الشخصيات
المدخل
١
٢
٣
٤
٥
٦
٧
٨
٩
٩

#نِحُو_السماَءِ.

[[ الفِصل التاسِع]].

مِلحُوظِة الفصل عن "هايلي وسامِ" بأكِملهُ.

__________

عادِ "سامِ" إلى المنزل بعِد مُغادِرة "هايلي" بِنصف ساعة، فتح الباب وهُو يراها أمامِه مُبتسِمة، هِيِّ خلقت بدِاخلهُ مِشاعر لم يعرف بإنه يكِّنها لها إلا بعد أن علم أن البُعدِ بينهُما يوجعهُ، ويجعله يشتاق إليها.

وِضع مشاكِلهُ وراءِ ظهرهِ وهُو يقِترب مِن (هايلي) يُعانقها، وضع يديه حُول خصرها قائِلاً وهُو يغمض عينيه مُنتشياً بعطرها:
- أشتقتُ لكِ .. ولكلماتك هايلي

إبتعد قليلاً عنها بدون أن يبعد ذراعيه حُول خصرها متمتماً بشغب:
- اعتذرِ على كُل مابدِر مني من سوء وأيضاً أنا ..
لم يكمل جملته بسبب رنين جرس المنزل، عقد حاجبيه بإستفهام، إستغربت مِثله قدوم أحد هُنا الآن؟، نِظر إلى العين الموجودِة بالباب فوجد بإنه "لوغن".

وحين علمت أنه لوغن، هرولت إلى غرفة نومها، ولكنها كانت واضعة آذُناها على الباب لتستمع لكلمات لوغن.
فتح " سام" الباب مُبتسماً لصدِيقهُ والذي يبدُو عليه الغضب والحِيرة، دِخل لوغن إلى الشقة وهُو متردد .. هل سيخبر سام ما في جعبته أو لا، ولكنه الآن في شِقته لذلك سيخبرهُ.

- هل تعلم من الذي دفع مارلبن لتشتكيك لـ لسيدة كارولينا.
نبرة لوغن أربكت سام لاول مرة، ولكنه لم يتصور بأن هناك أحد سيدِفع مارلين أن تقول بإن سام حاول التحرش بها، وظن بإننا فقط تشعر بالخُوف منهُ!

- لا أعلم ولا أهتم .. لوغن.
- يجِب عليك أن تعلم .. إنها الآنِسة هايلي.

هُنا توقف كل شيء، توقف الزمان وشعر بالخيبة تمتلكهُ، إذاً هايلي من جعلت مارلين تقول ذلك، أخِفى غضبه الشديد، غضبه وصل لذروتهُ، لم يظن بإنها ستقول ذلك مهما يحدث بينهما من مشاكل، كان خطأ ما فعلتهُ وهُو لن يغفر، صك على أسنانهُ بقوة، قال لُوغن وهُو يرحِل:
- السيدة كارولين لم تهتم لاتقلق، باشر عملك الأسبوع القادِم، حِسناً؟!

أومأ لهُ بغير تركِيز،  هُو كاد أن يخبرها بأنه يشعر بمشاعر محبة لها، ولكن الآن يُريد أن يبطِش بها، أغلق الباب خلف لوغن، ليجدها أمامهُ بوجههٍ متورد بحمرة وعينيها باكِية، ولكن هل تظُن بأنها حين تظهر نادمة أمامه لن يفعلها، أمِسك بذراعيها بقوة وَعُنِف قائِلاً:
-   ماذا كان هدفك من فعلتكِ الحقيرة؟
تأوهت من شدِة عنفوانهُ على ذراعيها، قالت هايلي باكِية:
- أفعالك المُنعكسة معي جعلتني أظِن بإنك تلعب بي، ولذلك جعلتها تفعل ذلك.
وقبل أن تُكمل كلماتها دِفعها بقسوة إلى باب المنزل جعلت ظهرها يرلمها بحدِة، شهقت بوجع ولكنه لم يهدأ ولن يهدأ غير وهُو يسحقها، ظِن أنها غير النِساء الذي عرفهن من قبل، ظن أنها مختلفة ..
وللأسف ظننونهُ تبقى ظُنون.

- كُنت أظن بأنك لن تفعلي بي ذلك، كنت أظن بأنك لن تهتمي ولن تقومي بطعني في ظهري ولكنِ كنت مخطيء، كنت حقيرة دائماً هايلي، كُنتِ مِثلهن لاتهتمي إلا بنفسك.

