أندروفوبيا-Androphobia
ثِقِّي بِي
بدايةُ غموضُهَا
فَتْرَةُ تَعَارُف
أندروفوبيا-Androphobia
يسير الطبيب مُهرولًا نحو غرفة الطوارئ -و كان من القلة الذين ظلُّوا بالمشفى بسبب المناوبات الليلية- بعدما قد أتاه إنذار بوجود حالة طوارئ جديدة. فور دخوله لقسم الطوارئ وقع نظره على تلك الفتاة صاحبة الجسد الهزيل التي كانت تتمدد على سرير المرضى باستسلام لا يُبقيها على قَيد الحياة سِوى قِناع الأكسُجين الصناعيّ، يبدو على جسدها بأنه عانى الكثير حيث لا مكان خالِ من الجروح، يكسوها بعض الرمال و الطين مما أعطاه استنتاج أنها كانت ملقاه على الأرض بأحد الأزقة المظلمة ربما. أضاء مصباحه الصغير ليفتح عينيها بأصبعيّ الإبهام و السبابة محاولًا معرفة مدى وَعيُها بما حولها. تَفحَّص مؤشراتها الحيوية ليجدها بحالة يُرثى لها. أزال الغطاء من عليها بسرعة حتى يبدأ بفحصها، ولكنه صُدِمَ حينما رأى ملابسها المُقَطَّعَةَ. نظر الطبيب جونغ إن إلى المُمَرضة و المُساعد بصدمة، وهو حتى لم ينتظر الاستماع لكلمة منهما، فور استماعه للإنذار على أن مؤشراتها الحيوية و نبضات قلبها تنخفض بشكل سريع.
أَمَرَ سَريعًا بالحصول على الصاعق الكهربي وبدأ بإنعاشها بالجهاز و قليلًا بيديه إلى أن عادت مُؤشراتها الحيوية بالارتفاع مُجددًا؛ ليس لمرحلة يُقال أنها جيدة ولكِنَّ عَلَى الأقل مازالت عَلَى قيد الحياة.

جونغ إن: يجب عَرضها على الطب الشرعي. أيها المتردب جهز غرفة الأشعة يجب أن يُقام فحص على كل جسدها حالًا. يجب علينا تحريكها بحرص للغاية في حالة وجود كسور فلا تزداد سوءًا هل تفهمان؟ اومأ المتدرب و الممرصة بسرعة و ذهبا لينفذا أوامر الطبيب بينما هو يجرها إلى غرفة الأشعة بالسرير الجرَّار.

كان جونغ إن يقف مُستعدًا لخروج الأشعة. خرج المتدرب بسرعة من غرفة شِبه مظلمة و بيده عدد من الأشعة: طبيب كيم يبدو أن لديها كسر بأحد أضْلُع قفصها الصدري، و كسر مضاعف بذراعها الأيمن.
تفحص كاي جميع الأشعة بتركيز أمام ضوء وهَّاج ثم قال: يجب أن تُقام جراحة بعظام صدرها الآن جهز غرفة العمليات و أتصل بقسم الطب الشرعي.
قالها مُسرعًا ثم جر الفتاة هو و الممرضة إلى غرفة العمليات سريعًا ليبدآ بجراحة قفصها الصدريّ.

**********

بعد إسبوع

فتحت عينيها ببطئ لا تَرى سوى اللون الأبيض لجدار الغُرفة أمامِها و تستمِع لبعض الصفير الخافت الآتي من أجهزة قياس مؤشراتها الحيوية والذي كان الصوت الوحيد الذي يكسر ذلك الصمت المُمِيت بالغرفة. حركَّت عينيها يمينًا و يسارًا ببطئ محاولة إستيعاب أين هي لترى شابة ترتدي قميص أبيض واقفة تدوِّن بعض الأشياء على يمينها.
فور وقوع نظر الممرضة على الفتاة ركضت بسرعة خارج الغرفة لتنادي الطبيب المشرف على حالتها وهو الطبيب كيم.
دخل مهرولًا إلى الغرفة و وقف أمام سريرها بابتسامة مريحة: مرحبًا بعودتك آنسة مي راي.

الرؤية كانت ضبابية تمامًا لها، بالكاد تُميِّز وجود بَشَر بالغرفة. لم تستطع أن تسمع جيدًا ما قاله لها الطبيب. شعرت بجفونها ثقلت مرة أخرى لتغط بالنوم مجددًا بسلام.

