البداية
٢
٣
٤
٣
بعدما قضيت ليلتي السابقة في نفس الغرفة أحاول تذكر أي شيء وبذلك الفستان البنفسجي وبقايا مستحضرات التجميل على وجهي حللت أنني كنت في حفلة قبل أن أظهر هنا

وهذا يومي الثاني في القصر الذي وجدت نفسي فيه فجأة بدون ذكريات أو شيء يدل على حياتي السابقة

روزلي جلبت لي بعض الملابس وأنا ممتنة لها فعلى الأقل سيكون هندامي ملائم أكثر من ذلك الفستان

وها أنا قد قمت بما يفعله كل البشر بعدما يستيقظون من النوم وقد واجهت صعوبة كبيرة بذلك فقدمي مضمضة وأعاني كثيراً بالسير بها
لكن بعدها ترددت بشأن خروجي من الغرفة، لا أعرف شيء عما في الخارج ولا أعرف أحد غير ثلاثة أشخاص
هل من الملائم أن أخرج وأتصرف بطبيعية أم لا؟

مازلت بمرحلة اكتشاف الذات وليس علي أن أسبب المتاعب لمن يسكنون هنا لذا سأحاول اتباع المنطق

وأنا واقفة في وسط المكان أتلمس عنقي بحيرة طُرق الباب ودخلت روزلي بابتسامة واسعة مضيفة "صباح الخير بيرل! تعالي الفطور جاهز"

أومأت باِرتباك لأسير برفقتها للخارج بترنح وعَرَج، في الحقيقة لم أتوقع أن يكون هذا "القصر" كما يسمونه بهذا الحجم والأناقة

في حين أننا كنا ننزل السلالم الواسعة كان صوت شجار صخب يعلو ويقترب وروزلي كانت تبتسم لي بارتباك قائلة "لا تهتمي" لكني في الحقيقة كنت مهتمة كثيراً وقد أشعل هذا المكان بمن فيه فضولي

وصلت بي للمائدة وكان كل مَن عليها من مراهق يتشاجر مع الآخر دون اهتمام لما حولهم بالرغم من أنه يفترض بهم أن يتناولوا ما أمامهم من طعام والبالغين منهم أخذوا يتفحصونني بأعينهم من رأسي حتى أخمصي ما جعلني أرتبك أكثر

لاحظت فراغ الكرسي الذي على رأس الطاولة، يبدو أن كبير العائلة ليس هنا وهذا يفسر هيجان أولائك الطائشين

في الحقيقة لم أتوقع أن يكونوا بهذا العدد الكبير، كانت الطبيبة لورين جالسة للجانب الأيسر من كبير العائلة وبجانبها ولد صغير يبدو في السادسة، رغم هذا لم يكن شكله يشبه متطفل يجلس بين البالغين، المراهقون أصواتهم أخذت تعلو كانوا يتشاجرون على أشياء تافهة كالملابس ويوبخون الشخص الذي طلب إعداد البيض على الفطور

بادلت روزلي بعض نظرات التساؤل هامسة "متى سينتهي هذا" فرفعت كتفيها بلا حيلة لكن للحظة هدأ المكان وأخذوا جميعهم ينظرون خلفنا فشاركتهم بالنظر لأشاهد كارنيليوس واقف في مدخل الغرفة بثبات والهيبة تنبعث منه وكالعادة وجهه صارم الملامح

أعطاني نظرة باردة وخطى نحو رأس الطاولة وجلس هناك وحينها اكتشفت أنه كبير العائلة الرسمي، بالرغم من أنه لا يبدو أنه والدهم أو أكبرهم سناً أو شيء من هذا القبيل

تحدث بينما ينظر نحو المراهقين الأربعة الذين كانوا يتشاجرون "لن أتحدث إليكم الآن فقط لأجل الضيفة، من خيرها أنها هنا لكنت لقنتكم درساً"

اتجهت روزلي للكرسي على يمين شقيقها وجَلَسَت هناك بينما بَقيتُ واقفة لا أعلم أين مكاني بينهم فتحدث كارل "بيرل هذه عائلتي وهم يعرفونكِ مسبقاً ويرحبون بكِ، عذراً لأنه لا يوجد مكان شاغر غير نهاية الطاولة"

سرعان ما أجبت بتلعثم "لا- أنا لا أمانع" اندفع الولد الجالس بين البالغين لنهاية الطاولة بينما يحدق بي فتحدثت لورين التي كانت بجانبه بتبسم "هذا إبني هيوغو وهو قليل الكلام، إنه يمنحكِ مكانه، تفضلي بالجلوس"

رفعت حاجبي بذهول فيبدو أنه هناك أشخاص لطفاء هنا لأتفوه "شكراً... أنت لطيف" همست بجملتي الأخيرة بابتسامة واسعة لأجلس مكانه وهو انكب بالأكل

همست لي لورين "كان هذا مكان والده..."

لاحظت أمارات الحزن في وجهها فأيقنت ما القصة، كان كارل ينظر إلينا وعندما لاحظت ذلك حاول تبرير نظراته الغريبة بقول "آمل أن يعجبكِ الطعام"

أومأت وتناولت الطعام المألوف الذي أمامي بشرود برفقة نظرات الجميع الخاطفة، هل يشعرون بالإنزعاج لوجودي؟
أعتقد ذلك لذا علي أن أنهض سريعاً وألا أظهر أمامهم كثيراً فهذا أفضل من أن ينظروا إلي هكذا، وبعدها قضيت كل وقتي وحيدة في غرفتي ولا أخرج منها إلا عندما يحين وقت وجبات الطعام

وفي مكان آخر بساعة مُتأخرة

كانت جالسة على الأرض في الظلمة محنية رأسها بينما تفكر بالكثير من الأمور، تفكر لو أنها لم تسكن في هذه المدينة أو تتعرف على أي أصدقاء
اتصل بها ذلك الرجل مجدداً فمسحت دموعها ونهضت من مكانها بقلّة حيوية لتجلب هاتفها من غرفة المعيشة وتقف أمام الأريكة مجيبة بجفاف "ماذا تريد؟"

"ناتالي أعلم أنني وقح وحقير بنظرك لكني حقاً آسف... فقط لا أريدكِ أن تحزني لأجلي... رجاءاً سامحيني... بالنهاية نحن أصدقاء طفولة وتعلمين أنني أحب_" قاطعته ببرود "هل أعرفك أيها المنافق؟"

_"ليلي أرجوكِ فقط سامحيني أرجوكِ... الأمر ليس بيدي أقسم لكِ"

استطردت بحدة "أنت لست صديقي لتنادني بهذا الإسم أتفهم! أنت لست سوى رجل مخادع وخائن... إن اتصلت بي مجدداً سترى شيء لن يعجبك"

_"مهلاً ناتالي انتظري!... قبل أن تقفلي... إن بيرل مختفية منذ الأمس أتعلمين أين هي؟"

ما إن وصل عقلها سبب اتصاله صرخت بإنهيار وقد احمر وجهها وبرزت شرايينها غضباً "اتصلت بي لأجل هذا السؤال أيها الحثالة! لا أريد سماع صوتك مجدداً أتفهم... لن أسامحك ما حييت وإعلم أنني سأنتقم منك... اللعنة عليك ماثيو!!"

رمت هاتفها بقوة ليتحطم بالجدار فجلست مكانها وشهقاتها المرتجفة تعلو وخللت أصابعها بشعرها الأسود وهي تشده بقوة لعله يخفف صداع رأسها الحاد لتتمتم بنشيج "أين أنتِ يا بيرل؟..." ...

© ٣ ,
книга «|| كارنيليوس ||».
Коментарі