أول الغرق
طيفُها
نحو القاع
التعايش مَع الغرق
أكبر بكثير
طفا الغريق - النهاية
أول الغرق
كَان يا مكَان
في زمنٍ ما ~

جو أكمد ، سماء رمادية
شمس متوارية ، قلوب تدّعي الحزن
كان يشعر أنّ الجميع يدّعي الحزن ، لكنّهم لا يجيدونه مثله أبدًا

لأن الحزن الحقيقي هو الامتناع عن الحديث ، جميعهم كانوا يتحدّثون ..

عداه ..

كان ينظر لأمها مفطورة القلب ، تمسك بصورة فلذة كبدها وتحترق شوقًا لها ، لكنها تتحدث مع الحاضرين

حتى لو سكبت بعضًا من الدّموع

كان يرى اهتزاز التجاعيد في وجه والدها ، والدها الذي يبدو ملويًا الظهر من شدّة الانكسار

لكنه وفوقَ هذا ، كان يجيدُ طرحَ الأحاديث

أختها ..

لا تختلف عنهم بكثير ، بدلًا من أن تنزوي في حزنها
ترتمي في أحضان الكثيراتِ حولها ممن يواسونها

هو يعلم أنه يخطئ بحقهم بينما يقول عقله البغيض له أنهم ليسوا بذلكَ الحزن ، ليسوا مثله ..

هم يتركون النوافذ بلا ستائر ويشعلون أنوار المنزل وهو ، هو قد انطفئ النور الوحيد الذي برقَ في حياته

لذا ، هو مصرّ

أن حزنه هو الأرفع درجة ، أنه لا ينطق بحرف
أنه لا ينظرُ إلا للأرضِ حيثُ عادت هي ..

جفنيه لا يحملانِ أي قطرات من الدموع ، لماذا عليه البكاء ؟ البكاء لمفطوري القلب فقط ليس لمن انتهب منهم عنوةً !

هو لم يعد لديه قلب..

قلبه الوحيد الذي نبضَ في حين غفلةِ منه ، زال !

في غفلةٍ منه أيضًا ..

نهضَ من الأرضية الخشبية ، يخطو متثاقلًا إلى حيثُ عُلّقت صورتها

كانت مبتسمة ، كانت كما قابلها أول مرة
كانت مشرقة ، ينبثق من تفاصيل وجهها النور
بالرغم من كونها محض صورة معلّقة ، إلا أنها كانت حيّة جدًا بالنسبة إليه

حقيقية أكثر من أي شيء آخر حوله الآن ، جميعهم قد أغشاهم الضباب وهي بقت الصورة النقية الواضحة لعيناه

" ميون.."

كان هذا هو الشيء الوحيدَ الذي نطقه منذُ فترة طويلة جدًا ، ناداها يمدّ أصابعه قليلة الحيلةَ إليها

" أنقذيني.."

كانت تبدو له حقيقيةً جدًا كأول لقاء ، كأول تبادل نظرات بينهما ، كأول مرة لمسَ جزءً منها وشعرَ أنها كيان في كونه الخاص

تمنّى لو يتكرر ذلك الشعور مرةً ثانية ، الآن
في هذه اللحظة التي تفصل بينَ سقوطه أو بقاءه صامدًا

لكن كلّ شيء انهار ، حينما لامس الصورة
وأدركَ أنها مجرد صورة عاجزة مثله
ميون لم تكن عاجزة يومًا ، فكيفَ أصبحت الآن تشبهه هكذا في عجزها أو أشدّ ؟

عقله لم يستوعب بعد أن ميون ، تلكَ التي بثقت الأنوار في ظلامه ، لم تعد تستطيع ذلك

أبدًا..

ولا حتى القليل من الإضاءة الخافتة ، التي كانت تمدّه بها في تلكَ الأيام الصعبة بينهما

على الأقل ، كانت موجودة
أما الآن فلا ..

أنزلقت أصابعه على الصورة..

كما هبطَ هو جاثيًا على الأرض ، كانت تلكَ هي النهاية بالنسبة إليه
تحديدًا

بداية الغرق ! ~~~



© Orchid 99,
книга «Between Dark And Darkness».
Коментарі