الفصل الأول: عند الساعة صفر
الفصل الثاني: فرانسيغا
الفصل الثاني: فرانسيغا
_إلى فرانسيغا عند الساعة صفر.

دارت عيناه في مدار أفكاره التائهة، يبحث عن مخرجًا لتلك العسرة التي وُضع فيها

_إنها...

كلماتٌ كان سيبوح بها، لكن كان ل فيليا رأي آخر!

_إنها مدينة لم يذكرها التاريخ فهجرت ما يسمى بالزمان، صحيح؟

اتسع بؤبؤ عيناه متعجبًا.. متسائلًا في باطن نفسه. كيف عرفت؟ ومن أين لها بهذا؟.
دقائق مرت نسيَّ فيها أندرية كيفية الكلام، للتتابع فيليا بدورها كلامها: كنت تريد أم تصنع كذبة، لكن أجبرتك الحقيقة بقذفها صحيح؟.

ابتسمت ابتسامة هادئة في نهاية كلامها لذلك الذي أصبح كضخرة ضالة في الصحراء. أخرجت فيليا زجاجتان من عصير التوت، قدمت احداهما لأندرية، تجرعها أندرية على مرةٍ واحدة ليشعر بإنتعاشِ يسري بطول جسده.

_شكرًا.. لكِ

اردف كلماته بهدوء اندمج مع توتره الملحوظ لتلك التي كانت تراقب تحركاته المرتعشة، شعرت فيليا بشفقة عليه وقليلًا من الغضب من نفسها عن ما فعلته.

_اعتذر عمَّا بدرَ مني، فعلتي لم تكن على صواب.

_لا بأس، سأوصلك إلى المنزل.

اختصر كلماته الأخيرة في هدوء، و محاولة يائسة في استعادة هَيْبَته وثقته بنفسه التي فقدها في ثوانٍ معدودة.

_متى تنوي الذهاب إلى تلك الفرانسيغا؟

قطعة نبرتها الأنثوية أعزوفة الأنفاس المتضاربة بألحان الوجوم المريعة، لكن لم تتلقى الرد من المعني الذي صوَّب معظم اهتمامه للطريق والقليل لسؤالها الذي قرر تجاهله.

_لا اقصد التطفل.. عذرًا.
_غدًا.

إقتصر إجابته بكلمة واحدة، علَّها تشفي سؤالها لكن..

_كيف تقول غدًا وفرانسيغا لا تعترف بأي زمان؟
_لم اتعمد النسيان.. سأسافر بالقطار إذن!

بعد ان انهى كلماته، تعالت صوت ضحكات فيليا إلى مسامعه مباشرة مما جعله متحير من تصرفاتها.
لم يبادلها ضحكاتها، أو حتى سألها عن سبب تلك الضحكة المفاجئ، لأنها أجابت بالفعل: كنت أمزح معك، لقد حدثتك بالزمن عندما سألتك "متى تنوي الذهاب؟".

كان الصمت ملاذهم طوال الطريق، فكلًا منهما في عالمهما يسبح.
بعد نصف ساعة وصلا إلى المنزل بسلام، لكن أندرية لم يكلف عناء نفسه للالتفات لها.

_لا تخبري جورج عن فرانسيغا.

قبل أن تترجل من السيارة اوقفها صوته الواثق والذي كان مناقضًا بما داخله.

_ظننت أخي يعلم أيضًا عنها!
_لا يعلم شيء.. طابت ليلتك.

أردف كلماته الاخيرة بإختصار، ختمها بإبتسامة صغيرة فوق ثغرة والتي سرعان ما اختفت من سؤال فيليا والذي كان لم يكن في حسبانه

_وماذا إن حدث شيء ما جعله يعرف؟، مثل ما حدث اليوم.
_سأختلق كذبة، سأصنع خطة كامله حتى لا يعرف... حتى وإن تطلب الأمر قتلك!

كانت نظرته مظلمة ومخيفة لتلك التي كانت تحاول الثبات قدر الإمكان، فذلك لم يكن أندرية الذي كان عليه منذ نصف ساعة تقريبًا.
ترجلت بسرعة من السيارة، لكنها لازالت لا تصدق إن هذا صديق جورج المخلص والودود.