*******

بعد شهر و نصف

فتحت مي راي عينيها مجددًا، ولكن تلك المرة كانت أكثر وعيًا. وفور استيقاظها هي تذكرت كل ما حدث معها لتبدأ بالبكاء دون صوت لأنها لا تستطيع أن تحرك أي إنش بجسدها. تشعر أن جسدها أصبح أثقل من ذي قبل بالرغم من نقص وزنها الملحوظ في مُدَّة غيبوبتها.
كان الطبيب كيم و الممرضة تلك المرة يقفان معًا بالغرفة و ينظران لتقارير مي راي بينما يتناقشان حول أمرها. لَمحَ جونغ إن استيقاظها فقال بسرعة بينما يقترب منها: آنسة مي راي اتستطيعين سماعي. ارفعي اصبعك إن كنت تفعلين.

رفعت إصبع سبابتها ببطئ ليبتسم بسعادة وقال: أَسْتَطِيع أن أقول تلك المرة بثقة، مرحبًا بعودتكِ.

نظرت له بسخط شديد وهو لا يعرف لِما. قرَّب يده من وجهها ليجرب إزالة قناع الأكسُجين ولكنها فقط أبعدت وجهها للجهة الأُخرى، فثَبُتَ على وضعيته لوهلة محاولًا فِهم ما تفعله، و بعدها إبتعد، ثم أشار للمرضة بأن تخلعه هي.

قالت الممرضة بلطف: آنستي سأقوم بخلع قناع الأكسُجين الآن حسنًا!.
أزالت الممرضة القناع دون أي عناء و جونغ إن كان فقط يقف بالزاوية ينظر لها بشك مفكرًا قاطبًا حاجبيه، و واضعًا القلم الذي كان يكتب به للتو تحت ذقنه. تنهد ثم قال بلطف عكس ما بداخله من شك: آنسة مي راي يبدو أنك تتنفسين جيدًا لحسن الحظ. هنيئًا لك نجاح الجراحة. ستجدين صعوبة بالتنفس قليلًا في البداية ولكن بعدها ستعودين كما كنتِ.
قالها ثم أشار للمرضة برأسه أن تتبعه خارجًا.

فور إغلاق الممرضة باب غرفتها قال: أين الطبيب مين سوك؟

الممرضة: طبيب الأمراض النفسية كيم بعطلة لمدة أسبوعان و الطبيبة سورا هي المتوفرة حاليًا، ولكن لماذا؟

رد جونغ إن مُنغمسًا بتفكيره مُتجاهلًا سؤالها: ألا يوجد طبيب نفسي رجل بالمشفى تلك الفترة؟

حركت رأسها بالنفي فسمح لها بالذهاب و ذهب لمكتبه مُفكِّرًا بحالها. لن يسمح لنفسه بتكرار نفس الخطأ مرتين.
*****
بعد يومين

أخذ جونغ إن الطعام بنفسه إلى غرفة مي راي.
طرق الباب بخفة وحينما أُذِنَ له بالدخول دخل و بيده صحون الطعام. وضعها على منضدة المرضى و حرَّكها حتى تصبح أمام مي راي الممددة على السرير

قال بمرح بينما يعدِّل وضعية سريرها حتى تستطيع الجلوس بدل التمدد لتناول الطعام: أنتِ بالتأكيد قد اشتقتِ للطعام لذلك أحضرت لك أشهى شيء يوجد هنا.

نظرت له بنظرة مخيفة ثم ألقت الطعام كله على الأرض دون تحدث.

نظر بصدمة للطعام ثم لها، وقال متذمرًا: لِما قمتي بهذا؟

ضحكت بسخرية وقالت بصوت غاضب يستطيع سماعه بصعوبة بسبب صوتها المنخفض: جميعكم متشابهين.

قال بفضول محاولًا جعلها تتحدث: مَن جميعنا؟!

ضحكت ساخرة مرة أخرى: و كأنَّك لا تعلم

جونغ إن: أعلم ماذا؟ أخبريني ربما أستطيع مساعدتك

قالت مي راي التي لم تتنازل عن نبرتها الساخرة: أنا لا أحتاج مُساعدة أمثالكم فالتذهبوا للجحيم

أَخْفَى جونغ إن جديته قدر المُسْتطاع وقال مُمَثِلًا الفضول : حسنًا لن أُساعدكِ، ولكن أخبريني من نحن، فالفضول يقتلني

قالت بصوت هامس بغضب وهي تنظر لعينيه مباشرةً: أنتم الرجال. جميعكم مثل بعض؛ حقراء. كائنات بشعة لا تعرف سوى إرضاء شهوتها

عض على شفته السفلية بجدية حينما علم أن شكّه بمحله. هي الآن تعاني من أنردوفوبيا أو بمعنى آخر رهاب الرجال بسبب ما حدث معها. بالتأكيد هي حدث معها الكثير من الأشياء غير الجيدة البتَّة، فقد أثبت الطب الشرعي أنها تعرضت للتعنيف الجسدي و الجنسي بالإضافة إلى الإغتصاب من قِبَل ثلاثة إلى أربعة رِجال تقريبًا.

