أول الغرق
طيفُها
نحو القاع
التعايش مَع الغرق
أكبر بكثير
طفا الغريق - النهاية
طيفُها
كان يحاول بشدّة ازاحة الستائر
عسى أن يلج بعض الضوء إلى قلبِ عتمته المتراكمة
لكن هاهو يغلقُ عينيه بشدّة ، لم يستطع تحمّله
لم يستطع تمكين النور من إجتياح الغرفة ، هذه الغرفة التي أصبحت مخزنًا لأثمن الذكريات

تلك الذكريات التي يتوجب عليكَ إلقاء الغطاء عليها كي ترقد بسلام ، كصاحبتها بالتحديد

تراجع بخطى مترنحة ، فسقطَ على السرير هاويًا كنسرٍ قد أُصيبَ في جناحه الأيمن

كان ينظر للسقف المظلم ، كباطنه الذي يتوشج بالظلام لا غير

يحاول التنفس ، يمدّ يده عاليًا كالغريق
هو يعلم أنه يغوص كلّ يومٍ زيادة

لكن الناس يقولونَ له ، أن عليه المكابدة والعيش وسطَ هذا المحيط

هم يطلبون منه شيئًا تعجيزيًا ، لكنه سيحاول
لأن عليه أن يعيش ..

بالرغم من رغبته الشديدة في التلحف بالغطاء ثم النوم للأبد

حتى يتوقف هذا الألم المريع عن أكله حيًا ، إنتبه بينما يدير رأسه يمينًا وشمالًا

أنه هوى في جهتها هي ، هذا كان جزئها من السرير ، هنا كانت تنام بجانبه كلّ يوم

هنا كانت تضمّه كطفلها الصغير ، كانت أحضانها دافئة جدًا في أخفض ردجات الحرارة ، لا وشاح ولا غطاء كان كنسيج ذراعيها الأصيل

الآن ، مهما حاول
سيظل البرد يكتسحه حتى في أعلى درجات الحرارة
نهض ، رائحتها بدأت تتلاشى في العدم
في أول أيام رحيلها ، كان يتكوّر هنا يلملم بقاياها في رئتيه

الآن ..

لا عقله ولا قلبه يستطيع إستيعاب ذلك ، أن بقاياها بدأت تضيع ..

هذا وحده كفيل بجعله ينفر من الغرفة بأسرع ما يمكن

~~~~~ الساعة العاشرة والنصف صباحًا

يقود سيارته بقصد التوجه للعمل ، لا يمكنه التغيب أكثر من ذلك

حجته تبدو واهية بالنسبة لمن لا يفهمون معنى أن يسلب منك الشيء الوحيد الذي كنتَ تستيقظ من أجله

كان شخصًا مدمنًا للنوم ، ساعات نومه طويلة جدًا
كان روتينه مجرد من كل حرفٍ يكوّن كلمة الحياة
هذا كله كان قبلَ إنبثاقها هي في حياته

الآن هو يقود مشوشًا الرؤية ، يطل كل بضع دقائق إلى الكرسي المجاور له

هنا كانت تجلس ، وكانت دائمًا ما تتشاجر معه كالأطفال من أجل استخدام المرآة الأمامية
بالرغم معرفتها ضرورية إستخدامها أثناء القيادة

فيركن السيارة جانبًا ، ثم يهديها نظرةً نصفية
بعدها هي تضحك على مظهره الغاضب
تضحك بشدة ثم تعبس لأن تعابير وجهه أخافتها
حينها يأتي دوره هو ليضحك عليها

الآن هو يركن السيارة ، لأن الذكرى تزعجه
ذكراها لا هي

ذكراها الشفافة ، التي تقول له بكل بساطة
أنا لم أعد هنا لأضحكك
لأجعلك تبتسم

مرةً ثانية..

من الصعب جدًا أن يبصر كفيه بعجز ، ثم يتمثّل له طيف يدها التي تمتد لخاصته

كما يذكر ، هي كانت تفعل ذلك كلما يتوقف عن القيادة بفضل عركلة السير أو إشارة المرور

وتقول له بنبرةٍ رهيفة " أصابعك شاحبة جدًا ، أنظر للفرق ، تبدو كالشبح !  "

لم تكن شاحبة مثله ، وكانت محقة جدًا
حينما لقبته بالشبح ، فهي كانت الحقيقة وهو كان ذلكَ الخيال الشاحب الذي تمكّن من إجادِ حقيقته في هذه الحياة

معها ..

مسحَ وجهه ضجرًا ، لمَ يلاحقه طيفها بهذا الشكل ؟
وذلكَ الشعور القاتم الذي يبتلعه باستمرار ؟

لمَ عليه أن يتأخر عن العمل زيادة ؟

الجواب هو ، لأن عليه أن يتفقد خلو وجهه من أي أثار للدموع ~

© Orchid 99,
книга «Between Dark And Darkness».
Коментарі