1
2
3
4 - النهاية
التحليل النفسي وما بعد الحداثة
3
" كأنك لستَ موجودًا " أعتقت الأنثى تكرارًا ، نالت بهِ تبصُّرًا منه. 

" عفوا ؟ "

جانست نغمتُه بهوت عينيه ، فيما يرمقُ مليحة السحنة مستفسرًا إقتحامَها فكره ، عبثَها نباهتَه ، تداخُل أحرفها ولسانه . 

" أليس هذا ما تعبر عنه اللوحة ؟ " صقلت كلماتها بلاهةً ، تكتّفت تدنو جهتهُ حتّى جاورته ، تلافّت الأنفاسُ والتقت الأبدان ، نصفٌ لنصفٍ والقلبُ على القلب .

" تعبر عن نقصك ، عدمك ، أنتَ لاشيء إن انحرفت عن الأنام ، وحدتُك صفر و الصّفر حيّزٌ سيّجك ، يحيطُ ذاتك مخبرا إياها أنّكما سيّان "

دلّت سبابتُها ظلاّ فحميّا يتلاشى قد رُسم مفارقًا مجتمعًا مكتملاً مختلط الألوان ، منعزلاً أمّم يسارًا لمّا لجأ الآدميُّون لليمين ، كأنّه هو ، وغيهبه ، منعدمان .

بُقعةٌ تذوبُ حضيضَ الإدلهمام ، تلقفت منه لونًا وتُدنَّس بالخطايا ، الأنانية ، الطّمع ، الكره و عبوديّة الذّات ، و الذّاتُ ما بلغت ناصية المثاليّة فبأيّ حقّ تزوّر طهارتها ؟

" لا وجودَ لك كنِصف ، وجودك يعتمد على المجتمع ، عليكَ الخضوع " نغمةٌ أمرٍ شيّدت الإحتدام بينهُما ، فيحولُ تضادٌ جليلٌ جمع سكينتهَا و فورته .

" مكتملٌ أنا " برّر يونغي موقفه ، يبرم يداهُ خلف ظهره .

" لا كمال سوى بالجماعة ، بكَ حفرةٌ تفتقرُ القيم ، الدينو واجباتك ... إن لم تملأها ابتلعتك ، ستغرقُ بغيهب الهو .
السير منفردًا خطأ ، أنت مقيّد بلا منفذ ، مكبّل وخاضِع ، لا يد لك بالأمر فلا تهرب من الواقع "

" مبتذلة مثل كل ما يعنيكِ " تفاقمت ضحكاتهُ بعدئذٍ قد بلغت السّماء. 

" الصفر حيزك أنتِ ، حبيسة الغير و الإعتقادات المغشوشة ! لما علي أن أتبع فكرة الآخر ولا أتبعَ نفسي أنا ؟ لربما هم مخطئون أو آثمون مثلي . ألا يعني إتباعهُم الإنقيادَ لأنانية وشهوة الغير ؟"

" الدين معصوم عن الخطأ ، إتّبع ما يأمر به "

بلحظةٍ مدّ يدهُ يقذفُها عن جهته ، خطا يرسُم مباعدةً و ألقى عليها من بُقعته " الدين محرّف كما حرّفوا فطنتك ، ثمّ ... ألستِ و الكلب سيان ؟ "

" اخضع ... " صاحت به.

" تمرّدِ ! الحُفرة بكِ مليئةٌ لو وصلتِ عمقها وجدت مرآة تعكس نفسك ، حقيقتك ، أتركِي تفاهتهم وستجدين بملذاتك النور ، لا تحاولي فرض هيمنتك عليّ فأنا لستُ بعبد ، أنا مين يونغي و ميم اسمِي تعني مُسيطِر . لا سلطة لديك عليّ ! "

تخيّر لو يوضّح مفهُومه فعادَ يسعى للرّسام وانتشلهُ من مقعدِه ، التقَط قلمًا ودسّه عيناهُ اليمنى فاليُسرى .

هوى جسمانُ الفنّان ، انسكبت دماؤُه تُمطرُ جفافَ قلبِ يونغي مواكبةً استخراطَ الفتاة النواح لما شهدت .

" توقف هل جننت ؟ هذا خاطئ " حصدت نظرته المعتمة ، يسمي حاجبيه مستفسرًا .

" لماذا ؟ "

" ارتكبت جريمةً لتوك "

أشارت نحوه بأصابعِ الإتّهام ، تشفنه ، تستصغرُه وتُشفق على حالته في آن .

" أخبرتُك أنّ لا قانون ولا إنسانًا يردعني أيتها المرأة البائسة ، لما تهتمّين به ! ألا ترين أن خضوعك هذا لا يجلب غير الألم والقهر لك ؟ "

أولته ظهرَها ، تراجع عن مواجهتِها ، مضى كلّ بسبيلِه لكنّ رغبة السّيطرة نمت غورهُما فيلتقيان مجدّدا .

رأته ، رآها .

كأنّهما متصلان ، شيطانٌ وملاك ، سالب وموجب ، شر وخير ، كره وحب ، الهو والأنا العليا ، نصفان لعقل الإنسان .





© Chiraz ,
книга «غيهب الهو».
Коментарі