ترك ذراعيها بقوة، ظلت تبكي من آلم جسدها قال وهُو يسير بعيدًا عنها:
- لملمي أشياؤك .. لا أريد رؤية وجهكِ مرة آخرى هُنا.
- سام أرجوك أستمع إليِّ..
ولكنه رحل لغرفة المعيشة غير عابئاً بها، جِلس وهُو يدخن بشراهه، هو غير عابئا بوجعها .. ولا ببكُائِها، شعرت بأنهُ لن يفعل شيء غير طِردها من المنزل، ضمت شفتيها بعنف حتى أدِمتها، وضعت بعض من ملابسها بداخل الحقيبة ثم أمسكتها وكادت أن ترحل، ولكنها رغبت بالحديث مرة آخرى معه، رغبت بفرصة آخرى ولكن حين همَّت بالحديث، قاطعها:

- أرِحلي لا أريد أن أستمع لحديثك المفعم بالمشاعر الكاذِبة، أرحلي!
أنهَ جملته بحدة، ولكنه عندما رأها ساكنة ولم ترحل، غضب أكِثر وهاج، أمسك بذراعيها ودِفعها خارج الشقة مخبراً إياها:
- لا أريدك أن تأتي هُنا مرة آخرى، هل فهمتِ؟
صفع الباب بوجهها، وأنكسر قلبها فور غلقه أمام وجهها، أجِهشت بالبكاءِ غير عابئة بمظهرها، عاتبت نفسها ولامتها بقوة على فعلتها القبيحة، جِرت حقيبتها خلفها بيأس طاغي على ملامحها ..
ظلت امام البناية ساعة لعله يشفع لها ويدِعها تدخل، ولكن هيهات "سام" في أقصى غضبهُ وإن مافعله حتى الآن أقل شيء!

قررت الذهاب لوالدتها وطُوال الطريق تحرز ماذا ستؤنِبها والدتها؟!، بماذا ستزيد آلمها، كانت والدتها تكره سام لأنه يبرع في إغاظتها بشدة وكل مرة يتقابلا فيها، كان اللقاء ينتهي بشجارٍ عنيف، كانت الساعة تُشير إلى منتصف الليل، ولكنها كانت على أمل بأن تكون والدتها مستيقظة في هذا الوقت المتأخر، وضعت أصِبعها على جِرس المنزل.

أنتظرت مايُقارب الخمس دقائق، وكادت أن تضغط على الزِر، ولكن والدتها قامت بفتح الباب بتفاجأ وصدمة من هيئة هايلي:
- هايلي!
ثُم أضافت بتساءُل وهيَّ تنظر للحقيبة:
- ما الذي حدِث؟

أقتربت هايلي من والدتها تعانقها وهى تبكي بشدِة، صُراخه بها آلمها، هى امرأة على كُل، امرأة تخشى الإبتعاد والهجرة، امرأة تخشى الرحيل والخيانة .. هى امرأة تحب!

ضحكت مستهزئة بنفسها:
- خربت كل شيء ياأمي، خُنتُ ثقته بي!
- ماذا؟!
قالتها بصدمة حين هتفت بعبارتها، لتجعلها والدتها "صوفيا" تجلس على الآريكة وذهبت على الفور تجلب لها كُوب ماء؛ليهدأ من شهقاتها المتعالية، ولكن جملته لازالت ترن بعقلها ..

كأنها نغمة لايريد عقلها تصدِيها.

" كُنت أظن بإنك لن تفعلي بي ذلك، كنت أظن بإنك لن تهتمي ولن تقومي بامر يطعن في ظهري ولكني مخطيء بشأنك، أنت كنت حقيرة دائماً هايلي، كُنت مثلهن لاتهتمي إلا بنفسك". وضعت كفيها على آذُنيها تنفر من سماع كلماتهَ التي تشبه السكاكين، شعرت "صوفيا" بآلم من مظهر أبنتها،  أقتربت منها تعانقها وهى تربت على ظهرها ..

وكانت هذهِ الليلة أسوء ليلة عانِت منها هايلي!

------------------

( الرجـوع بالزمن).

