Monster ||الوحش
Beautiful Goodbye|| الوداع الطيب
الوعد|| promise
KOKOBOP||افقدي صوابك
LOTTO|| فتاة حظّي
Love Shot|| طَلقَةُ حُب
HONEY|| يا عَسلي!
Sweet Lies|| أكاذيب حُلوة
Jekyll|جيكل
Sing For You||أُغنّي لِأجلِك
Wolf ||الجميلة والوحش
Miracle in December|| مُعجِزات ديسمبر
Mmmh||لا يوصف
Coffee|| قهوة
Miracle in December|| مُعجِزات ديسمبر
كريس

بطل:

معجزات ديسمبر|| Miracles in December


...

أكرهني لأنّي خسرتُك بِملئ يدي، بغروري، ووقاحتي. ظننتُ نفسي أكثر من كافٍ بالنِّسبةِ لكِ، ظننتُني كثيرٌ عليكِ، وظننتُكِ قليلة لي.

لقد كنتُ أحمقًا، يملأني الغرور وتملأني العِزَّة، لم أكُ أفهم حُبكِ آنذاك؛ لم أفهم كم أنتِ تَملئي حياتي بالكمال، الذي لطالما سعيتُ له، لم أكُ أفهم كم أنتِ تملئي حياتي بالبهجة، التي ما زارت فؤادي مُذُّ يومَ رحلتِ.

لم أكُ أفهم كم كان سلوكي الأرعن والوقح يُزعجك، لم أكُ أدري أن سلوكي يحرقك من الداخل ولا تتكلمي، لم أكُ أفهم أنني السبب بظنَّكِ أنَّ لديكِ عطبًا في أنوثتِك، لم أكُ أفهم غيرتك ولا حقكِ بأن أكون لكِ وحدك.

أنا آسف على كُلِّ ما فات من سوء سلوك مني، لقد كنتُ أحمقًا كبيرًا ومغرورًا تافهًا، ولكنّي الآن مليئًا بالفراغ وحسب... الفراغ والكثير من الندم؛ لقد فوَّتكِ بحماقة.

أنا الأناني، الذي لطالما عَرِف نفسه فقط. أنا الذي بلا قلب، الذي لطالما كفر بقلبكِ ولم يعرفه.

حتى أنا لا أستطيع التصديق، أنني تغيَّرتُ لهذهِ الدرجة، حُبكِ من غيَّرني، حُبُّكِ ما يدفعني إلى الأمام، يُحسِّنني.

ما زِلتُ اذكرُ ذلك الوقت جيدًا، لقد كان ديسمبر العام الماضي، وإحتفالات الكريسماس تَملئ كل الأماكن؛ التي تَطولها العين، مثل هذا الوقت من السنة بالضبط.

الفارِق أنَّني هذه السنة أمارس هوايتي في رسمِك وفي السنة السابق كنتُ أرسم في حياتي المزيد من الملذّات وأضعكِ في أقصى اللوحة.

لم تكوني مسيحيّة، ولكنَّكِ إحتفلتِ بعيد لا تؤمني به لأجلي... لم أكُ في ذلك الوقت واعيًّا كفايّة لأشكرك ولأقدر لكِ تضحياتكِ المُتكرِّرة لأجلي، لكنني اليوم واعيًّا، وأرغب في شكرك جزيل الشكر عني... يا حُبي الذي خسرته.

لقد كُنّا نسهر في إحدى الحفلات، التي نظَّمتُها -لا لنحتفل معًا بل لأحتفل أنا وأنتِ مُتعتي الإضافيّة التي أحتفلُ بها- لقد كان الحفل مُنظَّمًا في فُندُق بأمرٍ منّي.

الكثير من الكحول، الكثير من الفتيات العاريات، الكثير من الرقص الخالع والجنون العاهر، لقد تركتُكِ بعيدة عن كُلِّ هذا الرُخص والعُهر؛ لأنّي أغار عليكِ؛ فأنتِ بنظري مِلكي... نعم؛ كنتُ آراكِ شيئًا أملُكُه، كنتِ بالنِّسبة لي مثل بدلة نفيسة وثمينة لا يمكنني الإستغناء عنها، ولكن لا ضرر أن أملأ دولابي ببدلاتٍ أنيقة غيركِ... لقد كنتُ مُجرَّدًا من الإنسانيّة.

لم آبه بكم ذرفتِ دموعًا وأنتِ تَريني أُراقص فتيات غيركِ، لم أدري كيف أُفسِّر شعوري الآن وأنا أنظر لنفسي من الماضي، كم أكرهني!

لكنني في ذلك الوقت لم أكُ أفهم أنَّ حُبَّكِ سِر سعادتي، ظننتُ أنَّني مهما أخطأتُ بحقِك ستُسامحيني؛ لأنَّكِ سامحتِني مرَّة.

