البداية
٢
٣
٤
٤
إنقضى أسبوع لي في هذا القصر، ليس لدي شيء لأفعله أو وسيلة تسلية ما، لذا كنت أقضي أوقات طويلة في غرفتي أمام النافذة أتمتع بمنظر هذه الغابة الشاسعة وأنا أفكر بأمر نفسي وأتساءل عن حياتي التي نسيتها

وأنا أفعل نفس الأمر الآن وأفكر بأنه بالتأكيد لدي أصدقاء وهم سيبحثون عني وسيجدونني وسأتخلص من هذا المكان وسأعيد بناء ذكريات جديدة معهم، لأني لا أريد قضاء وقت أكثر هنا

شعرت بالكثير من الملل فقررت أن أخرج لاستنشاق بعض الهواء الطلق في حديقة القصر ومشاهدة الغابة الجميلة التي أمامها، بالطبع لن يقوموا بمنعي فهم ليس لهم الحق بالتسلط لهذه الدرجة

نهضت مع نظرة خاطفة للمرآة الكبيرة التي في الزاوية، فتنهدت بقلة حيلة فكان هدفي أن أتذكر شخص يشبهني، شخص مثل أمي أو أبي لكن لا فائدة

خرجت أسير بعَرَج على السلالم متحاشية جميع من في طريقي إلى أن وصلت للخارج بنجاح ويبدو أن قدمي تتحسن بسرعة فلم أتألم كثيراً، لكني أدركت أنني كنت أنظر للنافذة من بعيد لأني لو اقتربت لكنت قد رأيت هذه الأرائك اللطيفة اللون والتصميم، والطاولة الصغيرة في الوسط

لكن الشيء الذي لم يسرني هو وجود كارنيليوس الجالس باِسترخاء وأمامه عصير الليمون، اتجهت هناك وجلست على أبعد كرسي منه متجاهلة إياه بينما أمتع نفسي بالتنفس المنتظم

لكن بعد دقائق شعرت بالملل فالجناح مسلٍ أكثر في الحقيقة، مايزال هذا الرجل المتجمد جالس مكانه بنفس الوضعيه وكوب العصير في يده، هو حتى لم يشربه كله

تنهدت فاِلتفتّ سريعاً لسماعي صوت روزلي اللطيف وهي قادمة إلينا وفي يدها كوبين من عصير الليمون مجدداً

جلست بجانبي ووضعت أحدهما أمامي قائلة "مرحباً يا شباب!"

تبسمت لها لأجيب بخفوت "أهلاً"

"اليوم كانت لورين تختبرني لكني أخفقت مجدداً... لا أعلم ما الذي علي فعله أعتقد أن هذا المجال لا يناسبني"

حادثها كارنيليوس بابتسامة طفيفة "ثقي بقدراتكِ وستنجحين..." كنت دائماً أحاول تخيل وجهه وهو يبتسم وأخيراً اليوم رأيت ذلك

وروزلي تنهدت باسمة لتتفوه "سأحاول"

لم يكن من الصعب علي تحليل ما تتعلمه روزلي من الطبيبة، كانت تثرثر كثيراً لكنها تتمتع بخفة الظل وأنا ممتنة لتواجدها فعلى الأقل هي ولورين لا تنظران إلي كما ينظرون هُم، خصوصاً كارنيليوس أحياناً أشعر أنه يراقب تصرفاتي ويدرسها بدقة كما لو أنني سأسرق أغراضه بدون سابق إنذار أو أقتله

وتّرني أمره عندما نهض فجأة عن الأريكة وأخذ ينظر نحو الغابة عاقداً حاجبيه بينما يستنشق الهواء جيداً

هززت رأسي بتساؤل لروزلي فلاحظتها تبتلع ريقها لتتفوه "لا تهتمي... لنعد لموضوعنا"

جفلت بعدما صك كارنيليوس كوبه بالطاولة وخطى خارج بقعة جلوسنا ولكنه لم يبتعد فميّزت جسد رجل يقترب من خلف الأشجار البعيدة عن مَرج القصر، هل هذا ضيف غير مرغوب فيه أيضاً؟

وصل إلى كارنيليوس ولم يكن أقل منه ضخامة وصرامة، يبدو في نفس عمره وأعينه حادة من الرماد وقد جعل قلبي يهبط بعدما نظر إليّ بهما بشكل مخيف