مُنذ لقاء الحانة وهيِّ لم تلتقبه بسبب أنشغالهُ بالمسرح الخاص بهِ، ولكنها كانت تريد الذهاب ولقاءهُ كان هناك شيء بداخلها يُحثها على ذلك .. ولكن فجأة وجدت "نايل" ، يأتي لصالة الرقص وهُو يعطيها بعض الأوراق:
- هذا هُو سيناريو مسرحية هذه السنة.

قطبت حاجبيها بإستغراب، ليفهم من تقطيبها أمر وهو أن سام لم يخبرها بعد عن المسرحية التي ستُفتتح في الشهر المقابل.

- أعتقد بأن سام لم يخبرك بعد ولكن يجب عليكِ تصميم رقصة مُستوحاة من هذه المسرحية لأنها ستكون واجهة المسرحية وستقومين أنتِ والسيد سام برقصها.

شعرت بإن خلاياها على وشك الأنفجار من السعادة الشديدة، هل ستتمرن مع سام لمُدة شهر لإجل هذهِ المسرحية، شكرت السيد نايل وبدأت بفتح أولى صفحات السيناريو..

كانت قصة هذه المسرحية، كئيبة، حزينة، شعرت بالحزن المواجههِ للبطل، حيث أنه كان يعاني من حوله، الجميع يخونون ثقتهُ وفي النهاية سيقرر الموت!

نهضت وقامت بتشغيل إحدى المُوسيقى الحزينة، دِفعت كفها للهواء للأعلى وبدأت مع وتيرة بطيئة بتنزِيل كُل أصبع ببطيء، ثمَ قامت بالدوران ثلاث دورات بملامح حزينة، فكرت بالرقصة التالية ولكنها رأت بإنها ستحتاج للسيد سام برفقتها، كادت أن تلتفت لتبحث عنهُ ولكنها رأته عبر مرآتها واقفاً، يضع ساعديهِ لحضنهُ متكئاً على الجدار، أستدارت لهُ بتساءُل:
- مَنذ متى وأنت هُنا؟
سار بخطوات هادئة وهُو يمثل التفكير:
- منذ أن بدأت المُوسيقى.
ثم أضاف مادحاً:
- أعجبني رقصك، كان لدى كارولينا الحق في جعلك معلمة الرقص بالأكاديمية.

إبتسمت لهُ بخجل ولكنها بداخلها كادت أن تقفز بسعادة لقربه الشديد منها، قال وهُو يخلع معطفه ويضعه في إحدى المقاعد:
- هيا لنتمرن سوياً.

قالها وهُو يمسك كف هايلي ويبدأ بالرقص معها، رقصة رقصها بالمسرحية الفائتة ولكنها أخبرته بأن هذه الخطوات ستختلف، لذلك أغلقت المُوسيقى وقامت بتشغيلها من جديد

وعادت حركاتها الأولى وأخبرته بالحركة القادمة وهى أنه سيمسك بخصرها ويرفعها ويبدأ بالرقص التمثيلي، كانت هايلي دائماً شغوفة بعملها ..

وكما هي دائما تبدأ بنسيان العالم أثناء رقصها ولكن الفرق بأن سام بجوارها، كانت تشعر بضربات عنيفة بداخلها وشعور غازي أوصالها، كانت اول مرة تشعر هكذا، وكأنها مهددة.

عانق صدرهُ ظهرها، ليعود بالخلف لتعود معهُ، إبتعدت عنه قائِلة بسعادِة:
- أنت راقص رائع سيد سام.
- لاداعي للألقاب بالإضافة من أهم مهارات التمثيل المسرحي وهو قدرة الشخص الرقص على مشاعرهُ،  التعبير عن الوجع هو أصعب شيء يواجهه المرء وهذا مايبرع المسرح بإظهارهُ.

- كاتب هذا السيناريو بائس، أعتقد بإن الجميع سيبكي فور رؤيته هذه المسرحية.
قال بإندفاع بنبرة حماسية:
- وهذا هُو المطلوب
قاطِع حديثهما الذي تمنت هايلي أن يدوم، دخول كاثرين لصالة الرقص وهى ترمُق سام نظرات سامة، ولأن سام يحب إغاظة جميع النِساء اللاتي يبادلونه الكراهية، هتف بنبرة عابثة:
- آهلا كاثرين ..ما أخبارك أنتِ وجراي؟
هتفت بغلٍ:
- أفضل منك سامِ.
نِطق كلمة "آوهٍ" بمُزاح، ليأخذ معطفهُ ويرحل، جلست كاثرين أمام هايلي في صمت، أصابت هايلي الريبة حين رأت الدموع تنساب من عنياى كاثرين بغزارة بدون أن تشهق أو ماشابه.