لقد كنتُ أرى حُبِك في عيني قِلة كرامة، خضوع، وغيرة فارغة... لكنني أنا الذي كنتُ فارغًا وما زِلت؛ أنتِ كُنتِ مثاليّة وما زِلتِ.

راقبتِني من بعيد دون أن تتدخّلي وأنا أُخطئ بحقِك خطأً تِلوَ الآخر، لم أكُ أتوقف ولا نظرة الرجاء في عينيكِ إستطاعت أن توقفني عند حدّي، كنتُ قويًّا على باطل.

كنتُ أرتكب كل القذارة والحرام، ولا أسمح لكِ أن تقتربي من مكانه، أخشى عليكِ أن تتَّسخي، وأنسى أنَّني بالفعل مُتَّسِخ، وأنني من سيُلحِق بكِ القذارة لو إقتربت ولمستك، أو حدَّثتك.

في بدايةِ علاقتِنا؛ قُلتُ لكِ أنَّني سأكون لكِ رَجُلًا أرضاهُ على أختي، ولكنني كنتُ رَجُلًا لو أحبَّتهُ أختي لقتلتُه، لم أكُ مثاليًّا كما كانت كلماتي، أنا آسف لذلك.

كنتِ مُعتادة على رعونتي، وكنتُ أظن أن إبتسامة واسعة وحُضن ضيق يكفيان لمُراضاتك في كُلِّ مرّة، لكنني كنتُ مُخطئ، في تلك المرَّة لم ترضي أبدًا مهما حاولت أن أبتسم لكِ وأُعانقك، مهما رجوتكِ وبكيت وجثوتُ على قدميّ أنتِ لم تَرضي... أنتِ مُحِقّة.

آسف لأنني هذا الرَّجل الكريه الذي أحببتِه. لقد رأيتُكِ تحزمين حقيبتك ومعطفك ولكنَّكِ لم تستطيعي أن تحزمي دموعك، ثم غادرتِ.

حينما رأيتُكِ تغادرين هذا المكان الماجن تخيَّلتَهُ حياتي التي تُغادرينها، تركتُ كل النساء وركضتُ خلفك؛ فهُن الملذات وأنتِ الجنّة، ولكنَّكِ لم تستمعي إلي، بل هربتِ مني... كانت أول مرة تهربي فيها مني.

في اليوم التالي؛ ذهبتُ إلى ساحةِ النوافير وانتظرتُكِ على أمل أن تأتي، هذهِ المرة قررتُ أن أقوم بما يستلزمني الأمر لإرجاعك مهما كلَّفني وبلغ، أكثر بكثير من إبتسامة وعناق، وأنتِ حقًا أتيتِ، لكنَّكِ لم تأتي لتمنحيني فُرصة -لا أستحقها لا بنظركِ سابقًا ولا بنظري الآن- بل أتيتِ لتضعي في يدي الخاتم الذي ربطكِ بي، تحررتِ مني وغادرتِ دون يهزُّكِ الحنين، أدري لقد ذُقتِ ذرعًا منّي.

لقد كنتِ مثل عصفورًا حُرِمَ من حُريَّته لوقتٍ طويل، وما إن إنفتح باب القفص طار خارجه، لم أكُ من فتح بابه، أنتِ من فتحتِه ونفاد صبركِ علي.

لقد بدوتِ قويّة حينما وضعتِ الخاتم في يدي وأغلقتِها عليه، نظرتِ في عيني، التي لأولِ مرَّة تمتلئ بالدموع بسببكِ، ولكن عيناكِ كانت جافة، لم أدري أنكِ صرفتِ كل دموعكِ علي.

قُلتِ لي حينها بنبرةٍ قويّة كلها غضب وكُره لم تقصديني بها قبلها أبدًا.

"استمع جيّدًا يا كريس لِما سأقوله لك؛ أنا إكتفيتُ منكَ حقًا، تجاوزتُ حدودي في الصبرِ عليك، دُستُ على كرامتي وتحمَّلتُ ما لا ينبغي عليَّ تحمُّله لأجلك، ويا ليتك تصلَّحت!

دومًا ما كنتَ تزداد سوءً، يومًا بعد يوم وتزداد وقاحة ورعونة ورُخص وعُهر وقذارة، وأنا ما عدتُ أتحمَّلك، وما عاد قلبي يقف في وجه كرامتي، ما عاد شيء يمنعني عنك، فما عاد قلبي يُحبك.

أنا لا أحبكَ بعد الآن يا كريس؛ لذا تفضَّل علي واخرج من حياتي رجاءً، ولا تُكرمني برؤية وجهك مُجدَّدًا، لو كُنتَ تحمل لي نُتفة حُب فلا تجعلني أراكَ مُجددًا، مهما أدركك الحنين ومهما جذبكَ الحُب لي."

