Part 1
Part 2
Part 3
Part 4
Part 5
قصة جانبية
Part 4

وصلنا إلى مكان العمل الجديد وهو بناء من 6 طوابق لكل طابق عمله الخاص، أنا واكزافيير كنا في الطابق الثالث حيث ألعاب ال آر بي جي وهي عبارة عن لعبة تقمص للأدوار تقوم على حل الألغاز بوجود قصة معروفة النهاية إلى حد ما ولكن تفاصيلها مدهشة للاعب، الشخصيات الموجودة كلٌّ لديه طريقته في حلّ المصاعب أو موجودون فقط لأخذ المعلومات منهم، وبالطبع اللاعب وهو بطل القصة سيحاول حلّ جميع المشكلات المستعصية على تلك الشخصيات وأخذ منهم مقابل لإكمال رحلته حتى إكمال القصة الرئيسية والتي نشأت اللعبة من أجلها.
بدأنا العمل قرابة الساعة 9 صباحا وانتهينا الساعة 8 ليلًا، نحتاج العديد من الموظفين ذوي الشهادات المعينة ولذا نحن نقوم بأكثر من دور في الشركة، فمثلًا نحن نحتاج إلى مُبرمجين كُثُر، مدققين وأيضًا نحتاج إلى من هم بارعين في إنشاء القصص وكتابتها.
ألفريدو وإدوارد يتصلون معنا يوميا للاطمئنان على أوضاع العمل والأجواء التي نعيش بها حاليًا.
وفي يوم ما قرر ادوارد القدوم لمدة أسبوع كامل ليخبرنا عن عمل سري للغاية مرافق لعملنا داخل الشركة، كان بإمكانه التكلم على الهاتف ولكن الأمر يحتاج للشرح المطول ويجب أن يتأكد أننا نستمع إلى كل كلمة وكل حرف يقوله لنا، وفي هذه الحالة أيضًا نستطيع سؤاله عما نشك بصحته أو عما لا نفهم إن وُجد.
انا واكزافيير لم نعر الأمر تلك الأهمية فما السّرّي في ألعاب التقمص! بالطبع ماعدا قصص هذه الألعاب والتي لا يتم نشرها إلا بعد موافقة رسمية من المدير وذلك لإعطاء اللعبة أهميتها وتغذية جوع اللاعبين للعبة حيث يتعرفون على الشخصيات والعالم الذي يعيشون فيه
إنها كما لو أنك تحب قراءة الكتب واكتشاف الرواية المكتوبة بنفسك دون معرفة ما سيحدث قبل حدوثه، وهنا نفس المبدأ.
العم إدوارد كلّمنا وأخبرنا بقدومه بعد شهر من الآن ليخبرنا عن العمل الثاني الذي سنقوم به 

الحياة هنا هادئة منعشة، مختلفة عما كانت من قبل، أريد أن أهدأ كما الحال حولي ولكن الهدوء مخيف، بالنسبة لي أراه هدوء ما قبل العاصفة ولا أستطيع فعل شيء إلا انتظار مرور العاصفة على خير
يوم الاثنين هو يوم عطلة هنا ولذا سنذهب أنا واكزافيير يوم الأحد والذي يكون نهاية الأسبوع لحديقة الحيوان، أحب رؤية الحيوانات واللعب معها، اكزافيير يعود طفلا عند رؤيته للنسناس فيبدأ بإطعامه واللعب معه
يقول لي اكزافيير دائما أن أبتسم، أن أجد ما أحبه وأضعه نصب عيني، أعتقد أني نجحت بذلك اليوم، وسيكون يوما مميزا كعيد الميلاد، اشترينا تذكارين واحد لي وواحد لاكزافيير، هما عبارة عن بلورات تحوي داخلها مجموعة من الحيوانات المختلفة، انا اخترت الحيوانات الأليفة لتزين بلورتي أما اكزافيير فقرر بأن الحيوانات المفترسة مناسبة له أكثر، يقصد بأنه رجل والرجال لا يجب لهم أن يحبو ما هو أليف وجميل، على كل هذه ليست مشكلتي، فهو من سيندم لعدم شراء ما يفضله حقا.
عدنا إلى المنزل وبدأنا بتحضير العشاء، كان عبارة عن أرز وحساء البطاطا، استعنا بلعبة أوراق لتحديد من سيغسل الصحون اليوم، وككل يوم الخاسر هو اكزافيير، متى سيعلم أني جيدة في لعب الأوراق وسأفوز عليه دائما؟
مر شهر منذ بدأنا العمل الجديد وأخيرا سيأتي العم إدوارد ليكلمنا عن سره  الخطير جدا، رتبنا ملابسنا وذهبنا الى المطار

