مقدمــــة
مقدمــــة
نسجت الشمس خيوطها على ضفاف نهر مابين قريتين متناقضتين فأعلنت عن إنطلاق يوم جديد مليء بالأسرار والمفاجآت بالنسبة لفتاة لم تتجاوز ربيعها العشرين بعد تدعى آيلا، وبالحديث عنها هاهي تستيقظ من نومها مفزوعة بشعر منكوش وعينان دامعتان ولاننسى تحية الهالات السوداء الصباحية ، لطخت مساحيق التجميل وجهها بالألوان  ورسمت لوحة فنية من البؤس والهلع على ملامحها الجذابة إثر بكائها المتواصل طوال الليل، فقد شهدت على ما لم يكن عليها أن تشهده في تلك الليلة المشؤومة ،مسحت بيدها على وجهها ونهضت تهدئ من روعها بشرب كأس من الماء دفعة واحدة محاولة أن تنفض غبار ذكريات سوداء  لم تكن بالأصل ببعيدة ، أسرعت تخرج الملابس من خزانتها وتضعها بعشوائية داخل حقيبتها ثم إرتدت حذائها الرياضي ومعطفها الاسود ،إنطلقت خارج المنزل نحو المجهول فقد قررت في قرارة نفسها بأن ما وضعته بعقلها ستفعله وليحدث أيا كان سيحدث، خطواتها لم تكن متزنة وكأنها إحتست قنينة من النبيذ قبل خروجها،أسرعت في المشي لتجد نفسها قد بدأت بالهرولة، وهي تلتفت خلفها ثم تستدير ملتفتة يمينا ويسارا في كل ثانية وكأن هناك من يلاحقها، نظراتها خاوية، تقطيبة ارتسمت بين حاجبيها وملامحها باردة، شعرها الطويل اندسل بطريقة غير مرتبة فوق كتفيها وعيناها تجولان يمينا ويسارا وهي تتحرك بطريقة مثيرة للريبة كل هذا جعل من يمرون بجانبها يبحلقون  فيها بشك و عندما وصلت لطريق خالي من أي بشري أخدت نفسا عميقا وبدأت بالركض نحو الأمام إلا أن الحظ لم يحالفها هذه المرة فقد ارتطمت بهيئة جسد ضخم ثم ارتدت للوراء كمن يجعل السهم يرتد للخلف قبل أن يجعله يخترق الهدف..وهذا ما حدث في تلك الأجزاء من الثانية التي جمعت مشاعر مختلطة من الحقد والبغض والكراهية والإشمئزاز والانتقام وحتى الخوف والهلع، بينما كان ذلك الضخم منشغلا بجمع الأدوات التي سقطت منه وهو يلقي بكومة من الشتائم والتذمرات إثر ارتطامه بآيلي، أما الأخرى اكتفت بالنظر إليه بهلع، تسمرت في مكانها وتجمدت الدماء داخل عروقها، ازدادت نبضات قلبها وانقطعت أنفاسها بينما عيناها أخدت تتسع أكثر فأكثر من الصدمة ، أخد قلبها يحارب بقوة ألا يتوقف عن النبض بينما إنضمت إليه عيناها المترقرقة بالدموع داخل المعركة تقاوم بكل قوتها ألا تنفجر بقوة وتكشف نفسها، إستجمعت الفتاة شتات نفسها واستدارت للخلف ثم بدأت قدماها بمسابقة الرياح وأخدت تركض بأقسى ما تمتلكه من قوة دون أن تلتفت للوراء،وحبيبات العرق تتساقط من جبينها بغزارة...بعض دقائق من الركض والتي  لم تكن هينة أبدا عليها أخدت تلتقط أنفاسها  وقد وجدت نفسها في القرية المشؤومة المجاورة مسحت العرق بسرعة وعدلت حقيبتها وتنفست الصعداء عندما تخلصت من ذلك الشخص الذي يلاحقها أفلتت تنهيدة مرتاحة عندما أيقنت بأنه لم يرها وسيكمل طريقه الخاطئ لقريتها لكن سرعان ما تحطمت كل توقعاتها عندما صدع صوت مفزع داخل القرية إثر الرصاصة الحادة التي إخترقت قلبها وجعلتها ترتد للخلف بقوة لتصطدم مع جدع شجرة وتستفرغ الدماء من فمها
"هذا جزاء كــل فضولــي يتجرأ على إقحـــام نفســه في أمور لا تخصـــه إنه الفنـــاء" أردف بنبرة ساخـرة وأكمـل طريقـه في هدوء وكأنـه لم يفعـل شيئـا يذكـر بعدما وضع البندقية في مكانها داخل الحقيبة
© katrin youjini,
книга «الفناء |AVLU|».
Коментарі