ثم إلتفتِ وأعطيتَني ظهركِ، وغادرتِ وخرجتِ من حياتي كُلها... أنا أكره نفسي التي خسرتكِ، أنا أكره نفسي.

لم أكُ أدري في ذلك الحين كم عليَّ أن أكون شاكرًا لأنَّكِ تُحبيني، لقد ظننتُ أن حُبَّكِ في داخلي سيتوقف عن التدفق بِمُجرَّد ما تنتهي مني، ظننتُ أنَّني لن أُحِبُكِ بعد الآن.

ولكنني في النهاية وجدتُ نفسي أُصلِّح نفسي كل يوم لرغبتي فيكِ، أعتقدتُ أنَّ حُبي لكِ سيستمر بلا نهاية... ربما حينما انتهي أنا؛ لكنني الآن مُتأكِّد.

على قدرِ ما كنتُ أحب نفسي العام الفائت الآن أكرهها، وعلى قدرِ ما كنتُ قليل الإهتمام بكِ أنا أهتم، أُراقبُكِ دومًا، واعلم آخر أخبارك، وأُساعدكِ في الخفاء.

حضرتُ حفل تخرُّجكِ، وتدبَّرتُ لكِ وظيفة مُريحة، دبَّرتُ لكِ سيارة وبعتُها لكِ بأقل من نِصف السعر، أنقذتُ كلبكِ عِدَّةَ مرّات من كلاب الشوارع، ما زِلتِ تفقدينه كثيرًا.

يَسّرتُ الكثير من أمور حياتك، وما زِلتُ سُأيسِّر وفي المُقابل أُريد شيئًا واحدًا أن تَبقي بخير دومًا.

وأنا؟
تغيَّرت حياتي بأكملِها بفضلِك، حينما تركتِني كما لو أنَّكِ صفعتِني فاستيقظتُ من حياة المُجون، التي أعيشُ بها، خلعتُ ثوب الرُّخص عني واستقمت.

تسلَّمتُ العمل مع أبي، وبدأتُ مَسيرتي في الحياة بشكلٍ مُستقيم، بالمُختصر؛ لقد ولدتُ كشخصًا جديد ولكن بائس ووحيد.

الآن؛ أنا أحاول أن أجدكِ رُغمَ أنَّني لا أستطيع أن أراكِ، أحاول أن أسمعكِ رُغم أنني لا أستطيع سماعكِ.

فلقد أصبحتِ مِثلَ الخيال الذي يملئ حياتي، واقعي ولكنني لا يمكن أن ألمسه، وفقط أعيش على ذِكراكِ.

لا تُسيئي الظن؛ أنتِ ذكرى حُلوة أقتات عليها، لولا ذكراكِ لتفتَّت، لتدمرت، ولما وقفت على قدمي أبدًا.

فقط بالتفكير بِحُبَّكِ؛ يُمكنني مِلأ العالم بِكِ، لأن كل نُدفةَ ثلج تسقط على الأرض وكأنها دمعة تسقط من عيناكِ.

كلما رأيتُ الثلج تذكرتُ دموعكِ، التي تؤلمني أكثر مِمّا تؤلمك صدِّقيني.

إنفصالكِ عني أيقظني من غفلتي، وحوَّلني لإنسان صالح، أنتِ لم تنقذي نفسكِ مني وحسب، بل وأنقذتِني من نفسي المريضة.

أنتِ وشخصكِ الصغير والضعيف جدًا غيَّرتِني، حُبُّكِ غيَّرَ لي حياتي، كل شيء في عالمي تبدَّل بفضلِك... لقد جعلتِ مني إنسانًا صالحًا لكن معطوبًا من الداخل.

اليوم حفلُ الكريسماس مُجدَّدًا تُنظِّمَهُ هذه المرّة الشركة، ستكون عمليّة ومستقيمة. كنتُ خائف جدًا من الحضور وأنا أدري أنَّكِ ستحضُري.

لم أكُ أدري كيف سأواجهكِ، أين القوَّة التي سأواجهكِ بها؟!
صدِّقيني أنا جبان وأخجل من نفسي، قد أرفع رأسي بعلياء أمام أي أحد إلاكِ، أنتِ من سينزل لها رأسي لو إلتقينا؛ أنتِ وحدك.

كنتُ خائفًا من لُقياكِ ولكنَّني مُتحمِّسًا، طيلة العام الفائت وأنا أراكِ من بعيد، أحقَّ لي الآن أن أراكِ عن قريب؟!

كيف سأواجهك؟
أنا خائف...

ورغم كل الخوف الذي يُعتمل في صدري كنتُ مُجبرًا على الحضور، مُجبرًا على الظهور، فهذهِ الشركة مسؤوليَّتي، وعليَّ أن أتكبَّد كل شيء يَخُصَّها.