شعرت هايلي بالقلق، لتغلق الصالة وتركع برِكُبتيها وتمِسك بكفى كاثرين قائِلة:
- ما الأمر كاثرين، هل تشاجرت مع زوجك مرة آخُرى أم ماذا؟
هزِت رأسها نافية، لتقول وقد صدر منها شهقة مُريرة:
- جراي لا يريد الإنجاب مني.
عقدت هايلي حاجبيها بتعجب لتستطرد:
- لماذا؟
- لا أعلم.
أضافت شارحة:
- كل ما أخبرته به أنني حين أنجب فتاة سأقوم بتسميتها "ليلى" ولكنن أخبرني بأنه لا يريد أطفال الآن.
- أخبرك بأنه لايريد أطفال الآن، لا بأنه لايريد منك الأنجاب
نِطقت كاثرين بحدة:
- ما الفرق؟، في كِلتا الحالتين هو لايريد.
تنهدت هايلي قبل أن تنطق:
- حِسناً .. اخبريه بما تريدين وهُو بالتأكيد ستتفهم رغبتك كاثرين.
يومهـا ظلت هايلي برفقة كاثرين تُراقبها تستمع لشكاويها، والتي لاتخلو من سام، ف يبدو بإن سام يكِّن كُرهاً كبيراً نُحو كاثرين، أرتدت هايلي ملابسها وذهبت لغرفة المعلمين، ترى سام يجلس بجوار صدِيقه لوغن، يستمع إلى مايقوله وكانه شارد في شيء ما ..

جلست هايلي على مقربة من مكان سام تراقبهُ، كانت شخصية سام مُتقلبة المزاج، منتظم في المسرح مع طلابهُ، ويغضب بسرعة حين يعلم إن اي من مخططاته خربت، والجميع يعلم بعلاقات سام المُتعلقة بالفراش، ولأن الجميع يعلم بأن سام لن يجرؤ على خُوض علاقة عابرة مع اي طالبة، ولكنهم يعلمون بأنه خارج الاكاديمية يلهو كما يشاءِ.

فلذلك معظم من يعملون من النساء بالاكاديمية لايطيقونه، وأما الرجال هنا يقدسونه فهو الرجل الوحيد الذي لديه علاقات كثيرة مع النِساء، وهو المتحكم بالعلاقة ولذلك ياخذون بنصائحه ويستطيعون أن يحرزوا بأن سام إذا تزوج ستكون علاقته هى الأنجح بينهم.

فهو الخبير بالعلاقات عنهم جميعاً، كانت تراقبه بإستمتاع، تُفضل وقت مراقبته لتستطيع قراءة لغة جسدهُ، لتستنتج بأنه رجل بارد المشاعر كما يظهر ولكنها تشعر بأن مختلف عما يقولون.

حين يقولون بأن مرآة الحب عمياء، فهذه تنطبق على هايلي، هى تعلم بما يقولونه عن سام، وكل مايقولونه أسوء مايتخيله المرء، ولكنها واثقة بان عينيه الشاردِة تحمل في طياتها مشاعر حزينة .. ليس المرء على ماعهد بل المرء على كيان الماضي

وهى واثقة بانه مختلف عن الجميع وهذا كافٍ لقلبها.

————————

ليلة الخميس هى ليلة أجتماع المُعلمين في إحدى الحانات للسهر والرقص وشُرب الخمر، كانت هايلي تشعر بالسكُر، وسام لن يدع الليلة بدون أن يكون مع إحداهن، كانت كاثرين برفقة هايلي تاركة زوجها بعيدًا مع أحد زملائها، قام مُنسق الموسيقى بتشغيل إحدى الموسيقى الصاخبة على إيقاعات طِبل، وكانت هذهِ المفضلة لدى هايلي.

لذلك صرخت بمرح وهى تشرب كأس به كحول:
- وقت المرح قد حانْ
وكانت كلماتها تقصد بها كاثرين التي صمت لسانها عن قول شيء وهى ترى هايلي تذِهب بإتجاهَ ساحِة الرقص ساحِبة إياها معها،  كان الوضع جُنوني وإن صح القول هى أصبحت مجنونة تِرقص بكل جنون وكاثرين بن تظل واقفة لن تفعل شيء بل سارت على نفس المساق.

