١
٢
٣
٤
٥
الخاتمة
٢
فتح باب الغرفة و ولج نوح مرتديًا قميصًا عسكريًا أزرق اللون إمتلأ صدره بالشارات الذهبيَّة.

حول مروان نظرهُ من ملك التي ركَّزت على خفظِ حمَّى سيدّهما إليه فأومأ نوح بالإيجاب بابتسامة واسعة دلَّت على إنهائه للمهمة.

" هل تنصحين بتحريكه ؟ " سأل نوح بينما يقتربُ بخطواته من السرير حيث جلست ملك بجوار جسد سيّدهم تمسحُ وجهه بقماشة باردة.

نهضت من مكانها متنهدة بألمٍ سبَّبهُ الوقت الطويل الذي بقيت به جالسة بجوار الرجل تطبَّبه.

ببطء إلتفتت إلى نوح و قالت له " لا قد تفتحُ الجروح، لقد قمتُ بكيه من الداخل و خطتهُ من الخارج لكن ... الأفضلُ أن تبقياهُ لهذه الليلة على الأقل لكي أتأكد من زوال الحمَّى "

" حسنًا إذًا سنكون تحت رعايتكم هذه الليلة " نطق نوح بابتسامة واسعة ثم مشى بخطواته حتى مروان و سأله مربتًا على كتفه " هل أصبتُ أنت أيضًا ؟ "

" مجرَّدُ خدوش و قد عالجتها " أجاب ثم أشار بإبهامه إلى ملك التي أكملت تطبيب السيد بصمت إلا أنها سرعان ما إعتدلت بوقفتها قائلة لهما بملامح مرهقة حاولت كبتها " سأرسلُ بطلبِ إحدى المساعدات لتكمل مراقبة حالة السيد "

" بالتأكيد شكرًا لتعاونك " نطق نوح شاكرًا بينما بقي مروان المتجهم صامتًا يحدّقُ بها بصمت بأعينه الغريبة هذه.

" إنهُ واجبي " نطقت ملك بابتسامة واسعة تعمَّدتها و تعمَّدت أن تصنع تواصلاً بصريًا مع مروان الذي أشاح بوجهه بعيدًا قبل أن تغادر الغرفة.

أخبرت مساعدتها مرجانة بأن تهتمَّ بالسيد المميز ثم ذهبت للملحق الذي يقعُ خلف مركز العلاج حيثُ سوف تحصلُ على قيلولة صغيرة فهي بقيت مستيقظة لساعات طويلة استنزفت طاقتها كاملة.

هناك ثلاث غرف بهذا الملحق، غرفتان للنوم إحداها للرجال و أخرى للنساء، و غرفة أخيرة للحديث و القيام ببعض النشاطات بين المعالجين و المساعدين.

كانت الغرفة واسعة تحتوي على ثلاث أسرة مجاورين لبعض مسندين على الجدار الشمالي للغرفة، فرشت عليهم ملاءات بيضاء و تفصلُ بينهم مسافة بسيطة بها طاولة خشبية صغيرة، و هناك بالزاوية الأخرى للغرفة إنتصب دولاب يضمُّ بداخله بعض الثياب المختلفة الخاصة بالمساعدين و المعالجين.

جذبت فستانًا بلونٍ رمادي من الجزء المخصص لها من الخزانة ثم توجَّهت لدورة المياه تستحمُّ بالمياه الباردة محاولة إبعاد الإرهاب عن جسدها الفتي، ثم تأزرت ذلك الفستان الرمادي الذي على الرغم من كئابة لونه لم يفقد ملك فتنتها.

عندما خرجت من دورة المياه شاهدت المعالجة الأخرى و صديقتها العزيزة كوثر مستلقية بالفعل على إحدى الأسرة غارقة بالنوم ... هي الأخرى لم تحضى براحة منذُ ساعات.