ضحكتُ مِلأ ثغري، حينما رأيتكِ في الأسفل، ضحكتُ لأنني سعيد، لأنَّني من كثرةِ الوله أصبحتُ مجنونًا بكِ وحدكِ.

أُحبك كما لو أنني مجبول على حُبك، وأنا في هذه اللحظة مفتون، رأيتُكِ وفستانكِ يعانق جسدكِ يستُركِ فيجعلني فضولي لأعرف ما أسفل هذا القماش، ويكشف عُنقكِ الجميل وأكتافكِ الضيّقة وأتخيَّل نفسي أدُس أنفي بين هذهِ النِعم وأُرطبها بشفتي؛ أتذوًّقها.

أتت سكرتيرتي فاشغلتني عنكِ، طلبت مني الحضور في الأسفل، فأنا الرئيس ويتوجَّب علي إلقاء كلمة.

ولكنني لستُ رئيسًا بل زنديقًا حقيرًا ورخيصًا سأقف أمامك؛ لأنَّكِ من تعرفي الوجه الحقيقي لي، تعلمين كم أنا مريض وحقير.

بينما أهبط السُّلًّم للأسفل تسلَّطت العيون علي، حتى عيناكِ التي استغربتني، التي جنَّبتني، عيناكِ التي لم تُصدِّق كيف أبدو الآن، ضحكت علي وسخرت مني.

أنا أستحق منكِ كل النفور بالعالم؛ أنا أعترف.

كانت يدي التي تحمل كأسًا من الشراب ترتجف، أنتِ تريني أحتضن إحدى عاداتي السيئة؛ لكنني أقلعت.

صعدتُ المنصَّة، ثم قصدتُ مُكبِّر الصوت، أبعدتُ نظري عنكِ رغم أنني فعلتُ بصعوبة، لأنني كلما نظرتُ إليكِ تذللت، ولكنني لن أتذلل لمخلوقٍ آخر سواكِ.

"أهلًا بكم في الحفل، أرجو أن تحظو بوقتٍ مُمتع، عيد ميلاد مجيد، ولنرفع معًا نخب سنة جديدة مليئة بالنجاح والتقدم!"

رفعتُ كأسي وطاوعتني ورفعتِ كأسكِ، فأنتِ لا تريدي أن يربطكِ بي أي سلوك مهمت بدا بسيط، أنا رفعت النخب ولم أشربه، وضعته على الطاولة القريبة مني وترجلت عن المنصَّة، رأيتُكِ تضحكين وكأنَّكِ تسخرين مني... لكِ كل الحق.

لم أكُ أدري أن الرَّب سيجمعني بكِ أسفل السقف ذاته، ولم أكُ أدري أنَّهُ سيُقرِّبني منكِ أكثر، فلقد أتيتِني برفقة رئيسك، أعلم أنَّكِ مُجبرة، لكن أقسم أنَّني لن أُحرِجُك بعد الآن أبدًا يا حبيبتي.

وقفتِ أمامي وقفة عمليّة لم أعرفكِ بها حينما تكوني بِقُربي، رمقتِني وكأنَّكِ تتحدّيني، ظفرتِ بي في ذلك الوقت كما لم أظفر بكِ.

عرَّفني عليكِ رئيسك، لا يدري ولا تدري أنَّني من دبَّرتُ العمل لكِ عنده، لقد إخترته بالتحديد؛ لأنَّهُ معروف بِحُبِه لزوجته، ولن يخونها أو ينظر إلى إمرأة سِواها مهما كانت جميلة كماكِ.

"الرئيس كريس؛ تشرَّفتُ بلِقائكَ مُجدَّدًا!"

أومأتُ إليه وأنا أتحاشى النظر إليكِ رُغمًا عنّي، ثم أشار لكِ بيدِه وكأنما منحني الإذن لأنظُر إليكِ واشبِّع عيناي منكِ... كم كنتُ شاكرًا له في تلك اللحظة!

"هذهِ مساعدتي؛ الآنسة إيري، يُمكنكَ مُناداتُها هكذا، إنَّها ودودة مع الجميع!"

أومأت له إيري وسِنُّها يضحك، وِد؟!
تلك كانت هي في الماضي، الآن ضحكاتها مُجرَّد مُجاملة، لقد علَّمها هذا الرَّجُل الذي يقف أمامها كيف يكون الإنسان كاذبًا ومُخادعًا ولكن في نفس الوقت يبدو بريئًا.

مددتُ يدي لها أبغي علنًا مُصافحتها؛ لكن بيننا كلانا يدري أنني أرغبُ في لمسكِ وتلك كانت فُرصتي الوحيدة السانحة لي.

ولم تَكوني في موقف يسمح لكِ بالرفض، فكلانا تحت عين مُديركِ، وإن ما طاوعتني وصافحتني سيشُك أنَّ بيننا شيء؛ وهذا ما لا تُريدينه.