تحدث كارنيليوس أخيراً ما جعلني أفلت من نظراته "ماذا تريد؟"

أجابه "يستحسن أن نتحدث لوحدنا"
ومجدداً ألقى علي كارنيليوس نظرة تملؤها الحدة كأنني قمت بخطيئة كبيرة ليسير متجهاً للداخل بينما يشير بيده للرجل لإتباعه

عقدت حاجبي بقليل من الغضب والإستغراب لأعيد انتباه روزلي التي كانت تنظر لهما يغادران "أريد أن أعلم... لمَ هو يكرهني؟"

رفعت حاجبيها قائلة "من؟ أخي!؟ لا تفكري في ذلك حتى، إنه فقط رجل حذر، لقد تعرض للخيانة مرات عدة لهذا هو لا يثق بأحد ويراقب الجميع"

أغمضت عيني بتنهد مصرحة "ألّا يثق بي أفضل من أن يكرهني" وأمسكت كوب العصير لآخذ رشفة كبيرة لكن سرعان ما ميّزت مذاقه نهضت سريعاً وبصقته على الأرض لأتفوه بامتعاض مشيرة للكوب في يدي "ما هذا!؟"

أخذته روزلي مني لتتلفظ ضاحكة "أنا آسفة لكنكِ شربتِ من الكوب الخطأ، هذا يخص كارل... أخي يحب الليمون الحامض"

جلست مكاني متمتمة "حقاً! ليمون حامض... يا للجنون"

وبعد دقائق شاهدت ذلك الرجل يخرج من القصر، وأتمنى ألا يعود مجدداً لأنه يشعرني بالخوف... وها قد اكتشفت واحدة من صفاتي السيئة، وهي الخوف من كل شيء
سأحاول التخلص من هذه الصفة ولكن ليس مع هذا الرجل لأنه من الواضح عليه أنه خطير

لكن سرعانما ابتعد بعض الشيء نظر إلينا حيث كنا جالسات واتجه نحونا ليبدأ قلبي بالخفقان أكثر فأكثر مع اقترابه

نهضت روزلي سريعاً بينما تنظر له بتحدٍ، بدت لي كالنساء المحاربات قديماً بنظرتها المخيفة الحادة تلك

نهضت بدوري بتوتر ولم أعلم ما الذي علي فعله
تلفظت روزلي "أتريد شيء يا فلاد؟"

تبسم ببرود ليجيب "لا، أردت إلقاء التحية" ونظر إلي مطولاً وقد اشتد بي التوتر لكني لاحظت من قميصه ذو الأزرار العلوية المفتوحة وشم يشبه وجه ذئب على نحره، فحرك شفاهه "قلادة جميلة يا بيرل" واستدار ورحل بعيداً ما جعلني أزفر بعفوية

لم يكن رحيله قد غير من ملامح روزلي، ماتزال غاضبة وأعتقد أن هذا الرجل مكروه بشدّة فالجميع لم يسعدوا لرؤيته وقد رأيت ذلك في وجوههم عندما دخلت القصر لبعض الوقت، لكني لم أكن على ما يرام بين أُناس غاضبين لذا خرجت مجدداً

جلست مكاني ببعض الاِستياء وعقلي يختلق أسباب لنظرات الرجل المدعو فلاد لي، بقيت هناك مرخية رأسي على الأريكة بينما أنظر للسماء الغائمة وأقوم بفرك يدي بذراعي من البرد
فشعرت بوجود شخص بالمكان لأعتدل بجلستي فوجدت هيوغو الفتى الذي منح لي مكانه جالس بجانبي تماماً ويحدق بي ببراءة بعينيه الكبيرتين العسليتين

تبسمت لأتفوه "مرحباً أيها الفتى الكبير"، حدقت مطولاً بيده فقد رأيت شيء غير اعتيادي، رُسم على يده شيء أشبه بوجه ذئب لا يظهر منه سوا عيناه وأذن واحدة وباقي وجهه أسود، ولكني لم أتمكن من إيجاد تفسير لرسمة إحترافية كهذه على يد طفل، هل يعقل أنها من تقاليدهم رسم الذئاب على أجسادهم في هذه القرى؟

حرك هيوغو كثيراً بيديه وأصابعه بشكل لم أفهمه فعقدت حاجبي لأتلفظ "ما المفترض أن يعني هذا"

سمعت من تحدث من خلفنا "إنه يحاول أن يقول بلغة الإشارة أنه عليكِ الدخول فالجو بارد وتوجد ذئاب نشطة تخرج من عرينها بعد مغيب الشمس" فالتفتُّ لأجده كارنيليوس واضعاً كلتا يديه في جيباه بنفس تعابير الوجه المعتادة

تقدم وجلس بجانبي الآخر وأنا لم أرغب بهذا أبداً، هاهو يتفحصني بعينيه مجدداً ثم تابع "كيف حالكِ؟"

"جيدة..."