قامت هايلي بفرك شعرها وظِلت ترقص حتى أنها لم تنتبهِ بإبتعاد كاثرين عنها بعد أن سحبها زوجها من يديها إلى خارج البارِ .. وفجأة شعرت هى بمن يسحبها بعيدًا عن الضوضاءِ، دِخل مرحاض النساءِ حين تاكد بأن لا أحد بهِ، دخلها بعنف وألصقها على الباب قائِلاً:
- هايلي أفيقي!
قالها وهو يسير بها إلى إحدى الأحواض يمليء كفه بالماءِ ويسكبه على وجهها..
ولكنها كما توقع لم تفيق، فالكمية التي شربتها قادِرة على إغابة البعض عن وعيهم، ولكنها شدِّتهُ من قميصهُ لتلصق بهِ، قالت بنبرة عابثة:
- ماذا لو قُلت بإنني لن أفعل
ثم أضافت وهى تبتعد عنهُ:
- أن تُثير حنقي بأفعالك.
قالت بعد أن أقتربته منه:
- أنت معجب بي، أليس كذلك؟
قالها وهُو ينظر لعينيها بنبرة واثقة:
- لستُ كذلك.
- كاذب.

حاوطِت عنقهُ بذراعيها لتقول بنبرة هادِئة:
- إذا كنت غير ذلك، إذاً لماذا تنظر إليِّ وكأني المرأة الوحيدة التي تُريدُها لك ..
ثم أكملت وقد أغرورقت عيناها بالدموع:
- أما أنك تَظنني مثل هؤلاء العاهرات التي تعرفهن!
قالت وهيَّ تضع أصبع السبابة على صدرهُ:
- أتعلم .. أنت هُو الخاسر على كُل.

وحين أنهت جملتها، ألتفت للحوض تبل وجهها لتفيق نفسها، كلماتها كان لها أتباع عليهِ، هو لم يتصور بأن تحبهُ بهذه السرعة، خرج من دورة المياه، بل من الحانة كلها، يتنفس هواء نقي، "سام" رجل لا يرتبط لإجل علاقات تدوم بل هُو رجل يريد امرأة معه لليلة ويتركها..

ولكنه كان يتساءِل حُول جملة هايلي، ماذا كانت تقصد بجملة:
" لماذا تنظر إلي وكأني المرأة الوحيدة التي تريدها لك".
هو لايعلم هل ينظر إليها بهذا الشكل، ام هى تفهم نظراته على نحو خاطيءِ.

——————————

في الصباح الباكر، كان الصداع لايفارق عقل هايلي، عينيها تؤلمانها بشدِة ولاتتذكر مما حدث أمِس غير أن سام جلب إحدى عاهراته إلى البار ليراقصها طُوال السهرة، ولكن هناك جملة تتردد بعقلها بصوتها لاتعلم لمن قالتها.

" إذاً لماذا تنظر إلي وكأني المراة الوحيدة التي تريدها لك".

ظِلت تقرض أظفارها فور أن تذكرت عينا سام الناظرة إليها، هذه فقط اللحظات التي تراها من ليلة أمِس، أما الباقي تبخر في لمح البصر، وكأنها لم تكن في وعيها إلا في هذه اللحظات القليلة، وحين سألت كاثرين عن أفعال أمِس قالت:
- أنتِ كنت كالطلقة هايلي، كنت ترقصين بصخب ولكن زوجي لم يعجبه أمر رقصي وتشاجر معي ورحلت فيما بعد ولكني لم آراك حين دخلت البار لاحضر حقيبتي.

وفجأة دخل سام غرفة المعلمين بوجههٍ حانق، نبض قلبها خوفا من أن تكون سببا في غضبهُ، ولكن لوغن بدا إيضاً غاضب من انعقاد حاجبيهِ، همس لوغن بآذن سام بشيء ما، ليذهبا خارج الغرفة..

هايلي كان عقلها مُنشغل عن سبب غضب سام، وفجاة نهضت بكل هدوء وكانت في خُطاها إلى المسرح حتى تحادث سام بأمر نهاية الرقصة وهذه حجتها لتستفسر سبب أنزعاجهُ وكأنه سيخبرها..