حينما وضعتِ يدكِ بيدي شددتُ على يدكِ، لم يَكُ بمقدوري أن أُفلِتها، لقد كُنتِ إمرأة تملأ حياتي وما زِلتِ، ولكن شائت المُناسبة أن تجعلني أنسحب واترُكَكِ.

كنتِ مُنزعجة، رأيتُ الغضب يشتعل في عينيكِ وأنتِ تُدلِّكي يدكِ، آسف يا حبيبتي؛ لم أقصد أن أؤلمك، أنا فقط اشتقتُ لكِ وتلك المصافحة لم تشفي غليل شوقي ولو بِنُتفة... أحتاجُكِ بكثرة.

كانت الحياة مُستمرَّة، ولكنّي عالق... ارمقكِ بِحُب وترمقيني بغضب، شممتُ يدي؛ ما عُدتِ تضعي كريم مُرطِّب برائحة ورد الياسمين، هذا برائحة الفانيلا؛ لكنني ما زلت أُحبه ما دام لكِ.

سارت الحفل وأنا أراقبكِ، كثيرًا ما شغلني عن مُراقبتِكِ بعضًا من أصدقائي رجال الأعمال؛ ولكنني أسترد دفَّة إهتمامي لكِ بعدما أقطع دابر الأحاديث.

سأكلمهم لاحقًا، سأعقد كل الصفقات، وأحل كل المُشكلات لاحقًا... الآن فقط أريد أن أراقبكِ في عينٍ لا تغفى عنكِ.

شغلني إحدى الأصدقاء لبضعِ دقائق مُتقطِّعة، ولكنني عندما بحثتُ عنكِ لاحقًا لم أجدكِ؛ هل غادرتِ يا تُرى دون أن تودِّعكِ عيناي؟!

نظرتُ بين الحضور بِدقّة بحثًا عنكِ، صعدتُ السلالم لأرى بشكلٍ شامل، ولكنَّني لا أراها في المكان، ولكنني فجأة سمعتُ شغبًا تَطوله أُذني في الجِوار.

تَبِعتُ الصوت، إنَّهُ صوت صرخاتكِ، هَلَعَ قلبي وهلعتُ معه، ركضتُ كالمجنون بحثًا عنكِ، وجدتُ رئيسكِ الحقير يتحرَّش بكِ وأنتِ تبكي وتصرُخي ولا تقدِري أن تتفلَّتي من بين يديه.

سُرعان ما ركضتُ إليكِ، وأرديتُ هذا الحقير بلكمة أوقعته، رفع رأسه يبغي مُشاجرتي لكن ما إن ميَّزني حتى أخفض رأسه وصمت، لكنني لم أكُ هادئًا، لقد إخترتُ لكِ العمل عنده لأنَّني أثقُ به، لكنَّهُ خان ثقتي!

"لا تدعني أرى وجهك الحقير مُجدَّدًا أمامي، انصرف!"

إنحنى لي ثم غادر دون أن ينبس بحرف، لقد عملتُ معه لأجلكِ فقط، لا لأجل العمل معه، ولكنَّهُ ركل النِعمة، لنرى مُذُّ اليوم كيف سيتدبَّر حاله.

إلتفتُ لكِ، ما تزالي تبكي وترتجفي، كنتُ أحميكِ بظهري وربما لم تنتبهي بعد أنَّني من أنقذتُكِ من يد هذا المريض.

خلعتُ عني سُترتي ووضعتها على أكتافكِ، ثم همست.

"أنتِ بخير يا آنستي!"

نظرتِ إليَّ أخيرًا، كانت نظراتُكِ هادئة وباردة لا إنفعال فيها، خلعتِ عنكِ سُترتي وألقيتِها أرضًا ثم دُستِ عليها بينما تعبريني إلى الخارج، لكنني تمسَّكتُ بعضدِكِ قبل أن تخرجي وجعلتُكِ تلتفتِ إليّ، لكنَّكِ فلَّتِّ نفسكِ مني وصرختِ في وجهي.

"ماذا؟! هل تتوقع مني أن أشكرك؟! وعلامَ؟! لأنَّكَ أنقذتَني من يد هذا الرجل الحقير؟ هل نسيتَ أنَّكَ أحقر منه؟!"

ارتبكت، لم أتوقع أنكِ ما تزالين تحملين لي الكثير من الضغينة.

"أنا..."

قاطعتِني حينما صرختِ.

"أنتَ اخرس!
مُذُّ ولجتَ حياتي وحياتي إنقلبت بسببك، حتى أنا إنقلبت، بِتُّ لا أعرفني، لِمَ كان عليك الظهور الآن؟ لِمَ؟!