حسنًا آنسة مي راي يبدو أن عليكِ معرفة أن إنعدام تناولك للطعام لن يؤذي أي أحد سواكِ. يمكنكِ الإنتقام مما آذاك ولكن ليس الآن. يجب أن تصبحي قوية أولًا لتستطيعي محاربته، وهذا لن يحدث سوى بصحة جيدة لينشط عقل المرأة الدهائي بداخلك.

نظرت له باشمئزاز تستمع لحديثه دون رد عليه.

و الآن أنا سأجلب طعام لكِ مرة أخرى و أرجو تلك المرة أن تتناوليه.

خرج من الغرفة ثم نادى على عاملة التنظيف لتنظف الفوضى بالغرفة.

تنهدت الممرضة المساعدة له بحزن وقالت: أخبرتك طبيب كيم إجعلني أنا من أُحضر الطعام لها.

حرك جونغ إن رأسه نافيًا وقال: عدم رؤيتها للرجال لن يساعدها للتغلب على رهابها. يجب عليها أن تواجهه من البداية حتى لا تُعاني بعد ذلك.

****

في اليوم التالي أثناء مرور الطبيب كيم على غُرَف المرضى المسئول عنهم أتى دور غرفتها، و وقتها هو دخل بنفس ابتسامته الدافئة تلك التي يُمكنها جعل المكان دافئا حتى لو كانت تُثْلِج به.

مرحبا آنسة مي راي كيف حالِكِ اليوم؟
ثم فجأة تغيرت ملامحه للصدمة ممتزجة بالغضب مما رآه. هي تُدَخِّن السجائر بينما قد قامت بجراحة بقفصها الصدري لم يتعدى على مرورها شهرين حتى.

هرول سريعًا تجاهها ثم خطف منها السيجارة و أطفأها بقدمه
لتنظر له بغضب شديد وقالت لاعنة: ما الذي فعلتَهُ للتو و اللعنة هل جننت؟

قال بجدية: آنسة مي راي يبدو أنك لا تعرفين قوانين المشافي جيدًا. التدخين ممنوع بغرف المرضى نهائيًا و خاصةً إن كان المريض هو من يُدَخِّن. أنتِ للتو قد قمتي بجراحة بقفصك الصدري ولا تهتمين البَتَّة بصحتك!!

ومن انت لتتدخل بحياتي الشخصية؟: قالتها صارخة بينما هو عكسها أجابها بكل رزانة بينما وضع يديه بجيبي معطفه الطبي: لأنني الطبيب المشرف على حالتكِ!

ضحكت ساخرة بينما تلف وجهها للجهة الأخرة ثم نهضت من على السرير الجالسة عليه و وقفت أمامه مباشرةً لهذا أضطرت للنظر للأعلى بسبب فارق الطول و نظرت لعينيه بغضب قائلة: من قال أنني أحتاج لطبيب حقير مثلك؟! أغرب عن وجهي ولا تُريني وجهك القذر هذا مرة أخرى هل تفهم؟

هو كان يستمع لها و ينظر لعينيها ببرود إلى أن لمح شيء من شرفة غرفتها و كان هناك خمسة رِجال يرتدون بذل سوداء. أربعة منهم يسيرون خلف الخامس بينما الشخص الذي يسير بالأمام يرتدي نظارة شمسية واضع يديه بجيبي بنطاله بثقة، وهؤلاء الرجال لا يبدو عليهم انهم آتون لشيء جيد البتة.

حينما لاحظت أنه لا ينظر لها نظرت للمكان الذي ينظر له فقط لترضي فضولها؛و كان المكان هو شرفة غرفتها التي بالدور الثالث و تُطِل على المدخل الرئيسي، حتى كادت عينيها أن تخرج من محجريها وقالت بتوتر و خوف شديد بينما تنظر من النافذة: انا يجب أنا أغادر الآن و حالًا. كانت ستركض خارج الغرفة ليمسك الطبيب كيم بمعصمها بسرعة وقال: ماذا هناك؟ هل تعرفيهم؟ هل هؤلاء من تسببوا بالحادثة؟

أثناء أمساكه بمعصمها هي حاولت الإفلات مِنهُ بِشدة. كانت كالسمكة التي قد خرجت من المياه لتوِّها و يحاول احدهم إمساكَها. ليست لأنها لا تُريد أن يلمسها بقدر إنشغال عقلها بفكرة الهروب فقط. أجابته بخوف محاولة حبس دموعها قدر المستطاع: اتركني اَرجُوك يجب ان أُغادر حالًا.

سحبها جونغ إن من معصمها الذي كان ممسكًا بِهِ خارج الغرفة راكضًا: تعالي معي.

© Donia Sakr,
книга «المنقذ-The Savior».
ثِقِّي بِي
Коментарі