إبتسمت بخفوت بينما تفكُّ رباط شعرها فتساقطت خصلاته الداكنه الغزيرة على كتفيها و ظهرها يغطيهما بطوله، فهو يصلُ إلى ما بعد ركبتها .

ثم بنعاس و إرهاق بلغا ذروتهما بأوصالها رمت بجسدها على السرير الذي ينتصف الغرفة و بدون شعورٍ منها كانت قد إستغرفت في النوم بالفعل...

عندما إستيقظت مرَّة أخرى كان بسبب المساعدة التي تخبرها بأن وقت مناوبتها الليلة قد حان ... 

على عجلة غيرت ثيابها و خرجت من الملحق بينما تحاول جمع شعرها برباطٍ بنيّ اللون لكن أثناء مسيرها بالطريق الذي يربطُ بين الملحق و مركز العلاج حيثُ زرعت أنواعٌ عديدة من الأعشاب الطبية و الأشجار فارعة الطول المثمرة.

أسفل شجرة كبيرة الحجم متشابكة أغصانها وقف مروان ... إستطاعت تمييزهُ على الرُّغم من العتمة بفضل عددٍ من المصابيح الزيتية التي توزَّعت على طرفي الطريق الترابي.

أرادت أن تنده عليه لتسألهُ عن سبب تواجده بهذا المكان المحضور على المرضى و مرافقيهم فتلك الأراضي الزراعية يتم بها زراعة الأعشاب الطبية و بعض الثمار التي قد تمد لهم يد العون و قت الأزمان.

لكن على ما يبدو أن السيد قد تم تدريبهُ على القتال بشكلٍ جيد لأنه سرعان ما شعر بوجودها و إلتفت ناحيتها يحدّقُ بها بأعينه الغريبة البلورية.

" أنتِ ... " تمتم بينما يقطعُ المسافة التي تفصلُ بينهما بهدوء و حذر من أن يدوس على أيّ من النباتات، لوهلة عندما أصبح واقفًا أمامها جال بأعينه على ملامحها بجرأة لم يتعمَّدها.

ملك فتاة جميلة تقاسيم وجهها، أعينها داكنة واسعة يضيعُ المرؤ بهما عندما ينظرُ إليهما و يحاولُ جاهدًا التشبث بتلك الرموش الكثيفة التي تحيطهما، بشرتها بيضاء شاحبة شابتها حمرة طفيفة بسبب برودة الجو.

و كما كان يحدّقُ هو بها متأملاً لم تستطع ملك إبعاد عينيها عن تلك الأعين الزرقاء و بدون وعي نطقت " لديك أعينُ غريبة"

رسم مروان إبتسامة صغيرة على شفتيه تسببت بخفقاتٍ لم تستطع تفسيرها بجنبات صدرها.

حمحمت محاولة العودة لأرض الواقع ثم تساءلت بينما ترغم نفسها على النظر لأي شيء حولها عداهُ طبعًا محرجة من تصرفها
" ما الذي تفعلهُ بمكانٍ كهذا ؟ "

" نوح يحرسُ السيد لهذا قرَّرتُ التجول قليلاً في الأرجاء " نطق مروان بصوتٍ عميق أرغمها على إعادة النظر إليه بينما تقول له بابتسامة حاولت رسمها على ثغرها المكتنز " هذا المكانُ ليس للتجوال و يمنع دخول أي شخص ليس من الطاقم الطبي، إنهُ المكان الذي نزرعُ به النباتات الطبيَّة "

صمت كلاهما تاركين المجال لسكون الليل لكي يحتلَّ الأجواء إلا أن مروان سرعان ما تساءل بتردُّد " هل يعجبكِ عملك ؟ "

قطَّبت ملك حاجبيها باستغراب و أجابته بابتسامة لطيفة " بالتأكيد و إلا لما رأيتني هنا ... لماذا تسألُ مثل هذا السؤال ؟ "

" مجرَّدُ سؤال " أجابها مراد بينما يتحسَّسُ سيفه التي ثبت بفضل حزام خصره، بالفعل ما بالُ هذا السؤال يا مروان، هل يخبرها الحقيقة، هل يخبرها أنه فقط يريدُ فتح أيّ موضوعٍ معها، يريدُ أن يستمع لصوتها العذب ؟

بالتأكيد ستسمهُ بصفة الجنون، أمسك نفسك يا مروان و اخرس أنت لم تتعرَّف على هذه المرأة إلا منذُ سويعاتٍ معدودة فكيف لك أن تفكّر بمثل هذه الأمور.