لقد دمَّرتَ لي حياتي، وما زِلتَ تتحكَّم بي، لِمَ لا أستطيع أن أخلعكَ من قلبي؟!
واللعنة عليك وعلي لأني أُفضِّلُكَ على نفسي وكرامتي!"

ثم خرجتِ، ولم أسمع لكِ حسيس سوى صوت بُكائكِ العالي وضربات كعبكِ ضد الأرض، لقد آذيتُكِ كثيرًا؛ لكنَّكِ ما زِلتِ تُحِبيني، وتكرهي أنَّكِ تُحبيني، أنا أعلم أنني لا أستحق أن تتعذَّبي لأجلي!

"أنا آسف يا حبيبتي!"

مَضت الحفلة وبدأت السنة الجديدة، علمتُ أنَّكِ إستقلتِ من عملكِ وتبحثين عن عملٍ جديد، لذا عن طريق أصحابي قدمتُ لكِ فُرصة عمل عندي، أظنكِ ستكون مجبورة على القبول؛ لأنكِ بحاجة للعمل.

أنا لا أود إستغلال ظروفكِ، أنا أحاول تحسينها فقط، لستُ أملك أي نوايا سيئة إتجاهكِ، هنا أستطيع أن أتأكد أن لا أحد يُضايقكِ؛ لهذا فقط.

سمعتُ من بعضِ مرؤوسيني أنَّكِ قَبِلَت الوظيفة، وستُصبحي مُساعدتي الخاصّة. لا أدري كيف وافقتِ أن تعملي تحت سُلطتي وبِقُربي، سيكون عليكِ أن تريني كثيرًا، وسيكون عليَّ أن أتعذب كثيرًا؛ فأنا أراكِ ولا أطولكِ.

غدًا ستبتدئي العمل عندي، عدتُ إلى المنزل وأنا أنتظر أن يأتي الغد سريعًا، مُذُّ أن تركتني أعيشُ مع ذكراكِ وحدي؛ كما لو أنَّني أصبحتُ أملك قُدرة خارقة، استطيع أن أتخيلكِ تتحدَّثي إلي، تبتسمي لي، تُشاكسيني، تُباغتيني، تُقبليني، ترتمي علي.

تفعلي بي كل شيء يحلو لكِ وأنا لا أستطيع أن ألمسكِ؛ ففي نهاية المَطاف؛ أنتِ مُجرَّد خيال حاكهُ خيالي، أعلم أن الجنون قد يكون مسَّني ولكن هذا أروع جنون قد ألِجه في حياتي.

من بعدِها؛ أصبحتُ أرى أمورًا لم يَكُ بمقدوري رؤيتها من قبل، أسمعُ أشياءً لم أكُ أسمعها سابقًا، لأنَّ بعد رحيلك كما لو أنَّني إكتسبتُ قُدرة خارقة لم أكُ أملكها من قبل.

أستطيع أن أصورك دون أن أراكِ، أستطيع أن اسمعكِ دون أن تتحدَّثي، استطيع أن أشعر بك دون أن تكوني موجودة معي، أصبحتُ من بعدكِ رجلٌ خارق؛ قوَّته أن يتخيَّلك طيلة الوقت دون عناء.

في الصباح؛ تجهزتُ للذهاب إلى العمل، كان يقف خيالها على إطار الباب مُتكئً عليه، كانت تباسم لي فيما تتكتَّف.

"هل أبدو جيّدًا؟!"

سألتُها فضمت إبهامها وسبابتها في قُطرِ دائرة والبقية من أصابعِها رفعتهم بإستقامة تقول.

"وسيمًا ولائقًا!"

تبسَّمت ومررتُ بجانبها، لم أعبر بها، خشيتُ أن تشعر بأنها وهم أختلقه عقلي، وأنا لا أريد أن أتذكَّر هذه الحقيقة.

أدركتُ الباب وبينما أرتدي حذائي إلتفتُ لها وهي تودعني بيدها.

"أراكِ مساءً حبيبتي!"

أومأت لي ثم همست.

"لا تتأخَّر، سأشتاق لك!"

أومأتُ لها وأدبرت، هذا الخيال هو الأمر الوحيد الذي يجعلني استمر بالعيش، وإلا العيش صعبًا جدًا على رَجُلٍ مثلي فقد أهم شخص في حياته برعونته ووقاحته.

ذهبتُ إلى العمل، وقلبي رقص حينما رأيتها تجلس خلف مكتب مساعدتي، وقفت حالما رأتني وانحنت وأنا أومأت لها برأسي وولجتُ إلى مكتبي، لأدخل مكتبي علي أن أمر بمكتبها أولًا، هذا القيد يجعلني أشعر بالحرية، بالحب، وأن شيئًا قد أزهر داخلي وتفتَّح.