شعر أندرية بتماديه في كلامه وأخذ يلعن نفسه بسب اندفاعاته في كل شيء.
فتح نافذة السيارة بسرعة قبل أم تختفي فيليا عن أنظاره..
صاح بأسمها بصوتٍ عالٍ استطاعت سماعه، وما أن لاحظ توقفها حتى ترجل بسرعة من السيارة بدوره، ليقدم اعتذاره الصغير قائلًا: أعتذر فيليا عمَّا خرج من لساني قبل أن افكر فيه، أتمنى منك مسامحتي.

لحظات من الصمت مرت قبل أن تقطعه فيليا بصوتها الهادئ بل والثابت وكأن ما قاله قبل قليل كلام عابر لا أهميتًا منه: لا بأس أندرية، لكن صدقني لن تأخذ شيئًا من الكذب سوى الهلاك.
_نحن نعيش في كذبة محتمه، نختلقها لكي نعيشها.. وإلا فقد هلك الجميع حقًا.

اردف كلماته بغضب وإصرار، وكأن لا نقاش في تلك النقطة، كانت نظرات غاضبة أكثر من أنها مندهشة، لا تعرف السبب وراء إخفاء سر عن أخيها جورج من أقربهم إليه، لتعود بكل حماسه واندفاعة الذي ظهر من كلماته قائلة: أندرية، لا أعلم حقًا ما السر وراء فرانسيغا،لكن يجب لأخي أن يعلم.. أنه ليس صديقك فقط بل......

توقفت عن كلماتها بسبب مقاطعته لها قائلًا: أعلم، ولذلك لا يجب أن يعلم وإلا سوف يرقد في سلام مع النائمين تحت التراب.

كانت آثار الاندهاش والخوف، كلاهما كانت على  ملامحها تتحدث، لتتراجع بدورها عمَّا كانت ستقوله لكن....

_بضع خطوات تفصلك عن الحقيقة، لكن ان استطعت تخطيها فسوف تكمل ما بنيته من بهتان،وإن كنت لا تريد رهبة حياتك الواهنة، فاعطِ للحقيقة صدقك، علّهَ تساعدك في التعايش السلمي معها.. كانت تلك كلمات أبي الأخيرة قبل الحادث بيومين.

صوتها المتألم، والدموع التي زارتها وهي تسترجع كلمات والدها الذي كان لها كل شيء وأي شيء، أستشعر أندرية آلمها من نبرتها المتألمة، كاد أن يواسيها لكن أستئنفت فيليا كلامها: لكن أحيانًا يكون للبهتان رأي آخر، لذا إن حدث شيء لجورج لن أسامحك قط أندرية.. ف أنا لن أتحمل خسارة شخصًا آخر

_لن أخبره أخبرتك..حسنًا أعدك.

تبادلا نظرات مبهمة لكل منهما، لكن فيليا كانت تشعر بشيء من الغموض.. لتتمنى بدورها في خوض رحلة ما لمعرفة في ماذا يفكر ذلك الشخص الغريب.. بل الذي أصبح غريب.

_فيليا!.. أندرية

صوته الذي قطع تلك النظرات المتحاربة، ليشاركهما حربهما، فلطالما تميز جورج بالهيبة و الثقة في كل شيء.. كان له دوره في زرع التوتر بينهما أكثر من قبل.

_ماذا تفعلان هنا؟

استكمل كلماته الأخيرة بصوته الحاد الثابت بسؤالٍ موجه لهمها.

_لا شيء جورج.. هيا بما ف الجو بارد اليوم، حقًا أنها ليالي سبتمبر الأولى.

كانت فيليا أول من أعطته الإجابة، ليرد أندرية أيضًا قائلًا: صديقي لن تصدق حقًا.. فكنا نتشاور أنا وفيليا في شيء ما.

بعد أن أنهى كلماته، أنشد ضحكته المميزة على مسامعهما.. لتصنع لحنًا من الإستعجاب والتعقيد لجورج والرهبة وعدم التصديق لفيليا

_وما هو؟

تسائل جورج نتيجة لعدم فهم صديقة الذي أصبح غريبًا في الآونة الأخيرة.
رد عليه أندرية قائلًا: أن تأتي معي إلى فرانسيغا عند الساعة صفر.

***

أهلا نزلت بارت جديد اتمنى يعجبكم..
بس حبيت أوضح نقطة الرواية مش خيال نهائي بل هي واقعية جدا..
وان شاء الله كل حاجه هتتضح في الاحداث القادمة

مين متحمس؟
© yara Lashin,
книга «فرانسيغا».
Коментарі