ولكن سمعت من غرفة الغناءِ صوت لوغن الحانق:
- لماذا كلما تأتيك هذهِ المكالمة تغضب وتفعل ذلك!
لم تفهم شيء لذلك أقتربت من الغرفة، ليرى سام ظِل هايلي الذي يقترب من الغرفة ليرفع سام كفه أمام لوغن كعلامة ليصمت، فسار إلى خارج الغرفة ليلتقي بعيناى هايلي المتوترة، أتسعت حدقتاها فُور أن رأت سام يمتثل أمامها .

- ما الأمر آنِسة هايلي؟
نبرته الحادِة أطاحت بكل آمالها بأنه سيتحدث معه بكل رقة او اقل خشونة من هذه، ولكنها حاولت التحدِث بنبرة هادِئة:
- كُنت أريد مناقشتك في نهاية رقصتنا.
- فيما بعد آنِسة هايلي.
وإبتسم بزيف ليغلق باب الغرفة أمام وجهها، رِمشت عدة مرات تستوعب ماحدِث، هل رمقها الآن بإستخفاف وحديثها بضجر، لوت شفتيها بآلم لتنهي صفوف اليوم بقلباً منشغل وعقل تائه.

ذهبت لشقتها التي أستأجرتها، كان قرار الإبتعاد عن والدِتها والعيش بمفردِها صعب في البداية ولكن الآن مُرتاحة لذلك، فكما أنها تحب والدتها إلا أنها تكره مجادلتها في كل شيء في حياتها ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كعادِة كل أتصال يأتي لـ سام يذهب لإحدى الحانات ويثمل حتى يغيب عن الوعي، ولأن الساقي يريد إغلاق الحانة ليس بوسعه إلا أن يطرد سام خارجها، ولأن بنية سام القوية لن يقوى الفتى على حملهُ.

قرر الإتصال على الأشخاص المسجلين في قائمة المهمين لدى هاتف سام، ليأتي أحدهم ويأخذهُ، لذلك ضغط الساقي على أول رقم ظهر لهُ، لتجيبه الفتاة، قال الفتى بنبرة مهذبة:
- أعتذر سيدِتي، ولكن صاحِب الهاتف ثمل وأنا أريد أغلاق الحانة الآن، هل يمكنكِ القدومِ؟
- أعتذر ولكني لاأعلم من صاحب هذا الهاتف؟
عقد الفتى حاجبيهِ ليقول:
- بالتأكيد تعرفيهِ آنستي، ألستِ السيدة هايلي آشور؟

°°°°

أرتدت هايلي ملابسها على الفور، بعد أن علمت من المُتصل بأن سام - كما وصف الساقي- ثمل ولن يستطيع الذهاب بمفرده للمنزل، لذلك أسرعت وركِبت سيارتهَا وذهِبت إلى مكان الحانة.

كانت طوال الطريق تشعر بالتوتر، وحين أوقفت السيارة أمام الحانة كاد قلبها ينخلع من نبضه المتسارع، دفعت الباب برفق لترى ساقي الحانة ينظف الأكواب ويضعها في أماكنها، وأما (سام) فكان غارق بالنوم على إحدى المقاعدِ، أعتذرت هايلي نيابةٍ عن سام النائم، فساعدها الساقي بحمل سام ووضعه في سيارتها، كان سام ساكن طوال قيادتها، ولانها لاتعلم اين يقع منزلهُ ستتطر أن تجعله في شقتها حتى يفيق ويرحل.

وصلت للمبني الذي بها شقتها، حاولت إيقاظ سام ولكنه كان يهذي ببعض الكلمات والتي لحسن الحظ لم تسمعها هايلي، رأيت هايلي حارس البناية، لتخرج وتطلب منه أن يساعدها بحمل سام ..

بعد أن وضع الحارِس (سام) على فراشها، شكرتهُ ليرحل، وضعت كفها علي جبينها بآلم، لاتعلم كيف ستوقظِهُ يبدو بأن نومه ثقيل، بدلت ملابسها إلى منامة بيضاء، أمسكت بكلتا ذراعي سام ليحيطى بكتفيها وتحمله للمرحاص حتى تجعله يستيقظ من سبات الدببة خاصتهُ.