أنَّب نفسه بشدَّة بداخله إلا أنه مع هذا كان بارعًا بالإحتفاظ ببرود ملامح وجهه بينما يقول لها مشيرًا للطريق " عذرًا لابدَّ أني قد أشغلتك "

" لا مشكلة و ... إن أحببت هناك حديقة أخرى بالجانب الآخر من المبنى يمكنك التجول بها " قالت له ملك بهدوء ثمَّ تحركت قبلهُ بينما تجمعُ شعرها الذي كان منسدلاً على ظهرها و يا إلهي ... 

تلك الأعين البلَّورية خاصتُه لمحت حوريَّة أسف ضوء القمر، تأزَّرت ظلمة الليل و لمعان النجوم !

***    ***   ***    ***

المناوبة الليلة هو وقتٌ لا يمكنك أبدًا أن تتوقَّع ما سيحصلُ به، حيثُ من النادر أن يواجهوا حالاتٍ مرضية بهذا الوقتِ و إن حصل ستكون حالات عصيبة مستعصية.

عندما كانت ملك بالغرفة حيث يخزِّنون الأعشاب الطبية فجأة فتح الباب و هرعت مساعدتها مُرجانة بأنفاسٍ متسارعة.

على ما يبدو قد إستيقاظُ النزيل المهم السيد ... ما كان إسمه ؟

أجل أوس.

عندما ولجت لتلك الغرفة و خلفها مساعدتها لمحت نوح و مروان يقفان بجوار السرير بينما يبتسمُ لهم سيدهم بإرهاق و لطف و قد إعتدل بجلسته على السرير

" أنا بخير أخبرتكما لا داعي للقلق ... يبدو أنّي محظوظ للغاية أليس كذلك ؟ " نطق السيد أوس بنبرة هادئة لنوح الذي جثى على ركبتيه بجوار سريره قائلاً بندم تتقطر من عينيه
" إنه خطئي حمايتك هي مهمَّتي "

" توقَّف عن لوم نفسك نوح لو لم تكونا أنتما لكان أولائك المرتزقة قد قتلوني، أيضًا بفضلكما هناك من عالجني بالوقت المناسب " نطق أوس ضاحكًا إلا أنه ضحكته تحوَّلت لسعالٍ دفع ملك التي لم يشعر أحدٌ بدخولها للإقتراب منهم.

" هنيئًا لك يقظتك أيها السيد " قالت ملك بهدوء فحوَّل أوس أعينه الدَّاكنة إليها ثم عندما أشارت له بأن يعود للإستلقاء على السرير براحة فعل بدون أن يناقش فألمهُ كان عظيمًا.

تحققت من درجة حرارة جسده، و تأكدت من ردَّات فعله و أطرافه و لحسن الحظ لم تكن هناك أيُّ مشكلة

" كلُّ شيء بخير بما أنَّ رفقاءك متعجّلون لإخراجك سيتمُّ تسريحك غدًا " نطقت ملك بهدوء مغلقة هذا الدَّفتر من حياتها أو هذا ما ظنَّته على الأقل.

في اليوم التالي عندما بزغت الشمس كان هناك عربة كبيرة الحجم مع عددٍ من الفرسان واقفة خارج مركز العلاج قامت بإقلال الرَّجل المصاب الذي عاد لوعيه منذُ ساعات قليلة إلى منزله، على ما يبدو السيد أوس بالفعل من الطبقة المخمليَّة و هو من الشخصيات المهمَّة.