راودتني تلك المشاعر القديمة إتجاهها، ولكنها كانت أقوى بكثير مِما كانت عليه من قبل، مشاعري تنمو نحوها وتتفشى بي مثل ورمٍ لا خباثة فيه، ورمٌ أُحِبُه.

سمعتُها تطرُق بابي بعدما ولجتُه بثوانٍ فقط، سمحتُ لها بالدخول.

"تفضَّلي!"

ولجت وتقدَّمت نحو مكتبي، إنحنت ثم تَلت علي جدول أعمالي، ثم اتجهت نحو بار القهوة تعد لي نوعي المُفضَّل منها، ما زالت تذكُر!

وضعت الكوب أمامي وتراجعت تسألني.

"تحتاجني بشيء سيدي؟!"

"ما زِلتِ تذكرين ما هي قهوتي المُفضَّلة!"

رفعت وجهها إلي وتخلَّت قليلًا عن رسميتها بالعمل.

"لا ترفع آمالك، أيُ إنسان تُعاشرُه لبعض الوقت تعرف عنه الكثير من الأشياء، ولا تكون هذه الأشياء قابلة للنسيان بسهولة"

وقفتُ أود أن أُبرِّر موقفي، فلقد أسائت فهمي، أنا لم أقصد التعدي على رسميّة العمل، لقد سألتُ بعفويّة، أرجوكِ صدِّقيني... لقد تغيَّرت.

"أنا لم أق..."

قاطعتني حينما رفعت يدها، ورأيتُ خاتمًا يلمع في أصبعِ يدها... خاتم زواج.

الصدمة أربكتني، اصمتتني، جعلت بدني يهتز، لقد نسَت أمري حقًا، أنا ما عدتُ  أعني لها شيئًا حقًا.

"إيري!"

قالت بحسمٍ حسم شعوري، ومشاعري، وحتى الوهم الذي يرافقني... أعدمتني.

"لستُ إيري بالنسبةِ لك، أنا مُساعدتك الشخصيّة، لا أكثر ولا أقل... أنتَ ما عُدتَ تعني لي شيئًا، أنا سأتزوج قريبًا من رَجُلٍ آخر!"

طفرَ الدمعُ في عيني، لكن من أنا لأمنعها، لا أملك الحق، لا أملك أي حق، لقد خسرتُ كل حقوقي عندها، وها هي تلتفت لحياتها وتبتعد عني.

"مُبارك لكِ!"

قُلتها مع ألفِ غصَّة، كانت أثقل كلمة قُلتها طيلة حياتي، لم أشعر بمثلِ هذا العِبئ من قبل، لقد تغذى الوجع علي.

إنحنت لي قبل أن تُغادر ورأيتُ دمعة في عينيها ذرفتها، هذه ستكون آخر دمعة تذرفها لأجلي... أتمنى ذلك!

لم أستطيع أن أسيطر على نفسي وإنفعالي، وقفتُ قِبالة الحائط الزُجاجي بينما أدور حول نفسي وأمشي بضياع في حيز مكتبي حتى رسيتُ أمام الحائط، كانت دموعي تنساب دون أن أقدر أن أسيطر عليها،  ثم انفجرتُ باكيًا مثل طِفل صغير قد فقد أُمه، وهي حبيبتي وأمي وأختي وابنتي... وأنا فقدتُها بحقارتي.

بكيتُ كما لم أبكي بحياتي قط، بكيتُ لدرجة أن أنفاسي تثاقلت وصوتي بدى رخيمًا وصدري مُلتهب، لا أستطيع التنفس حتى.

خرجتُ من المكتب مُسرعًا  لا أريد أن يرى أحد إنهياري، ركضتُ بالطُرقات كما لو أنني ضائع مُشرَّد فقد آخر أحبابه، هي كانت أهلي ومئواي، عائلتي وحبيبتي، وشخصي الوحيد.

كانت ثروتي الهائلة التي فقدتُها وبِتُ مُشرَّدًا ضائعًا، لا بيت لي، لا أحد لي، لا شيء لي.

عدتٌ إلى المنزل، لم أرى خيالها لإستقبالي، حتى خيالها تركني وذهب، أنا قادر أن أفعل أي شيء في هذا العالم إلا أن أُبقيكِ معي... هذا الشيء الوحيد الذي لا يُمكنني فعله؛ كل قوتي لا طائل منها ما دُمتُ لا أستطيع تحصيلكِ.

أنا خسرت... أنا مُجرَّد خاسر فاشل، أنا لا شيء دونها، لا شيء من بعدها، ولا شيء أبدًا.

سأوقِف وقتي وأعود بهِ ونفسي إليكِ، سأندَّس في كتاب ذكرياتنا للأبد، سأحبس نفسي به للأبد، سأبقى أنا أسيرًا لذكرياتنا معًا، وأنتِ تحرري مني ومن ذكرياتِنا للأبد.