"كيف تجدين المكان؟... هل هناك ما يزعجك؟ أخبريني به"

الآن إنه يهتم لأمري، أراهن على أن روزلي من طلبت منه هذا بسبب ظني أنه يكرهني فأجبت "لا، كل شيء على خير ما يرام"

نهض قائلاً "حسناً إذاً يا بيرل... يستحسن ألا تتأخري في جلوسكِ هنا فكما قال هيوغو هناك ذئاب جائعة وغاضبة تبحث عن طعامها الآن"

رحل لأرفع حاجبي فشعرت لوهلة أنه يحاول إخافتي، أنا السبب لأني أُظهِر خوفي لكل شيء لكني سأتخلص من هذه الصفة
والمكان هنا أفضل من الداخل مع كل أولائك المُراقِبين لذلك سأبقى قليلاً فقط

لم يفارقني هيوغو بعد ذلك ولكنه لم يفعل شيء آخر غير الجلوس والصمت وأنا مازلت أحدق بيده فتحدثت بصوت منخفض مشيرة له "ما هذ_" بترت جملتي بعدما سمعت صوت عواء ولن أخفي أنني قلقت من ذلك فنهضت لأتفوه "هيوغو، فلندخل"

أومأ وأمسك بيدي ليسير برفقتي، رأيت كارنيليوس يراقبنا من نافذته لكني تجاهلته

تلك الليلة لم أستطع النوم وبقيت أتحرك في سريري وأنهض ملقية نظرة على النافذة كل لحظة محاولة أن أنعس، شعور بالسوء كان يراودني، هل بسبب فلاد الذي تعرفته اليوم أم بسبب صوت العواء المخيف المُستمر حتى الآن أم أنه مُجرد حَدس يحذرني عن أمر ما؟

وبينما كنت أتطلع للخارج من النافذة رأيت شخص مُظلم لا ألوان فيه ويُخبئ وجهه بشيء أسود وبأعين متوهجة مُضيئة يحدق بي تماماً من مرج القصر فأطلق قلبي خفقة قوية، هذا ليس شكل أعين اعتيادي للناس

لوّح لي بشكل مُستفز فصرخت به ليجهر صوتي في الغابة "مَن أنت!؟"

لم يحرك ساكن ويده مازالت تلوح، فتوقف وأشار إلي بإصبعه لأبتلع ريقي ويرتسم الغضب في وجهي، ثم قبض يده بقوة ليبث الرعب في قلبي فأغلقت النافذة سريعاً بإحكام واندفعت نحو سريري لألتحف جيداً كأن هذا القماش سيكون درع حامٍ من ذلك الرجل الذي يُهددني بإشارات يديه......

***********
ملاحظة مهمة؛ قد لا تُنشر باقي الرواية هنا لذا من يرغب بمعرفة ماذا سيحدث بعد لبطلتنا يمكنه العثور على الرواية كاملة ببرنامج الواتباد بنفس العنوان والغلاف

وتستطيعون قراءتها دون تسجيل دخول أو تنزيل برامج فقط من خلال البحث عنها بجوجل حيث يتيح لك القراءة من موقع الواتباد مباشرة لكن لا يمكنك التعليق أو التصويت.

رابط الرواية
https://my.w.tt/oNsNqHrUe9

وشكرا لحسن قراءتكم.
© ٣ ,
книга «|| كارنيليوس ||».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (2)
St8cpufvibovigviyb Ufxufciyvoubitc
٤
ممكن تحطي رابط الرواية بالواتباد هون
Відповісти
2020-08-17 14:37:53
1
Black flower
٤
بليز نزلييه باسرع وقت
Відповісти
2021-05-17 20:16:15
1