1
2
3
4 - النهاية
التحليل النفسي وما بعد الحداثة
2
سويعات فيضِ الصّغير ، تفاقمت قهقهاتُ البائس تتخبّط أركان البيتِ الكئيب فتنالُ نظراتٍ لمّعها الإستغراب ، انتفضَ الرّجال مثلهم النّساءُ يلقون أعينهم حولهُم ، بغية قطفِ الخائن الجريء لتلويثِ وجوم الجنازة .

فيأتيهُم وقع خطواتٍ جابت رواق الطّابق الثّانِي ، ثمّ يطلّ ذو الهيئة البهيّة تكسوه العتمة ، أقرب منه للجثّة لا يُرى إنسانًا. 

  يباشِر نزولَه فتتجلّى تقاسيمَه المُهلَكة ، بياضُ محياه دنّسته هالاتٌ كادت تشقّ معبرًا للمتاهة بخلده لعُمقها ، طمرَ يداهُ جيبَ معطفِه الطويل ، يرمُق الضيوفُ بتعالٍ يستصغرُ حتّى كبيرهم .

" ابنُ مين الأكبر " أذاعت إحداهنّ قُرب أذنِ جارةٍ جحظت حدقتيها حالما أُضيفَ لسمعِها " سمعتُ أنّه مريض " .

انفضّ الحشدُ بالصّالةِ يشيّدون جسرًا تبعهُ الغُرابيّ ، مسرورة ذاتُه لغياب مصدرُ التضايقِ وملطّخ فنه .

" صباح - مساء الخير " عدّل تحيّته لمّا استَدرك الوقت ، فيعشُو قبالةَ أمه المنهارَة ليربّت كتفَها .

" كان طفلاً جيّدا " تمتم قاصدًا الرّاحل ، غير مكثرتٍ للأعينِ المتربّصة به ، شيطانُه سئمَ الإختباء قد جاهرَ يومئذٍ بمعصيّته .

ثمّ انحنَى لجسمان المغلوبِ على أمرِها فيهمسُ أحرفا طلّستها غبطته. 

" أشفِق عليكِ ، عبدةٌ خاضعة لا تقوى حتى على كبحِ دموعها "

نطقُه ذاك صفعةٌ ساهمت بفطنتها فتنتفضُ وقبضتُها تكاد تهدم صدرهُ لتلاحقُ ضرباتها . فاجعةٌ وقعت لا دراية لها كيفَ تحلّ وجعها .

" هذا أخوك الذي مات ! هذا أخوك أيها ال- " امتنعت عَن شتمه ، جفّ دمعُها فيما اِنخرطت تُراقب جماد تقاسِيمه .

" مابك بُنيّ ؟ " لانَ فؤادُ الأرملة فأنشأت تداعب وجنته ، تُفتّش عن جوابِ سؤالٍ حتى نفسُه تجهله. 

" ما بكُم أنتم ؟ "

خطا خلفًا ، ثمّ رشقَ الواقفينِ نظراتٍ ملغِزة ، حبكَ حاجبيه لحظةَ ثواه الإستعجَاب .

" ما بكُم ؟ " صاحَ قُبيل استهدافِه الباب، يفرُّ مُبتعدا عن جُثتٍ متماثلةٍ كدمى والمُتحكّم واحدٌ فرض أمرهُ على الضّعفاء المساكِين .

ستارٌ ملبّدٌ أعلاه أشد عتمة منه ما وُجدت ، منتصبٌ وسطَ الطّريق حوله من يجيء ويئيبُ يلمحُهم أبدانًا رؤوسُهم مقطوعةُ القمّة فيسهل رؤية الأيادي تشدّ عقُولهم ، ألسنتُهم تتدلّى قد أشاعت بلاهَتهم .

بدُنيا الخلاَء وسّع خطواتَه ، يسترقُ السمع لصدى أنفاسِه بين الأبنيةِ الرّماديّة فينتشلُ بصره رسّامٌ يستعرِضُ لوحاته .

خربَشات تمثّل جنون العقل و وحدته ، إحداهَا شابهت رسمةً وليدة ليلةٍ مديدةٍ أسماها ...

"comme si tu n'existais pas"

أنثَى باغتتهُ ببوحِ اسم رسمتِه تُبرهن تداخلَ أفكارهما ، التفت ليُشبع فضوله بذاتِ المعطفِ الأقمر ، المعاكس للبسه .

© Chiraz ,
книга «غيهب الهو».
Коментарі