وضعت رأسهُ على الحوض وفتحت صنبور المياه لتنزل المياه بشدة على جسدهُ بأكملهُ، انتفض جسد سام أثر ذلك، ولانها أمسكت بجسده بحرص فلم يقع للخلف، بعد أن أفاق من غيبوبتهُ، أعطته بعض الملابس الرجالية الخاصة بوالدها، قائِلة له بإبتسامة:
- بدل ثيابك وساحُضر لنا كوبان من القهوة الساخنة.
دِقائق وخرج من مرحاض غرفتها، ليراها جالسة على الطاولة الموجودِة بغرفة المِعيشة واضعة كُوبان من القهوة، له ولها، كان يشعر ببعض الحرج ولكنه فور أن جلس قال وهو يتحسس دِفيء كوب القهوة:

- أعتذر لكِ.
قالت بنبرة هادِئة:
- لاعليكِ، أعلم أن الثمالة تـ ..
قاطِعها وهُو ينظر بعينيها مُباشرةٍ:
- لا أقصد ذلك، أعتذر على وقاحتي معكِ بالحديث هذا الصباح.
رفعت حاجبيها بإندهاش فأسندت ذقنها على باطن كفها قائِلة بمرح:
- لا بأس، فيبدو بأن هناك أمر جعلك فظ اللسان.

قطِب حاجبهُ حين إستمع نبرتها المرحة، وكلمتها التي رنت بعقلهُ ( فظ اللسان).، قال بتفاجئ.
- فظ اللسان؟، ما الأمر آنسة هايلي يبدو بإنك أحببت الحديث معي بهذه الطريقة؟!
- عن أي طريقة تتحدث؟
- وكأننا صديقان.

قالها بإبتسامة خبيثة، لتتذكر جملة أمِس مع المشهد كاملاً، عضت على شفتيها بإحراج شعر بأنه قد أحرجها، ليقول مغيراً الموضوع وهُو ينظر لكوب القهوة:
- بالمُناسبة قهوتك لذيذة.
قال وهو يرتشف منها، قالت هايلي بنبرة هادئة يكسوها الحُزن:
- لماذا تعاملني هكذا؟، أحياناً أظنك معجب بي وآخرى لاتهتم إليِّ.
راقب ملامحها أثناء الحديث ولكنه فضل الصمت وبقى ينصت إلي كل كلمة تتفوه بها
- أشعر بأنني مشوشة بجوارك، يبدو بأنني وقعت بسحرك مثلهن.
قالتها بآلم، قال وهُو ينظر ليديها التي تفركها بتوتر:
- آنسة هايلي إنتِ مختلفة عن الجميع وايضاً
قاطعتهُ بغتة:
- لماذا لانرتبطِ؟، مشاعري لك تخطت الإعجاب، .. أنا أحُبك.

نبرتها المُنكسرة آلمتهُ، قال وهو ينظر لعينيها بآسف:
- ستندمين على قرار الإرتباطِ بي، .. فيما بعد
- لا لن أفعل، لم أستطيع يوماً العثور على رجل يشبه والدي ولكنِ وجدتك .. وجدتُ روح والدي فيكَ.
نهضت من مقعدها تسير بِبُطيء، وهو فقط متعلق بعينيها، حتى جلست على قدميه قائِلة وألصقت جبينها بخاصته:
-  لاأهتم إن كنت لاتبادلني المشاعر .. مع  الوقت ستحبني.

كِذبت على نفسها بل على قلبها المسكين، ومرآة الحب لديها منكسرة، لذلك حاوطت ذراعيها عنقهُ تقابلا عينهُ بعينيها، لينظر سام بجرأة لشفتيها، قالت هايلي وقد أقتربت منه كثيراً:
- ستكون أول شخص يلمسُنيّ
وقبل أن يقدم على أي فعل، أبتعد عنها قائِلا بتعجب:
- أنتِ عذراء؟
أومأت له ظنت بأنه سعيد لانه الأول في حياتها إلا أنه أنتصب واقفاً، امسكت بكفه البارد قائلة بتساءُل:
- ما الأمر؟
- أعتذر هايلي ولكنِ لا أستطيع لمسك

أقتربت منه واضعه كفيها على وجنتيه برقة هاتفة:
- لماذا؟
نبرة الآلم التي تحدثت بهِ لانه رفضها يخدِش أنوثتها برفضه لها، طُوال حياتها كان الجميع يتودد إليها لينام برفقتها، إلا هُو، فور أن علم بأنه لم يمُسها أنِس من قبل، قرر الرحيل.