  • لانا: أهلا عمي كيف حالك؟ هل تعبت من الرحلة؟
  • ادوارد: اهلا يا صغيري، حق العمر علينا أن نتعب حتى عند الجلوس، كيف حالكما؟ هل العمل والموظفون جيدون معكم؟
  • اكزافيير: كل شيء جيد لم نشعر بالغرابة بعد مرور الأسبوع الأول، حالة لانا في تحسن مستمر هنا، حضرنا لك الطعام الذي تحبه، أنت جائع بالتأكيد
  • ادوارد: جائع جدا، طعام المطار أغلى من وجبات المطاعم الفاخرة، لم أشتري ما آكله حتى الآن لعلمي أن لانا ستجهز لي الطعام، لنذهب ونأكل يا أولاد

اكزافيير
جلسنا جميعا في غرفة الجلوس بعد انتهائنا من الطعام، وبدأنا نتحدث كما اعتدنا في البلاد السابقة

  • ادوارد: والآن وبعد الجلوس والاسترخاء، لا تكذبوا عليّ، كيف حالكم في الشركة الجديدة؟ هل هناك أي تغييرات غير محببة لكم؟ أخبراني وسأتكفل بالأمر دون معرفة أحد
  • لانا: لا وجود لأي مشكلة كانت مع الموظفين أو مع العمل، حتى الجيران لا يتصرفون بطريقة غير محبذة، بالعكس فالجميع حسن الخلق ممتع الحديث، عندما بدأنا بالسكن هنا قدم لنا شخصان كبيران في السن، كانا ظرفاء جدا، لم يقم أحد بتحيتنا قبلا لذا أنا فرحة بوجودي هنا
  • اكزافيير: كما قالت عمي، في بلدنا الأم لم يأتنا أحد أبدا، والدتي لم تقل لي لماذا ولكن هذه كانت حياتنا وعلينا القبول بها، أما هنا فالجميع رحب بنا ونستطيع زيارتهم وتوقع رد الزيارة، أصبح لنا أصدقاء نستطيع دعوتهم للمنزل والتحدث معهم على الهاتف، الاختلاف واضح هنا
  • ادوارد: يسرني سماع ذلك، فنحن نخطط لبقائكم هنا على الأقل 10 سنوات لحين الانتهاء من جميع المشكلات التي تواجهنا، وقد أخبرتكم أني سأقول لكم سرا عندما آتي، وباعتقادي لا بأس بإخباري إياه لكم اليوم بعدما تأكدت من راحة سكنكم بالنسبة لكم
  • لانا: تفضل عمي
  • ادوارد: الموظف الذي يقوم بكتابة القصص والأحداث لإدخالها في الألعاب قد دخل المستشفى، وليس لدينا وقت لتدريب أحد آخر، ولذا جئتكم بمهمة سرية، لا أحد وأقول لا أحد عليه معرفتها ماعدا القائمين على هذه الفكرة وهم أنا وألفريدو وأنتما وبالطبع الموظف، أخبرناه بسبب زيادة قلقه وتوتره وتأثيرهما على العملية الجراحية التي سيقوم بها السبت القادم، ستدخلان إلى فندق صديق لي وتأتيان لي بالأخبار التي تتلقينها هناك.
  • لانا: كيف ذلك؟ تلك خصوصية الفنادق وبالتأكيد سنحاكم إن أخلّينا بها.
  • ادوارد: لا أتحدث عن هذه، هذا المكان مميز، ميزته هي قدرة الأشخاص على إرسال رسائلهم إليه، مع حرية كتابتهم فيها، والكثير من هذه الرسائل تُقرأ ثم يتم الرد عليها وإتلافها ولكن لا أحد يتحدث عما داخلها، بمعنى أنكما ستأخذان هاته الرسائل وترسلان نسخة منها إلي، وبالطبع لا تنسيا الرد والإتلاف من بعدها
  • اكزافيير: ولكن هنا نسبة كبيرة ممكنة بألا تصلنا أي رسالة منهم أليس كذلك؟
  • ادوارد: هذه ليست مشكلة، ستعملان كرئيس قسم النظافة وفيه يتم معرفة كل ما يدخل ويخرج من الغرف وكثير من الموظفين غير متعلمين للقراءة والكتابة أو لغات أخرى وبطريقة طبيعية ستصلكم الرسائل، والمنصب الثاني سيكون الاستقبال والذي يصل إليه كل ما يتعلق بالرسائل أو الأشخاص الجدد، فبعضهم يعطي الموظف تلك الرسائل حتى لا يتأخروا عن عملهم
  • اكزافيير: وإن لم نعلم شيء عن اللغة المكتوبة ماذا سنفعل؟
  • ادوارد: لا بأس تستطيعان إعطائها لشخص آخر من موظفي الفندق ممن يستطيع فهم اللغة
  • لانا: لكنك قلت أننا سنعمل في الشركة والفندق، وكل منهما في منطقة مختلفة صحيح؟
  • ادوارد: نعم قلت هذا، ستصلكم التفاصيل هذه في وقت آخر، بعد الانتهاء من الإجراءات كافة، ما عليكم إلا أن تتجهزا للعمل الجديد والسري، صحيح أنه ملك صديقي ولكنه لا يعلم بالضبط لمَ تعملان هناك، كل تفكيره أننا نبدل ذاك الموظف بكما
  • اكزافيير: لا بأس موافقان، سنعمل بكامل جهدنا كي لا نخيب ظنكم
دخلت لانا إلى غرفتها بعد ذلك لتكتب مذكراتها كما كل يوم في هذا الوقت من المساء ثم بدأنا نستعد للنوم فالوقت أصبح متأخرا للجميع
في  اليوم التالي:
بدأنا نستعد للذهاب الى العمل، وعلى غير العادة لانا تأخرت عن موعد الاستيقاظ وبدت متعبة، الهالات السوداء ظاهرة تدل على عدم نومها البارحة، حركتها بطيئة متشنجة كما حدث معها عندما مارست الرياضة منذ سنوات

