الْـمُـقَـدّمَـةُ
الْـفَـصْـلُ الأَوَّلُ
الْـفَـصْـلُ الـثَّـانِـي
الْـفَـصْـلُ الـثَّـالِـثُ
الْـفَـصْـلُ الـرَّابِـعُ
الْـخَـاتِـمَـةُ
الْـفَـصْـلُ الـرَّابِـعُ

...

قرأت أسباب الحرب العالمية الثانية، و لم تقنعها. فمثل هذه الأعذار، لا تستحق أن تُزهق لأجلها سبعون مليون نسمة من الأرواح. و ماذا استفادوا منها؟، فقط تغيير الخارطة السياسية، و العسكرية...، الحرب الباردة التي استمرت ٤٦ سنة،...

لم تكمل القراءة، و قررت أن تترك هـٰذا الموضوع، لم تكن لديها الجرأة للانسحاب هناك، و رؤية ما لا يحمد عقباه.

أخذت تقلب صفحات الكتاب؛ تبحث عن موضوع جديد، إلى أن استقرت على عنوان: مثلث بينينغتون، و هي عبارة عن نقطة برية تقع في الولايات المتحدة الامريكية، في ولاية فيرمونت في قرية بينينغتون.

و هو مثيل مثلث برمودا في حوادث الاختفاء، حيث في الأول من ديسمبر عام ١٩٤٦، اختفت الطالبة بولا ويلدن، و في نفس التاريخ عام ١٩٤٩، اختفى الجندي السابق نيتفورد...

توقفت عن القراءة لتدلك مفصلها قليلاً الذي بات يؤلمها، لكن مع ازياد الألم، تركت الكتاب في عصبية، و نهضت تبحث عن دوائها.

بينما تبحث عند طاولة الزينة، وقفت لحظة تنظر إلى انعكاسها في المرآة، إلى وجهها الضيق و أنفها الأعقف و رأسها الكبير و عينيها البارزة و بشرتها المنقطة و شعرها الخفيف، إضافة إلى قصر قامتها و هزال جسدها...

لأول مرة تنظر لنفسها وتبتسم، بدل أن تستاء من شكلها، فبعد جولتها القصيرة في ذلك الكتاب؛ اقتنعت بالمثل القائل: إن علمت مصائب الآخرين؛ تهون عليك مصائبك. لذا هي لم تعد تشعر بالاستياء.

...

و ها قد وُلد فجر يوم جديد من رحم ظلام الأمس، و سالي لم يغمض لها جفن. بعد بزوغ الشمس، رافق أليكس ابنته إلى المشفى، لإجراء التحاليل لها، و لم يظهر فيها شيء غير طبيعي، عدا مشاكل قلبها التي تأزمت أكثر...

بعد نهار طويل قضته بين الاستماع لنصائح أبيها حول الإهتمام بصحتها أكثر، و التعرف على الأساتذة الجدد، الذين سيشرفون على تعليمها المنزلي؛ دخلت لغرفتها متلهفة لقراءة كتابها أكثر.

و ما أن باشرت تقرأ الفقرة، حتى وجدت نفسها تمشي في غابة بلون واحد. أشجارها طويلة رمادية اللون، تعلقت بأغصانها المتينة قردة بلونها الأبيض.

بدأت في أخذ خطواتها و هي تلعن نفسها، كيف ستخرج الآن؟، أبيها في عمله و لن يعود حتى منتصف الليل، و الخادمة في إجازة مرضية، و البواب لن يسمعها و لو صرخت ملء حنجرتها.

تابعت مشيها إلى أن لمحت جمع من الناس: أطفال و نساء و رجال. ضغنت حاجبيها باستفهام، و تساءلت أين هي؟، و تذكرت أن الفقرة كانت بعنوان: الروهينغيا. و هم مسلمي بورما الذين أُجبِروا على ترك أراكان بسبب الجيش البورمي و رجال الدين البوذيين، تحت عملية تسمى التطهير العرقي، و التي بسببها تخيروا ما بين الموت أو الهروب. و بدأ الألاف منهم بالنزوح إلى بنغلاديش؛ معرضين حياتهم إلى خطر آخر.

حدقت في ملامحهم التي ظهرت ملونة عكس الطبيعة المحيطة، ربما لتتمكن من رؤية خطوط الحزن الدقيقة، التي تحيط عيونهم الخالية من بريق الحياة، و أفواههم المقوسة بأسى.

مشت معهم لمسافات طويلة، حتى تعبت قدماها و تلوثت بالوحل، كانت تحدق في طفل رضيع، لم يكف عن البكاء لجوعه، و أمه تكاد تبكي معه أيضاً.

توقفوا لحظة و تكلم أحدهم، و قد بدى كقائدهم، بلغته التي لم تفهمها. نظرت لهم ببلاهة و هم يمسكون بأيدي بعضهم البعض، و أجفلت على يدٍ صغيرة تمسك بخاصتها.

لم تنبس ببنت شفة عندما سحبها الطفل للمشي معه، و اتضح أنهم سيعبرون نهر ناف، كانوا على هيئة سلسلة و هي في أخرها، و عندما ولجت إلى النهر، ارتعد جسدها خوفاً، خاصة و أن الماء بلونه الرمادي بدا مخيفاً أكثر.

جرت المياه بقوة لدرجة تكسر السلسلة، و أضاعت يد الصغير التي كانت ممسكة بها، و غاص جسدها في الماء، أخذت تتصارع للخروج إلى السطح، و اختنقت أنفاسها، تدريجياً بدأت حركتها بالتلاشي ليهمد جسدها أخيراً، و يغشى عليها في نهاية المطاف.

...

يتبع...


© Najma AL,
книга «الْـمُـنْـجِـدُ».
الْـخَـاتِـمَـةُ
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (1)
Black flower
الْـفَـصْـلُ الـرَّابِـعُ
ما احلى اافكرة .. ما احلى الكتاب♥♥♥
Відповісти
2021-05-02 18:33:14
Подобається