أول الغرق
طيفُها
نحو القاع
التعايش مَع الغرق
أكبر بكثير
طفا الغريق - النهاية
طفا الغريق - النهاية
لحظات سالبة للأنفاس ..

كان مختنقًا جدًا بينما يستوعب حقيقة الألم الذي ينخر عظامه وينهش لحمه هذا ثم يفتت قلبه بقسوة شديدة

يرى عائلتها تبكي بهدوء عكسه من لم يكن يستطيع البكاء مرةً أخرى ، لقد بكى سابقًا ثم توقفت الدموع ولم تعد تطيق الخروج من جفنيه

وضع لها الورُودَ ثم جعل يلمس البتلات المشبعةِ بالألوان ، ستخمد ألوانها يومًا ما وستذبل كما يذبل هو الآن

لكن المبجلة ميون لن تذبل أبدًا بالنسبة إليه ، هي مازالت وردة متوجة كما كانت في حياته سابقًا وقبل حتى تقاطع الطرق بينهما

ولن تذبل ! لن تذبل في قلبه الذي يموت كلّ يوم زيادة من دونها ~

~~~~~~~~~~~

" جوهي توقفي عن التذمر بشأن سلوكه !! احترمي زوج أختكِ المتوفاه رجاءً "

تذمرت جوهي بعدَ ولوج أربعتهم للمنزل ، منزله هو وهي ، هي من غابت تحتَ الثرى وتركت البقية حائرين هكذا من دونها

" يتصرف كما لو أنه الوحيد المتأثر بموتها
سيلحقها بهذا الشكل !"

نطقت ممتعضة ولكن بصوتٍ خافت حتى لا تتداركه مسامعه ، وفي الحقيقة هو كان يسمع كل حرفٍ ينطقون به خارج الغرفة التي أوى إليها

ولم يكن مهتمًا بما يقولون ..

كان ينزع عنه السترة ويخفف إحكام الأزرار على كلٍ من ياقته وكمه

وبينما يعيد السترة لداخل الخزانة هو قد لمحَ ذاك الفستان الوحيد الباقي منها ، رفضَت أياديه إلقاء كل ما يخصها بعيدًا كما طُلب منه

رفضَ التبرع بكل شيء ينتمي إليها كما اقترحوا عليه ، قالوا له بأنها ستكون سعيدة إذا تبرع بما لن تحتاجه هي بعدَ الآن

ابتسم بينما يتخيلها ترتدي الحرير الأبيض وترقدُ على نمرقٍ من الرباب هناك عاليًا ، تبتسم إليه بكل إشراق تشير له أنها في أكثر الأماكن أمانًا من هذه الحياة السفلية المحفوفة بالأخطار

لن يكونَ هناك طريق يخطف الأنفاس بلمح البصر نتيجة عن تهور أحد السائقين ، لن يكون هناك أشياء مريعة كهذه تنهب منكَ من تحبهم أمام عينيكَ أو من خلف ظهرك بغدرٍ هكذا

هناك لا غدرَ ولا خيانة
لاحزنَ ولا دموع طافية

أفكاره بدت تغدو إجابية ، ثم استل ذلك الفستان فراحَ يتأمله بنهمٍ شديد

يأخذه بين ذراعيه ثم يهوي للفراش فيستنشق عبيرها العبق ، يستذكر كلّ تلكَ الأحاسيس المرهفة التي لم يظن يومًا أن الحياة ستسمح له بتجربتها

وقد عاشها بفضلها هي ، بفضل قلبها وابتسامتها التي كوّنت له عالمًا آخر اعتنق العيشَ فيه

ذكراها شيء لا ينسى ولو مضى من العمر ما مضى ، لو نام واستيقظ مئة مرة لن تغيبَ عن ذاكرة عينيه التي كانت تتغذى برؤيتها قربه تمامًا

هذا الغرقُ قد أصبح شيئًا آخر فجأة ، كما لو أنه وصلَ القاع فأُعمي بصره لأن اللجة قاتمة جدًا ، ثم ها هو يرتفع عاليًا دون أي مقاومة أو محاولة منه للتوجه نحو الشمس الباثقة

نحو تلكَ الخيوط المنتشرة في السطح !

هناكَ حيثُ يطفو هو نحو نورها ، إلى حيثُ تكون هي !

ما كان يظنّ ، أن بعدَ كل هذا الكمّ من الحزن
هناك مصباح سينير عتمته وفوقَ هذا
يجعل منه يسترخي ويتنفس بهدوء كما اعتادت رئتيه قبلَ فراقها

" اذهبي وناديه كي يتناول الغداء "

أمرت الأم جوهي من تذمرت للمرةِ المليون على كونها ذلكَ الصغير الذي يلبي طلبات الكبار حوله

" لن يتناوله صدقيني أنتِ تتعبين نفسك على لا شيء ! سيظل يحدق بالصحن شاردًا حتى يبرد الطعام "

" توقفي جوهي ! هو كان يحبها حبًا جمّا وأنتِ لا تقدرين ..جميعنا كنا نحبها ، لكن هي قد ظهرت في حياته فجأة ثم تعلّق بها جدًا فلا بد منكِ أن تعذريه !! "

صاح والدها فيها لتشعر بخطئها وتتأسف على الفور ، حقيقة أن شقيقتها قد عاشت قصّة حبّ خالدة كهذه أمرٌ يبدو كقصةٍ روائية بالنسبة لها ، لكن عندما تراجع الأمور في رأسها

ترى أن شقيقتها محظوظة بحق لأن هناك من لن ينساها وسيظلّ يكنّ لها ذلكَ الحبّ والولع الشديد مدى عمره ، وسيحزن حتى يبهت وجهه على فراقها

حثت قدميها للغرفة بقلبٍ مقبوض تودّ أن تعتذر منه وتناديه كي يشاركهم الغداء

أبويها لم يكونا ليرتكاه في يومِ ذكرى وفاتها فهو جزءٌ من عائلتهم التي ستحتوي ميّون في كلّ حجرةٍ من حجرات القلب الأربع وللأبد !

" سيد يونغي .."

جاءت إليه فوجدته نائمًا بسلام جنبَ فستان حبيبته التي تركته منذُ عام يتمنّى منها لقاءً أخيرًا يودعها فيه كفاية ، وما كان سيكتفي حتّى لو دام ذلكَ اللقاء لأطول فترة ممكنة

هل يكتفي الحبيب من محبوبته ؟

تنهدت ثم اقتربت أكثر تهزه بخفةٍ وتكرر بإسمه ، لكنه لم يحرّك طرفًا ولم يتجاوب معها

إستاءت وقد إجتاحها القلق فزادت من قوة هزها له لتجده باردًا الجسدِ لا يرتفع صدره ولا ينخفض

لا شيء فيه يتحرك ..

صُرعت في مكانها ...

ثم أدركت كما أدرك الكلّ بعدها ..

أنه قد رحل ،

معها ! ~


- THE . END -

© Orchid 99,
книга «Between Dark And Darkness».
Коментарі