قبل 5 سنوات 
الطبيب قال للانا عن ضرورة ممارسة الرياضة ولذا سجلت في نادي للرياضة اسمه روز موجود على الزاوية القريبة من المنزل والذي يبعد 2 كيلو متر الحي في ذاك الوقت كان كبيرا واعتقدت بأنها قادرة على المشي كل تلك المسافة للوصول والعودة بعد التمرينات، لم أجادل في الأمر بعد معرفة ورؤية رغبتها في السير والخوض في هذه التجربة مرة ثانية بعد سنوات من عدم رغبتها من الخروج ولكنني كنت قلقا لمعرفتي بحالتها الصحية والنفسية والتي مررنا بها كلانا بعد الحادث الأليم الذي اسفر عن موت والدتينا والخوض بتغييرات جمة على المستوى العائلي والمعيشي، ولذا قررت الذهاب معها خوفا وقلقا، ولا أخفي أمر أني  كنت متحمس للأمر أيضا فقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة مشينا وتحدثنا كما اعتدنا في أيام المدرسة
الوقت كان باكرا خلال فصل الخريف، النسيم البارد يصفق وجهينا صوت المطر من كل الجوانب يضرب مظلتينا بضراوة، أوراق الأشجار الصفراء مبلولة على جانبي الطريق وتحت أقدامنا، لم يتوقف المطر منذ الساعة السادسة صباحا وموعد النادي الساعة الثامنة صباحا، مشينا وتحدثنا كثيرا وتذكرنا أكثر أيامنا الجميلة معا في بلدنا الأم، ضحكنا كما لم نضحك طول تلك السنوات الماضية، مشينا كثيرا حتى وصلنا للنادي، وقد بدت لانا متعبة ولذا أردت إخبارها بأن المشي كافي لاعتباره تمرينا فأجابت: هو كاف ولكني أريد التعرف أكثر على الأشخاص الموجودة في البلد، مازال هناك الكثير لنعرف عنه وهذه التجربة قد تكون جيدة لي، وأنت أيضا عليك التعرف على أشخاص جدد في حياتك، لربما نحتاج أصدقاء في أوقات الشدة
فصمتت علما أنها لن تغير قرارها مهما حاولت
قبل عودتها تكلمت مع الطبيب والذي بدوره أخبرني: إن كنت قلقا يمكنك إعطائها الآتي
سجلت كل ما قاله لي على قطعة ورق وذهبت لإحضاره، وفي طريق عودتي كان المطر قد توقف والشمس أشرقت من بين الغيوم الرمادية وأعطت الدفء للطرقات والأبنية شامخة الوقوف، انتظرت خروج لانا من النادي للذهاب معا، بدى عليها التعب، وجهها المحمر يرافقه قطرات من العرق على جبينها ولهاتها الحاد الناجم عن عدم تنفسها بشكل جيد خلال فترة التمرين، مع كل هذا بدت سعيدة تبتسم لصديقاتها الجديدات وتعدهم بالقدوم مرة أخرى للتمرين وإكمال أحاديثهن أو إنشاء أحاديث جديدة، ابتسمت باتساع عند رؤيتي واقفا انتظرها وأتت راكضة مليئة بالحيوية التي مضى عليها زمن مذ آخر مرة ظهرت ونشرت أجنحتها حول لانا، عادت لانا كما عهدتها الفتاة المشرقة صاحبة الضحكة العالية، تلقيتها بابتسامة نسيتها وبدأت بإخباري عن يومها مع صديقاتها الجديدات، إحداهن اسمها سماح، لطيفة وجميلة كوالدتها تملك شخصية قوية تمنها والدتها منذ زمن، حاولت تشجيع لانا على إعطاء كل ما لديها خلال التمرين ونجحت، نجحت في عمل ما فشلت فيه أنا 
عدنا الى المنزل ولم يكن هناك أي حاجة لإعطائها وصفة الطبيب، يومها استطاعت لانا النوم باسترخاء طوال الليل ثم الاستيقاظ بنشاط في صباح اليوم التالي
مضت الأيام وازدادت حدة التمارين، وضعت لهم المدربة برنامجا غذائيا دون طلبها لأي تحاليل مع قولها: جميع الفتيات استفدن من هذا البرنامج وتطور مستواهم الرياضي مع الوقت
لم تستفد لانا منه وازداد تعبها أكثر فأكثر، أجبرت لانا على الأكل من خارج برنامجها الغذائي كي تستعيد قوتها مع الوقت ولكن التمرينات كانت تمنع ذلك، اتصلت مع الطبيب أخبره ما يحصل فقال: تحدث مع المدربة وأخبرها عن حالة لانا الصحية وضرر التمرينات على صحتها واطلب مشورتها، بالتأكيد ستتمكنان من التوصل إلى حل يخدم جميع الأطراف 
في اليوم التالي لانا لم تستطع النهوض في الميعاد لذا ذهبت وتحدثت إلى المدربة وتناقشنا سوية في الحلول التي من الممكن أن تجعل لانا تتحسن فقالت: لا بأس أنا خريجة جامعة وأفهم ما تمر به لانا، فقد درسنا حالات مشابهة لها، أشكر قدومك والتحدث وسأفكر بتمارين مناسبة للانا كي تمارسها مع الفتيات
كنت قلقا من عدم قبولها للفكرة ولكن مخاوفي لم تكن ذات أساس منذ البداية، تنفست الصعدات وأكملنا التحدث قليلا استطعت من خلاله تكوين فكرة جيدة عنها، أم لفتاتين تمارسان التمارين معها في ذات النادي، إحداهما اسمها سماح والأخرى زينب، جئن من البلاد العربية بسبب عمل زوجها الذي توفي منذ سنوات تاركا لها ولفتاتيها هذا النادي لتعتني وتعمل به
قالت: بسبب بقائي في بلاد أجنبية غريبة دون زوج، عائلتي لم تعد تتكلم معي، تم قطع علاقاتنا بالكامل عن طريق مكالمة هاتفية، لم أعلم ما عليّ القيام به ولذا بدأت التعرف على الجيران والفتيات اللواتي كنّ يأتين إلى النادي باستمرار، تحسنت الحال شيئا فشيئا والآن كما ترى، لدي كل شيء أحتاج إليه، أتمنى لكم تحسن الأحوال بأقرب وقت، وقل للانا ألا تخجل مني إن أرادت طلب شيء ما، يمكنكما اعتبارنا أهل من اليوم.
كلماتها كانت طيبة سلسة، لم أحس بجمال كلام أحد من قبل كما كان كلامها، فتياتها كن لطيفات مثلها وخاصة الفتاة سماح، علمت الآن سبب محبة لانا لهن، معها كل الحق
عدت الى المنزل لأرى لانا قد نهضت من السرير، ذهبت إليها ضممتها وبدأنا بالكلام

