!"

قلتُها بحرج حينما دِستُ على قدمه فضحك قائلاً.

" ليس و كأنني راقصتُ إمرأة من قبل، لستُ بارع أيضاً"

فجأة غمز لي بعبث جعلني أشهق متفاجئة لكنني ضحكتُ بعدها حينما همس.

" لا بأس بأن تسيري على خطواتي"

لطالما سِرتُ على خطواتك، لطالما كنتُ ظِلك الذي يسير خلفك، و يحميك، و يُدلل على وجودك، لطالما كنتُ رفيقك الخفيّ، و حارسك الشرس في وجه من يقف في وجهك المليح.

" أريد منكِ شيء"

قال تلك بينما يراقصني فأومأت أستمع إليه بكل حواسي.

" أنا شاكرٌ لكِ و لن أنسى ما بيننا أبداً، لكنني أريد منكِ أن تتقدمي في حياتكِ، واضبي على حبي و واضبي على بناء مستقبلك"

زلفتُ إليه ابتغي النظر في وجهه المليح، أنه ذلك النوع من الفنانين القلائل، يدفعني عنه لأجل مصلحتي، يخبرني أن اشتري معطف يقيني برد الشتاء بدل أن أشتري نسخة من ألبومه.

" لطالما كنتَ حافزي لابني مستقبلي، لا تقلق بشأني، كن بخير و سعيد فقط"

سرّه ما قلت -أنه لطالما كان الحافز، لا المانع- ثم أنهى الرقصة حينما أفلت خصري و لكنه سحبني من يدي التي ما زال يتمسك بها إلى منتصف المسرح.

هناك حيث يرتفع منصب، وقف بقربه و أخذ من عليه صندوق كُتِب عليه "إلى أيريّا"، مدّه لي و بينما أنا مشدوهة بما يحدث ابتسم و قال.

" قلتِ أنني لن أراكِ و قلتُ أنني سآراكِ، ثقي بكلمتي مهما كانت في المستقبل"

أومأتُ إليه سريعاً، نعم! سأؤمن بما تقوله مهما كان عصياً على الأيمان، وقتها أشار لي للصندوق كي افتحه ففعلت، لأجد صندوقاً آخر بداخله، حملتُ الآخر و نظرتُ إليه.

" لا شك أن به صندوق أصغر حجماً"

حرّك كتفيه بجهل كاذب، و تحققت توقعاتي حينما رأيتُ صندوق ثالث أصغر حجماً، أخرجته و قلت أضحك.

" أظن أن هديتك ستكون صورة لك و تكون أنت هديتي"

ضحك بإحراج ينفي برأسه بينما يشاكس بأنامله خُصل شعره و قال.

" لقد كبرت على هذه الأفعال الصبيانية الآن!"

ما زلتَ صبيّ عزيزي!
لكنها ستكون أثمن هدية على الأطلاق، لو أهداني نفسه.

فتحتُ الصندوق الأخير لأرى في جعبته مِشبك شعر على شكل تاج صغير، حينما رأى ملامح الدهشة تعتلي وجهي إبتسم برضا ثم تناوله من الصندوق و وضعه في شعري.

حينما إنتهى أمسك بيديّ مجدداً و قال بنبرة رقيقة و عينيه تشاكسني بنظراته الحنون.

" إن كنا نستطيع أبد الدهر أن نبقى معاً فأنني أمنحكِ نفسي، أعدكِ"

كان ذلك الوعد القاطع، أن يمنحني نفسه، أن يحتضنني بصوته، أن يواسيني بترانيمه، أن يربت علي بنغمه، أن نكون أنا و هو واحد.

أن نكون كلانا للأبد نصفين يكملان هذا العالم الفضيّ.

أن نكون واحد.

أن نحمي هذا الوعد و نتمسك فيه.

" أعدكَ"

" أعدكِ"




....................


سلاااااااااام



الكتابة في الخط الغامق هي كلمات الأغنية.

صراحة هذا الوانشوت استنزف كل مشاعري و قدراتي على التخيل و التعبير، حبكة القصة مو معقدة بقدر عمق المشاعر الموجود فيه.

هذا الوانشوت لألكم و بدون بطل معين، بتقدروا تتخيلوا أنفسكم و تتخيلوا أي أمير من أمراء إكسو.

لن أتكلم عن إنجازات Promise لأنه الكلمات وحدها كانت كافية لتعتزوا بأنفسكم كإكسوالز لأجمل فرقة بالعالم.

أتمنى أن يكون الوانشوت عجبكم و تكونوا استمتعتوا بقرائته و حسيته بأنفسكم من خلال أيريّا إلي هي كل بنت إكسوال منا.

الوانشوت القادم بعد 100 فوت و 100 كومنت.

١. رأيكم بشخصية أيريّا كفتاة معجبة بفرقة مشاهير؟! تفاعلاتها مع الأحداث و الأعضاء؟! هل شعرتم بها تعكس مشاعركم؟

٢.رأيكم بشخصية بطل القصة؟! هل شعرتم به يعكس حقيقة مشاعر الأعضاء؟ من تخيلتموه منهم؟

٣.رأيكم بسير الأحداث و التتابع الزمني المأخوذ من الواقع؟

٤. ضعوا هنا الأغنية التي ترغبون أن أقوم بقصة قصيرة لأجلها و اختاروا البطل!

*إن إخترتِ أغنية ما و ما إخترتِ عضو تريدينه كبطل لها فالطلب ملغيّ، و إن إخترتِ عضو كبطل دون أن تحددي أغنية معينة الطلب يكون ملغي أيضاً، كما أن الطلب لا يقبل إن إخترت البطل أحد الأعضاء الذي لم يشارك في غناء الأغنية.

*أغاني الألبومات، التعاونات، الأغاني الرئيسية، الأغاني المنفردة، الأوستات، و أغاني سوبر إم جميعها مقبولة*

٥.رأيكم بالقصة بشكل عام و هل عكست الأغنية؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️





















© Mercy Ariana Park,
книга «حكاية الألحان».
KOKOBOP||افقدي صوابك
Коментарі