مرت أيامٌ على رحيل ذلك المريض، و بغمرة إنشغالها لم تتذكرهم حتَّى، كانت غارقة بالعمل من أعلى رأسها حتَّى أخمص قدميها، منذُ الصباح الباكر حتَّى منتصف الليل، بشرتها أصبحت شاحبة لقلَّة نومها، و أصابعها أصبحت خشنة بسبب تأثرها بالمواد الكيميائيَّة التي كانت تنتج عند دمج نبتة طبيَّة مع أُخرى.

ربَّما لهذا عندما تحدَّثت إليها مساعدتها عن الحفل الذي سيقام بالبلاط الملكي هذه الليلة لم تستسغ الفكرة، فالتعب الذي بها لن يعالجهُ إلا النوم، و لو غادرت الآن من سيعتني بالحالات الطارئة ؟

" سأهتمُّ أنا بالأمر يا جميلة أنتِ إذهبي و إستمتعي بوقتك و لا تنسي غدًا عيدُ ميلادك الثامن و العشرين عليك أن تستمتعي بكلّ لحظة منه فهو عمرٌ مميز " كانت هذه كوثر من تستحثُّها و لهذا لم تجد ملك داعٍ للرفض أكثر من هذا لكن ... هل سيكون من الجيد حقًا الذهاب للمهرجان و ملامح وجهها تبدو كالجثث ؟

" مستحضرات التجميل ستخفي الهالات أسفل عينيك و عدى عن هذا أنتِ جميلة بكلّ حالاتك عزيزتي " كانت هذه مُرجانة التي نطقت بلطف بينما تهتمُّ بإخراج فساتين للمهرجان لكي تجربها و تختار أفضلها.

و كأنَّ مرجانة تعمَّد إختيار هذا الثوب، أخضرُ غامق طويل، مصنوعٌ من الحرير ينسابُ بلطفٍ على منحنياتِ جسدها، أكمامهُ لم تتعدَّى عضدها و فتحة الصدر كانت واسعة عليها قليلاً لهذا غطَّت مفاتنها بوشاحٍ شابه الفستان باللون لكن بتطريز ذهبي ناعم.

كانت مرتاحة للغاية بينما تترك أمر تصفيف شعرها الطويل لمرجانة التي أصرت على تركه مسدولاً لكي تتباها بطوله، لونه الآسر و غزارته، لكي تُري أيَّ امرأة إزدرتها قبلاً و قالت لها أن وظيفتها هذه ستخسرها أنوثتها أنها ما تزالُ قادرة على سحر الآخرين بأنوثتها.

أثناء ذلك دخلت كوثر فجأة لغرفة المهجع بعد طرق الباب، تمسكُ بباقة زهور بيدها و إبتسامة واسعة زينت ملامح وجهها

إقتربت من ملك التي بانت البحيرة على و جهها و مدن لها باقة الورد لتلتقفها منها بينما تقول بسعادة مشيرة للساعة على الحائط
  " إنها الساعة الثانية عشر أي منتصف الليل كلُّ عامٍ و أنتِ بخير "

توسَّعت إبتسامة ملك بينما تضم الزهور إلى حضنها، أجل إفتقدت هذا الشعور بالتأكيد
" إستمتعي بوقتك اليوم و إياكِ و السماح لأي أحدٍ بإفساد بهجتك الليلة فهذه الليلة هي ليلتك " قالت مرجانة ثم بدرامية إنحنت كوثر مشيرة للباب قائلة بلباقة " العربة بانتظارك سيّدتي الجميلة "

" هذه لطافة منكِ سيدتي أتساءل لماذا ما زلتِ عازبة حتى الآن ؟ " نطفت ملك تجاريها بالتمثيل بينما تنهضُ من الكرسي حاملة باقة الزهور المنوَّعة فأطلقت كوثر ضحكة قويَّة مستمتعة، أجل حياتها ليست بذلك السوء في النهاية، لديها العديد من الأشخاص الذين يهتمون لأمرها و هذا يكفي.