  • اكزافيير: هل تشعرين بتحسن؟
  • لانا: نعم قليلا، يمكنك الجلوس في الجهة الثانية بالقرب من المدفئة، أتريد شرب شيء دافئ؟
  • اكزافيير: لا لابأس، ابقي جالسة طلبت طعاما منذ ربع ساعة، القليل وسيصل، بعدها سنأكل ونشرب كما تريدين
  • لانا: ألا تشعر بالبرد؟ كنت في الخارج منذ دقائق معدودة، اقترب من المدفئة كي لا تمرض
  • اكزافيير: لا عليك، قليلا بعد ثم سأقترب منها
  • كنت أنتظرك كي نشرب الشوكولا الساخنة التي اشتراها العم إدوارد لنا هذا الصباح، أعلم أنك لست على معرفة بقدومه أو شرائه لنا شيء ولذا أردت منها أن تكون مفاجئة، أنت تحب الشوكولا صحيح؟ حتى أن العم إدوارد اشترى لنا كعكة بالشوكولا والفانيليا، كنت أنتظرك لتذوقها سويا
  •  حسنا اذهبي وحضري لي فنجانا منه، أنت تعلمين كيف أحبه لذا لن أخبرك كيف تحضريه، وأنا سأذهب لتبديل ملابسي حقا هذه المرة
انهى حديثه بابتسامته الدافئة مع تربيته بسيطة على خد لانا، بعدها ذهب ليكمل ما كان سيفعل
 
© Maria Zoe,
книга «كيفك ياوجعي..».
Коментарі