سأسجن نفسي في ذلك الشتاء، أحاول أن أجدكِ فيه رغم أني لا أراكِ، أحاول أن اسمع صوتكِ به رغم أنّي لا أسمعه.

أنا الآن معكِ في ماضينا...!

...

مرَّت الكثير من الأيام وأنا لا انوي العودة للعمل قريبًا، لا أريد أن يراني أحد مُنهارًا، أن يروا الحُب يعذِّبني... لا أريد أن يروني ضعيفًا.

أخذت إيريا إجازة، علمتُ أن زفافها يوم الأحد هذا، وها قد آتى الأحد، اليوم الأسود، أسود يوم في حياتي، ولكنني أتمنى أن يكون أجمل يومٍ في حياتها.

لم أغادر الشقة، لم أفعل شيء سوى أنني أجلس أرضًا في الشُرفة ولا أفعل شيء آخر، لقد كنتُ في أكثر حالاتي سوادًا، لقد كنتُ قاتمًا كالمصائب، خائف كروحٍ تموت.

إنطوى النهار وبزخ القمر، وفجأة وجدتُ نفسي أبكي بشكلٍ كارثي، أنا حقًا خسرتُها للأبد، هذه الخسارة تستحق أن أبكي عليها للأبد.

سمعتُ طرقًا على الباب، لم أستطِع أن أحمل نفسي وأُجيبه، لا أريد أن أُجيب، أريد أن أبقى هكذا وحدي.

ولكن الطرق على الباب لم يتوقف، كما لو أنَّها مسألة حياة أو موت، نهضتُ أجر نفسي بالغصب إلى الباب، وها أنا أشعر بجسدٍ صغير مستور بفستان زفاف أبيض يندس بين ذراعيّ، يُعانق خصريّ، ويبكي على صدري.

هذه ليست هي، أنا أتخيل.

"تزوجني أنت، أريدك أنت!"

نظرت لها، لمستُ وجنتها.

"اوه! هذه أنتِ حقًا لستِ وهمًا!"

تمسَّكت بوجنتي وجعلتني انخفض حتى أدرك طولها، رفعت نفسها وقبَّلتني!

"أنا حقيقة، لستَ تتوهَّمني!"

تبسَّمت وبكيت، نفيتُ برأسي.

"مستحيل!"

عانقتني بشدة، بشدة لدرجة أن السواد في داخلي تحلل.

جذبتني معها وجرَّتني، جلست على الأريكة، وأنا رفضت الجلوس بجانبها، جلست أرضًا أمامها ووضعتُ رأسي في حجرها، حينها أخذت تتلمَّس رأسي بيديها، تحلَّل الوجع، إندثر الظلام.

ترتدي فستان زفافها، كيف لعروسٍ أن تبدو في مثلِ هذه الحالة المُزرية.

"هل هربتِ من زفافك؟!"

همهمت ثم ضحكت.

"نعم، لطالما تمنِّيتُ أن أصبح عروسًا، لكن العريس لم يعجبني، أريد رَجُلًا آخر!"

إنخفضت إلي، عانقت رأسي بيديها وهمست.

"أريدُكَ أنت، تزوَّج بي!"

تبسَّمت، مُذُّ طورٍ طويل لم ابتسم، أومأت مثل طفلٍ صغير، طبعت قُبلة خفيفة على شفتي وقالت.

"هيا إذًا!"

تطلعتُ إليها مُستغرِبًا.

"الآن؟!"

"ألا تُريدني؟!"

"بلى أريدك، لكنّي أبدو مُزريًّا!"

ضحك سِنَّها وقالت.

"كلانا نبدو مُزريان، لا بأس، ما دمتُ أرتدي الفُستان هيا نذهب!"

تمسَّكتُ بيدها وركضت نحو حياة جديدة تضحك لي من بعيد.

"هيا!"

قد تكون هذه حقًا مُعجِزات ديسمبر.

في ديسمبر إلتقينا أول مرة، وفي ديسمبر إنفصلنا، وفي ديسمبر مرَّة أخرى إلتقينا، وها بعد أن عبر ديسمبر تزوجنا.

....

سلاااااااام

طبعًا كما لا تعرفون، النهاية السعيدة في الآخر مش موجودة في الأغنية، يعني ممكن توقفوا قراءة عند الثلاث نقط قبل المشهد الأخير، هيك بتكون القصة مُكتملة بالنِّسبة لإكسو البؤساء.

بس أنا ما قدرت أترك الحزين حزين للآخر
Me being Angle 😇

رأيكم بشخصية كريس؟!

رأيكم بأيري؟!

رأيكم بالقصة ككل؟! وهل إستطاعت عكس الأغنيّة بشكل جيّد؟!

إقترحاتكم للوانشوت القادم؟!

دمتم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤


© Mercy Ariana Park,
книга «حكاية الألحان».
Коментарі