هذا الحفل هو ذلك الحفل الذي تحدَّثت عنهُ قبلاً، الحفل الذي على الرُّغم من أنه سيقام بأراضي القصر الملكي إلا أنه قد تمَّ وضعُ دعوة مفتوحة لكلّ أفراد الشعب، الفلاحين، المزارعين، النجَّارين، الخيَّاطين و المعالجين.

كلُّهم سيتسنَّى لهم الوقوف بجوار سلطانهم العظيم و الآخرون من الطبقة المخمليَّة، و سبب الحفل هو رغبة السلطان بإعلان وليس عهد المملكة.

و لأن سلطانهم مختلف و يؤمنُ بالمساواة بكلّ تفاصيل حياته لم يرضى أن يحتكر مثل هذا الإحتفال المهم على الطبقة المخمليَّة !

أقلَّتها العربة التي إستأجرتها كوثر لها إلى الأراضي الملكيَّة وحيدة للأسف فقد صادفت ليلة الحفل مناوبتة كوثر الليليَّة، أما مساعدتها التي عرضت من البداية فكرة الذهاب للحفل تعلَّلت بابنها الذي أصيب بالحمَّى لكي لا تحضُر معها ... 

ترجَّلت من العربة بهدوء بينما تجرُّ ثوبها الأخضر خلفها و عندما رفعت رأسها شاهدت سلالم طويلة عليها عبورها لكي تستطيع للدخول لهذا القصر ... المذهل !

تصميمهُ رائعٌ للغاية.

عندما تفكّرُ بالأمر قليلاً هي لم ترى القصر الملكي قبلاً على الرُّغم من مرور عشر أعوامٍ على خروجها من قريتها الصغيرة و إنتقالها للعيش بالعاصمة لكي تبحث عن عملٍ تستطيعُ من خلاله تحسين وضع المعيشة لها و لعائلتها.

لم يكن لديها الوقتُ الكافي لتستمتع بالعاصمة و مظاهر الثراء و الفخامة، كانت دائمًا إما تتدرَّبُ على تقنيَّاتها بمركز العلاج أو في السوق الشعبي تبحثُ عن أعشاب مناسبة.

و ببعض اللحظات النادرة قد تذهبُ مع مجموعة من الصيَّادين للغابة التي يطلقُ عليها سكانها المحليُّون غابة القمر لكي تمدَّ يد العون في حال أصيب أحدٌ منهم أو لكي تجمع الأعشاب.

 بغمرة تفكيرها لم تنتبه أنها بالفعل قد عبرت تلك السلالم البيضاء الممتدَّة و عندما خطت على آخرها كانت بالفعل أمام المدخل للقاعة الضخمة التي سيتمُّ بها الحفل، لا بدَّ أن حجم هذه القاعة مهول لقدرتها على إستيعاب هذا العدد الكبير من الأشخاص.

الكل حاول أن يبدو بأبهى طلَّته اليوم، لكن ما جذب إنتباهها حقًا كنَّ النساء.

هناك بعضهن من كانت فساتينهنَّ بسيطة تدلُّ على كونهم من عامَّة الشعب، و بالجهة الأخرى نساءُ من أعال القوم كنَّ مثالاً على البذخ المفرط، المجوهرات ملأت كلَّ شبر منهم، خواتم ذهبيَّة زيَّنت معضم أصابعم، و فساتينهم تبدو مكلّفة للغاية سواءً القماش أو الخياطة و التطريز.

