1
2
3
4 - النهاية
التحليل النفسي وما بعد الحداثة
1
زخّات تسيلُ بأناةٍ زجاجَ النّافذة ، يليهَا دويّ رعدٍ أفاقَ جُثمانَ العارِي من غفوتِه .

جدرانٌ ثلجيّة جانست بشرَة مُفترشِ الرّخام المُرصّعة كدمات قرمزيّة ، قد مسّه الوسنُ بداهةً لمَّا أرهقهُ تفكيرُه المَريض .

دارَ متاهةَ الرُّوح و العقلِ طالبًا هويّته ، مُفتشا أركانَ فهيمِه عن إخوةِ أنانيَّته غافلٌ أنّ الملاكَ صاحب الإتّزان راحلاَن ، يعشُو نحو الظّلالِ عساهُ ظلّ أحدهمَا ، وهمَا بتلك المتاهةِ ضاعَا .

هديّة بمخرجهَا ودّت فرحةً للسّيد تُلهيه غمّه ، ذاكَ الضّائع أتى متدثّرا الأنانيّة ، غارقًا بغيهبِ الهو ، أوجدَ ذاته أم زاد تشتّته ؟

ما كانت الهديّة غير صورةِ شيطانٍ ، استغرقتهُ أيّامٌ حتّى إستدرك أنها مرآة ...

نهَض يجرّ سيقانهُ سعيا لفتح النّافذةِ ، فيلفحُ الرّيح عريّ بدنِه ، طقطقةُ رذاذٍ ضربت سمعَه تشبّك ونواحٌ لفقدان عزيزٍ سُمّي شقيقَه .

صغيرٌ ضحيّة إستهتَار سائقٍ ، سُلبت روحُه يوم ميلادِه فيما هرولَ متلهفا وصولَ المخبَز لشراء الكَعكة. 

أطلّ العارِي يُبصر الإدلهمام الطاغِي على القادِمين ، يُقابلهم ممتعض الملمح مستعجبًا استخراطهم البكاء .

-

يونغي

وإن مَات ؟

مُجتمعٌ تافهٌ نصّ البكاءَ بالجنازة لما لا نضحكُ مثلا ؟ هؤلاَء حفنة آلاتٍ تتّبع قواعدَ لا صّحة لها من الوُجود ، أقسمُ بحياتِي أنّهم لا يذكرون حتّى سيماءه فلما ؟

لمَا ؟

لما لا أنوحُ أنا وشقيقي قد سُحق حين أفلتُّ يده ، لمحت الشاحنة تُهدّد بدنه ، لكنّي لم أبرح بُقعتي ، تساءلتُ لحظتئذٍ عن تسمّري وإندفاع غيرِي نيّتهم إسعافه.

طالبتهُم دوافِعهم بنجدتِه ، خاضعُون للإنسانيّة وأنا مُسيطر لا تعبث بأفعالِي حكمٌ و لا خصال حميدة. 

غائبٌ مجهولٌ أنا ، أحيانًا لا أعرفُ نفسي .. أحيانًا أفتخرُ بذاتي. دام الصّراعُ وتيقّنتُ حديثًا أنّي متوّجُ بلذّة الإختلاف .

حرّ أنا ، لا ربّا يطمسُ رغباتي قفصًا بلا مفتاح.

لاَ قيود تطرحُني مكبّلا فيُقال عنّي عاجزٌ .

لا منطِق يحدّ نطاقَ فِكري ، مهبولٌ أنا عاكستُ قيم الآدميّين ، سارُوا صفوفًا يمينا فإتّبعت اليَسار ، نحو رغبتِي بنيتُ سبيلي .

بعيدًا عن ضجيجِ كُن وقُم وافعل ذاك أو ذاكَ ، خلّفتُ مساجدَ تصدح بالآذان و كنائسَ رنّت أجراسُها ، عبدوا آلهةً و تماثِيل ، مرءٌ ملتحي يسمى يهوديّا يفرضُ إعتقاداتهُ وأنَا ..

وحيدٌ بلا آياتٍ تحصّنني من خبل الشّيطان ، أنا الشّيطان فمن يحميني من أفكارِي ؟

-

توسّطَ خلاء الغُرفة ، كأنما يقبع داخلَه ، مقفر ، موحشةٌ أركانُه يحتلُّها زمهرير يُلامُ لتجمّد جلّ ذرة خيرٍ قد نبتت يومًا غورَ  مين يون غي . 

مُتحكم حرٌّ هوَ أم خاضعٌ يبجل شهواتِه وغريزته ؟


© Chiraz ,
книга «غيهب الهو».
Коментарі