- أنا لا أستحق بأن أخذ شيء ليس من حقي هايلي تستحقين الأفضل مني، زوج مِثالي وعائِلة.
- ولكن طوال عمري لم أرى أحد يستحقني، أنت فقط.
ثم أشارت لقلبها
- المُحتل هنا لا غيرك.

هو ببساطة لايريد إلامها، فصرح لها
- لا أعلم هل علاقتنا ستظل قائمة أم لا، لذلك أنا أحذرك مني أنا رجل وغد
هزت كتفيها بلامُبالية:
- وأنا لا أهتم .. أنا أحَبك على ما أنتَ عليهِ.
أقتربت منهُ حتى أصبح لايفصل بينهما أنِشًا واحدًا، أحاط بذراعيه خصرها يُقربها منهُ ليلثم شفتيها بقبلة أستسلمت لهُ وبادِلتهُ، ف هذهِ الليلة تغير كُل شيء في حياة هايلي، وكانت تعلم بأن سيتغير من أجلها.

°°°°°°°

في الصباح التالي.
شعر بأشِعة الشمِس مُصوبة نحو عينيهِ ليضع ذراعهُ العاري فوق عينيهِ ولكنهُ شعر بثقل بجانبه على الفراشِ، ليبعد ذراعه ويفتح عينيهِ بهدوءِ وببطء ونظر بجوارهُ، وجد هايلي راكِعة بطرف السرير واضعة كفها أسفل ذقنها مُراقبة إياهَ.

قالت فُور أن أستيقظِ بإبتسامة ناعِمة:
- صباح الخير.
قالتها بإبتسامة واسعِة مُشرقة، تململ في الفراش كان عاري الجذع وكان يشعر بعينيها تراقبهُ عن كُثب، أعتدل على الفراش لتجاورهُ قائِلة:
- اخبرت كاثرين بأنني لن أستطيع القدوم اليوم للأكاديمية.
وضع كفه على وجهها يبعد خصلات ويضعها خلف آذِنها، قبل جبينها .. كلماتها أمس لازال يسمعها بداخلهُ، لايصدق بأن هايلي آشور الراقصة المشهورة والتي أصبحت معلمة في أكاديمية المواهب، ستحبه هو رغم كل عيوبه التي لاحصر لها.

بعد مرور على علاقتهما أسبوع، أقترحت هايلي قائلة:
- ما رائيك بأن نعيش سوياً؟
ثم أكملت:
- سأبيع شقتي وأنت ايضاً ونشتري شقة لنا فقط.
جال بعقله يفكر بهذه الفكرة، ليعانقها من الخلف مُقبِّلا عنقها:
- لاداعي بيبيع شقتي، فقط بيعي شقتك ونعيش سوياً.

°°°°°°

كانت { صوفيا} تنظر لسام بحنق، ف هايلي قصت لها ما دار بينهما، وعن علاقتهما السرية - كما أراد سام- والتي لاأحد يعرف عنها غيرهما وأمُها، قالت  صوفيا وهي تلوي شفتيها بإنزعاج:
- وهل تظن بأنك تستحق إبنتي.
- أمي؟
قالتها هايلي بحرج من كلمات والدتها، ليترك سام المعلقة وينظر لوالدة هايلي بإبتسامة :
- إبنتك لها حرية الأختيار وإن كنت تظنين بأني لاأستحقها، لمَّا تزوجتي إنتِ بوالدها
كان لديه حق فقصة والداى هايلي تشبه قصتها مع سام، فكان والدها زير نساء وكانت والدتها فتاة تقطن في نفس المنطقة التي يعيش بها والدها، وحين إلتقيا فعل والدها الكثير لتتزوج منه صوفيا ولكن شتان بين القصتين بأن هايلي طلب أن يرتبطا.

لم تتحدث والدتها معلقة على حديثهُ، بل نظرت له نظرة واجمة، لتكمل طعامها وهي تحاول أن تكبت الانفجار الثائر بداخلها إلا أنها لمحت شيء بينهما، كان يمسك بكف هايلي بحنان وهو يبتسم لها بإطمئنان..

على كُل، كل البشر يمكنها أن تتغير ..

يتبع..

رجعت بعد غياب.
الفصل 3300 كلمة💙😎.

الآراء؟

© Writer ,
книга «نُحو السماء».
Коментарі