من المفترض أن تأتي لهذه الحفلة من أجل المتعة و الترفيه عن النفس لكن بهذه اللحظة مزاجها أصبح سيئًا للغاية عندما لمحت إحدى نساء الطبقة المخمليَّة تتفاخر بثوبها أمام فتاة مسكينة من العامة كان ثوبها بسيطًا لكن أنيقًا بنفس الوقت، تراهن ملك أن الفتاة الغنية تزعجُ الأخرى لأنها رأت أنها أجملُ منها !

أرادت أن تتقدَّم ناحية تلك الفتاة لتساعدها بلسانها الذي لا يرحم لكن فجأة شعرت بيدٍ قبضت على رسغها من الخلف فالتفتت سريعًا و شاهدت رجلاً غريبًا لا تعرفه، يرتدي عمامة زرقاء داكنة مطرَّزة بالأحمر توسَّطتها جوهرة حمراء لامعة، قميص و بنطال شابها لون العمامة و نمط النقوش الحمراء.

" هل أستطيع مساعدتك بأمرٍ ما ؟ " تساءلت ملك باستغراب بينما تدقق بملامح الرجل ضخمِ الجسد علَّها تتعرف عليه لكن لا ... لا يبدو مألوفًا أبدًا، أعينهُ جاحضة سوداء، بشرته سمراء داكنة، و يغطِّي فكَّهُ العريض لحية كثيفة سوداء

" ليس أنا بل صديقٌ لي تعرَّف عليك من بين الحشود لكن قبل أن نصل إليك أضعته و لم أريد أن أضيعك أيضًا" قال الرَّجل ببعض الحرج بيما ينظرُ حوله لكن يدهُ ما تزالُ ممسكة برسغها لهذا قالت له بألطفِ إبتسامة تستطيعُ أن ترسمها حاليًا متجاهلة إنزعاجها
" سيدي هلا أفلت يدي ؟ "

" أعتذرُ و لكن أظنُّ أن هذا أفضل لكي لا تضيعي من بين الحشود تعالي لرؤية صديقي سيكون سعيدًا بك " أجابها بنبرة لم تتوقع أن تصدر من رجلٍ يبدو عليه الإحترام و الوقار لهذه الدَّرجة لكن قبل أن يفكّر حتى بجرها جذبت ملك يدها بعنف تفكُّ نفسها من أسره بينما تتمتم قائلة "  أنا لا أعرفك و لا أعرفُ صديقك، تصرفاتك غير مهذَّبة من فضلك دعني كيف تطلبُ مني اللحاق بك و أنت غريبٌ عني "

من ملامح وجهه المصدومة تأكَّدت أنه لم يتوقع منها أن تعارضه و تقاومه، لكن قبل أن يتسنَّى له قول أي شيء وقف شخصٌ بينهما كجدار يمنعهما من رؤية بعض، و على الرُّغم من أنه قد أعطاها ظهره إلا أنها ميَّزتهُ بدون النظر لملامح وجهه الصارمة و أعينه الغريبة، إنه مروان.

لن تخطئ بتمييز رائحة عطره الناعمة، شعرهُ الأسود الداكن الغزير، وقفته الشامخة و زيُّه المميز الذي يثبتُ هويتهً كأحدِ الفرسان ... و أيضًا ساعدها وجود نوح الذي إقترب منهم على معرفة هويته.

" هذه الفتاة معي فما الذي تريده منها ؟ " نطق مروان ببرود كان كافي لكي يبعد ذلك الرجل المريب عنهم

" أنت بخير أيتها المعالجة ؟ " تساءل نوح بينما يمدُّ لها كأس ماءٍ بارد إلتقفته منهُ بكلّ سرور بينما تنطقُ شفتيها " أجل والشكرُ لكما ... لم أتوقَّع رؤيتكما بهذا الحفل "

أيَّدها نوح قائلاً بابتسامة لطيفة " بالفعل إنها لمصادفة رائعة على الرُّغم من أن المكان واسعٌ إلا أن مروان إستطاع تمييزك من بين العديد من الأشخاص"

© آلاء الرئيسية,
книга «ملك».
Коментарі